Al-Quds Al-Arabi

فجاجة نتنياهو تُحرج الإمارات

-

■ أظهــرت الإمارات، منذ إعلان التطبيع الرســمي مع إســرائيل في 13 آب /أغســطس 2020، أشــكالا واسعة مــن الانفتــاح علــى الدولــة العبرية وبــدا هــذا الانفتاح أكثر اتســاعا وشــمولا مما شــهدته تل أبيب ســابقا مع مصــر التي كانت أول دولة عربية توقع اتفاق ســام مع إســرائيل عام 1979، ثم الأردن الذي وقع معاهدة وادي عربة عام 1994 .

أنهت الاتفاقيتـ­ـان المذكورتان، عمليا، ظاهرة الحروب المتقطعة بين القاهرة وعمّان مع إســرائيل منذ عام 1948، وهــو أمر لم ينطبق علــى حالة أبو ظبــي التي لا تجمعها حدود مع الدولة العبرية، ولم تشــارك عمليا في حروب ضدّهــا، وهو ما يعني أن اتفــاق التطبيع جعل العلاقات طبيعية بعــد قطيعة أو توتر، وهو ما قد يفسّــر الانتقالة الكبيــرة من الانقطاع الرســمي في العلاقــات، والالتزام بقــرارات الجامعة العربية المعروفة فيما يخص شــروط الســام مــع إســرائيل، إلى حــدود التعاون العســكري والأمنــي والدبلوماس­ــي )الذي توّج بوصــول محمد آل خاجة كأول ســفير لأبو ظبي في تــل أبيب( وصولا إلى التعاون الســياحي والمالي والرياضــي والفنّي، وكتابة مســؤولين وإعلاميــن إماراتيين في صحف إســرائيلي­ة بالعبرية.

تعامل رئيــس الوزراء الإســرائي­لي بنيامــن نتنياهو هذا الانفتــاح الإماراتــ­ي بطريقة تختلف عــن تعامله مع البحرين والســودان والمغرب، وهــي الحكومات العربية الأخــرى التي أعلنت تطبيعها مع تل أبيــب، معتبرا، على مــا يبدو، العلاقة مع أبو ظبي إنجازا فرديا له ورأســمالا خاصا يمكنه صرفه بالطريقة التي تناسبه.

أحد أشــكال هــذا «الصرف» من الحســاب الإماراتي كان مــا تــردد عــن منعــه وزيــر الخارجية الإســرائي­لي غابي اشــكنازي، من زيارة الإمارات قبله، كي لا تســجّل

هذه الزيارة في حســابات أشــكنازي، الــذي يعتبر أحد خصومــه السياســيي­ن، ولا يمكــن، فــي هــذه الحالــة، لأشــكنازي ادعاء تقديم أي منجز في مجال التطبيع مع دول الخليج العربي عموما، ومع أبو ظبي خصوصا.

سرّب مكتب نتنياهو بعد ذلك خططا لوسائل الإعلام الإســرائي­لية عــن زيارته الأولــى للإمــارات، وتم ترويج الأمر على أنه «مناقشــة سرية لمواجهة إيران» ولم يكتف نتنياهو بذلك فقام باســتخدام اســم ولــي عهد أبو ظبي بشــكل واضح في الدعايــة الانتخابية لنفســه بقوله إن محمــد بن زايــد آل نهيان، «تطــوّع» باســتثمار 40 مليار شيكل )أي ما يقارب 12 مليار دولار( في إسرائيل.

أثارت هذه الفجاجة الإسرائيلي­ة حفيظة أبو ظبي مما دفع أنور قرقاش، مستشار رئيس الإمارات، وزير الدولة للشــؤون الخارجيــة الســابق للتعليق فــي تغريدة على تويتــر بأن الإمارات «لا تشــارك في أية عمليــة انتخابية داخليــة في إســرائيل» لكنّ الردّ الأوضــح ظهر مع إلغاء زيــارة نتنياهــو، للمرّة الخامســة إلى أبو ظبــي، بعد أن كانــت فجاجته أدت إلــى إلغاء الأردن للزيارة الســابقة عليهــا، بتأخيــر إعطــاء طائرتــه تصريحــا بالمــرور عبر أجوائه.

حاول نتنياهو، مع ذلــك، تخفيف الأضرار عبر تمييع أســباب إلغاء الزيــارة الرابعة، بالحديث عــن صواريخ الحوثيين فوق الســعودية، وكذلك القول إن الإماراتيي­ن لم يلغوا الموعد الخامس للزيارة، وأن تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات حصل بسبب «خلل».

نتنياهــو «صــادق» طبعــا فــي حديثــه، باســتثناء الاعتــراف أنه هــو «الخلل» الذي يرخــي بظلاله على كل ما يتّصــل بــه، وبالدائرة التــي تحيط به، وبالسياســ­ة التي ينتهجها ضــد الفلســطين­يين أولا، وضد خصومه، أيّا كانوا، ثانيا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom