Al-Quds Al-Arabi

الانفلات الأمني يثير غضبا في السودان... ومخاوف من طلب الشرطة الحصانة لعناصرها

تزايد حوادث القتل بهدف السرقة ونشل الهواتف وحقائب اليد

- الخرطوم ـ من عمار عوض: «القدس العربي»

تتصاعد الجرائم في الســودان، لا ســيما في الخرطوم وأمدرمــان، ما يثير غضبا شــعبياً تمثــل بالتظاهر وقطع الطرقــات، وفي حــن تطالب الشــرطة بتوفيــر حصانة قانونية لعناصرهــا لإنهاء الظاهرة، يرفض حقوقيون هذا الأمر، ويرون فيه امتدادا لعقلية النظام السابق.

وأعلنت قوات الشــرطة السودانية القبض على المتهمين بقتل صاحب محطة وقود في مدينة أمدرمان، حسب ما قال الفريق عيسى أدم إسماعيل في مؤتمر صحافي أمس الأحد.

وأوضــح: «بعد الحادثة دفعنا بعناصــر لمكان الحادث، وقامــت بالــدور المطلــوب منها مــن تصويــر، وتحفظت علــى المتعلقات فــي محل الحــادث من قميــص ومنديل ولفافة حشــيش، وبعد تحر دقيق، تم الكشــف عن أربعة متهمين أشــارت المعلومات إلى وجودهم في محل الحادث ووجودهم في الموقع ليس غريبا لأنهم عمال مع المرحوم في محطة الوقود .»

وتابع: «بالتحري الدقيق اعترفوا أنهم ارتكبوا الحادث وكانــت أدوارهم موزعــة، اثنان مكلفــان بمراقبة الوضع الخارجي لمســرح الحادث، والاثنان الآخران توليا اقتحام مكان الجريمة في المكتب، والهدف من التهجم كان السرقة، وكانوا غير متوقعين أن المرحــوم موجود في الموقع، وبعد أن طرقــوا الباب بشــدة عاجلوه بضربــة، ووقع وحدث له ارتجاج في مؤخــرة الرأس ثم حاول اســتعادة قوته، ليقوموا بتســديد ضربة بحديدة على رأسه، ومن ثم تقييد أرجله بالحبال .»

وزاد «قامــوا بإدخال قطعة من القمــاش في فمه، وبعد ذلك فتحــوا الخزنة حيــث كان المفتاح موجــودا في درج المكتب، ولم يعثــروا على المبلغ المتوقع وهــو أيراد محطة الوقود ليــوم الخميس وتفاجأوا أن المبلــغ تم توريده في البنك وعثروا على مبلغ لا يتعدى 100 ألف جنيه، وبعد ذلك ذهبوا لموقع تعاطوا فيه الخمور وبعد صلاة المغرب تفاجأوا بوفاة المجني عليه .»

وبين أنه «رغم التحديات فإن الشرطة على عهدها دائما، ولا توجــد جريمة تقيد ضد مجهول، وخير دليل بلاغ طالب الجامعــة ثم هذا البلاغ، والشــرطة الآن تعد العدة لتقوية أدائها في ســبيل مكافحــة الجريمة، وأطمئــن المواطن أن الشرطة بخير وساعية لحفظ الممتلكات وأرواح المواطنين.»

توفير حماية

وكان مواطنــون غاضبون على جريمــة القتل وتردي الأوضــاع الأمنية، قامــوا نهار أمس الأول بإغلاق جســر الانقــاذ )كوبــري الفتيحــاب( احتجاجاً علــى مقتل أحد أقربائهم بواســطة عصابة نهب مسلح في محطة وقود في الســوق الشــعبي في أمدرمان، في وقت طالب فيه وكلاء محطات الوقــود بتوفير حماية أمنية لهــم على اعتبار أن محطات الوقود أصبحت هدفاً للســرقة بسبب توافر أموال ضخمة فيها بعد زيادة ســعر الوقود، مُهدِّدين بالتوقف عن العمل.

وقال وكيل محطة «أويل أنيرجــي» نادر هارون خليل، لـــصحيفة «الصيحــة» أمس الأحد، إن «محطــات الوقود أصبحت هدفاً للنهب المســلح في ظل الانفلات الأمني الذي تمر به البلاد» مشــيراً إلى أنّهم «يُطالبون وزارة الداخلية بتوفير الحماية لهم».

وزاد: «الحكومــة كانت تقوم بتوفيــر الحماية في وقت اندلاع التظاهرات» وقال «ما دامت هناك سهولة أمنية تصل لحد القتل في وضح النهار، فيجــب على الحكومة أن توفر الحماية لمحطــات الوقود، خاصــة وأن المحطات توجد بها دوماً أموال كبيرة جداً».

يأتي ذلك كله، بعد ســخط شعبي كبير على تردي الأمن في ولاية الخرطــوم، حيث تكاثرت حوادث القتل بســبب الســرقة، وظاهرة خطف الهواتف وحقائــب اليد من قبل لصوص يقودون دراجات نارية بشكل مكثف ومزعج.

وقال المواطن عيســى هارون، ســائق عربة نقل ركاب لـ«القدس العربي»: «الشــرطة واضح أنهــا تتقاعس عن أداء عملهــا وتوفير الأمن فــي الطريق العام لســبب غير مفهوم حتى الآن، حتى شــرطة المرور لا تقــوم بعملها مثل الســابق وتختفي من الشارع بشكل غريب، ما جعل الناس في خوف وهلع كبير لحوادث النهب والقتل لأتفه الأسباب والمنقولات، الناس باتت تخاف السير في وسط الخرطوم، فكيف الحال في أطراف العاصمة حيث تكثر الجرائم؟».

إطلاق يد

فــي المقابــل، رهنت قــوات الشــرطة اختفــاء ظاهرة الانفلات الأمني فــي العاصمة التي تحوي فــي داخلها 12 مليون مواطن خلال أســبوع واحد، بمراجعة التشريعات والقوانين وإطلاق يد منســوبيها بمنحها الحصانة الكاملة لردع المجرمين.

وقال مدير عام الشــرطة، الفريــق أول خالد مهدي، إن الشــرطة تعمل في ظروف تشــريعية دون المطلوب، وإن الشرطة تحمل الســاح ولا تستطيع اســتخدامه، مشيراً لإشكالات بالكادر البشــري لقواتهم ونقص كبير وعزوف عن التقديم للعمل بالشــرطة، بينما جزم بعدم وجود بلاغ ضد مجهول بأضابيرهم.

وكشــف عن 7 طلبات تأتيهم مــن النائب العــام لرفع الحصانة عن منســوبيهم الذين يقومــون بتأدية واجبهم. وأضاف: الشرطي يعمل على باب الله بدون حماية قانونية وتلاحقــه النيابة العامة ولــو تم منح الشــرطة الحماية القانونية الكافية لاختفت التفلتات الأمنية خلال أســبوع

واحد، لافتاً أن التجاوزات في قواتهم حالات فردية.

هذا الكلام وجد اســتهجانا كبيرا وســط جمهور مواقع التواصل الاجتماعي وبــن القانونيين، حيث كتب المحامي المعروف معز حضرة، أمس الأحد، تعليقا على حديث مدير الشرطة قائلا «عندما يقول مدير الشرطة )إن هذا الانفلات الأمني سوف يختفي خلال أسبوع واحد إذا منحت الشرطة الحصانة الكاملة( هذا القــول يوحي أن هذه الأفعال يمكن للشــرطة أن تمنعها، ولكنها متقاعســة عن ذلك إلا بعد أن تمنح الحصانة الكاملة».

وتابع «هنالك شــيء مهم جدا أغلب انتهاكات الشرطة لا تكون ضــد متهمين قبض عليهم فــي جريمة، وإنما كانت انتهــاكات في ظروف لا تبرر هذا الانتهــاك. أيضا مهما كان الأمر أو الوضع، القانون لا يعطي الشرطة الحق في انتهاك حقوق أي متهم أو إنسان».

عقليات النظام السابق

وأضاف «هــذه العقليــات التي تربت في ظــل النظام الســابق لا يفترض أن تكــون على رأس قيادة الشــرطة الســوداني­ة. هذه العقليات هي التي تؤخر محاكمات قتلة شهداء ثورة ديســمبر المجيدة وقبلها سبتمبر 2013. فبدلا من نقــد النائب العــام، وإن القضايا قد تأخــرت، فليعلم الشعب الســوداني أن تأخير قضايا الشــهيد عبد العظيم وبكور وهزاع ليس الســبب فيها النائــب العام، كما يروج لذلك أصحاب الغرض، بل وجود أمثال هؤلاء الأشــخاص على رأس قيادة الشرطة السودانية.»

وزاد «الأســواء أنه يطالب بحصانة كاملة للشــرطة، وهذا أمر لا يوجد في أي من بــاد العالم، حتى هنا مجلس الســيادة والوزراء لا يتمتعون بالحصانــة الكاملة وإنما حصانة إجرائية ويمكن أن ترفع بإجراءات قانونية.»

وختم قائلا «يــا دكتور حمدوك وفقا لســلطاتك يجب

إقالة هذا الشخص فورا إن كنا نريد الشرطة السودانية أن تقوم بدورها المنوط بها، إن استمرار مثل هذه العقليات في الشرطة لا يبشر بخير.»

خطة إسعافية

إلى ذلك، كشــف وزير الداخلية الفريــق أول عز الدين الشــيخ، لبرنامــج حوار البنــاء الوطني فــي التلفزيون القومي أمس الأول، عن تنســيق مع أجهــزة الدولة لبناء اســتراتيج­ية أمنية تؤســس لبســط الأمن داخل الدولة الديمقراطي­ة، وأيضاً خطة إسعافية عاجلة لحسم الانفلات الأمني بانتشــار كثيف للقوات خلال الأيام المقبلة للحد من الجريمة.

وأشار إلى تنســيق وتفاهمات قيد النقاش والمداولة مع وزارة التعليم العالي لحفظ الأمــن داخل الجامعات، فيما أكد أن الشــرطة لا تتدخل في ممارســات الطلاب ولا تقيد حرياتهم الشــخصية، ولفت الى أن وجود قوات للشــرطة في الجامعات ترك لخيــارات الجامعات في الإبقاء عليها أو الاستغناء عنها بالحرس الجامعي.

ونبه إلى وجود تقييم موضوعي مســؤول لعمل قوات الشــرطة التي تــؤدي واجباتها في ظــروف ضاغطة جداً وفق الإمكانيات المتاحة، مشيراً أن الأمن هو هم دولة كاملة وليس الشرطة لوحدها.

وأضاف: الشــرطة لا تتقاعــس والأمن ســلعة غالية الصرف عليه مكلف لكن انفراطه سيكلف أكثر.

وكشــف عن الدفع بمقترحــات تفهمتها قيــادة العمل التنفيــذي بالدولــة لتمكين رجــال الشــرطة، جازماً بأن الشرطة تحاسب منســوبيها عند ورود أخطاء منهم، كذلك الدفع بمشــروع لتأهيــل وصيانة 540 من مراكــز التأمين الموجودة بالأحياء, ودعا للموازنة بين مطلوبات الشرطة والوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom