Al-Quds Al-Arabi

لبنان: عون والحريري أمام اختبار حسم التشكيلة ... وجنبلاط يدعو إلى تسوية وسط الانهيار والجوع

بين انقلاب نصر الله على حكومة الاختصاصيي­ن وردّ الراعي مطالباً بقلب الطاولة على المعرقلين

- بيروت - «القدس العربي» من سعد الياس:

بــات موضوع تأليف الحكومــة اللبنانية ينطبق عليــه الإعلان التجاري للفوز بلعبة الحظ «اللوتــو» إذا «مش الاثنين الخميس». وعليه بات موضوع ولادة الحكومة ينتظر حــًا عجائبياً خصوصاً بعدما أطاح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأجواء الانفراج التي أشاعها الرئيس المكلّف سعد الحريري بعد لقائه ال 17 مع رئيس الجمهورية ميشــال عون في قصر بعبدا، وعكست انقلاباً من الحزب على المبادرة الفرنسية لحكومة مهمة بالعودة إلى طرح حكومة تكنوسياسية وليس حكومة إختصاصيين.

واللافــت أن التيار الوطني الحر هلّــل لخطاب نصر الله فــي وقت أكدت مصادر قصر بعبدا ما تســرّب عــن فحوى اللقاء بين عــون والحريري لجهة طرح رئيس الجمهورية ســؤالاً علــى الحريري الخميس «هــل الصيغة التي تحملها مكتملــة وهل تتضمّن أســماء وزراء حزب اللــه؟» فأجابه الحريري بأنه طرح أسماء. فســأله عون هل وافق عليها حزب الله؟ فكان رد الحريري بالنفي. عندها توجّه إليه عون بالقول «شاور نفسك وعد يوم الإثنين. وإذا لا القوات ولا التيار الوطني الحر ولا الكتائب معك، فمن يغطّيك مسيحياً حسب الميثاق؟ طبعاً رئيس الجمهورية سيتولى عملية التغطية. لكن إذا كنت تتعامل مع الرئيس على قاعدة أنا أترك لك حصة وأعود وأتولى منفرداً تسمية وزراء مســيحيين بينما أترك للشــيعة والدروز حق التســمية فأنت تكسر الميثاقية والدستور والتوازن .»

بعبدا «تنتظر بعقلانية»

ونقلت «وكالــة الأنباء المركزية» عن مصادر بعبــدا أنها «تنتظر بعقلانية وهــدوء أن يأتي الحريري إلى القصر اليوم الإثنــن بصيغة جديدة. وإذا لم يحصل ذلك –لا ســمح الله- يكون قد قرّر الإمعان في ضرب الدستور وعدم تأليف حكومة».

وكان تطوّر طرأ على حركة الاتصالات تمثّل بزيارة مفاجئة قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى قصر بعبدا تلبية لدعوة الرئيس عون بعد قطيعة دامت سنة ونصف الســنة، تخلّلتها اتهامات للعهد بالفشل وبأنه يريد الانتحار. وأعلن جنبلاط بعد اللقاء تأييده التســوية الحكومية بعدما عبّر مراراً عن خوفه من انهيار البلــد بقوله «وصلنا إلى حالة الجمود المطلق وسط انهيار اقتصادي، والجوع يدقّ أبواب كل الناس». ولم يشأ سيّد المختارة الدخول في أرقام التشــكيلة الحكومية بين 18 وزيراً أو أكثر، ورأى « أنها لم تعد ضرورية لأن مشاكل البلد فوق بعض الارقام «.ودعا جنبلاط « إلى تجاوز كل الماضي والحساسيات كون البلاد لا تحتمل المزيد من التباعد ، وأهم نقطة هي التسوية وما من أحد يلغي الآخر أياً كانت الظروف».

وبدا جنبلاط كأنه يحاول إســتباق أي انفجار من خلال دعوته إلى إتمام تســوية بين عون والحريري من دون أن يتسبب بإشــكالية مع بيت الوسط. غير أن زيارة الزعيم الدرزي وإطلالة الامين العام لحزب الله الأخيرة لا شــك أنها ستشــكّل دافعاً للعهد وتياره لتصعيد الشــروط في وجه الرئيس المكلّف ومحاولة إحراجه.

وقد شجب رؤساء الحكومات الســابقون فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام ســام هذا الأســلوب في التعاطي مــع الرئيس المكلّــف وخصوصاً مخاطبته ببيان متلفز.ونوّهوا « بـــروح المســؤولي­ة العالية الكاظمة للغيظ التي تمتّع بها الرئيس المكلف سعد الحريري والتي أبداها بترفّع واتزان، إزاء المحاولات المتكررة لجرّه إلى شجارات ونزاعات إعلامية، كان يمكن أن تطيح بآخر ما تبقى من صدقيــة للدولة المتهالكة» واعتبروا أنّ «الكتاب الذي يجب أن تهتــدي به الدولة اللبنانية في عملها هو الدســتور الذي ينبغي أن يلتزم به الجميــع وفي مقدمتهم فخامة الرئيس الذي هــو الحَكَمْ بين جميع الفرقاء السياســيي­ن، والذي أوكل إليه الدستور مهمة السهر على احترامه والحرص على عــدم خرقه، والذي يقول فــي الفقرة الرابعة من المــادة 53 في معرض إشــارته إلى صلاحيات رئيس الجمهورية:يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، ولم تنص على عبارة تشكيل بل إصدار.»

وكانت الهيئة السياســية فــي التيّار الوطني الحرّ التــي نظرت بارتياح إلى خطاب الســيّد نصرالله والى «اســتئناف الحوار بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، لتشــكيل حكومة طال انتظارهــا» لكنها لم تهضم الربط بين اعتذار الرئيس المكلف واســتقالة رئيــس الجمهورية فقالت «إن رئيس الجمهورية هو منتخب من النواب لمدّة محدّدة هي ســت سنوات غير قابلة للمســاس، وهو الوحيد في الدولة الذي يقسم على الدستور؛ ورئيس الحكومة هو مكلّف من رئيس الجمهورية بناءً على إستشارات النواب الملزمة وهو لم يحصل بعد على ثقة مجلس النواب، وخاضع لاختبار تلك الثقة على امتداد ولايته الحكومية .»

عظة البطريرك

فــي هذه الاثناء، بــدت عظة البطريــرك الماروني الكاردينال مار بشــارة بطرس الراعي وكأنها ردّ مباشــر على أمين عام حــزب الله الذي هوّل وطالب بحكومة تكنو- سياســية، فقال الراعي «حرصاً منا على ولوج الحل الحقيقي نشجّع جميع المبادرات والمســاعي على خط تأليف الحكومة، ونأمل أن يسفر اللقاء الإثنين بين رئيــس الجمهورية والرئيس المكلف عــن نتيجة إيجابية، فيؤلّفا بعد طول انتظار، وشــمولية إنهيــار، حكومة إنقاذ تضم اختصاصيين مستقلين ووطنيين، حكومة مواجهة الوضع المالي والنقدي والمعيشي، تجري الإصلاحات، وتعزّز الإقتصاد الليبرالي الحــر والإنتاجي، وتصحّح الثغرات في صلاحيات الوزراء فلا يتقاعســون عن تنفيذ القانــون، ولا يمتنعون عن تطبيق قــرارات مجلس الوزراء، ومجلس شــورى الدولــة، حماية لمصالح الدولة والمواطنين». وقال «إننا ننتظرها حكومة مبادئ وطنية لا مســاومات سياسية وترضيات على حساب الفعالية. ونأمل من الرئيسين أيضاً أن يخيّبا أمل المراهنين على فشلهما، فيقلبا الطاولة على جميع المعرقلين، ويقيما حائطاً فاصلاً بين مصلحة لبنان وبين مصالح الجماعة السياســية ومصالح الدول» مضيفاً «كفى اقتراحات جديدة وشروط تعجيزية غايتها العرقلة والمماطلة.»!

وأكد الراعي «أن تأليف حكومة للبنان فقط، وللبنانيين فقط، لا يســتغرق أكثر من أربع وعشــرين ســاعة. لكن إذا كان البعض يريــد تحميل الحكومة العتيدة صراعات المنطقة ولعبة الأمم والسباق إلى رئاسة الجمهورية وتغيير النظام والســيطرة على الســلطة والبلاد، فإنها ســتزيد الشرخ بين الشعب والسلطة، وستؤدي إلى الفوضى، والفوضى لا ترحم أحداً بدءاً بمفتعليها.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom