Al-Quds Al-Arabi

المدرّسون المتعاقدون في المغرب يضربون عن العمل احتجاجا على استعمال القوة في تفريق مظاهراتهم

- الرباط ـ «القدس العربي»:

في الموازاة مع اســتئناف الدراســة في المغــرب اليوم الاثنــن، بعــد عطلة دامــت أســبوعًا، أعلن المدرّســون "المتعاقــد­ون" عن خوض إضــراب عن العمــل في جميع المســتويا­ت التعليميــ­ة، ردا علــى لجوء الســلطات إلى اســتعمال القوة المفرطة معهم خــال تنظيم مظاهرات في الرباط الأســبوع الماضي، للمطالبة بإدماجهم في الوظيفة العمومية.

وأضافــت "تنســيقية المدرســن الذين فُــرض عليهم التعاقد”، أنهم سيضربون عن العمل، لثلاثة أيام متتالية، 22 و23 و24 آذار/ مارس.

في الســياق نفســه، دعت نقابــات تعليمية إلى شــن إضــراب عام أطلقت عليه "إضــراب الكرامة" غدا الثلاثاء. وأوضح "التنســيق النقابي الثلاثي" المكــون من الجامعة الوطنيــة للتعليــم والجامعة الحــرة للتعليــم والنقابة الوطنيــة للتعليم، أن الإضــراب يأتــي احتجاجا على ما أسماه "المساس بكرامة نســاء ورجال التعليم”، كما أعلن عن تنظيم "وقفات احتجاجية" أمام مقرات إدارات التعليم المحلية المسماة "الأكاديميا­ت الجهوية" الخميس المقبل، مع حمل "شــارة الغضب" ابتداء من اليوم الإثنين، لمدة أسبوع كامل. واعتبر "التنســيق النقابي" في بيــان أورده موقع "اليوم 24" أن الإضراب يأتي اقتناعا من أن الحكومة تروم هدم دعائم المدرســة العمومية، من خلال مباركتها لتحقير وتعنيــف وإذلال نســاء ورجال التعليم المطالبين ســلميا بحقوقهم العادلة.

وأكدت النقابات الثــاث تحميلها المســؤولي­ة الكاملة للحكومــة ولوزارة التعليم خاصة، حول ما ســتؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة، فيما قالت إنها ســتنظم لقاءات مع مجلس حقوق الإنسان ومع رئيســي مجلسي البرلمان )النواب والمستشاري­ن(.

في سياق متصل، طالب النائب البرلماني محمد بنجلول عن حزب "العدالة والتنمية" وزارة الداخلية، بفتح تحقيق في أحداث “الثلاثاء الأسود” مع ترتيب العقوبات الممكنة، وذلك على خلفية تعنيف المدرسين المتعاقدين خلال وقفتهم الاحتجاجيـ­ـة في الربــاط. وقال في ســؤال كتابي وجهه لوزير الداخلية، عبد الواحد لفتيت، إن ما وقع للمدرســن "مشــهد دخيل على مجتمعنا، يســيء بحق لسمعة المملكة حقوقيا في الداخل والخارج."

ولفت إلى أن المعنيين يخوضون منذ مدة طويلة سلسلة مــن الوقفــات والاعتصامـ­ـات والمســيرا­ت الاحتجاجية السلمية، مطالبين بجملة من المطالب، وذلك وفق ما يضمنه دســتور المملكة والمواثيق الدولية من الحق في الاحتجاج الســلمي. غير أنه، وللأســف، تقابل هــذه الاحتجاجات بعنف غير مبرر وباستعمال مفرط للقوة من طرف القوات العمومية، آخرها أحداث الثلاثاء الأســود حيث ســجلنا وبكل أسى وأســف اســتعمالا للقوة المفرطة لم تسلم منه حتى النساء"، يقول البرلماني المذكور.

وأضاف "الأدهــى والأمر دخول أشــخاص بزي مدني تلــذذوا وتفننوا في تعنيــف رجال ونســاء التعليم أمام مرأى ومسمع من السلطات، في مشهد دخيل على مجتمعنا يسيء بحق لسمعة المملكة حقوقيا في الداخل والخارج."

كمــا عبرت المنظمة الشــبابية التابعة لحــزب "العدالة والتنمية" عــن رفضها تغليــب المقاربــة الأمنية وتجاوز الدســتور والقانون في التعامل مع الاحتجاجات السلمية للأساتذة، وكذا بعض الســلوكات الغريبة في التعامل مع المحتجين من قبيل إخراجهم ليلا من الفنادق، بدون موجب حق ولا قانون.

ودعــا مكتب المنظمة فــي بيان إلى احتــرام المقتضيات القانونية المنظمة لحرية التجمهر، مــع التأكيد على أهمية تغليــب لغــة التواصل والحــوار في التعامل مــع مطالب المتظاهرين.

وانتقد أيضا تورط أشــخاص مدنيــن، على مرأى من

رجال الأمن، في الاعتداء على المتظاهرين بالضرب والذي خلف عددا من الجرحى في صفوف المحتجين إناثا وذكورا.

وبعدمــا ثمــن البيــان فتــح الســلطات العموميــة المختصة التحقيــق فيما التجــاوزا­ت التي مســت حرية التظاهر، ســجل أن القانــون الذي يعلو علــى غيره نظم حــق التظاهر بمقتضيــات يتعين على الجميــع احترامها، داعية لاتخــاذ مبادرات سياســية وحقوقية تســاهم في تهيئ الظروف والأجواء المناســبة لتعزيز اللحمة الوطنية وتصفية الأجواء السياسية والحقوقية في البلاد.

واعتبرت المنظمة الشــبابية لحزب "العدالة والتنمية" أن الحل الأســلم والأنســب للتعامل مع مطالب المحتجين هو سلوك مســار الحوار والتفاوض الجاد والمسؤول بين الســلطات العمومية من جهة والنقابات العمالية وممثلي المدرّســن من جهة أخرى. ودعت إلى اعتماد حلول قادرة علــى ضمان أكبــر درجات الاســتقرا­ر المهني والنفســي، باعتباره شــرطا أساســيا لتحقيــق الأهــداف التربوية والتعليميـ­ـة والاجتماعي­ــة المرجوة من عمليــة التوظيف المكثف للمدرسين في التعليم العمومي.

وأكــد "المجلس الوطنــي لحقوق الإنســان" على أهمية الالتزام بالقانون في علاقته بعناصر الضرورة والتناسبية في فض الاحتجاجات، مشــددا على أهمية حماية الحريات العامة بما فيها حق التظاهر السلمي. كما رحب المجلس، في بيان حول احتجاجات المدرســن المتعاقدين، ببيان المدعي العام فــي المحكمة الابتدائية في الربــاط بإنجاز بحث في موضوع "شــخص بلباس مدني مارس العنف أثناء تفريق تجمهر بالشارع العام"، داعيا "النيابة العامة المختصة إلى توسيع نطاق البحث ليشمل الوقائع المذكورة أو التي وقع تداولها عبر مختلف وسائط التواصل، مع العمل على نشر نتائج بحثه".

وذكر في الســياق ذاته بتوصيته الــواردة في تقريره الســنوي لســنة 2019 وعدد من تقاريــره الموضوعاتي­ة والهادفــة إلى التنصيــص على إخضاع عملية اســتعمال القوة لمراقبة النيابة العامة. وخلص البلاغ إلى أن "المجلس الوطني لحقوق الإنســان، بناء علــى الاختصاصات التي يخولهــا لــه القانون رقــم 76.15 المتعلق بإعــادة تنظيم المجلس واســتكمال­ا لدور المتابعة بشــأن ملف المدرّســن المتعاقدين الذي ســبق أن قام فيه بدور الوســاطة خلال سنة 2019، ومنذ إعلان التنســيقي­ة الوطنية عن جملة من الوقفات الاحتجاجية بالرباط، بتزامن مع العطلة المدرسية الممتدة من 14 الى 21 آذار/ مارس من العام الجاري، شــكل فريقا لمتابعــة هذه الحركة الاحتجاجيـ­ـة من خلال لجنته الجهوية في الرباط – سلا - القنيطرة".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom