Al-Quds Al-Arabi

وائل النجمي *

- ٭ ناقد مصري

يدُها الصغيرةُ في ذراعي وارتعاش شــفاهِها في قبلة الحب الســريعةِ حين نعبُرُ بالطَّريقِ..

حريــرُ كفَّيهــا يُبعثِــرُ نَرجِســاً وسنونواتٍ لا تكفُّ عن الغناءِ

وما تبقَّــى من حقــولِ البُــنِّ عابقةً بفستانٍ نضَتهُ عن الربيعِ لتتَّقِد والنورسانِ الأبيضانِ.. الوردةُ الوسطى يُراوِدُها العبيرُ الصمتُ إن يبكي الحريرُ شُــرودُها عند الوداعِ.. وما تبقَّى من نِثار العطر فوق الريحِ..»

يبني الشــاعر صياغة صــورة المحبوبة على امتــداد العمل، فطــوال الوقت- رغم أننــا نعلــم أن الخاتمة ســتكون بالحديث عــن الخذلان مــن هذه المحبوبــة - خاصة أن عناوين القصائد تشــير منذ البداية إلى حتميــة المعني الضــدي لأي فــرح متكون داخــل القصيــدة، فالعنونــة بـ«لا شــيء يوجعني» توحي منذ البداية بأن القصيدة ســتتجه إلى الألم، ومحاولة تغلب الشاعر علــى الألــم، ومــع ذلك، بــدلاً من إســقاطِ الصورةِ السَــلبيةِ عن هذه المحبوبة، يبالغ في توصيف الجمال والرقة والرمز المكنى عن حــد الهوس بالمحبوبة، وإن كنا لا نعلم تفاصيــل قصــة الهجــران وتحــول الأمر ـ وســنلاحظ تكــرار النمط في مــا يخفيه شــاعرنا من أســباب القطيعة والهجران، كأنــه لا يريــد أن يتذكر الســبب الذي أدى إلى هذه الحال بينهمــا ـ ليتحول الأمر إلى النقيض تماماً من هــذه البهجة بالمحبوبة، فيختتم القصيــدة بحالةٍ قــد نُؤّولُها بحدِ التفكيــر فــي الانتحــار، وتــرك العالم، أو التفويض والاستســا­م لما قــد يجري وما يجــري، دون وجود حقيقي فــي محاولة التصــدي، ورغم أن البدايــة والعنونة وما قدر تكــرر كثيراً داخل النــص من قوله «لا شيء يوجعني» إلا أن الخاتمة تنتهي: « فربما ألقى سواها من تُصادِقني.. وقــد ألقــى أســاي موسِّــداً روحــي السماءْ »

لا شك في أن هذا الديوان يعكس خبرة في تأليف الشــعر وقرضه، اســتفاد فيها الشــاعر من تجاربه الشعرية في دواوينه العشــرةِ الســابقة، وكأنه هنا قد صب كل خبراتــه الشــعرية مــرة واحدة، وبشــكل بالغ التكثيــف، فالديــوان صغير الحجم، فــي النهايــة ممتلــئ بجوانــب التحليــل والشاعرية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom