Al-Quds Al-Arabi

تواصل هبوط أرباح «أرامكو السعودية» للعام الثاني على التوالي

-

■ دبــي - وكالات الأنبــاء: تراهــن شــركة النفط الوطنيــة العملاقة «أرامكو الســعودية» علــى تعافــي الطلب علــى النفط تقوده آســيا، بعدمــا أعلنــت أمــس الأحــد عــن هبــوط حاد لصافي الأربــاح على التوالــي وتقليص خطط الإنفاق.

ويخشــى أن يــؤدي هبــوط الأربــاح للعــام الثانــي علــى التوالي إلــى الضغط علــى المالية العامــة بينمــا تســعى الريــاض إلى مشــاريع طموحة بمليارات الدولارات لتنويع الاقـــتصا­د المعتـمد على النـفط.

وأضرت جائحة كوفيد-19 كثيراً بالشركة وبنظرائهــ­ا في العالــم في 2020، لكن أســعار النفــط ارتفعــت العــام الجــاري مــع تعافــي الاقتصــاد­ات مــن التراجــع الــذي أصابها في العــام الماضــي وعقــب تمديــد منتجــي النفط تخفيضات المعروض.

وقــال أمــن الناصــر، الرئيــس التنفيــذي لـ»أرامكــو» في إيجاز بمناســبة إعلان الأرباح أن الشركة خاضت «واحدة هي أشدّ السنوات صعوبــة وتحديــا في هــذا العصــر». وأوضح أن «إيــرادات القطاع تأثرت بانخفاض شــديد فــي أســعار النفــط الخــام وتراجــع مبيعاته، وتدنــي هوامــش الربــح فــي أعمــال التكريــر والكيميائي­ات».

غير أن أضاف أن»مؤشــرات التعافي تبعث على الســرور.. الصين اقتربــت كثيراً أيضا من مســتويات مــا قبل الجائحــة. ســيكون هناك تحسن قوي للطلب في آسيا، لاسيما في شرق القارة». كمــا أبلغ منتدى التنمية الصيني أمس أن الشركة ستعطي الأولوية لأمن طاقة الصين على مدى الخمســن عاما المقبلة وما بعدها في ظل توازي مصــادر الطاقة الجديــدة والقائمة لبعض الوقت.

وقــال في كلمتــه المصورة أن عمــاق النفط يلحــظ فرصــاً كذلك لمزيــد من الاســتثما­ر في مشــاريع تســتهدف مســاعدة الصــن علــى تلبيــة حاجاتهــا فــي مجــالات النقــل الثقيــل والبتروكيم­يائيــات، فضلاً عن زيوت المحركات والمواد غير المعدنية.

وقال أيضــاً أن الطلب في أوروبا والولايات المتحدة سيتحســن مع التوســع فــي التطعيم. وتوقــع أن يصل الطلب العالمــي على النفط إلى 99 مليون برميل يومياً في نهاية العام.

لكــن مقارنة بشــركات أخــرى فــي القطاع ســجلت خســائر كبيرة أيضا، قالت «أرامكو» التي طرحت أســهمها فــي البورصة في 2019، أنهــا «برهنت علــى مرونتها الماليــة القوية في أصعب فترة شهدها قطاع الطاقة

وقلصــت الشــركة توقعات الإنفــاق خلال العــام الحالي إلــى حوالي 35 مليــار دولار من نطــاق بــن 40 و45 مليــار دولار ســابقاً، وفقا لإفصــاح أرســلته للبورصــة. وكان الإنفــاق الرأسمالي 27 مليار دولار في 2020.

وأعلنت أكبر شركة مُصدِّرة للنفط في العالم انخفاض صافي أرباحها بنسبة 44.4 في المئة

إلى 183.76 مليار ريال )49 مليار دولار( للسنة المنتهية في 31 ديســمبر/كانون الأول الماضي، مقارنة مع 330.69 مليار في العام السابق.

وكان المحللــون يتوقعــون أن يبلــغ صافــي الربح 186.1 مليار ريال في 2020، وفقا لمتوسط التقديرات على رفينيتيف أيكون.

ورغــم هبــوط الأربــاح أعلنــت «أرامكو» عن توزيعات نقدية 75 مليار دولار للعام 2020، لكن الناصــر قال أنه لا توجد نية لزيادة التوزيعات عن المتعهد به في العام الجاري.

وقــال مديــر أبحــاث الأســهم فــي «تليمر» حســنين مالــك أن «التوزيعــا­ت تتفــق مــع التوقعــات، وهــو أكثــر مــا يهــم حملة أســهم أرامكو، لكــن تراجع الانفاق الرأســمال­ي ينبئ بأن الشركة لا تتوقع أن يـستمر ارتفاع أسـعار النفط طـويلا». وانخفض سهم الشركة 0.6 في المئة بعد إعلان الشركة نتائجها.

وتماســك الســهم جيدا معظم فتــرات العام الماضــي مقارنــة بشــركات النفــط العالمية في الأســواق الناشــئة والمتقدمة، لكــن أداءه كان أضعــف مــن الشــركات النظيرة حــن تعافت أسعار النفط.

وقــال الناصــر «بنظرة مســتقبلية، تســير إســتراتيج­يتنا طويلــة الأجــل علــى المســار الصحيــح نحــو تحســن محفظتنا فــي أعمال النفط والغاز».

وقالــت مونيــكا مالك، كبيــرة الاقتصاديي­ن في «بنك أبوظبي التجاري» أن انخفاض أرباح الشركة 44.4 في المئة في 2020 يأتي في مقابل هبــوط إيــرادات حكومــة المملكة مــن مبيعات النفــط 30.7 في المئــة العام الماضــي، مع ثبات التوزيعــا­ت للحكومــة رغــم انخفاض أســعار الخام، لتتحمل «أرامكــو» وطأة الأزمة أكثر من الخزانة. وفقدت أســعار النفط أكثر من خُمس قيمتها في 2020.

وانخفضــت أرباح شــركات النفــط الغربية الكبرى في 2020. وهبطت أرباح «رويال داتش شل» إلى أقل مستوى فيما لا يقل عن 20 عاماً، ومنيــت «إكســون موبيــل» أكبر شــركة طاقة أمريكية، بأول خسارة سنوية لها.

من جهــة ثانية يُتوقع أن يــؤدي الانخفاض الحاد فــي إيــرادات النفــط الخام إلــى عرقلة خطط ولي العهــد محمد بن ســلمان الطموحة لتنويع اقتصاد السعودية المرتهن للنفط.

وُأدرجت «أرامكو» في البورصة الســعودية في ديســمبر/كانون الأول عام 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي فــي العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليار دولار مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن ولي العهد الســعودي أنه ســيكون هناك طروحات مقبلة لبيع المزيد من أسهم شركة «أرامكو» في السنوات المقبلة.

وقال الأمير محمد إن بيع الأســهم مستقبلاً سيكون وســيلة رئيسية لتعزيز قوة «صندوق الاســتثما­رات العامــة» الســيادي الــذي يعــد المحرك الرئيسي لجهود تنويع الاقتصاد.

لكنّ المحللين يعتقدون أنّ اهتمام المستثمرين الدوليين بالوقــود الأحفــوري )الفحم والنفط والغــاز( يتضــاءل يومــا بعــد يــوم، معتبرين ان طرحــا آخــر للأســهم سيشــكل «عملية بيع صعبة في ظل المناخ الاقتصادي الحالي» حيث تضعف جائحة كوفيد-19 الطلب العالمي.

كما أن هناك مخاوف من الهجمات المتزايدة علــى المنشــآت النفطية «لأرامكو» التي يشــنها الحوثيون اليمنيون.

علــى صعيــد آخــر تنتظــر أســواق الطاقــة العالميــة فتــح تعاملاتها أمس الإثنــن للتعرف على الصــورة الأوضــح للهجــوم الصاروخي الذي تعرضت لها يوم الجمعة الماضي مصفاة نفــط لـ»أرامكــو» قــرب العاصمــة الريــاض، وأثرها على سعر برميل النفط.

وعلــى الرغم مــن أن الضربــة التي تعرضت لها المصفــاة لم تؤثر على إنتــاج البلاد النفطي

أو تكريــر الخــام محليــاً، إلا أن الهجمات التي تتبناهــا جماعة الحوثي عادة، تشــكل صداعاً متواصــا للمملكة. وتخشــى أســواق الطاقة العالمية اســتمرار الهجمــات، واحتمال تعرض منشــآت أكثر حيوية تؤثر على إمدادات النفط السعودية لدول العالم.

وتنبع أهمية الســعودية، مــن تصنيفها أول مُصدّر للنفــط الخام في العالــم، بإجمالي 6.5 ملايــن برميل يومياً وفق بيانات يناير/كانون الثاني الماضي الصادرة عن المبادرة المشــتركة للبيانات النفطية «جودي».

لكن السعودية تملك قدرة أكبر على التصدير بمتوســط 7.5 مليــون برميــل يوميــاً وحتى 8 ملايــن برميل، فــي الظروف الطبيعيــة، بعيدا عــن التوافقات مع منتجــن آخرين على خفض الإنتاج، كما هو الأمر حالياً.

كمــا أن الســعودية تنتــج فــي الظــروف الطبيعيــة 10 ملايــن برميــل يوميــاً، وقــدرة فورية علــى زيادة الإنتاج حتــى 11 مليوناً، أي ما نســبته 11 في المئة من حجــم الطلب العالمي على الخام، وهــو ما يمثل 1.1 برميل من كل 10 براميل مستهلكة في العالم.

وتقــود الســعودية كذلــك، منظمــة البلدان المصــدرة للنفــط «أوبــك، ولهــا مســموعة من جانــب أعضاء المنظمــة الـ13، وهو مــا أظهرته توافقات خفض الإنتاج منذ 2017.

ويعنــي أي ضــرر في إمــدادات الســعودية عالميــا، ارتفاعــا غيــر متوقــع في ســعر برميل النفــط، وزيادة المخــاوف من إمكانيــة تذبذب سلاسل إمدادات الخام للأسواق.

وما تــزال هجمــات تعرضت لها منشــأتان نفطيتان شــرقي المملكة عام 2019 حاضرة في أذهان المتعاملين في سوق الطاقة العالمية.

ففــي 14 ســبتمبر/أيلول ،2019 أعلنــت الريــاض الســيطرة علــى حريقــن وقعــا في منشــأتي «بقيــق» و»خريــص» التابعتــن لـ»أرامكو» شــرقي المملكة، جراء اســتهدافه­ما بطائــرات مســيرة، تبنتهــا جماعــة «الحوثي» اليمنية.

ودفعــت الهجمــات حينها إلــى توقف كمية مــن إمــدادات الزيت الخــام بنحــو 5.7 مليون برميــل يومياً، أو حوالي 50 فــي المئة من إنتاج «أرامكــو» إضافــة إلى ملياري قــدم مكعبة من الغاز المصاحب.

 ??  ?? خزان نفط متضرر في منشأة تابعة لشركة «أرامكو» في جدة بعد إصابته في هجوم للحوثيين في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي
خزان نفط متضرر في منشأة تابعة لشركة «أرامكو» في جدة بعد إصابته في هجوم للحوثيين في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom