Al-Quds Al-Arabi

مصدر عسكري سوداني: قوات الحفاظ على المدنيين في دارفور اختبار لتكوين الجيش الموحد

البرهان يدعو حركات الكفاح المسلح للانضمام... ومخاوف من تأخير الترتيبات الأمنية

- الخرطوم ـ من عمار عوض: «القدس العربي»

أكد مصدر عســكري سوداني، أمس الإثنين، «على الجدية في تكوين الجيش الموحد وقوات الحفاظ على المدنيين في دارفور التي ســتكون وعاء اختبــار جيدا لتكويــن الجيش القومي الموحــد» فيمــا حذر خبــراء من تأخــر تنفيذ برتوكول الترتيبات الأمنية عن موعده المحدد، في ظل تحديات مالية وإدارية.

يأتي ذلك بعد تجديد رئيس مجلس السيادة الانتقالــ­ي، القائد العــام للقوات المســلحة، الفريق أول ركــن عبد الفتــاح البرهان «عزم القوات المســلحة وتصميمها لبناء وطن عزيز قوي وحــر بالشــراكة مع مختلــف قطاعات الشعب السوداني وقواه السياسية» ودعوته «قــوات حــركات الكفاح المســلح الموقعة على اتفاق سلام جوبا، للانضمام للقوات المسلحة» مؤكدا اســتعداد القوات المسلحة لاستيعابها، مشــيرا في هــذا الصــدد إلــى أن «الدمج في القوات المسلحة يخضع لأســس محددة، وأن نهاية الفترة الانتقالية ستشهد تكوين الجيش الوطني الموحد .»

دور ريادي

وقال البرهان لدى مخاطبته مســاء الأحد ضباط وضبــاط صف وجنــود منطقة بحري العسكرية «إننا نســعى لبناء وطن عزيز قوي وحر، تكون فيه المواطنة أساســا لنيل الحقوق والواجبــا­ت، ولا فــرق فيه بــن أي جهة من جهات البلاد. وطن خال من التحيزات القبلية والنعرات الإثنية» مضيفا أن «القوات المسلحة ســتضطلع بدور أساســي وريــادي في هذا الصدد .»

وأشــار، حســب تعميم صحافي صادر من الإعلام العسكري أمس الأول، إلى أن «القوات المســلحة بمقتضى الوثيقة الدســتوري­ة تعمل بانسجام تام مع شــركاء الفترة الانتقالية من قوى الحرية والتغيير وشــركاء الســام من حركات الكفاح المسلح لتنفيذ مهام المرحلة.»

ولفــت الــى «التطــورات الأيجابيــ­ة التي يشهدها مســار الانتقال السياســي في البلاد في بناء اللحمة الوطنية وإعادة تأهيل القوات المســلحة، وتحقيق مطلوبات السلام» مجددا الدعوة إلى كل من القياديين عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور لـ «الانضمام لمسيرة السلام والمشاركة في بناء سودان المستقبل الذي يسع الجميع».

وأوضــح أن «القــوات المســلحة بتكوينها القومــي تشــكل نموذجــا لتكوين الشــعب الســوداني بكل أطيافه، والانتماء إليها يقوم علــى الكفــاءة والانضبــا­ط» مؤكدا «ســعي القيادة لبناء مؤسسة عسكرية موحدة تحمى الســودان وأجهزة الدولة التنفيذية ولا أطماع لها في الحكم».

وبشــأن الترتيبات الأمنية الخاصة باتفاق سلام السودان، رحب البرهان بقوات حركات الكفــاح المســلح، ودعاها للانضمــام للقوات المســلحة، مؤكدا «اســتعداد القوات المسلحة لاســتيعاب­ها» مشــيرا في هذا الصــدد إلى أن «الدمج في القوات المســلحة يخضع لأســس محددة، من بينهــا التوزيع العادل للفرص بين أقاليم السودان، وفقا لنســبة السكان، فضلا عن المعايير العالمية للاستيعاب في الجيوش».

وأشــار إلى أن «نهايــة الفتــرة الانتقالية ستشهد دمج كل القوات في جيش موحد».

وتعقيبــاً على كلام البرهان، كشــف مصدر عسكري لـ«القدس العربي» أمس، أن «الدعوة لتكوين الجيــش الوطني الموحــد ناتجة عن قناعة راسخة لدى القائمين على القطاع الأمني في السودان حالياً».

وزاد، دون كشــف هويتــه «نســعى لبناء جيــش يفــي بمتطلبــات العصر بمشــاركة الجنسين بنسب معقولة، ولهذا سنفتح المعاهد والكليات العسكرية لقبول النساء، وسننفتح أكثــر في علاقتنا مع الجيــوش العالمية لتبادل الخبرات، ولدينا إيمان قاطع، بضرورة تكوين جيــش وطني موحــد يحمي البــاد والجهاز التنفيذي ويحتكر حيازة السلاح بعد أن قادت الحروب الســابقة لوجود عــدد من الجيوش وانتشار السلاح بين المدنيين، وأولى الخطوات هي عملية الترتيبات الأمنية المزمع قيامها قريبا

لهذا الغرض».

وتابع: «تمثل فكرة القوى المشتركة لحماية المدنيــن في دارفــور فرصة ســانحة لاختبار تكوين الجيش الموحد، حيث ستشارك القوات النظامية بـ 6 آلاف ما بــن جندي وضابط من القوات المســلحة والدعم السريع، وستساهم قوات حركات الكفاح المسلح بـ 6 آلاف أيضا».

وزاد «هذه القوة ســيتم تدريبها وتجميعها على حمايــة المدنيين، ولكن مــن ناحية أخرى ســتكون وعاء لاختبار تكوين الجيش الموحد الــذي يفتــرض أن يتشــكل في كافــة أنحاء الســودان قبل نهايــة الفتــرة الانتقالية عام .»2023

الخبير العســكري والاســترا­تيجي اللواء المتقاعد أمين إسماعيل قال لـ«القدس العربي» إن «دعوة الحركات المسلحة للانضمام للقوات المســلحة تعتبر جيــدة، وذات بعد سياســي وفني، وعلميــا كلمات الانضمــام أو الدمج أو الاســتيعا­ب دائما تأتي وفق اتفاقيات سلام، وهو مــا كان وفــق اتفــاق جوبا الــذي ضم بروتوكــول­ا للترتيبات الأمنيــة يحدد طريقة الدمج والتســريح وشروط الاستيعاب والذي لم ينفذ رغم تحديده 100 يوم لهذا الإجراء بعد التوقيع على الاتفاقية يوم 3 أكتوبر)تشــرين الأول)».

ويرجع ذلك، حسب إسماعيل، لعدة أسباب منها «مالية لعدم وجــود موارد مادية وإدارية خاصة بعدم تحديد مواقع التجميع، وبالتالي وصلت هذه القوات للمدن الرئيســية بما فيها العاصمة».

وتابــع «دعــوة البرهان سياســية، ولكن تنفيذها يحتــاج إجراءات فنيــة مقابل اتفاق سياسي أمني وليس بدعوة سياسية فقط، ولا بد من تحديد الأعداد وتحديد مواقع الاستيعاب وإتمام الفرز فيها».

وحول حديــث البرهان عن تشــكيل قوات مسلحة وقومية تراعي التمثيل الجغرافي، قال: «المقصود هنا أنه لا بد من وجود نســب لأبناء المناطق المختلفــة في القوات المســلحة بنظام الكوتة، وهو يخلق نوعا مــن التوازن حتى لا تكون هناك منطقة معينة لها الغلبة في القوات المســلحة، وكل ذلك وفق الصياغــات الدولية الخاصة باللياقة البدنية والذهنية والتعليمية والطبيــة من خلــو من الأمــراض والصحيفة الجنائية وعــدم وجود جرائم أو بلاغات تمس الشخص المتقدم .»

3 تجارب

اللواء المتقاعد أمين مجذوب، بيّن لـ«القدس العربي» أن «في التجربة الســوداني­ة لدينا 3 تجارب، منها اتفاقية أديس أبابا التي بموجبها تم استيعاب قوات الأنانايا في القوات المسلحة 1972 وكانــت تجربــة ناجحــة، ولكن حدث تمــرد مرة أخرى عــام 1983 وتكونت بموجبه الحركة والجيش الشــعبي لتحرير السودان، بقيادة جون قرنــق، والتجربة الثانية اتفاقية الخرطوم للســام، وثم تجربة اتفاقية نيفاشا التــي تكون بموجبهــا مجلس دفاع مشــترك وقوات مشــتركة، ولكن واحدة مــن أخطائها وجود ثلاثة جيوش، منها القوات المسلحة في الشمال والجيش الشعبي في الجنوب وقوات مشتركة مدمجة من الجيشين في ولايات ومدن مختلفــة». وزاد «هذه هي التجربــة الرابعة فــي اتفاقية جوبا للســام، وهنالــك تبعات مالية كبيرة، من مرتبــات وتعويض للجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة والغذاء والسكن لاســتيعاب هذه القوات، بجانب تحديد مواقع التجميع واستلام الأســلحة، وهناك بند لبقاء هذه القوات لخمســة عشر عاما لا تحل قيادتها ولا تحل هي كقوات، وإنما تشــترك في القوات المســلحة وتظل قيادتها باقية، وهذا أمر خطير جدا لأنه لن يتم تســليم الأسلحة، وربما تكون هناك انسلاخات واختلافات، ولكن تصريحات القائد العام تبعث على الاطمئنان».

في الســياق، أكــد عضو مجلس الســيادة الانتقالــ­ي، ورئيس الجبهــة الثورية، الهادي إدريس يحيى علــى أن «اتفــاق جوبا تضمّن الترتيبــا­ت الأمنية الشــاملة باعتبارها قضية قومية، تفضي لتكوين جيش قومي مهني، يقوم بحفظ الأمــن والعمل على حل مشــاكل تعدد الجيوش في البلاد».

وقال لصحيفــة «التغييــر» إن «الهدف من الجهــود المبذولة في تكوين القــوات الوطنية المشتركة توفير الأمن والاســتقر­ار، ومن أجل عودة النازحــن واللاجئين لقراهــم الأصلية والدخول في دائرة الإنتاج.»

وحسب اتفاق الحكومة الانتقالية والجبهة الثوريــة الموقع فــي 3 أكتوبر/ تشــرين الأول الماضي في جوبا، سيتم دمج عدد من منسوبي الحركات المســلحة بعــد الوفــاء بمطلوبات المؤسسة العســكرية وإعادة تأهيل من يحتاج تأهيله. وطالب القيادي في الحركة الشــعبية ـ شــمال، محمد يوسف أحمد المصطفى )إحدى القوى الرافضة لسلام جوبا( بضرورة أن تتم عملية توحيد الجيش السوداني عبر الدراسة المتأنية والمتعمقة لطبيعة الجيش الســوداني الموجود الآن. وقال: «الــذي نحلم به يجب أن يكــون أولاً هــو جيش احترافــي تكون فرص الالتحــاق بــه مفتوحــة للجميع عــن طريق الرغبة وليس عبر التجنيد الإجباري، يقدم له الشــخص بملء إرادته للعمل بالجيش كحرفة هذا أولاً». وأضاف: «ثانيــاً هذا الجيش يجب أن يقوم علــى حماية أرض الســودان، إقليم السودان، حدوده وموارده وثرواته.»

حماية النظام الديمقراطي

وتابــع: «ثالثاً يجب أن يكــون هذا الجيش لحمايــة النظام الذي يرتضيه الشــعب، نظام ديمقراطي مدنــي ملتزم بتطويــر البلاد نحو ما يعزِّز كرامة الإنســان الســوداني وحريته ورفاهيته، وهذه يجب أن تكون في الدستور، وبالتالــي أن يكــون الجيش ملتزمــاً بحماية الدستور .»

وزاد: «ولا يفــوت علينا أن نؤكد أن الجيش بهذا المعنى لا بد أن يكون رشيقاً وليس مترهلاً، فيه فرصة واسعة لتمثيل كافة مكونات الشعب الســوداني لحمايــة كافــة مكونات الشــعب وحماية حــدوده وكافــه مــوارده، وهذا هو الطريق لتوحيد الجيــوش الموجودة الآن في جيش سوداني واحد وليس جيشاً أجنبياً.»

وشــدّد على أنه «ليــس وارداً أبداً أن تكون هناك فرصة في الجيش الســوداني لاستقدام أشــخاص من خارج السودان ليكونوا أعضاء فيه .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom