«ذي هيل»: جواسيس وجنرالات إسرائيل أيدوا الاتفاق النووي مع إيران وعلى الجمهوريين التعلم منهم
قال المحلل الســابق في الخارجيــة الأمريكية بقضايــا الأمن الدولي ومنع انتشــار الأســلحة النوويــة ماريــك فــون ريننكامــب إن الحزب الجمهوري يعارض وبالمطلــق الاتفاقية النووية التــي وقعتها إدارة بــاراك أوباما مــع إيران في عــام 2015 لكنه نصــح الجمهوريين بالاســتماع إلى ما قاله رؤساء الاســتخبارات الإسرائيليون والقيــادة العســكرية الذين لم يدعمــوا موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الصدامي.
وقــال إن الحكمة تقتضي من حزب يزعم دعمه المطلق لإسرائيل والتزامه المطلق بأمنها الاستماع لما يقوله الجواســيس في إســرائيل. فمن ســتة مدراء ســابقين في الاســتخبارات الإسرائيلية لا يزالون على قيد الحياة، هنــاك أربعة منهم أثنوا على الاتفاقية النووية، ولم يعبر أي منهم عن دعم لنقــد نتنياهو الخارق للعادة لها. وفي الســياق ردد المســؤولون الســابقون في الاســتخبارات العسكرية والقيادة العسكرية وخبراء الذرة في إســرائيل ومدير الأمن الداخلي السابق ورئيس وزراء إسرائيلي ســابق كلهم عبروا عن نفس ما قاله قادة الموساد من ناحية الثناء على الاتفاقية النووية. واعتبر شــابتاي شافيت، مدير الموساد ما بين -1996 1989 الاتفاق بأنه فرصة لإسرائيل لأن «تنضــم لنظام الشــرق الأوســط الجديد.»
وحســب شــافيت فقد «أعطانا الاتفــاق 15 عاماً والتي يمكن أن يحدث فيها كل شــيء. وبعد قرار ترامب الخــروج منه فقد أصبح لــدى الإيرانيين كميــات يورانيوم مخصبة لإنتــاج قنبلة واحدة على الأقل».
أمــا داني ياتوم، مدير الموســاد ما بين 1996- 1998 فقد اعتبر قرار الرئيس ترامب الانســحاب من الاتفاقيــة النووية من طرف واحد بـ «الخطأ» وقال إن البقاء في الاتفاق «ســهل من عملية إقناع إيران لتقديم تنازلات أكثر». واعتبر أفرايم هاليفي مدير الموساد ما بين 2002 1998- بأن إدارة أوباما «سجلت نجاحا عظيما» بتوقيع الاتفاقية النووية مع إيران. ورأى أن الاتفاق « نظام مراقبة شديد». وبكلام هاليفي فهــو «يعرقل القــدرات النووية الإيرانية لمدة عقد علــى الأقل». وفي الوقت الذي يواصل فيه الجمهوريون المطالبة بضرورة شمل «ســلوك إيران الخبيــث» في أي اتفــاق نووي، يرفــض هاليفي هــذا النهج القائــم على مطالب قصوى.
وحسب هاليفي « سيكون الإيرانيون قد بنوا ترســانة نووية» قبــل أن يتم حــل القضايا غير النووية، مثل دعم إيران للميليشــيات المســلحة وأنظمتها الصاروخية. ووقع مدير سابق للموساد وهو تامير باردو على رســالة تدعم نهج الرئيس
جوزيف بايدن مع إيران. ورحب باردو إلى جانب عدد مــن خبراء الأمن الإســرائيليين البارزين بـ «المبــادرة الأمريكية لجعل إيــران تتبع وبطريقة شــفافة البنود فــي الاتفاقية النوويــة». ودعم الاتفاقية النووية بين الجواســيس الإسرائيليين ليس مقتصراً علــى مدراء الموســاد. ففي مقابلة مثيرة مع نائب مدير الموســاد الــذي تقاعد قبل فترة ولم يكشف عن هويته، هاجم فيها الحملات المستمرة من نتنياهو لتقويض الاتفاقية. وحسب هذا المسؤول الســابق فإن وضع إسرائيل اليوم «هو أســوأ مما كان عليه في وقت توقيع الاتفاقية النووية. ولدينا وضــع فيه تخصيب لليورانيوم في مفاعل فوردو، وهناك نشــاطات في كاشــان وعمل في مفاعل نطنــز، وحصلت إيران على 2.5 طن من اليورانيوم المخصــب ولديها أجهزة طرد مركزي متقدمة .»
وفــي ترداد لمــا قاله مدير الموســاد الســابق هاليفــي، هاجم مطالب نتنياهــو - التي يرددها الحزب الجمهــوري مثل الببغاوات - وتوســيع المفاوضات مع طهران لتشــمل النشــاطات غير النووية. ويرى أن المطالــب القصوى تعكر المياه وتحرف النظر عما يراه التهديد الوجود الحقيقي على إســرائيل وهو: البرنامج النووي الإيراني. وهاجم الجاسوس الســابق «المعارضة الكاملة»
من نتنياهو لجهــود إدارة بــاراك أوباما والحد من المشــروع النووي الإيراني. ويرى أن العرقلة لمستمرة من نتنياهو محت قدرة إسرائيل لتشكيل الاتفاقية النووية.
ويوافــق عامــي أيلــون، مدير الشــن بيت الســابق والذي قال «عندما يتعلــق الأمر بقدرة
إيران النووية، فــإن هذه الاتفاقيــة هي الخيار الأفضــل. وعندما بدأت المفاوضــات كانت إيران بعيدة شــهرين عن امتلاك السلاح النووي، ومع بدء تطبيق الاتفاق فســتكون 12 شــهراً». ويعد مدير شــن بيت الســابق غارمي غيلون من أشد المتحمسين والمدافعين عن الاتفاقية النووية. وكتب في 2017 حيث حث الرئيس ترامب بعدم الخروج من الاتفاقيــة التي وصفها «رحمة لإســرائيل»و «نجاحًا واضحًا». وحسب غيلون «بعد عامين من توقيع الاتفاقية والحد من مشروع إيران النووي فــإن المنطقة أكثــر أمناً من ذي قبــل» و»ذلك لأن التهديــد الإيراني صار بعيداً ممــا كان عليه قبل عقود، والشــكر يعود للاتفــاق، وتم نزع مخالب البرنامج النووي الإيراني وأغلقت كل المســارات نحو القنبلــة النووية». والأكثــر أهمية كما قال غيلون «غالبية زملائي في الجيش الإســرائيلي والمؤسســات الأمنيــة دعمت الاتفــاق عندما تم التوصل إليه». وردد المســؤول البارز الســابق في الموســاد عوزي أراد، والذي عمل مستشــاراً للأمن القومــي لنتنياهو ما بين 2009- 2011 زعم غيلون عن الدعم الواسع داخل المؤسسة الأمنية للاتفاقية النووية، وقال إن «غالبية مجتمع الأمن القومي يفضل الاتفاقية .»
وبالتأكيــد يمتد الدعم للاتفاقيــة إلى القيادة العســكرية الإســرائيلية، فعندمــا ســئل يائير غولان، ثاني جنرال في المؤسســة العســكرية ما بــن 2014- 2017 عن الطريقة التــي تعامل فيها الجيش مع الاتفاقية، فأجــاب بأنه دعم «لا لبس فيه». وحســب غولان «الشــعور العام في داخل الصــف الأعلى للجيــش الإســرائيلي واحد من الرضا» و «من مصلحة إســرائيل القومية الملحة عودة الولايات المتحدة للالتزام بالاتفاقية.»
وبالتأكيــد فدعــم الجنرالات الإســرائيليين للاتفاقية واضح لأن الهدوء على الجبهة النووية ســمح لهم بالتركيز على الجبهات الأخرى. ويظل موقف نتنياهو المتشــدد من إيــران على تناقض تام مع الإجمــاع في المجتمع الأمني والعســكري والسياسة وخبراء السياسة الخارجية.
وفي مقال رأي لرئيس الوزراء الســابق إيهود أولمــرت وصــف فيه نهــج نتنياهو بأنه «فشــل ذريع ». وليست هذه المرة الوحيدة التي وقف فيها نتنياهو على الجانب الخطأ في موضوعات الأمن القومي الحيوية. ففي شــهادة له أمام الكونغرس عام 2002 أكد فيها أن غزوا أمريكا للعراق «سيترك ترددات إيجابية هائلة على المنطقة». ولم توافق المؤسســة الأمنيــة علــى تأكيــدات نتنياهو في حينه كما لا تتفق معه فــي موضوع إيران، وعلى الجمهوريين تعلم الدرس.