Al-Quds Al-Arabi

إسرائيل تذهب اليوم لانتخابات رابعة وسؤال الناخبين الأساسي: هل يبقى نتنياهو أم يبقى باب الانتخابات مفتوحا؟

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة:

تذهب إسرائيل اليوم لجولة انتخابات رابعة في غضون نحو عامين، وســط تخوفــات من أنها تتجه نحو جولة خامسة في الخريف المقبل بسبب استمرار حالة التعادل بين معســكر رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، وبين المعسكر المناهض له.

وتتــوّج عملية الاقتــراع اليوم منافســة متكررة بين عشــرات الأحزاب الصهيونية تمتاز بضحالتها وفقدان النقاش السياســي حول القضايا الجوهرية الداخليــة وتغييــب القضية الفلســطين­ية، لصالح تراشق حزبي وطعن شخصي.

وتعبر الجــولات الانتخابية المتكررة رغم جائحة كورونا وتبعاتهــا الاقتصادية ـ الاجتماعية عن أزمة سياسية كبيرة داخل دولة الاحتلال، وربما تعبّر عن تحّول عميق لدى الإســرائي­ليين يتمثل في خلل سلم أولوياتهم واستشراء الفســاد على أنواعه وتغلغل خطاب الكراهية والتشظي في صفوفهم.

في ظل حالة التعادل الشــديد الذي تتنبأ به كافة اســتطلاعا­ت الرأي ســعت الأحزاب الإســرائي­لية في الســاعات الأخيرة لكســب أصــوات المترددين واللامبالي­ين والمتشــكك­ين، فذهب «الليكود» برئاسة نتنياهو لتتويج الدعاية الانتخابية بمؤتمر انتخابي كبير في القدس المحتلة حاول فيه نتنياهو استعطاف أتباعه المحتملين وتحميســهم بالقول إن اســتمرار حالة التعادل وعدم حســمها لصالح حزبه ستفضي لحكومة يتناوب على رئاستها عدد من الخصوم منهم «مرشح اليسار» يائير لبيد.

بالإضافة إلى فزاعة لابيد الــذي يحاول نتنياهو بها ترهيــب المنتمــن لليمــن الصهيونــي واصل نتنياهــو بالتزامن محاولة تخدير الشــارع العربي من خلال مواصلة إطلاق الوعود المعسولة والتزلف لفلسطينيي الداخل. ويندرج ذلك ضمن استراتيجية نتنياهــو الجديــدة بالتعامــل مــع أصحــاب حق التصويت العرب بتغيير الاســتعدا­ء بالاحتواء على أمل تخديرهم وخفض حماستهم للمشاركة في عملية الاقتراع و بالوقت نفسه محاولة كسب مقعدين منهم يعينانــه في الخــروج من دائرة التعادل وتشــكيل حكومة ضيقة برئاســته. وجاء تغيير استراتيجية نتنياهو الذي بنى حملاته الانتخابية منذ مشاركته للمرة الأولى عام 1996 علــى التحريض على العرب بعدما اســتنتج أن ذلك دفعهــم للصناديق للثأر منه ومحاولة إســقاطه، مما ســاهم في ارتفــاع القائمة المشــتركة إلى 15 مقعدا فــي انتخابات الكنيســت السابقة عام 2020 .

طائرات مسيّرة

كما ســعى رئيس حزب «هناك مستقبل» برئاسة لابيد المعارض لكســب المزيد من الأصــوات وتعزيز مكانته بصفتــه الحزب الثاني بعــد «الليكود» وفق الاســتطلا­عات. ومن أجــل ذلك أطلــق حزبه أمس طائرات صغيرة مســيّرة في ســماء تل أبيب تحمل شــعارات حزبه، فيمــا واصل لابيد نفســه التأكيد بأنه مســتعد للتنازل عــن رئاســة الحكومة مقابل إســقاط نتنياهو من خلال التعاون مع كافة الأحزاب المعارضة. كما أكد لابيــد أن حكومة نتنياهو المحتملة تعتمد على جهات ظلامية فيهــا أنصار وأتباع حركة «كاخ» اليهوديــة الإرهابية أمثال بن غفير المرشــح في حــزب « الصهيونيــ­ة اليهوديــة». ونظم الوزير الأسبق رئيس حزب «أمل جديد» برئاسة المنشق عن «الليكود» غدعون ساعر مؤتمراً ختامياً في تل أبيب وفيه حمل على رئيس حــزب «يمينا» نفتالي بينيت

بعدما ســبق ودعاه للانضمام له فــي حكومة تغيير وتابع: «يتحدث نفتالــي بينيت وكأنه موجود طيلة سنوات كثيرة في صحراء المعارضة علما أنني تركت مقاعــد الحكومة عام 2014 فيما بقــي بينيت فيها كل هذه الفترة حتى طرده منها نتنياهو.»

فلسطينيو الداخل

على مســتوى المجتمــع العربي الفلســطين­ي في الداخل تدلل اســتطلاعا­ت الرأي المتتالية أن القائمة المشتركة ستفوز بـ8 مقاعد فقط فيما ستفوز القائمة العربية الموحدة المنشــقة عنها بـ4 مقاعد مثلما تدلل علــى ارتفاع نســبة التصويت لديهــم لنحو 60 ٪ بعدما كانت دون الـ 50٪ قبل نحو الشهرين، وذلك على خلفية التنافس بين القائمتين على ما يبدو.

يشار إلى أن شعبية القائمة المشتركة قد تراجعت بوضــوح قبل تعرضها للانقســام وذلك نتيجة عدة عوامل منها خيبة الأمل من عدم تأثيرها بعدما أوصت علــى رئيــس «أزرق ـ أبيض» بينــي غانتس الذي انقلب عليها وعلى نفسه وانضم لحكومة مع نتنياهو عقب انتخابات الكنيســت الـ 23 فــي 2020. تضاف لذلك الخلافات السياسية بين مركبات المشتركة بعد تفجر نقاش ســاخن حول قضيــة المثليين والمثليات قبل شــهور. ويرى عدد كبير من الخبراء والمراقبين أن مشــاركة المواطنين العرب فــي الانتخابات هذه المرة بنســبة مماثلة لما كان في الانتخابات السابقة (64٪( من شأنها أن تسقط نتنياهو.

للتمثيل والتأثير

ويرى هؤلاء أن العمــل الجماهيري مهم جدا لرفع الظلم عن المجتمع العربي الفلســطين­ي في إسرائيل لكنه غير كاف ويحتاج للعمل في الســاحة البرلمانية أيضا، حيث تتخذ القرارات المؤثرة عليهم مباشــرة. ويرون أيضا أن التصويت حيــوي من أجل التمثيل السياسي والقول لأنفسهم وللإسرائيل­يين وللعالم « نحن هنا وهذه هويتنا وهذا صوتنا نحن أهل البلاد الأصليون» ومــن أجل التأثير وانتــزاع ما أمكن من حقوق مدنية.

ويعتقــد هــؤلاء المراقبــو­ن أنه بســبب طبيعة إســرائيل وفي ظل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي وكــون المجتمع العربي في إســرائيل جزءا من أبناء للشــعب الفلســطين­ي فإنــه لا مجال لانتــزاع كافة حقوقهم على أنواعها بسهولة ودفعة واحدة. ويؤكد الدكتور ثابت أبو راس مدير مشــارك في مؤسســة « صنــدوق إبراهيم » لـــ «القدس العربــي » أن هذه مسيرة يراكم فيها فلســطينيو الداخل المنجزات كما فعلوا في البقاء والتطّــور كمّا وكيفا منذ نكبة 1948. ويضيف: «هــذا الواقع الحياتي المعقّــد يقتضي أن نتعامل مع السياسة بحكمة وبعيدا عن الرومانسية والطوباويـ­ـة وبمنطق الأســود ـ أبيــض. صحيح جدا، هناك عتب وربما غضب على ســلوك الأحزاب العربية، لكن التنازل عن التصويت هو عقاب للذات: هناك خطير وهناك أخطر. هناك مرّ وهناك أمرّ.»

مسيرة صعبة تبني حجرا على حجر

ويوضــح أبو راس أنه على ضــوء حالة التعادل الشــديد فــإن رفع نســبة تصويت العــرب لما فوق الـــ 60٪ يعني منــع نتنياهو من تشــكيل حكومة غير مســبوقة من ناحية العنصريــة والكراهية مع مندوبي حركة «كهانا» الفاشــية العنصرية كبن غفير وســموتريت­ش. وتتفق معه في هذا المجال الناشطة الأهلية جميلة شــحادة وتقول متسائلة: «أخرق من يجرّب المجرّب وأهبل مــن يصّدق نتنياهو ووعوده، فمنــذ 1996 أفعالــه كلها معاديــة للمواطنين العرب فمــا بالك عندما ســيتحالف مع زعــران الكاهانية؟ «.وتشــدد علــى أن درء المفاســد هنا يعنــي أن أي مرشح من اليمين والوسط عدا نتنياهو عدو الشعب الفلســطين­ي الأول هــو أهون الشــرين بالنســبة لفلســطيني­ي الداخل. وتتابع: «كذلك فإن ممارســة المجتمع العربي الفلســطين­ي في الداخــل دوره في إســقاط رئيس حكومة تارة يقوم بشيطنتنا وتارة يحاول الضحك علينا بوعود معســولة كنتنياهو، لا منعه من تشكيل حكومة مستقرة فحسب، تعزز ثقتنا بأنفســنا كجماعة قومية في وطنها وتفرض هيبتها واحترام الآخر الإسرائيلي لها كلاعب شرعي وفعّال وبالتالــي الاقتــراب خطوات من حقوقهــا. وتعتقد أن عــدم التصويت وبدون أي مشــروع بديل يعني المشــاركة في تهميش فلســطينيي الداخل وإبقائهم بعيدين عــن حقوقهم السياســية والحياتية ويبقي مشــاكلهم الحارقة مثل استشراء الجريمة بعيدة عن حلها. وتؤكد أيضا أن من يبتسم في وجهك ويعطيك من طرف اللسان حلاوة وهو بالفعل يطعنك بـ أفعاله من الأمام ومن الخلــف، قبل وبعد الانتخابات، هو لا يقل خطرا عمن يعاديك جهارا نهارا. وتخلص للقول «من أجل خدمة قضايانا اليوم وغدا لا بد من المشاركة فــي التصويت لواحدة مــن القائمتين المشــتركة أو الموحدة. هذه مســيرة ورحلة جبليــة صعبة وفيها محطات ومد وجزر وانتكاسات لكن لا مفر من السير للأمام ومراكمة النجاحات حجرا حجرا.»

وفــي بيانها الختامي قالت القائمة المشــتركة إن الاحتضــان الشــعبي لها يرتفع بشــكل ملحوظ في اليومين الأخيريــن، وانعكس هذا فــي الاجتماعات الانتخابيـ­ـة التي شــهد معظمها مشــاركة أكبر من المتوقعة، وفي الاســتطلا­عات الداخلية أيضا، التي أظهرت صعود المشــتركة بشــكل لافت خصوصا مع استمرار تحريض أقطاب اليمين على المجتمع العربي بــدون ردٍ أو تعقيب من أي جهة باســتثناء القائمة المشتركة، وكاســتجاب­ة لحملتها الإيجابية والتي من خلالها تم عرض إنجازات النواب بالأرقام والمعطيات الرســمية. وقالت إنه بعد مهرجان انتخابي حقيقي في عرعرة النقب، ومن ثم في شــقيب السلام وعرب الترابين، شــارك الآلاف في اجتماعات في أم الفحم وعرعرة بالمثلث وفي كفر مندا ومجد الكروم وشــفا عمرو وطمرة وكفر كنا ودير حنا وغيرها من البلدات التي أقيمت فيها اجتماعات وحلقات بيتية بمشاركة النواب والمرشحين والناشطين.

إلى ذلك، قــال رئيس القائمة المشــتركة، النائب أيمن عــودة: «نعود الى بيوتنــا يوميًا بعد منتصف الليل، الاحتضان الشعبي الذي شهدته الاجتماعات في النقب وفي المثلث والجليل وسائر البلدات يعكس مدى وعي شــعبنا وتقديــره للوحدة التــي تمثلها المشــتركة بمركباتهــ­ا. نحن الآن علــى مفترق طرق حقيقي، مقعد إضافي للمشتركة يمنع تحالف نتنياهو مــن أن يصل الى 61 مقعدا وفق الاســتطلا­عات، هذا يعني أن ننهي حياة نتنياهو السياســية ونضعه هو وسموتريتش وبن جفير خارج الحكومة، نمنع هؤلاء المتطرفين من أن يصبحــوا وزراء للتعليم وللقضاء وأن يتحكمــوا فــي حياتنا وفي مســتقبلنا بقوانين عنصرية وسياسات فاشية .»

وقالت القائمــة العربية الموحدة في بيان هاجمت فيه بعض قادة المشــتركة إنه شــتان بين أشخاص، أحدهم يرسل الورد لسارة نتنياهو والثاني يحصل علــى مغلفــات دولارات مــن جمعيــات صهيونية، وبــن أبنــاء الحركــة الإســامية الذيــن يقضون شغلهم الشــاغل بخدمة أبناء شعبهم كل أيام السنة وجمعياتهم تصل الليل بالنهار لتمكين مجتمعهم.

مسيرة بقاء وتطور

يشار أن فلسطينيي الداخل كانوا يعدون في 1948 نحو 150 ألف نسمة قد شاركوا بنسبة تصويت 70٪ مقابل 87٪ النســبة العامة في انتخابات الكنيســت الأولى عام 1949. وطيلة فترة الحكم العســكري حتى 1966 تجاوزت نســبة تصويت العرب نســبة اليهود نتيجــة الرغبــة بتجذيــر البقاء من خلال ممارســة المواطنة ونتيجــة لضغوط حزب «مباي» الحاكم الذي ســعى ليصوتوا له مباشــرة أو لقوائم تدور في فلكه بمشــاركة بعض المخاتيــر. بعد ذلك تراجعت نســبة التصويت وبلغت أدنى مســتوياته­ا فــي الانتخابات التالية لتفكيك المشــتركة بالمرة الأولى في ربيع 2019 (50٪( وعــادت لترتفع بعد تشــكيل المشــتركة من جديد إلى 64٪ عام 2020. أما بشأن أنماط التصويت فقد بقيت الحصة الأكبر من أصــوات العرب للأحزاب الصهيونية حتى انتخابــات 1977 حيث انقلبت الآية بعد يوم الأرض الأول والمــد الوطني عام 1976. ومنذ 1996 حتــى اليوم علــى التوالي باتت حصة الأســد للأحزاب العربية بنســبة 80٪ فما فوق، وهذه المرة يخشــى القائمون على هذه الأحزاب من تدني نســبة تصويت العرب، وهو ما يتمناه نتنياهو ويســعى من أجله. وفي محاولة لسرقة أصوات العرب وعد نتنياهو في مقابلة مع القناة الإسرائيلي­ة )13) « برحلات جوية مباشرة للحجاج المسلمين من تل ابيب الى مكة.»

 ??  ?? وقفة احتجاجية في تل أبيب ضد رئيس وزارء الكيان الصهيوني نتنياهو مطالبة برحيله
وقفة احتجاجية في تل أبيب ضد رئيس وزارء الكيان الصهيوني نتنياهو مطالبة برحيله

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom