Al-Quds Al-Arabi

السعودية تعلن مبادرة لوقف الحرب في اليمن... والحوثيون: لا تحمل جديداً

أكدت أنها لم تلق من إيران سوى العداوة ودعم الاعتداءات عليها

- لندن - «القدس العربي» - وكالات:

طرحــت المملكة العربية الســعودية، أمــس الإثنين، مبادرة ســام جديدة لإنهاء الحرب في اليمن، تشــمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وإعادة فتح خطوط جويــة وبحرية، لكــن الحوثيين طالبــوا برفع الحصار بشكل كامل.

وتتضمــن المبــادرة، التــي أعلنها وزيــر الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إعادة فتح مطار صنعاء والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر مينــاء الحُديدة، وكلاهما تحت ســيطرة الحوثيين المتحالفين مع إيران.

وبين أن ســيتم اســتئناف المفاوضات السياسية بين الحكومة المدعومة من الســعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران، مضيفاً أن المبادرة ستدخل حيز التنفيذ بمجرد موافقة الحكومة اليمنية والحوثيين عليها.

شــن الوزير الســعودي هجوماً على إيران، مؤكداً أن «السعودية لم تشاهد من طهران سوى العداوة».

وقال في مؤتمر صحافي من الرياض: «إن الســعودية لم تشاهد من إيران سوى العداوة ودعم الاعتداءات على السعودية»، مشيراً إلى «أن ما تقوم به طهران من تسليح للميليشيات وزعزعة الدول لا تدعو للتقارب».

وأضاف أن الســعودية تؤكد رفضها التام للتدخلات الإيرانية فــي المنطقة واليمن»، مشــدداً على «أن طهران هي السبب الرئيسي في إطالة أمد الأزمة اليمنية بدعمها لميليشــيا­ت الحوثيين عبر تهريب الصواريخ والأسلحة وتطويرها وتزويدهم بالخبراء، وخرقها لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة». ودعا «الحوثيين إلى أن يعلوا مصالح الشعب اليمني الكريم وحقه في سيادة واستقلال وطنه على أطماع النظام الإيراني في اليمن والمنطقة».

وشــدد على «حق الســعودية الكامل في الدفاع عن أراضيها ومواطنيهــ­ا والمقيمين بها من الهجمات الممنهجة التي تقوم بها الميليشــي­ات الحوثيــة المدعومة من إيران ضد الأعيان المدنية». وأوضح أن «الســعودية تتوقع من واشــنطن والمجتمع الدولي دعم مبادرة إنهاء الأزمة في اليمن»، مطالبــاً الحوثيين بضرورة وضع مصلحة اليمن قبل مصلحة الإيرانيين، قائلاً: «على الحوثيين أن يقرروا ما إذا كانوا سيضعون مصلحتهم أولاً أم مصالح إيران»، معتبــراً أن «وقف إطلاق النار سيســاعدنا للانتقال إلى مناقشة الحل السياسي في اليمن».

وأوضــح أن «المبــادرة تتضمن بدء مشــاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قــرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل».

كما نوه إلــى أن «المبادرة الســعودية تتضمن إعادة إطلاق المحادثات السياســية لإنهاء أزمــة اليمن»، لكنه قــال إن «الحوثيين يواصلون وضــع العقبات أمام الأمم المتحدة لحل أزمة خزان صافر». وتابع: «إننا ســنتعاون مع المجتمع الدولي للضغط على الحوثيين من أجل القبول بالمبادرة».

واختتــم تصريحاتــه قائــاً إن «الســعودية تؤكد استمرار دعمها ودول التحالف للشعب اليمني وحكومته الشــرعية، وإنها ســتظل ملتزمة بدورها الإنســاني في التخفيف من معاناة الشــعب اليمني الشــقيق ودعم كل جهود السلام والأمن والاستقرار في اليمن والانتقال الى مرحلة جديدة لتنمية وتحسين معيشة الشعب اليمني».

«لا تلبي المطالب»

لكن الحوثيين قالوا إن المبادرة لا تتضمن شيئاً جديداً ولا تلبي مطالبهم برفع كامــل للحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة.

وقــال كبير المفاوضــن الحوثيين محمد عبد الســام لـ»رويتــرز» إن الحوثيين توقعوا أن تعلن الســعودية إنهاء حصار الموانئ والمطارات ومبادرة للسماح بدخول 14 سفينة يحتجزها التحالف.

وأكد «ضرورة الفصل بين ما هو حق إنســاني كإعادة فتح مطــار صنعاء ومينــاء الحديدة بمــا لا يكون ذلك خاضعاً للابتزاز السياسي والعسكري.»

وأوضــح أن الحوثيــن ســيواصلون المحادثات مع الرياض والولايات المتحدة وسلطنة عمان، الوسيط، في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام.

ويطالب الحوثيون برفــع الحصار الجوي والبحري، كشرط رئيســي قبل إبرام أي اتفاق سلام. لكن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية يعتبر أن يتعين حصار المينــاء والمطار لمنع وصــول الأســلحة للحوثيين الذي يســيطرون على العاصمة ومعظم المناطــق ذات الكثافة السكانية المرتفعة.

ولم يحــدد الإعــان المســارات التي سيُســمح بأن تســلكها الطائرات المتجهة إلى صنعاء أو ما إذا كان الأمر سيســتلزم الحصول على موافقات إضافية مســبقة من أجل السماح بدخول واردات المواد الغذائية والوقود عبر ميناء الحُديدة.

ووضعــت الأمم المتحــدة بالفعل آلية فــي جيبوتي لتفتيش الســفن قبل أن ترســو في ميناء الحُديدة، لكن الســفن الحربية الخاصة بالتحالف بقيادة الســعودية

أوقفت معظم السفن على الرغم من تصريح الأمم المتحدة.

وأوضح وزيــر الخارجيــة الســعودي، أن عائدات الضرائب من الميناء ستوضع في حساب مصرفي مشترك في البنك المركــزي اليمني فرع الحُديــدة بموجب اتفاق أبرمه الجانبان في استكهولم عام 2018 على الرغم من أن التحالف بقيادة السعودية لم يؤيده بالكامل حتى الآن.

ترحيب حكومي

ورحبت الحكومة اليمنية بالمبادرة السعودية، وقالت وزارة الخارجية، في بيان نشــرته الوكالة الرســمية، إن «الحكومة اليمنية ترحب بمبادرة الســعودية بشأن وقف إطلاق النار الشــامل وفتح مطــار صنعاء لعدد من الوجهات واســتكمال تنفيذ اتفاق اســتكهولم ودخول الســفن بكل أنواعها مادامت ملتزمة بقرار مجلس الأمن، على أن تودع الأموال إلى البنــك المركزي ودفع المرتبات منها على أساس قوائم 2014.»

وقــال البيان: «نذكر بأن ميليشــيا الحوثي قابلت كل المبادرات السابقة بالتعنت والمماطلة وعملت على إطالة وتعميق الأزمة الإنسانية من خلال رفضها مبادرتنا لفتح مطار صنعاء ونهب المساعدات الإغاثية وسرقة مدخولات ميناء الحديدة المخصصة لتسديد رواتب الموظفين، مقابل تضليلها للمجتمع الدولي بافتعال الأزمات على حســاب معاناة اليمنيين».

وأفاد البيان بأن «هذه المبادرة أتت استجابة للجهود الدولية الهادفة لإنهاء الحرب والمعاناة الإنســاني­ة، في الوقت الذي يقود فيه الجيش الوطني، مسنوداً بالمقاومة الشــعبية، ملاحم بطولية محققاً انتصارات في مختلف جبهات القتال التي أشــعلتها الميليشــي­ات الحوثية في مأرب وتعز وحجة والجــوف والبيضاء والضالع، وهي اختبار حقيقي لمدى رغبة الميليشيات المدعومة من إيران بالســام، واختبار لمدى فاعلية المجتمــع الدولي المنادي بإنهاء الحرب واستئناف المسار السياسي».

وأضاف البيان: «تدرك الحكومة اليمنية تماماً أن إنهاء معانــاة اليمنيين لن يكون إلا بإنهــاء الانقلاب والحرب التي أشــعلتها الميليشــي­ات الحوثية، وتؤكد أنها ستظل كما كانــت مع كل الجهــود الهادفة لتحقيق الســام بما يضمن إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة ورفض المشروع الإيرانــي التدميري في اليمن وفقــاً للمرجعيات الثلاث وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 2216».

وزارة الخارجيــة المصرية رحبت فــي بيان بالمبادرة الســعودية، داعية «كافة الأطراف اليمنية إلى التجاوب معها بما يدعم جهود إحلال السلام في اليمن».

فيما أكد وزيــر خارجية الأردن، أيمــن الصفدي، عبر حســابه بتويتر، دعم بلاده للمبادرة السعودية، مشيراً إلى أنهــا «طرح متكامل منســجم مع قرارات الشــرعية الدولية للتوصل لاتفاق سياسي شامل».

وأعربت خارجية البحرين في بيان، عن تأييد بلادها لمبادرة السعودية، متطلعة إلى أن «تلقى تأييداً وترحيباً من جميع الأطراف اليمنية والمجتمع الدولي لإنهاء الحرب باليمن».

كمــا أعربــت دولــة الكويت عــن ترحيبهــا ودعمها للمبــادرة، ودعــت في بيــان صحافي أصدرتــه وزارة الخارجية، الأطراف اليمنية إلــى «التفاعل الإيجابي مع هذه المبادرة والالتزام التام بها بغية انطلاق المشاورات بين الأطراف اليمنية وصولاً إلى الحل السياسي المنشود وفق المرجعيات الثلاث المتفق عليها».

كما دعت «المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لدعم هذه المبادرة والســعي لإطلاق العملية السياســية التي تنهي الصراع الدائر في اليمن بما يحفظ للبلد الشــقيق أمنه واستقراره ويحقق آمال وتطلعات شعبه».

واختتمت بيانها بالإشارة إلى أن «هذه المبادرة الكريمة تأتي استمراراً لمبادرات المملكة العربية السعودية الخيرة وســعيها الدائم لكل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم»، مشيدة في هذا الصدد بهذه المبادرة

ومقاصدها السياسية والأمنية والإنسانية الكبيرة.

وفي الســياق، قال نائب المتحدث باســم الأمين العام للأمم المتحــدة، فرحان حق، في تصريحــات صحافية: «نرحب بالمبادرة السعودية بشأن حل الأزمة اليمنية.»

وأضاف: «ســيقوم مبعوثنا مارتن غريفيث بالاتصال بالأطراف المعنيــة والحوثيين ونتطلع إلــى العمل معها لدفع المبادرة قدماً إلى الأمام.»

وأكد مجلــس التعاون الخليجي، في بيان، أن المبادرة «تعكــس الرغبة الصادقة لإنهاء الأزمــة اليمنية»، داعياً الأطراف اليمنية إلى القبول بها.

بينما عبرت منظمة التعاون الإســامي، في بيان، عن دعمها بمبادرة الســعودية اليوم، داعياً جميع الأطراف لـ»القبول بالمبادرة لوقف نزيف الدم اليمني.»

تنديد أمريكي

وجــاءت المبــادرة الســعودية بعــد إعــان وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ندد بالهجمات التي نفذتها جماعات متحالفة مع إيران على الأراضي الســعودية، وبحث التعاون لإنهاء الحرب في اليمن في اتصال هاتفي مع نظيره الســعودي فيصل بن فرحان آل سعود.

وقالت الوزارة في بيان: «جدد الوزير بلينكن التأكيد على التزامنا بدعــم الدفاع عن الســعودية، وندد بقوة بالهجمــات التي نفذتها جماعــات متحالفة مع إيران في المنطقة على الأراضي الســعودية فــي الآونة الأخيرة». وذكــر البيان أن الوزيرين ناقشــا أيضــاً قضايا حقوق الإنســان والإصلاحــ­ات الاجتماعيـ­ـة والاقتصادي­ة في السعودية.

ميدانيــاً، شــن التحالف الــذي تقوده الســعودية، عشرات الهجمات الجوية ضد ما وصفه بأهداف عسكرية للحوثيين في شــمال البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء وميناء الصليف على ساحل البحر الأحمر.

وقال إنه قصف مصنعاً لتجميع الصواريخ والطائرات المسيرة في صنعاء.

وبينت الأمم المتحدة أن هجمــات جوية أصابت أيضاً ميناء الصليف للحبوب الذي يســيطر عليه الحوثيون شــمال الحديدة، وأصابت قذيفتان مســتودعاً وعنابر معيشة لإحدى شركات إنتاج المواد الغذائية.

وأوضحــت بعثة الأمم المتحدة فــي الحديدة في بيان أمس الإثنين: «ذكرت الســلطات المحلية وإدارة الشركة أنه تم نقل ســتة عمال مصابين إلى مرافــق طبية محلية للعلاج».

 ??  ?? وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود
وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom