Al-Quds Al-Arabi

أقطاي العربي

-

الوقت يمرّ

بقيت أســابيع قليلة، بل أيام كما قال فاروق جويدة في "الأهرام" على نهاية مسلسل سد النهضة، لكي تقوم إثيوبيا بالملء الثاني للسد.. بعد عشر سنوات من المفاوضات التي جعلت إثيوبيا ترفض كل شــيء بما فــي ذلك موقف أمريكا ومجلس الأمن والاتحاد الافريقي، أي إن إثيوبيا أغلقت كل الأبواب في تحد سافر لكل الحلول المطروحة. والآن الجميع يتســاءل ولم يبــق غير مئة يــوم وتبدأ إثيوبيــا عمليات التخزين.. وإذا تم ذلك ســوف تصبح جميــع الحلول أمرا صعبا، إذا لم يكن مســتحيلا. هناك سؤال يجب أن نطرحه الآن عن موقف الاتحاد الافريقي، وهل يمكن أن يتدخل بقوة لمواجهة التعنــت الإثيوبي، وماذا عــن موقف دول حوض النيل، وهذا النهر من حقنا جميعا لأن إثيوبيا تفتح الأبواب لصراعات قد تشــعل المنطقة كلها. الشيء الغريب أن موقف الدول العربية يتســم بالغموض، بما في ذلك موقف جامعة الدول العربية وأمينها الســفير أحمد أبو الغيط.. نحن أمام تهديد ســافر لدولتين عربيتين في أهم مصادر الحياة لهما، وإذا لم تتحد كلمة العالم العربي على مثل هذه الكارثة فمتى تتحد. وأكد الكاتب علــى أن الأمر يتطلب قمة عربية عاجلة تضع إثيوبيا أمام مســؤوليات­ها أمام العالم العربي.. هناك مصالح كثيرة بين عدد من الــدول العربية وإثيوبيا، ولا بد أن تدرك أن ما يحــدث في مياه النيل إعــان حرب وليس مجرد بنــاء ســد.. إذا كان من الضــروري تحديد المواقف والمســؤول­يات، فإن على القمة العربية أن تؤكد أن حرمان مصر والســودان من مياه النيل جريمة تاريخية لن يقبلها أحد. إننــا نحن أمام لحظــة تاريخية فارقــة لا يجوز فيها الصمت أو التراخى أو اللعب بالنار، وإذا لم تعقد قمة عربية لحماية حقوق مصر والسودان في الحياة فمتى تعقد.

ما تخشاه إثيوبيا

مــن وجهة نظــر جلال عــارف الــذي كشــف عنها في "الأخبار"، فإن ما تقوم به مصر والســودان أمر مهم للغاية لوضع دول العالم أمام الصورة الكاملة لأزمة سد النهضة مع إثيوبيا، ولبيان الانتهاكات الإثيوبية للقوانين والاتفاقيا­ت الدوليــة، التي تضمن حقــوق مصر والســودان في مياه النيل، ولتوضيــح حجم الخطر الذي يهدد بانفجار الموقف، إذا مضت إثيوبيا في مخططاتها غير المشــروعة، وبدأت في الملء الثاني لخزانات السد، بدون اتفاق قانوني ملزم يحقق مصالح الأطراف الثلاثة الشريكة في النيل الأزرق. مهم جدا أن نفضح كل الأكاذيب التي روجتها إثيوبيا لتبرير انتهاكها للمواثيق الدولية، ورفضها - على مدى عشــر سنوات من التفاوض- لكل محاولات التوصــل إلى الحل العادل الذي يتفق مع القانون ويكفل التعــاون بين الدول الثلاث، الذي يحقــق الخير ويضمن الحقــوق ويعزز الاســتقرا­ر. ومهم جدا أيضاً أن تكون الحقائق واضحة أمام شــعوب افريقيا وحكوماتها التي اســتهدفته­ا إثيوبيا - على مدى السنوات الماضية - بحملات التضليل التي تحاول من خلالها الظهور بمظهــر المدافع عن الحقــوق الافريقية على حســاب مصر، واستهدافا لحرمان مئة وخمسين مليون مصري وسوداني مــن حقهم فــي الحياة التــي تمثل ميــاه النيل شــريانها الرئيســي. ولســنا هنا في مجال التذكير بموقف مصر من جانــب، وإثيوبيا علــى الجانب الآخر من نضال شــعوب افريقيا مــن أجل التحرر، فافريقيا تعرف وتقدر من ســاند بكل إمكانياته، ومن كان يقف عوناً لقوى الاســتعما­ر. لكننا ملزمون بأن نضع الصــورة كاملة أمام الأشــقاء الأفارقة، وأن نكشــف كل الأكاذيب الإثيوبية، لتدرك كل دول افريقيا أن ما تفعله إثيوبيا هو الخطر الحقيقي على أمن واســتقرار القارة السمراء. لقد كان أحد الأسس التي قامت عليها جهود افريقيا من أجل الوحدة، من خلال منظمة الوحدة ثم الاتحاد الافريقي، أن تحترم الحدود وأن يلتزم الجميع بالاتفاقيا­ت والمعاهدات الملزمة منعا لاشتعال القارة بالحروب.

سلام عليها

استقبلت منى ثابت في "المشهد" جولات رئيس الحكومة في المناطق الأثرية، وتصريحه بــأن العاصمة الجديدة لن تنسينا "القديمة" بحذر شــديد قائلة "قلًبوا مواجع ربيعنا قبل غــزوة الكباري، أكدوا أن القاهرة كبرت وتعبت، فلتكن كوبري". وتابعت: أحكي لكم، أمام بيوتنا في مصر الجديدة "القديمة"، عاشــت وترعرعت أشجار أكاســيا وبنسوانا، ظللتنا عمــرا، تنبت زهورها والربيع علــى وصول، تتفتح فنتذكــر أبجدية لغتها وتــرق قلوبنا، ينتهــي عمر الزهرة فتهبــط بكبرياء تتوســد أرصفتنــا، وتجــزع أقدامنا من لمســها نابضة مــا زالت أو جافــة.. نعم هذا رثاء لأشــجار مصــر الجديدة، وإعلان لغربتنا، وخــوف مما هو آت بغير إرادتنا. والســبب هو تصريحات رئيــس مجلس وزرائنا، عن همة الحكومة لتجميع البشــر داخل ناطحات إسمنت.. وبعد جولة في شــارع المعز والخياميــ­ة، وعد بعدم تهجير أهالي القاهــرة التاريخية، وســماها "العاصمة القديمة"، ووعد بأن يحافظ التطوير والترميم على النسيج المعماري والحضاري، واعترف بأن إهمال المنطقة أفرز أنشطة دخيلة شــديدة الخطورة على المنطقــة الأثرية، وتعهــد لقاطني المنطقــة بأولوية الحصول على الوحــدات التجارية المزمع إنشــاؤها.. وعلم بمخاوف اندثار الحــرف اليدوية نتيجة عزوف الشــباب عن تعلمها.. وأعلن اعتزام الحكومة إجراء حوار مجتمعــي مع الخبراء وأهالي المناطــق الأثرية حول التطويــر، وإنه لصالح الدولة والمواطنــ­ن. وأقول لرئيس وزرائنا، "لا مساس" و"حوار مجتمعي" باتت توحي بتخدير المريض محــدود التعليــم، عليل الصحة. ســيادتك رأيت واعترفت وتعهــدت وصرحت بأن "إهمــال مناطق كنوزنا الحضارية هو ســبب انهيارها وحتمية تطويرها".. فهل تم حل مشكلة الإهمال وســوء الإدارة. وما دليل سيادتك قبل إهدار المليارات؟

الحل من هنا

مشــكلة المناطق الأثرية، كمــا أوجزتها منــى ثابت هم الباعة المفترشــو­ن.. أكوام النفايــات، والحيوانات النافقة والــكلاب الضالة، وتحتل ميادين ومداخل شــوارع تحيط وتحتضــن كثيرا مــن مواقع كنوزنــا الأثريــة، التي تتبع إشــراف ومســؤولية أكثر من جهة، متى حوسب أي طرف منهــا؟ ومنطقة مصر القديمــة الأثرية هي شــاهد حي لأن التطوير نالها، واهمال الرقابة والمحاسبة أتعسها.. سيادتك مصطحبا حشــدك، ادخل إلى عمق مواقع أهالي الخيامية، ورضوان بك.. اخترق الشوارع الداخلية التعيسة المواجهة لجامع عمرو بن العاص، الشارع ناصية القهوة، سيصل بكم إلى دير أبو ســيفين، ترجل إجباري يسارا إلى شارع ممتد، هو موطن بؤر قمامة ثابتة فوق ينابيع صرف صحي، يفتح على إشراقة شمس الحضارة بمجمع الأديان بعد تطويره، لتواجد الأمن وعمال النظافة. وبإذن الله ستخرج سالما لأن طريق السياح الخارجي مكنوس. تطهير المنطقة من افتراش الباعة لعرض الشــارع، ورصفها بالطوب أو الحجر، يفتح رئة الطريق بأمر دون قرض.. ومن فضلك وإحسانك تريث كثيرا قبل هدم محلات قديمة هــي الأجمل جدا من التقليد.. روح الأماكن القديمة هــي ثروتنا فلا تغتالوها بالتقليد. أما عن عزوف الشباب عن تعلم الحرف، فالحل - كما الماضيهو تحفيز تعليم الحرف اختياريا بمراحل التعليم الأساسي لجميع مدارس مصر.. لنفتح مدارس المناطق الأثرية مســاء للتدريب والإنتاج، وليكن صناع المنطقة المهرة هم الأساتذة، ويُباع إنتاج التلامذة بحضورهم في معارض موســمية في المنطقة نفسها، وبمقابل يدعم قيمة العمل، والوقت، والفن، والحياة، وتميز الشخصية المصرية.. لندفع التلميذ للبحث عن المعرفــة مش المجموع، ليكن امتحــان الدين هو حاصل تقييم ســلوكه في البيت والشــارع وورشــة المدرســة.. التطوير هــو تواؤم التعليــم والبيئة.. توفير أساســيات الصحة النفسية للطفل وللمواطن، هي بداية نظافة الشارع والعقول والســلوك.. مشــكلتنا هي الزحام وســط القبح البصري والتفاوت الطبقي، ورأســمالي­ة التطوير.. أوقفوا تســلق الكباري ومحلاتها لأشجارنا، احفظوا روح الأماكن القديمة، علشان ربنا يبارك تعبكم.

رغم أن ياسين أقطاي كما أكد سليمان جودة في "المصري اليــوم" مواطن تركي، ورغم أنه مستشــار حــزب العدالة والتنميــة التركي الحاكم، إلا أنه يتحــدث العربية كأهلها، ويعــرف العامية المصرية كأنه نشــأ في حــارة من حارات مصــر القديمة! ولأنه كان قد نشــط طــوال الفترة الماضية في ممارســة نوع من الغزل السياســي مع القاهرة، ولأنه مُقــرّب من الرئيس التركي رجب طيــب أردوغان.. فقد كان عليــه عندما يتحدث فــي موقف تركيا الجديــد من جماعة الإخــوان، أن يختــار عباراتــه وأن ينتقــي كلماته، حتى يصدقها المصريون، الذين يسمعونها منقولة عنه في وسائل الإعلام. تابع جــودة: مما قاله مثلًا إن حكومة بلاده لم تكن تعرف أن في البرامــج التلفزيوني­ة السياســية الإخوانية محتوى يخالف مواثيق الشــرف الإعلاميــ­ة، وأن حكومة العدالة والتنمية في أنقرة، لم تكن تتابع هذه البرامج التي تقدمها قنوات الإخوان من فوق الأراضــى التركية، إلى أن تلقــت من الحكومــة المصرية ما جعلها تنتبــه إلى محتوى البرامج السياســي غير اللائق سياسيا وأخلاقيا. هذا كلام لا نعرف كيف ارتضى أقطاي لنفسه أن يقوله، وكيف تصور أن القارئ سوف يصدقه، ثم كيف تخيل أن كلاما كهذا سوف ينطلى على أحد؟ ما لم يذكره المستشار أقطاي أن أردوغان في مرحلة ســابقة كان يــرى مصلحته العمليــة في رعاية الإخــوان، وفي احتضــان رموز في الجماعــة، وفي إتاحة الفرصة أمامها لبــث قنوات تلفزيونيــ­ة تتولى من خلالها الترويج لنفســها من داخل تركيا ومن فــوق أرض تركية.. كان أردوغــان يرى هــذا منذ أن قفز الإخــوان على الحكم. من ثلاثــة أيام رأى حاكم تركيــا أن مصلحته العملية ذاتها هي في التقارب مع القاهــرة، فلم يجد أي حرج في أن يعلن ذلك صراحةً لقيادات الجماعة الموجودة في بلده، ولم يجد حرجا في أن يخيّرهم بين الالتزام بطبيعة المرحلة الجديدة، أو إغلاق القنوات ومغادرة البلاد.

لم يكن في الحسبان

كيف نفســر التغيير الأخيــر في السياســة الخارجية التركية تجاه مصر؟ في البداية والكلام للدكتور محمد كمال في "المصري اليوم"، يجب القول إن الحديث عن التغيير في السياســة الخارجية التركية ليس مقصورا على مصر، رغم أن مصر تحتــل أولوية فيه، ولكن يشــمل دولا أخرى منها اليونان وفرنسا والسعودية وإسرائيل، هي دول تدهورت علاقاتها مع تركيا في الســنوات الأخيرة. أما تفســير هذا التغيير فله أسباب كثيرة، أولها الإحساس العميق بالعزلة الدولية التي تشــعر بها تركيــا، بدءا من رهانها الفاشــل على قوى الإســام السياسي، الذي أضر بعلاقاتها بالعديد مــن الدول العربية، ثم تطوير شــبكة علاقــات جديدة في المنطقة تم اســتبعاد تركيا منها، مثل منتدى الغاز في شرق المتوســط، وتنامي العلاقات بين دول الخليج ودول شــرق متوسطية كان أحد مؤشراتها المناورات العسكرية الأخيرة بين السعودية واليونان، وكذلك تأسيس «منتدى الصداقة» للتعاون بين دول الخليج وشرق المتوسط منذ أسابيع قليلة،

وحضر اجتماعه التأسيسي في أثينا، وزراء خارجية كل من مصر واليونان وقبرص وفرنســا والســعودي­ة والإمارات والبحريــن، ووصفــت وزارة الخارجيــة التركية المنتدى بأنه «معادٍ». التفسير الثاني للتغير التركي هو وصول جو بايدن للبيت الأبيض، ورغبــة تركيا في التكيف مع الإدارة الأمريكية الجديــدة، التي توصف بأنها مــن أكثر الإدارات قربا لليونان )الخصــم التاريخي لتركيــا(، بالإضافة إلى تصريحــات بايــدن المعاديــة لأردوغــان، والتخوف من تصعيد العقوبــات التي فرضتها إدارة ترامــب على تركيا في ديســمبر/كانون الأول الماضي، بسبب استحواذ أنقرة على نظــام الدفاع الصاروخي ‪400- S‬من روســيا، ورغبة تركيا في العودة إلى برنامج إنتاج الطائرات الأمريكية من طــراز 35-F، التي تم طردها منه. أي أن تركيا تريد التهدئة إقليميا، كأحــد المداخل للإدارة الأمريكيــ­ة الجديدة. كيف تتعامل مصر مع هذا الموقف التركي الجديد؟

خيارات مفتوحة

بالتأكيد كما أشــار محمــد كمال فإن هنــاك إدراكا مصريا لتركيا كإحدى القوى الإقليمية المهمة في الشــرق الأوســط وشــرق المتوســط، ولكن انفتاح القاهرة على أنقرة ســوف يحتاج قدرا من الوقت لبناء الثقة التي هدمها الجانب التركي فــي العقد الأخيــر، ليس فقط فــي ما يتعلق بملف الإســام السياســي، ولكن في ملفات أخرى مثل ليبيا، وهو أمر يتعلق بالأمن القومي المباشــر لمصر. والكرة مــرة أخرى في الملعب التركي، لتبنى إجراءات تســتهدف إعادة بنــاء هذه الثقة. يضــاف لذلــك أن مصر قامت في الســنوات الأخيــرة ببناء علاقات استراتيجية في شــرق المتوسط، خاصة مع اليونان وقبرص، ويجب أن تفهم تركيــا أن تطوير علاقاتها مع مصر لن يكون بالانتقاص مما تحقق مــن اتفاقيات وآليات تعاون مع هذين الشــريكين الاســترات­يجيين، ومع باقي دول شرق المتوســط، ولكن تظل هناك مساحة كبيرة للتعاون مع تركيا، ســواء بتطوير التعــاون الاقتصادي، الذي لــم يتأثر كثيرا رغم الخلافات السياســية، بالإضافة إلــى تحقيق توافقات اســتراتيج­ية في الملف الليبي وشــرق المتوسط وغيرها. أما التفسير الثالث للتغيير فيتعلق بغاز شرق المتوسط، وإدراك تركيا أن منطق القوة والتصعيد العسكري في هذه المنطقة لن يحقق أهدافه المرجوة، وأن الدبلوماسي­ة هي الطريق الأمثل، خاصة بعد أن بدأ الاتحــاد الأوروبي النظر في معاقبة بعض المســؤولي­ن الأتراك المتورطين في التنقيب عن النفط في شرق المتوسط، وبالتالي تســتهدف تركيا من مبادراتها تجاه مصر واليونان التوصل إلى اتفاقيات لرســم الحدود البحرية مع كل منهما، تتيح لها استغلال ثروات الغاز وجذب المستثمرين الأجانب، بــدون مشــاكل أو عقوبات. ويبقى الســؤال: هل هذا التحول في الســلوك التركي يعكس توجها استراتيجيا سيتسم بالديمومة؟ أم أنه مجرد تغيير تكتيكي مؤقت يرتبط بالظرف السابق الإشارة إليها؟

أزمة الركود

أعرب عبد القادر شــهيب في "فيتو" عن سعادته بسبب إعلان صندوق النقد الدولــي، أن أزمة الركود التي أصابت الاقتصــاد العالمي من جــراء جائحة كورونا، في ســبيلنا للســيطرة عليها، والتخلص منها، مشــيرا إلى أنه سوف يراجــع توقعاته بخصوص معدلات النمــو الاقتصادي في دول العالم.. ويحــدث ذلك في الوقت الــذي تتعرض فيه أوروبــا للموجة الثالثة من هجوم فيــروس كورونا، الذي تحور وصار أكثر انتشارا.. كما يحدث في وقت ما زالت فيه صناعات الســياحة والطيران تعانــي تراجعا كبيرا، يبدو أنه ســوف يســتمر معنا لفترة ليســت بالقصيرة.. ولذلك تكتســب توقعات، أو بالأصح بشرى صندوق النقد الدولي أهميةَ خاصــة، نظرا لأن وطأة الركــود الاقتصادي العالمي كانت شــديدة على ملايين البشــر في أنحــاء العالم، لفقد وظائفهم وأعمالهم، ولانخفاض دخولهم مع زيادة أعبائهم في زمن الوباء. وقد استشــهد الصندوق الدولي في بشراه إلى نجاح الاقتصاد الصيني فــي التخلص من كل تداعيات الجائحة، وعودته لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي، التي كان يحققهــا قبل هجوم فيروس كورونــا علينا، فضلا عن تحقيق بعض الدول معدلات نمــو اقتصادي فاقت توقعاته الســابقة، لذلك قرر مراجعة توقعاتــه بخصوص معدلات النمــو الاقتصــاد­ي، لعدد مــن الدول في ضــوء ما حققته بالفعل. على كل حال والكلام لشــهيب هذه هي أول بشرى دولية بالتخلص من الأزمــة الاقتصادية، التي أصابتنا بها الجائحة قريبا نرجو ألا يراجعها الصندوق مرة أخرى.

زلة لسان

عندما أفلتت ملاســنات الرئيســن الأمريكي جو بايدن والروســي فلاديمير بوتين عن أي قيد معتاد في التخاطب بين رؤســاء الدول، تراقصت أشــباح الحــرب الباردة من جديد في التغطيــات الصحافية الدوليــة، وتابع عبد الله السناوي في "الشــروق": "التاريخ لا يعيد نفسه والحقائق تختلف. هــذه حقيقة رئيســية في أي قــراءة موضوعية للمشــاهد الهزلية، التي تابعها العالم مستغربا ومشدوها. لا أمريكا هي الامبراطور­ية المتفــردة بقوتها وثرائها ذانها، التي فرضت بعد الحرب العالمية الثانية قيادتها على العالم الغربي.. ولا روســيا هي الاتحاد الســوفييت­ي، الذي تمكن من فرض سيطرته على أوروبا الشــرقية ومناطق واسعة من العالم، حين انقســم العالم أيديولوجيا واســتراتي­جيا وعسكريا واقتصاديا إلى معسكرين كبيرين. بانهيار جدار برلين في 9 نوفمبر/تشــرين الثاني )1989( انتهت الحرب الباردة وتقوض الاتحاد الســوفييت­ي بعده، انفردت القوة الأمريكية بالنظام الدولي وحدها ونشــأت أوضاع خلل في التوازنات التي تحكم العلاقات الدولية دفع ثمنها فادحا في العالم العربي. بإيحاء الصور بدت ملاسنات بايدن وبوتين كأنها استعارة لبعض أجواء الحرب الباردة، فالأول يصف الثاني بأنه قاتل وبلا روح، على خلفية تقرير استخباراتي أمريكي جديد ينسب إليه الســماح بالتدخل في انتخابات الرئاســة الأمريكية، التي جرت الخريف الماضي.. والثاني يوحي بأن الأول فقد ســيطرته علــى عباراته بحكم التقدم في الســن، مدعيا أنه يتمنى له الصحة، رغم أنه هو نفسه لم يعد شــابا بعدد الســنين، قبل أن يزيد بـ«أننا عادة نرى ما بأنفسنا في الآخرين، ونظن أنهم على ما نحن عليه». لم تكن الأزمة في ذاتها مفاجأة، بقدر ما كانت في الطريقة، التي جرت بها، والانحدار الذي وصلت إليه. بدت القطيعة شبه كاملة. لم يعد ذلك ممكنا الآن، لا موسكو بوارد أن تبني حول نفسها ســتارا حديديا جديدا في عالم السماوات المفتوحة، وتداخل المصالح الاقتصادية.. ولا بطاقة واشنطن أن تعلن حربا تجارية وسياسية ودعائية على روسيا.

إهانة جماعية

تابع عبد الله السناوي أقصى ما يملكه بايدن الآن فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روســيا، استدعاء «العدو الروســي» من ذاكرة التاريخ يصادم الحقائق المســتجدة، فالخطــر الأول الذي يتهــدد المصالح الأمريكيــ­ة يأتي من الشــرق، حيث التنين الصيني، المرجح أن يتساوى ناتجه القومي الإجمالي مــع الولايات المتحدة خلال هذا العقد. إذا ما حدث تحالف بين موســكو وبكين، وهو سيناريو مرجح للغاية، فإن المعادلات الدولية قد تميل لغير صالح التحالف الغربي فــي عالم ما بعد كورونــا. الأمريكيون ينعون على الــروس إهدار حقــوق الإنســان، واضطهــاد المعارضين السياسيين، مثل إليكسي نافالني، الذي تعرض للتسميم ثم المحاكمة والســجن، والتدخل العسكري في أوكرانيا وشبه جزيرة القــرم، في ما الروس يعتبــرون التعريض ببوتين بهذه الطريقــة إهانة جماعية. لا بايدن ســوف يمضي في التصعيد إلى أكثر من العقوبات واســتثارة ذكريات الحرب البــاردة، حين كانت لأمريــكا الكلمة الأولى فــي المعادلات الدوليــة. ولا بوتــن بوارد قطــع العلاقات مــع الولايات المتحدة، فقد أكد جازما رغبة بلاده في الإبقاء على العلاقات على النحو الذي تراه.الملاســنا­ت فــي جوهرها تعبير عن أوضاع قلق وتأزم يستبق نظام دولي جديد يوشك أن يولد من تحت ضربات جائحة كورونا. بايدن يســتدعى شــبح ترامب، لإكســاب رئاسته ما تحتاجه من شــعبية الاقتناع العــام بجدارته في الحكم بعيدا عن إرث ســلفه، الذي نال بفداحــة من صــورة الولايات المتحــدة. وبوتين يوظف ما تورط فيه نظيره الأمريكي من تفلت لفظي لإكســاب نفسه شرعية جديدة تبرر طول البقاء في الحكم.

أي إنسان

في توقيت متتالٍ والكلام لنشوى الحوفي في "الوطن" كان الإعلان عن تقريرين لحقوق الإنســان، أحدهما عن ســوريا والآخر عن مصر. صــدر الأول في 11 مــارس/آذار الجاري، فأعلنت مفوضة الأمم المتحدة الســامية لحقوق الإنســان في جنيف ميشــيل باشــيليت، إدانة أوضاع حقوق الإنسان في ســوريا، داعية إلى بذل الجهود للكشف عن الحقيقة وإعمال العدالة والتعويض للمضارين الســوريين، بمناســبة مرور 10 سنوات على اندلاع العنف المســلح في سوريا، الذي راح ضحيته آلاف القتلى، وعانى منه ملايين النازحين واللاجئين، في مــا يكافح ملايين الســوريين من أجل البقــاء. كما رحّبت بالحكــم الصادر مؤخراً عن محكمة ألمانية على عضو ســابق من أجهزة المخابرات الســورية، بعدما وُجهت له تهم ارتكاب جرائم ضد الإنســاني­ة. ثم كان التقرير الثاني لمنظمة هيومان رايتس ووتش، وأعلنته يوم 17 مارس/آذار الجاري، واتهمت فيه الجيش المصري بهدم أكثر من 12 ألفاً و300 مبنى ســكني وتجاري، وتدمير نحو 13 ألف فدان من المزارع حول العريش ومعبر رفح، علــى الحدود مع قطاع غزة، منــذ عام 2013 في سيناء بســبب المواجهات مع الجماعات الإسلامية المسلحة. تأملت الحوفي التقريرين وتعجبت من فصام الرؤية الممزوج بالتضليل المتعمد، فتقرير المفوضية الدولية لحقوق الإنسان تجاهل الوضع في ســوريا على مدار عشر سنوات باتت فيها مرتعاً للصراع الإقليمي والدولي، وتنوع فيها حاملو السلاح. لذا لا يمكن الجزم بالمتســبب­ين في ما آل إليه حال الســوريين، الذيــن أدموا قلب المفوضــة الأممية. إذ كيف نحاســب دولة ونظامــاً - رغم اختلافنــا معه في نواحٍ عــدة - على حقوق إنســان، بينما الدولة كلها من مؤسسات وأرض وشعب، في صراع من أجل البقاء، مجرد بقاء؟

إرضاءً لإسرائيل

واصلت نشــوى الحوفي: تذكرت ما حدث مع ريما خلف مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة عام 2017 حينما نشرت تقريــر لجنة الإســكوا التابعة للأمم المتحــدة وأدانت فيه ممارسات إســرائيل ضد المدنيين الفلسطينيي­ن، بل واتهمت إســرائيل بأنها دولة فصل عنصري. وكيــف ضغط عليها الأمــن العام للأمم المتحــدة أنطونيو غوتيريش لســحب التقرير أو الاســتقال­ة، فكانت اســتقالته­ا التي قبلها فوراً، حرصاً على إرضاء إسرائيل! وتســاءلت عن معنى حقوق الإنســان في المنظمة الدولية وفارق الحقوق بين ســوريا المنهكة في الصراع وفلسطين مسلوبة الهوية؟ ثم كان تقرير منظمة هيومــان رايتس ووتش عن الجيــش المصري على الحدود المصريــة، المطالب بحق لمن وصفتهــم بالجماعات المسلحة الإســامية، بينما هم إرهابيون وليسوا مسلمين،

وتســاءلت عن تلك الحالة من التغييــب المطلق في تصوير المشــهد من خلال صراع دولــة ومســلحين معارضين لها؟ بينما تقود أمريكا تحالفاً مــن 40 دولة منذ عام 2014 - كما تُوهمنا - للقضاء على المسلحين ذاتهم في العراق وسوريا، ويبررون لأنفســهم ما حل بســوريا والعراق من دمار، بل البقاء على أرض ضاع فيهــا الأمان في ظل وجودهم عليها! كما يحدثوننا عن هدم منــازل وتدمير زراعات يعلمون أنها كانت تُســتخدم لتهريب الإرهاب والمخــدرا­ت عبر الأنفاق، فأي تضليل هذا؟ ولماذا الإصــرار على تصوير ما يحدث في شمال ســيناء بغير واقعه؟ لا أعلم عن أي إنسان يتحدثون ويطالبــون له بالحقوق بينما ضاع الإنســان في ســوريا تماماً، ويسعى الإنسان للحياة في مصر.

فض الاشتباك

من بين المؤيدين للقصر الرئاسي عبد المحسن سلامة في "الأهرام": لأنه يتابع كل ما يشــغل الرأي العام، وكما حسم الجدل حول تعديلات قانون الشهر العقاري، تدخل الرئيس السيســي لينهي الجدل «ويفض» الاشتباك حول تعديلات مشروع قانون الأحوال الشــخصية، في يوم المرأة. رئيس الجمهورية كان واضحا وصريحا، كعادته، حينما أكد أنه لن يسمح بإصدار قانون يضر بالمرأة المصرية، لكنه في الوقت نفســه، أشــار إلى أنه في حالة إصدار التعديلات، فسوف تكون هــذه التعديلات لمصلحــة كل أفراد الأســرة، بدون الإضرار بطرف على حساب الآخر، وأنه سوف يتم الاستماع إلى رأى الأزهر الشــريف فــي هذا الصدد، حتــى تتوافق التعديلات مع الشريعة الإسلامية. الرئيس السيسي طمأن الأسرة المصرية، بشــأن ما يثار حول التعديلات المقترحة، وأنها ســوف تأخذ كامل حقها في الدراســة والمناقشة قبل خروجها إلى النور. الأهم من القانون، كما أشــار الرئيس، هو وعــي الزوج والزوجة، فالموضوع ليــس معركة، ورغم أن الطلاق هــو «أبغض الحلال»، فإنه وارد، وهنا يأتى دور الزوج والزوجة في الحفاظ على ســامة الصحة النفســية للأبناء، بعدم تشــويه كل منهمــا الآخر أمامهــم. تلك هي المشــكلة الكبرى، وهي ناتجة عن ثقافــة التخلف والجهل، والســير في طريــق العناد، فــكلا الطرفين يريــد التنكيل بالآخر، وتشــويهه بقصد، أو بدون قصد، وهو الأمر الذي يُلحق الأذى بالأطفال، ويخلق منهم أجيالا مشوهة نفسيا. القانون وحده لا يكفي، والمهم هو الوعي لدى طرفي العلاقة الزوجية قبل القانون وبعده.

احترسوا من هذا

تعد الدكتــورة فاليرى روش التــي تابعها علاء عريبي في "الوفد"، رئيسة قســم الصدر في مستشفى المموريل في نيويورك، ورئيســة جمعية الجراحين الأمريكيين، من أكبر وأهم جراحي أورام الرئة في العالم. ولها خبرة في جراحة الرئة تعــود إلى أكثر من أربعين ســنة، وســبق لها زيارة القاهرة للمشــاركة في مؤتمر للأســف لم ينشــر عنه، عن جراحة الصدر، أقيم في فندق سونسته في مصر الجديدة، أقامه الفرع المصــري لجميعة الجراحين الأمريكيين. فاليرى صرحــت بمعلومة على قــدر كبير من الأهميــة، وهي أنهم فــي أمريكا اكتشــفوا أن 5% ممن أجروا جراحــة أورام في الرئة، يظهر لهــم بعد عام ورم جديد، والــورم الجديد من نوع غير الورم القديم، الذي ســبق وتم اســتئصاله، وفي حالة اســتئصال الورم الجديد يصاب بنوع جديد آخر بعد عام. هذه المعلومــة الخطيرة ذكرها لــى الصديق الدكتور مدحت خفاجي اســتاذ وجراح الأورام الشــهير، فقد حضر المؤتمر، وشــارك في فعالياته، وجلس مع فاليري وتناقش معها، وهذه الملعومة فــي ظني لن يصلوا إليها في الولايات المتحــدة الأمريكيــ­ة بالفهلوة، بــل نتيجة قاعــدة علمية وبيانات إحصائية، بدايتها من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة، تقوم بتســجيل بيانات عــن المريض، وحالته ونوعية وحجم الــورم المصاب به، ونوعيــة العلاج الذي يتلقاه، وتاريخ إجراء جراحة استئصال له، وهذه البيانات يعود إليها بعض الباحثين، يجرون بعض الدراســات على مرضى مستشــفى أو مركز بعينه خلال 10 سنوات أو أكثر، ويتضح من الدراســة البيانية بعض النتائج، منها نســب من تم شــفاؤهم تماماً، ومنها نوعية الأورام ســريعة النمو والانتشــا­ر، ومنها نوعية الأورام بطيئــة النمو، ويتضح كذلك النسبة التي ذكرتها فاليري روش خلال زيارتها لمصر مؤخراً.

مهمة الشباب

المؤكــد كما يرى عــاء عريبي أن بعــض المراكز الطبية المتخصصــة فــي الاورام في مصــر تمتلك قاعــدة بيانات للمرضى المترددين عليها، والمؤكد أيضا أننا لم نســتفد من هذه القاعدة، لهذا نقترح على الجامعات المصرية وأساتذة الطــب أن يوجهوا الباحثين الشــباب إلى إعداد دراســات عن هذه البيانات، سواء المســجلة في معهد الأورام التابع لجامعة القاهرة، أو مستشــفى الأطفال أو غيرها من المراكز، التي تمتلك قاعدة بيانات، لأنه من المؤكد أن هذه الدراسات ســوف تفيدنا كثيــراً في رســم خريطة للأورام ونســبها واحجامهــا وبيئة المصابــن بها وأعمارهــم ونوعية عمله وســكنه، وغيرها من المعلومات التي تفيد في تحديد كثرة الإصابة في حي أو مصنع أو مدينة بعينها. للأسف مصر لم تستفد من زيارة فاليرى روش ومن حضر معها من الأطباء، في إجــراء بعض الجراحات، أو شــرح بعض الأســاليب الجديدة في التشــخيص، أو إجــراء الجراحات أو العلاج للأطباء المتخصصين في المراكز والمستشــف­يات، وللأســف حضرت وشاركت في مؤتمر أقرب لسري وغادرت.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom