Al-Quds Al-Arabi

بين عون والحريري «طارت» الحكومة... والبلد مفتوح على كل الاحتمالات من سحب التكليف إلى تعويم دياب فالفوضى

لودريان: لا يمكن للاتحاد الأوروبي الوقوف مكتوف اليدين ولبنان ينهار

- بيروت - «القدس العربي» من سعد الياس:

بــات الوضع في لبنان مفتوحــاً على كل احتمالات الانهيــار بعدما تغلّب التعنّت الرئاســي على المصلحــة الوطنية العليا، وأصــرّ رئيس الجمهورية ميشال عون «على اســتفزاز الرئيس المكلّف ســعد الحريري وتشويه روح ونص ومقاصد النصوص الدســتوري­ة ما حال دون الاتفاق على التشــكيلة الحكوميــة بين عون والحريــري» الذي قام بزيارة قصر بعبــدا للمرة الـ18 على التوالي. وكانت أجواء التشــاؤم تقدّمت على أجواء التفاؤل منذ اطلالة الأمين العام لحزب الله الســيد حســن نصر الله الذي انقلــب على حكومة الاختصاصيي­ن وطالب بحكومة تكنو - سياســية ولقــي ترحيباً من رئيس «التيار الوطنــي الحر» النائب جبران باســيل، وكأن الحريــري وُضع بين التســليم بأجندة العهد وحزب الله ومحاولة تغيير النظام والسيطرة على البلد أو عدم تشكيل حكومة مهما كلّف الامر من عرقلة وتدهور وفوضى.

ولــم يدم اللقاء الثنائي في بعبدا أكثر مــن 25 دقيقة خرج بعده الحريري بوجه متجهّم ليصرّح «فــي اجتماعي الأخير مع فخامــة الرئيس، اتفقنا أن نلتقي مجدداً اليوم. لكن مع الأســف، أرســل لي بالأمس تشــكيلة كاملة من عنده، فيها توزيــع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رســالة يقول لي فيها إنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها. وتتضمّن الورقة ثلثاً معطلاً لفريقه السياسي، بـ 18 وزيراً أو 20 أو 22 وزيراً. وطلب مني فخامته أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضّرها هو».

وقال «بكل شفافية، سأقول لكم ما قلته له اليوم. أولاً: إنها غير مقبولة لأن الرئيس المكلّف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكّل حكومة. وثانياً، لأن دستورنا يقول بوضوح إن الرئيس المكلّف يشــكّل الحكومــة ويضع الأســماء، ويتناقش بتشــكيلته مع فخامة الرئيس. على هذا الاســاس، أبلغت فخامته بكل احترام، أني أعتبر رسالته كأنهــا لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضاً أني ســأحتفظ بنســخة منها للتاريخ! ثانياً: قلت له أن تشــكيلتي بين يديــه منذ 100 يوم وأني جاهز الآن كما ســبق وقلت علناً، لأية اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، وحتى بإصــراره على الداخلية ســهّلت له الحل. لكن مع الأســف جوابه الواضح: الثلث المعطل».

وأضاف الحريري «هدفي واحد، وضع حد للانهيــار ومعاناة اللبنانيين. وطلبت من فخامة الرئيس، أن يسمع أوجاع اللبنانيين، ويعطي البلد فرصته الوحيدة والأخيرة بحكومة اختصاصيين تنجز الإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبــارات حزبية ضيقة». وختم «فــي الانتظار، ولأن فخامة الرئيس قــال في خطابه الأخير إني لم أقدّم له إلا خطوطاً عريضة، ســأوزّع عليكم التشكيلة الكاملة بالأسماء والحقائب التي قدّمتها له هنا في بعبدا بـ 9 كانون الأول 2020، أي منذ أكثر من 100 يوم، وأترك الحكم عليها للرأي العام».

بيان رئاسة الجمهورية

في المقابل، صدر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيان تلاه مستشار الرئيس انطوان قســطنطين وجــاء فيه «فوجئت رئاســة الجمهورية بكلام وأســلوب دولة رئيس الحكومة المكلف، شــكلاً ومضمونــاً». وقال «رئيس الجمهورية، وانطلاقاً من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشــكيل، لا سيما في ضوء الظروف القاســية التي تعيشها البلاد والعباد، ارســل إلى دولة رئيس الحكومة المكلّف ورقة تنصّ فقط على منهجية تشكيل الحكومة وتتضمن أربعة أعمدة، يؤدي اتباعها إلى تشــكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.

العمود الأول: الوزارات على أساس 18 او 19 او 20 وزيراً. العمود الثاني: توزيع الــوزارات على المذاهب عمــاً بنص المادة 95 من الدســتور. العمود الثالث: مرجعية تسمية الوزير، بعد ان أفصح رئيس الحكومة المكلّف ان ثمة من سمّى وزراءه، على ما تظهره اصلاً التشكيلة التي أبرزها الرئيس المكلف. العمود الرابع: الأسماء بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية.»

وأضــاف البيان «هذه هي الورقة المنهجية. لا أســماء فيها لكي يكون فيها ثلث معطل، هي فقط آلية للتشــكيل من باب التعاون الذي يجب ان يسبق كل اتفاق عملاً بأحكام المادة 53- البند 4 من الدســتور. ومن المؤســف ان يصدر عن دولة الرئيس المكلف، بانفعال، اعلان تشــكيلة حكومية سبق ان عرضها هو في 9 كانون الأول 2020، وهي اصلاً لــم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية، فضلاً عن انها تخالف مبدأ الاختصاص بجمع حقائب لا علاقة لها ببعضها كالخارجية والزراعة.»

وتابع «الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري جيداً، وهو سبق ان شكّل حكومتين على أساســها في عهد الرئيس عون. هذه المرة، اختلف أسلوبه، اذ كان يكتفي بكل زيارة إلى القصر الجمهوري بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا تظهر فيها مرجعية التسمية.»

وختم بأن «رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لســان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤســاء الحكومات الســابقين حول ان رئيس الجمهورية لا يشــكّل بل يصــدر، هو كلام مخالف للميثاق والدســتور وغير مقبول، ذلك ان توقيعه لإصدار مرســوم التأليف هو انشائي وليس اعلانياً، وإلا انتفى الاتفاق وزالت التشاركية التي هي في صلب نظامنا الدستوري وميثاقنا. اما الثلث المعطل، فلم يرد يوماً على لسان

فخامة الرئيس» مشدداً على « أن الأزمة حكومية ولا يجوز تحويلها إلى أزمة حكم ونظام الا اذا كانت هناك نية مســبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة ولن نتكهّن بشأنها».

أسماء الوزراء والحقائب

وكان رئيس الجمهورية شــدّد على الحصول على ثلث معطّل 6 وزراء من دون الطاشــناق، معتبــراً « أن الوضع الحالي يجبره على تســمية الوزراء المسيحيين لأن كتلهم الكبرى خلافاً لسائر الكتل غائبة أو مغيّبة عن الحكومة، وســبق أن ابلغ الحريري في لقائهما السابق» أنا أسمّي المسيحيين مثلما أنت تسمّي السنّة ومثلما الشيعة يسمّون وزراءهم والدروز كذلك.»

وفيما لفت في الورقة التي أرسلها رئيس الجمهورية إلى الحريري تبديلاً في حقيبة الخارجية من درزي إلى سنّي ليُعطى الدروز حقيبة التربية اضافة إلــى وزارة المهجرين، فإن التشــكيلة التي كان وضعهــا الحريري تضمّنت الاســماء الآتية مناصفة بين 9 مسلمين و9 مسيحيين مقسّمة على المذاهب على الشكل الآتي:

رئيس الوزراء سعد الحريري، وزير الصحة فراس أبيض ، وزير الشؤون الاجتماعية والبيئة ناصر ياسين، وزيرة العدل لبنى مسقاوي) 4 سنّة( وزير المال يوســف خليل، وزيرة العمل مايا كنعان، وزير الاشــغال العامة والنقل ابراهيم شحرور، وزير التنمية الإدارية والسياحة جهاد مرتضى ) 4 شيعة( وزير الخارجية والزراعة ربيع نرش) درزي(وزير الدفاع أنطوان اقليموس،

وزيــرة الثقافة فاديا كيــوان، وزير التربية والتعليم عبــدو جرجس، وزير الشــباب والرياضة والإعلام وليد نصار ) 4 موارنة( وزير الاقتصاد سعادة الشــامي، وزير الطاقة والمياه جو صدّي، وزير الداخلية والبلديات زياد أبو حيــدر )3 روم أورثوذكس( وزير الاتصالات فادي ســماحة) كاثوليك(وزير الصناعة والمهجرين كاربيت سليخانيان )أرمني(.

حركة أمل

وبعد عدم الاتفاق على التشكيلة رغم كل الوساطات والمحاولات، سيكون هناك خياران أمام العهد إما توجيه رســالة إلى مجلــس النواب يطلب فيها رئيــس الجمهورية مــن الكتل النيابية التي ســمّت الحريــري إتخاذ القرار المناسب بعد الحائط المســدود الذي وصل اليه التكليف وبالتالي سحب هذا التكليف علماً أنه غير منصوص عنه في الدســتور، وإما إعادة تفعيل حكومة حسان دياب المستقيلة مطروحاً على بساط البحث كما اقترح أمين عام حزب الله، متمنياً على دياب عدم وضع شروط.

وتزامناً، مع فشــل لقاء بعبدا لجأ شبّان غاضبون إلى قطع عدد من الطرق في كورنيش المزرعة وقصقص والمدينة الرياضية. وغرّد منسّــق عام الإعلام في « تيار المستقبل» عبد السلام موســى « الحريري يُحبط من بعبدا إنقلاب العهد على الجمهورية».

وفــي المواقف من موضوع الحكومــة، تمايز المكتب السياســي لـ « حركة أمل» عن موقف العهد وموقف الأمين العام لحزب الله الســيد حسن نصرالله الــذي طالب بحكومــة تكنو سياســية، فجــدّد المكتب السياســي للحركة مطالبته»الإســراع بتشــكيل حكومة إختصاصيين غير حزبيــن وفق ما تم التوافق عليه فــي المبادرة الفرنســية بعيداً من منطــق الأعداد والحصص المعطّلة وتحــوز ثقة المجلس النيابــي وكتله، وتكون قادرة وبســرعة على إطلاق ورشة الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة على إعادة ثقة اللبنانيين في وطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع المؤسســات الدولية، وإدارة حوار بناء ومسؤول لإعداد حفظ الخروج من الأزمة».

ونفى أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن ما تردّد بعد زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشــتراك­ي وليــد جنبلاط إلى قصر بعبدا من انعطافة فقال «ســمعنا كلاماً عن اســتدارة أو تموضع جديد، لكن الثابت الوحيد هو أن جنبلاط إلى جانب الإستقرار والوحدة الوطنية، وهو يتعاطى مــع المتحوّلات بمرونة من أجل الحفاظ على الثوابــت، والمطلوب من الجميع المبادرة وإلا دخلنا بالمجهول». وأكد ان «من يتحدث عن انقلاب لوليد جنبلاط على سعد الحريري أو غير سعد الحريري هو كلام خاطىء ولا قيمة له» لافتاً إلى إن «الفكرة الأساسية المطروحة اليوم هي كيفية الخروج من الثلث المعطل وبالتالي محاولة تلاقي في نصف الطريق».

وكان جنبــاط التقــى في الســاعات الماضيــة في كليمنصو، الســفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا، بحضور النائب أكرم شهيب، وعرض معها التطورات السياسية الراهنة في لبنان والمنطقة.

لودريان

في هذه الأثناء، برز موقف فرنســي جديد عبّــر عنه وزير الخارجية جان إيــف لودريان أكد فيه أنه «لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي ولبنــان ينهار» وقال لدى وصوله إلى اجتماع لــوزراء خارجية الاتحاد إنه «طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في ســبل مساعدة لبنان الذي يواجه أســوأ أزمة اقتصادية منذ عقود وأن فرنســا تتمنى أن نبحث قضية لبنان». ورأى «أن لبنان يســير على غير هدى ومنقســم وعندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مســتعدة» معرباً عن «إحباطه من فشل جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.»

 ??  ?? أمهات لبنان يتظاهرن ضد السلطة الحاكمة
أمهات لبنان يتظاهرن ضد السلطة الحاكمة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom