Al-Quds Al-Arabi

لطيفة أخرباش: حضور المغربية ضعيف في الفضاء العمومي

- الرباط ـ «القدس العربي»:

قالــت الإعلامية لطيفة أخرباش، رئيســة الهيئة العليا للاتصال الســمعي البصري في المغرب، إن حضور وتمثيل النساء المغربيات في الفضاء العمومي ما زال ضعيفا، وغير منسجم لا مع المواقع التي باتت تحتلها الكفاءات النسائية في مختلف المجالات، ولا مــع الضمانات القانونية الداعمة للمناصفة، وإن كانت هذه الضمانات بدورها تظل موضوع ترافع؛ وذلك رغم التراكمات والمكتسبات المحققة في المغرب على مســتوى دعم وتعزيز حقوق النســاء، بمستوياتها المختلفة.

وأثنــاء مداخلتها الاثنين فــي مؤتمر دولــي نظمه في الرباط «المجلس الوطني لحقوق الإنســان» حول موضوع «المناصفة في الحقل السياســي: ضرورة لفعلية المساواة» قالت أخرباش إن «البيانات الفصلية للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بشــأن مداخلات الشخصيات العمومية في الإذاعات والقنــوات التلفزية، تُظهر الحضور الضعيف للمرأة في النشــرات الإخبارية والبرامج الإخبارية، وهو الحضــور الذي تراوح على مدى عشــر ســنوات )كانون الثاني/ يناير 2010- حزيــران/ يونيو 2020( ما بين 8 في المئة و15 في المئة من الحجم الزمني الإجمالي للمداخلات.»

وأضافت أن الهيئة اســتنادا لمهامها فــي تعزيز الولوج المنصف إلى الإعلام الســمعي البصري بمناســبة محطات سياسية كبرى، سجلت في إطار تتبعها لمدى احترام الإطار المعياري الــذي حددته بقرارها المتعلــق بتدبير التعددية السياســية خلال تشــريعيات 2016 «إن النساء مثلن في المتوسط 36 في المئة من الفاعلين السياسيين الذين تدخلوا

فــي وصلات الحملــة الانتخابية الرســمية، فــي حين أن حضور النساء الناشطات في المجال السياسي في البرامج الإخباريــ­ة التي غطت الفترة الإنتخابية، التي امتدت لـ43 يوما، لم يتعد 19 في المئة».

واعتبــرت أخرباش أن «ضمان تمثيــل إعلامي منصف للمرأة كفاعلة في الفضاء العمومي وكمهتمة بالشأن العام هو مــن متطلبات مرحلة الترســيخ الديمقراطـ­ـي والنقلة التنموية التي تعيشها بلادنا».

وتابعت قائلة إنه «بالنظر للإســهام المتفرد للإعلام في صناعة وتثبيت التمثلات الثقافية المشــتركة، وجب طرح إشــكالية التمثيــل الإعلامي المنصف للنســاء في الفضاء العمومي، كقضية شــأن عام ملازمة للتقدم الاجتماعي في شــموليته، مع الحرص على ألا نحمّل الإعلام ما لا يحتمل في قضية تعزيز التمثيلية السياســية للنساء، لأنها قضية ترتهــن أيضا إلى أســباب خارجة عن إرادة ومســؤولية الإعلام نفســه. فالمناصفة، كثقافة وممارسة، تبنى وترعى كذلك في فضاءات تنشئة أخرى».

وقالت أمينة بوعياش، رئيســة المجلس الوطني لحقوق الإنسان «إن تحقيق المناصفة في الحقل السياسي، يحتاج إلى بنــاء ثقافــة مجتمعية داعمــة وحاضنة للمشــاركة النسائية».

وأكــدت على الحاجــة لنهضة ثقافيــة لمناهضة الصور النمطيــة للمرأة وتشــجع ولوجها للولايــات الانتخابية بمــا فيه الهيئات المهنيــة، وذلك لمواصلــة الجهود لتفكيك الخطاب التمييزي، وزيــادة الوعي وإنجاز الفعل من أجل تعزيز حقوق المرأة وحمايتها واحترامها، فضلا عن إطلاق عمليات النهوض الفعلي بحقوق النســاء للقطع مع مظاهر التهميش.واعتبرت أن حضور النساء المحتشم في الساحة السياسية، رغم كونهن يمثلن نصف الناخبين والناخبات، يطرح أكثر من ســؤال، فهو يسائل، بحسبها، النظام العام للانتخابات والأطر التشــريعي­ة والقانونيـ­ـة وكذا البنى التنظيميــ­ة والثقافية ومكانة المــرأة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، ويســائل بالأساس اســتمرار الصورة النمطية للمرأة.

وأشــارت إلى أن هذه العوامل لا يمكنها لوحدها قياس نسبة التمثيلية السياسية للنســاء على المستويين المحلي والإقليمي والوطني، بل يتعين إثــارة نقص الموارد المالية والفقــر ونقص التعليــم والمعلومات التــي تحاصر المرأة فــي الولوج للولايــة الانتخابيـ­ـة، إضافة إلــى أثر نظام الانتخابات المباشر على تواجد النساء من عدمه في مراكز القرار السياسي.

وأوردت أن المجلــس ارتــأى إطلاق موضــوع «فعلية المناصفــة في المجال السياســي» بتنظيم لقــاءات جهوية ولقاء دوليا، وذلك منذ بداية آذار/ مارس إلى آخر الشــهر، لتعميــق الحــوار والتبادل حــول إعمال مبــدأ المناصفة باعتباره من أســس سياسات مناهضة التمييز بين الرجال والنســاء، وذلك بالنظر لراهنية التــداول العمومي حول الاستحقاقا­ت المقبلة، واعتماد مشــاريع قوانين انتخابية جديدة، حيث لا زالت تمثيلة النســاء تراوح مكانها في أقل من 30 بالمائة.

أما رئيــس المجلس الاقتصــاد­ي والاجتماعي والبيئي، محمد رضا الشــامي، فأكد بــدوره على أنــه ورغم مرور 10 ســنوات منذ اعتماد الدســتور الــذي يكرس الحق في المســاواة والتــزام الدولة فــي تفعيل المناصفــة، ما تزال انتهــاكات حقــوق المــرأة قائمة، ولا يــزال التمثيــل الاقتصادي والاجتماعـ­ـي والسياســي للمرأة ضعيفا وأقل بكثير من الطموحات المعلنة.

وسجل أن عدة مؤشرات تؤكد هــذه الوضعية التي تنحــو نحــو التراجــع في تمثيل المرأة في عدة مجالات، منهــا المجــال السياســي )لا تزيد نســبة النساء في مجلس المستشــار­ين عن 10 في المئة و21 في المئة فــي مجلس النــواب( لافتا إلى أن تمثيل المرأة على مســتوى الهيئات الترابية يظل ضعيفا أيضــا، إذ لا تتجاوز مقاعدها 27 في المئــة، مع وجود امرأتين رئيســتين لجهتين بالمملكة المغربية مقابل 10 رجال.

وتمثل النســاء في مناصب المســؤولي­ة فــي الوظيفة العمومية، وفق المسؤول نفســه، 23.5 المئة، فيما بلغ عدد النســاء المعينات بمرســوم في المناصب العليا 137 امرأة مــن إجمالي 1601 منصبا للفتــرة ‪-2020، 2012‬أي بمعدل تأنيث يبلــغ 11.8 في المئة. ولتجاوز هذه الوضعية المقلقة، يقول الشامي، يتعين اليوم رفع الحواجز الثقافية والدينية والأســباب الموضوعية التــي تعيق التمكــن الاقتصادي للمــرأة، وذلك من خلال تعزيز مقاربــة التمييز الإيجابي، وتفعيــل مبــدأ المناصفة فــي جميع المجــالات، فضلا عن الانخراط الفعــال للمرأة المغربية فــي الحياة الاجتماعية

والاقتصادي­ة والسياســي­ة. بدورها، أكدت رويدا الحاج، الممثلة الإقليمية للمفوضيــة الســامية لحقــوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشــمال افريقيا، أن المســاواة في الحقوق بــن الرجل والمرأة تعتبر مــن أهم مبــادئ ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لافتــة إلــى أن تحقيــق التنمية الفعلية رهين بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وأضافت أن الســنوات الأخيرة شهدت تحقيق إنجازات لافتة في مجال النهوض بحقوق المــرأة والفتيات في المنطقــة العربية، قبل أن تســتطرد “لكن ما يزال الكثير من أوجه عدم المساواة قائما على مســتويات عدة، ســيما في ما يخص المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في صنع القرار». وســجلت أن هناك جهود عديدة بذلت لمشاركة المرأة في صنع القرار ولكنها ليســت بالقدر المطلوب، مشيرة إلى أن معظم الدول العربية قد صادقت على مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وبعد أن توقفت عند المعيقات التي تحول دون مشــاركة كاملة في المنطقــة العربية، والتي لخصتها في نقص تمثيل المرأة فــي الحياة السياســية والعامــة ومحدودية تولي النســاء للمناصب، أشارت الســيدة الحاج إلى أن تمثيل النســاء في المناصب القيادية فــي المنطقة العربية يعد من أدنى النسب على مستوى العالم.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom