Al-Quds Al-Arabi

آبي أحمد يتمسك بالملء الثاني لسدّ النهضة ويرفض الحرب مع السودان

الخرطوم تبدأ حراكا دبلوماسياً يشمل نيجيريا وغانا والسنغال

- الخرطوم ـ «القدس العربي» من عمار عوض:

من المرتقب ارتفــاع حدة التوتر بين الخرطوم وأيس أبابا، بعد تمسك رئيس الوزراء الإثيوبي آبــي أحمد، أمس الثلاثاء، بـ«الملء الثاني لســد النهضة في موعده عند موســم الأمطار في تموز )يوليو)» في وقت كشــف فيه مصدر ســوداني عن حراك دبلوماســي لشــرح موقف السودان لدول القارة الأفريقيــ­ة بداية من نيجيريا وغانا والسنغال.

وإضافة لكلامه عن ســد النهضة، تطرق آبي أحمد خلال كلمة في البرلمــان أمس، إلى الصراع الحدودي مع السودان، موضحاً أن بلاده لا تريد الانخراط في حرب مع السودان.

وزاد: «لدى إثيوبيا كذلك الكثير من المشــاكل، ولا اســتعداد لدينا للدخول في معركة. لا نحتاج حربا. من الأفضل تسوية المسألة بشكل سلمي.»

وشــدد لاحقا على أن بلاده «لا تريد حربا» مع جارتها على خلفية النزاع على الأراضي المتواصل منذ عقود بــن الطرفين، واصفا الســودان بأنه «بلد شقيق» يحب شعب إثيوبيا.

ويتنازع البلدان على منطقة الفشقة الزراعية التي تقع بين نهرين، حيــث تلتقي منطقتا أمهرة وتيغراي في شــمال إثيوبيا بولايــة القضارف الواقعة في شرق السودان.

ويطالب البلدان في المنطقــة الخصبة والتي كانت بؤرة توتر مؤخرا، بينمــا فر نحو 60 ألف لاجئ باتّجاه الســودان من المعارك التي وقعت في تيغــراي الإثيوبية. ومع اقتــراب العنف في إثيوبيا من الحدود السودانية، أرسلت الخرطوم قوات إلى الفشقة لاستعادة أراضي تم الاستيلاء عليها والانتشــا­ر عند الحــدود الدولية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية سودانية.

وفي كانون الأول/ ديسمبر، أرسلت الخرطوم تعزيــزات إلــى الفشــقة بعدما اتهمــت قوات وميليشــيا­ت إثيوبية بنصب كمــن لعناصر في الجيش السوداني أودى بأربعة جنود على الأقل.

وأعقبت ذلك سلســلة مواجهــات دامية بينما تبــادل الطرفــان الاتهامات بالعنــف وارتكاب انتهاكات تتعلق بالأراضي.

وأفاد الســودان خلال الأسابيع الأخيرة بأنه استعاد السيطرة على أجزاء واسعة من المنطقة، مشددا على أنها لطالما كانت ضمن حدوده.

في الأثنــاء، اتّهمــت أديس أبابــا الخرطوم بـ«غزو أرض تعــد جزءا من أراضــي إثيوبيا» محذرة من أنها ستلجأ إلى الرد عسكريا في حال لزم الأمر.

وأثار الخلاف مخاوف من احتمال اندلاع نزاع أوسع بين الخصمين الإقليميين.

في ســياق آخر، أقر آبي أحمد، للمرة الأولى، بوقوع فظائع ضــد المدنيين في إقليــم تيغراي، أثنــاء النزاع الــذي اندلع في نوفمبر/ تشــرين الثانــي الماضي مــع عناصر «الجبهة الشــعبية لتحرير تيغراي .»

وبين: «تشــير التقارير إلى ارتكاب فظائع في منطقة تيغراي .»

وأضاف أن «الجنود الذين اغتصبوا النساء أو ارتكبوا جرائم حرب أخرى أو نهبوا )ممتلكات( سيتحملون المسؤولية .»

وبالعودة لملف ســد النهضة، فقد قال الناطق باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي: أن إثيوبيا ترفض الوساطة الرباعية.

وأضــاف: «تعتقــد إثيوبيا أن الحــوار الذي يقوده الاتحــاد الافريقي بشــأن ســد النهضة ســيبدأ قريبًا تحت قيــادة جمهوريــة الكونغو الديمقراطي­ــة، ولا تــزال إثيوبيا واثقــة من أن المفاوضــا­ت التــي يقودهــا الاتحــاد الافريقي بشأن ســد النهضة هي عملية مســتمرة ستوفر حلولامربحة للطرفين المتفاوضين .»

وتابع «المخاوف بشــأن المســار المســتقبل­ي للمفاوضات، مثل الوســاطة الرباعيــة، لم يتم تقديمها رســميًا إلى إثيوبيا. يجــب الانتهاء من المفاوضــا­ت التي يقودها الاتحــاد الافريقي قبل اتبــاع أي خيار آخــر لحل القضايــا العالقة بين الأطراف الثلاثية بشــأن سد النهضة. وفي حالة وجود أي خيار آخر يعتبر ضروريا، يتم التعامل مــع القضية من خــال الأحــكام ذات الصلة من إعلان المبادئ الثلاثي بشأن سد النهضة.»

وبشــأن النزاع الحدودي مع الســودان قال مفتي «ظلــت حكومة إثيوبيا ثابتــة فيما يتعلق بالحاجة إلى حل النزاع الحــدودي بين إثيوبيا والســودان من خلال المفاوضات. وسنتفاوض مع السودان حال ما ســحب قواته من الأراضي الإثيوبيــ­ة التي احتلهــا اعتبارًا مــن 6 نوفمبر 2020. ونحث المجتمع الدولي على الاستمرار في الضغط على الســودان للعمل باحترام القانون الدولــي ووفقًا لبنــود مذكرات عــام 1972 التي تبادلها مع إثيوبيا .»

وكشــف عن لقاء جمع نائــب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ديميكي ميكونين مع السناتور كريس كونز مبعوث الرئيس جو بايدن.

وقال: «ناقــش اللقاء الوضع الإنســاني في تيغــراي وقضايا رئيســية أخرى يوم الســبت الماضي حدد ميكونين مجموعــة من القضايا بما في ذلك العملية العســكرية في تيغراي، والنزاع الحدودي مع الســودان، وسد النهضة الإثيوبي الكبير .»

«خطر كبير»

في المقابل، قال مصدر حكومي مطلع لـ«القدس العربــي»: «تصريحات إثيوبيــا أمس بالإصرار علــى المــلء الثاني شــهر يوليو/ تمــوز المقبل، تجعلنا نشعر بخطر كبير على مستقبل مواطنينا في الســودان الذين يتهددهم العطش وانقطاع خدمــات الكهرباء وتراجع مســاحات الموســم الصيفي بشــكل مخيف ما يهدد أمننــا الغذائي وحياة 20 مليون يعيشون على ضفاف النهر».

وزاد، دون كشف هويته، «لن نصمت وسيكون تحركنــا إيجابــي لقضيتنــا وموجــع لإثيوبيا إذا أصرت على الملء بشــكل عشــوائي وبدون الوصول لاتفاق دولي ملزم يحوي صيغة تبادل المعلومات بشكل يومي لتشغيل سد الروصيرص الذي يعتمد عليه السودان».

وتابع: «حديثهم عــن العودة لحدود ما قبل 6 نوفمبر والإشــارة لمذكرة 1972 بشــأن الحدود،

مــردود عليــه، لأن المذكرة أقرت خــط الحدود الحالي الذي انتشــرنا فيه والعالم كله لديه إلمام ومعرفة بأننا موجــودون داخل أراضينا ونحن ســنتواصل مع المبعــوث الأمريكي الســيناتو­ر كريس كوينــز، ومتى ما تواصل معنا وســنقدم له ملفا كامــاً عن أحقيتنا بهــذه الأراضي وفق الوثائق التاريخية الموقعة بيننــا وإثيوبيا منذ العام 1902 .»

وتابع «لن نصمت على تصرفات إثيوبيا التي باتت لا تحترم العلاقة التاريخية بين شعبينا، إن كان في حقنا في المياه أو الحدود، وسنســتخدم كل الســبل لمنع المــلء الثاني، وســتغادر وفود إلى نيجريا والســنغال وغانا وغيرها من الدول الأفريقية لشــرح موقفنا وتعرية أنانية إثيوبيا وســعيها لجر المنطقــة كلها نحــو التوتر الحاد وتعريــض مواطنينــا للخطر، لــن نصمت هذه المرة مثل العام الماضي، وسنتحرك وسيرون أثر رفضنا هذا .»

وكان رئيس الــوزراء الســوداني، عبد الله حمدوك، تلقى اتصالاً هاتفياً من مفوضة الشراكة الدولية في الاتحــاد الأوروبي، جوتا أوربلانين، و«تطــرَّق الحديــث للتطــورات الإقليمية على حدودنا الشــرقية» حيث أكّد حمدوك، وفق بيان لمكتبه أن «السودان لم يتســبب في الأزمة وإنه مــازال يؤكد علــى أن الحوار هو الســبيل لحل الأزمــة، وأنه لا بُــد من اكتمال وضــع العلامات الكامل لحدود الســودان مع الجارة إثيوبيا على الأرض، وهي حدود لم تكُن يوماً محل نزاع.»

توسيع أدوار المراقبين

وتابــع البيان «كمــا تناولت المكالمــة مبادرة السودان لتوسيع أدوار المراقبين بمفاوضات سد النهضة، بحيث تصبح الوســاطة رباعية تتكون من الأمم المتحــدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، بقيادة الاتحاد الأفريقي».

وأضــاف «من جانبهــا فقد أشــارت المفوضة لمســودة الخطة الممتدة لســبعة أعــوام والتي أقرها الاتحــاد الأوروبي مؤخــراً للتعاون بينه والســودان، حيث تتضمن ثلاثــة محاور، أولها الحزمة الخضــراء والتي ترتبط بخلق الوظائف والطاقة البديلــة، بالإضافة للتركيز على التنمية البشــرية في التعليم، وثالثها الحوكمة وتعزيز سيادة حكم القانون».

وزاد: «كما أشــادت المفوضة بجهود السودان في استقبال وإيواء اللاجئين القادمين من الدول المجــاورة، والعمل الدؤوب فــي مختلف قضايا الهجرة والنــزوح، الأمر الذي حــدا بالمفوضية لطلب مزيد من الالتزام المالي الأوروبي للسودان، والذي سيجري الإعلان عنه خلال مؤتمر باريس لدعم السودان».

وكان وزير الري الســوداني، ياســر عباس، جدد الدعوة لإثيوبيا للقبول بمقترح الســودان الداعي لتوســيع مظلــة الوســاطة بضم الأمم المتحدة والولايات المتحــدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إلى جانب الاتحــاد الأفريقي. وأعرب عن اســتغرابه للموقف الإثيوبي، مشيراً إلى أن اديس أبابا ليســت لديها الحجــة المقنعة لرفض المقترح.

 ??  ?? آبي أحمد خلال كلمته في البرلمان الإثيوبي أمس
آبي أحمد خلال كلمته في البرلمان الإثيوبي أمس

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom