Al-Quds Al-Arabi

العنف يستشري في الشارع الفلسطيني لكنه غائب في الإعلام الإسرائيلي

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

على الرغم من استمرار حوادث القتل والعنف والجريمة في المجتمع العربي داخل أراضي 48، ورغم اهتمام وســائل الإعلام العبريــة أخيراً بتغطية أخبــار ونقل أحداث حول الموضوع، إلا أن التغطية الإعلامية لهذه الوسائل بمعظمها هزيلــة، أي أنها تكتفــي بنقل الخبر، بــدون تحليل معمق، ولا تفتتح بها النشــرات الإخباريّة المركزيّة. هذا ما كشــفه فحص جديد ضمن مشــروع «مؤشــر التمثيل» الذي تقوم عليه جمعية «سيكوي» الحقوقية الإسرائيلي­ة وموقع العين السابعة.

ويشير الفحص التي قامت به شركة «يفعات» للأبحاث الإعلامية، حســب المعطيات من منتصف شــهر ديســمبر/ كانون الأوّل 2020 وحتّى منتصف فبراير/ شــباط 2021 أن قرابــة نصف التغطية الإعلامية لقضايــا العنف والجريمة فــي المجتمع العربــي وبالتحديــ­د، 48 ٪، كانــت تقارير ســطحيّة حول الأحداث المروعة التي حصلت، وفقط 17٪ من التغطية تم التحــدث من خلالها بعمق وإجراء حوارات مركبة.

وأيضــاً 15٪ مــن المنشــورا­ت تعلقــت بتغطيــة الاحتجاجات، أي أن قلّة قليلة من وســائل الإعلام العبريّة قامت بتغطية التظاهرات الاحتجاجية بصورة شــاملة او مهنية أو حتّى عبّرت عن الاهتمام بها.

وينوه التقرير الرصدي أن قسماً كبيراً من هذه الوسائل الإعلاميــ­ة العبرية عندمــا غطى الاحتجاجــ­ات اهتم أكثر بتغطية الأحداث الهامشية، وتناول الاحتجاجات ومطالب المواطنين بشكل أقلّ.

القنوات الإسرائيلي­ة الرسمية والتجارية

ويبيّــن الفحص فــي مجــال التلفزيون تفــوّق القناة الإخبارية الرســمية في التّغطية الإعلامية لقضايا العنف والجريمة، إذ خصصت نشــرات، وأدارت نقاشــات معمّقة حول الموضــوع، وخصّصت سلســلة كاملة مــن التّقارير التي تمحورت حول العنف والجريمــة في المجتمع العربي في الداخــل. أما القنــوات التّجارية، فقد أعطت مســاحة صغيرة جدّا للخبراء والنّشــطاء العــرب، وبالكاد اهتمت بالاحتجاجا­ت ضدّ العُنف. ويقول التقرير الراصد إنه غالباً لم تدخُل هذه القنوات إلى عُمق النّقاش والعوامل الُمســبّبة

للعُنف والجريمة، لكنّها قامت بتغطية الأحداث فقط. كذلك اتضح أن معظم هذه القنوات )التجاريّة( لم تفتتح نشراتها الإخبارية بالحديث عن موضوع العنف والجريمة، حتّى في الأيام التي وقعت فيها أحداث صعبة للغاية، فقط 16٪ من الأخبار المتعلّقة بموضوع العنف والجريمة بُثّت في العشــر دقائق الأولى من نشــرات الأخبار )8 مــرات من أصل 51.) علما أن المشــاهدي­ن يهتمون بمشــاهدة الدّقائق الأولى من نشــرات الأخبار، كذلك اختيار الموضوع الافتتاحي للنشرة يُشير إلى أهمّيته بنظر مُحرري النّشرات الإخباريّة.

الصحف المطبوعة

أما في الصحــف المطبوعة حيث يقرأ الكثير من القرّاء في الأساس الصّفحة الرئيســية من الصّحيفة، فتم فحص 216 غلافا لصحف عدة، يديعوت احرونوت، معاريف، يسرائيل هيــوم وهآرتس، ووجد فــي كُل واحدة مــن الصحف 3 ـ 4 مراجع فقط في الغــاف تطرّقت لموضوع العُنف في الُمجتمع العربــي ـ والحديث يدور حــول فترة تخطّت الشّــهرين. وهنا أيضاً يتبيّن أن النشــر ليس بالضرورة إيجابيّا، على ســبيل المثال: غلاف مُلحق يوم السّبت لصحيفة «يديعوت احرونوت» في الأسبوع ذاته الذي قُتِل فيه الطالب الجامعي أحمد حجــازي من مدينة طمــرة برصاص الشــرطة، كان بعنوان «أنا أقول لأفراد الشّرطة، كُل من يجرؤ على إيذائكم، أنتــم مُخولون بقتله»! مقابلة أُجريت مع الُمفوّض شــمعون ليفــي والتي اعتبــرت تلميعا لصورة الشــرطة وتحريضا للضغط السريع على إطلاق الرصاص نحو العرب.

غياب التغطية العميقة

وجدير ذكره أنه بعد الفترة التي تم فحص بها )الواقعة بين كانون الأول ومنتصف شــباط( وبســبب الانتقادات والاحتجاجا­ت الشعبية في الأسابيع الاخيرة، طَرَأ تحسُّن، وكانت هنالك تقارير ومقالات أكثر عمقا في وسائل الإعلام مثل يديعوت أحرونوت وفي أخبار القناة 13.

ويتابع التقرير: «يجبّ ألا يكون هذا التحسّن لمرّة واحدة فقط فالتغطية العميقة والشــاملة لظاهرة العنف، يجب أن تســتمر حتى يجد صُنَّاع القرار طريقة للتعامل مع الوضع وإحــداث التغيير» يقول مارون معلوف من مركز مشــروع تمثيــل المواطنين العرب في الإعلام العبــري، ويضيف « لا يُعقل أنّ أكثر من 20 شــخصا قتلوا في ثلاثة أشــهر، وهذا الموضــوع لا تُفتتح به نشــرات الأخبــار ولا يوجد ضمن العناوين الرئيسية في الصّحف». كما يقول معلوف إنه في جميع القنوات، وبالذات القنــوات التّجارية، وحتّى عندما تطرقــوا لموضوع العنــف والجريمة في الُمجتمــع العربي، لم يتناولوا الموضــوع بصورة معمّقة لحلّ هــذه القضيّة. ويتابع: «كفى، حان الوقت للاســتيقا­ظ وتحمّل المسؤولية، من المهم التّحدّث إلى المجتمع العربي، إلى الخُبراء والقيادة من أجل إيجــاد حلول، وليس تقــديم تغطية عن الموضوع بصورة جافّة».

يذكر أن مشــروع مؤشــر التمثيل لجمعية «ســيكوي» وموقع «العين الســابعة» هو مشــروع متواصل منذ ســت سنوات ويعمل على رصد تمثيل المواطنين العرب في الإعلام الإسرائيلي العبري بشكل أسبوعي وشهري ودوري وعيني أحيانا، ضمن أبحاث لشــركة يفعــات المختصة بالأبحاث الإعلامية، ليدفع قدمــا نحو تمثيل أفضل للعرب في الإعلام الإســرائي­لي كما ونوعــا، كذلك نقد التغطيــة، ففي أحيان كثيرة تكون تقارير الإعلام الإســرائي­لي نمطية ومشــبعة بالأفكار المسبقة وبشــيطنة الفلسطينيي­ن على طرفي الخط الأخضر، حتى لــو كانوا مواطنين في إســرائيل، كما يؤكد تحقيق واسع سابق لجمعية « أجندة».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom