المغرب: المدرّسون المتعاقدون يواصلون وقفاتهم الاحتجاجية والتلاميذ يتضامنون معهم
تواصلت، أمــس الثلاثاء، في عــدد من المــدن المغربية، الوقفات التــي ينظمها رجال ونســاء التعليــم، احتجاجاً علــى تعنيف زملائهم مــن طرف القــوات العمومية وبعض الأشخاص المندسّين، خلال مظاهرة سلمية نظموها الأسبوع الماضي في الرباط. كما يندرج هذا الحــراك في إطار مطالبة الحكومــة بإدمــاج الُمدرّســن المتعاقدين ضمــن الوظيفة العمومية. ونقلت الصفحة الرسمية لنقابة "الجامعة الوطنية للتعليم" على "فيســبوك" صورًا وفيديوهات توثق للوقفات الاحتجاجية المقامة أمام إدارات التعليم المحلية في مجموعة من أقاليم المغرب.
وشارك العشــرات من التلاميذ في مسيرات احتجاجية، تضامنًا مع المدرســن الذين تعرضوا للتعنيف، حيث رددوا شعارات تعبّر عن تضامنهم معهم.
وقال عبد الإله بقاس، عضو المجلس الوطني "للتنسيقية الوطنية للمدرّســن الذيــن فرض عليهــم التعاقد" في جهة الدار البيضاء سطات، إنهم قرروا خوض خطوات نضالية لا يمكن وصفها بأنها تصعيــد خطير، وإنما تصعيد في حدوده المعقولة، من خلال شــكل احتجاجي أمام الإدارات الإقليمية لوزارة التعليم.
وأشــار في تصريح لصحيفة "الأيام 24" الإلكترونية إلى أنّ ما تعرض له المدرســون المتعاقدون في العاصمة الرباط أمر يندى له الجبــن، مردفًا بالقول: لا يجــوز لأي جهاز أن
يستعمل الإفراط في القوة، فهناك قواعد وقوانين تنظّم فض التجمهرات والمســيرات، غير أنه من غير المقبول أن يشارك في فض التجمهر من ليست له الصفة في اعتداء واضح على الحقوق الفردية للمدرسين.
وتحــدث عن الســب والشــتم والتحرش الــذي قال إن المحتجين تعرضوا له في الربــاط، موضحًا أنّ ثلاثة أيام من الإضراب قليلة، مؤكدًا أنّ الدفاع عن المدرسة العمومية ممتد في الزمان والمــكان، وأنّ هذا الملف هو ملــف المجتمع المدني وملف كل مغربي حر.
وجوابًا على ســؤال طرحته عليه الصحيفة المذكورة عن خــروج التلاميذ للاحتجــاج أمام مجموعة من المؤسســات التعليميــة، وهم يصدحون بشــعارات تطالب برحيل وزير التعليم ســعيد أمزازي، أجاب بالقول إنّ هذه الخطوة تثلج الصدر وتجعل المدرسين يطمئنون بأن التلاميذ يناصرونهم في قضيتهم.
واستحضر مسيرات سابقة قادها التلاميذ في مدن متفرقة منذ ســنوات، من قبيل احتجاجهم سنة 1981 و1991 وقبلها بســنوات، معتبرًا أنّ خروجهم للاحتجاج يبــن أنّ التلميذ ليس خنوعًا أو دون المستوى، بل أصبح يعي الأدوار المنوطة به، قبل أن يقف عند الثورة التكنولوجية وتوفر المعلومة من خلال مقاســمة فيديوهات توثق بالصوت والصورة العنف الذي مورس في حق المدرسين المتعاقدين.
وأردف أنّ المدرســن الذين عُنّفوا هم أبناء المغاربة، فكان من الطبيعي، حســب تعبيــره، أن يخرج التلاميذ بشــكل تلقائي، وهم يوجهون رسالة واضحة وصريحة إلى النقابات التعليمية وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ ووزارة التعليم.
وانتشر شعار "كرامة الأســتاذ خط أحمر" على صفحات "فيســبوك"، إذ جعلــه الكثير مــن رواد مواقــع التواصل الاجتماعي فوق صورهم الشــخصية. وكتب الأديب المغربي إبراهيــم الحجري علــى صفحته الافتراضيــة أن "تغاضي الحكومــة، ووزارة التربيــة الوطنية )التعليــم( عن إيجاد حل جذري للملفــات المطلبية الكثيرة في القطاع، ومجابهتها بالقمع بدل الحوار المسؤول وتنفيذ الوعود، وما يسببه ذلك من احتقان متزايد، مؤشر واضح على نوع البشر الذي نريد صنعه في المستقبل".
على صعيــد آخر، تظاهــرت مجموعة من المدرســن من أصحاب الشــهادات العليا، أمس الثلاثاء، أمــام مقر وزارة التعليم في الرباط، وذلك حُفاةً بدون أحذية، وبقرع الأواني المنزلية والصافرات، في خطــوة تصعيدية من أجل الضغط على الوزارة للاستجابة لمطالبهم.
ورصدت صحيفة "العمــق" الإلكترونية أجــواء الوقفة، مشيرة إلى أن المتظاهرين استطاعوا اختراق الطوق الأمني الذي فرض حولهم، والوصول إلى الساحة المقابلة لمقر وزارة التعليم، رافعين شــعارات تندد بما يعتبرونــه "عدم التزام الوزارة بتعهدهــا؛ لكن قوات الأمن منعتهــم من الاحتجاج هناك، فتوجهوا صوب ساحة "باب الأحد".
ويطالب المحتجون وزارة التعليــم بالالتزام باتفاقها في ملف حاملي الشهادات، وذلك بإصدار المرسوم المتفق بشأنه
لتمكينهــم من حقهم فــي الترقية وتغيير الإطــار، على غرار الأفواج السابقة قبل 2015، وبأثر إداري ومالي.
ونددت "تنسيقية" حاملي الشهادات العليا بالعنف الذي تعرض له المنتمون لها، حســب ما جاء فــي بيان لها. وقالت إنه عوض التحلي بروح المسؤولية والإعلان عن الالتزام بما اتُّفق عليه من قبل في هذا الملف، جرى اللجوء إلى الأساليب الماضويــة المعتادة فــي مجابهة المحتجين – ســلمياً - بقمع مقصود، خلف عشرات الإصابات والاعتقالات.
وحمّــل "المرصــد الوطني لمنظومــة التربيــة والتكوين" )منظمة مدنية( رئاســة الحكومة ووزارة التعليم مسؤولية ما آلت إليــه أوضاع المنظومــة التعليمية بكل مســتوياتها ومكوناتها.
وقال، في بيــان له، إنه يتابع باهتمام بالغ وقلق شــديد الاضطرابات المتكررة التي تعيشها المنظومة التعليمية بتزايد وتيرة احتجاجات أسرتها بكل مكوناتها ومستوياتها.
وحســب المرصد، فإن هــذه الاضطرابات، كمــا وصفها، تؤثر ســلباً على الحياة التربوية والإداريــة لدى المتعلمين والمدرسين والإداريين، وتنعكس على الأسر والمجتمع.
وذكّر المرصد بوســاطاته المتعددة ومواقفــه ومبادراته الهادفــة إلــى اســتقرار المنظومــة التعليمية فــي المغرب بموضوعية وحيادية بين القطاع ومجموعة من فئات الأسرة التعليمية.
وجدد التذكير بأن المســألة التعليميــة قضية وطنية في سياســات الدولة المغربيــة بعد قضية الصحــراء، كما أعاد التأكيد على أن ســامة منظومة التربية والتكوين مسؤولية الجميع.
وعبــرت المنظمــة ذاتها، من خــال بيانها، عــن رفضها للمقاربات غير التربوية في معالجــات كل قضايا المنظومة، داعياً إلــى حل مشــكلات الفئات المتضــررة وبالخصوص المدرســون المتعاقدون والمديرون اعتماداً على تصريح وزير المالية والإصلاح الإداري مرتين في البرلمان.
وأشــار المرصد إلى مقترحاته خلال ســنتي 2018 و2019 بخصوص ملف التعاقد، وذلك بتحويل المدرسين المتعاقدين من نظامهم المعاشــي الحالي إلى نظــام "الصندوق المغربي للتقاعد" أســوة بزملائهم المدرســن الموظفين، وحل مشكلة الحركة الانتقالية بطريقة معقولة ومقبولة من لدن الجميع.
ونبه إلى مجموعة مــن المغالطات التي تزيد تأزيم أوضاع المنظومة، كما طرح الســؤال عن أسباب نسف نتائج الحوار الذي تم بين القطاع الوصي وبرئاسته والمدرسين المتعاقدين بحضور الأمناء العامين للنقابات التعليمية وبوســاطة من "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" و"المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين".
ووجه المرصــد "نداء روح المواطنة" إلى كل الأطراف حتى لا يضيــع الزمن المدرســي للمتعلمين. وختــم بيانه بدعوة الحكومــة عمومًــا ووزارة التعليم وكل الفئــات المعنية عبر النقابات التعليمية، إلى اســتعمال العقل وأخلاق التفاوض والحــوار، لمعالجــة كل القضايا من منطلــق المواطنة الحقة ومبادئ الحقوق والواجبات.