Al-Quds Al-Arabi

من يفتح باب الصراعات؟

-

تختلف ظروف مسلسل «الطارق» لمخرجه المصري أحمد صقر ومؤلفه يسري الجندي، الذي شــاهده الجمهور العربي في 2004. المسلسل كان يرغب في نقل ازدهار الحضــارات والانفتاح بين الثقافات والتقارب بــن الأديان في المجتمع الأندلسي المتنوع الذي بقي في أفضل حالات التسامح مدة ثمانية قرون منذ فتح طارق بن زياد للأندلس. المسلســل الذي كان انتاجا مصريا أردنيا، تناول حياة طــارق بن زياد منذ مولده في إحدى القبائل البربرية شــمال افريقيا، صور في عدة دول عربية، منها المغرب ومصر والأردن. وشارك فيه مجموعة من الفنانين من مصر والأردن والمغرب وسوريا، لكن ماذا عن مسلسل «فتح الأندلس» بينما وصل طارق بن زياد إلى فتح اسبانيا؟

نعود عــودة نكوصية إلى «حــروب قبلية» في ثوب جديد والســبب أصل طارق بن زياد. كل الأســباب والطرق مفتوحــة ليحتدم الجدال بين الجزائريين والمغاربة، من الكسكسي إلى موسيقى الراي إلى طارق والآتي لا نعلمه بعد!

المسلســل هذه المرة من انتاج كويتي يتناول شــخصية طارق بن زياد دون ذكر نســبه؟ والعمل في طور الانجاز والتصوير، لكن ناشطين جزائريين اتهموا منتجي المسلسل بســرقة تاريخ الجزائر واســتعانو­ا بمقاطع من بعض الكتب التاريخية: «طارق بن زياد قائد عســكري جزائري من قبيلة ورفجومة النفزية في جبال الأوراس بالدلائل القاطعة من المصادر والمراجع التاريخية» مثلما علق أحد النشــطاء على «فيسبوك». كما جاء في قناة «أوراس» ونقلته كذلك جريدة «الشروق». وذهب المغردون )حسب الشــروق( لحد مطالبة الوزيرة بن دودة بالتدخل وحسم الجدل.

وهناك من نســب الرجل إلى قبيلة «لواتة» الليبيــة، مثل ما صرح به محمد الأمين بلغيث لموقع «سكاي نيوز عربية» حسب «الشروق».

بينما يــرى المؤرخ المغربي محمد عبد الوهاب رفيقــي أن «الجدل المثار حول هوية طــارق بن زياد في مسلســل «فتح الأندلس» يتضمن كثيــرا من المزايدة وكثيرا من التعصب المذموم»! ويرد مخرج المسلســل محمد العنزي بهاشــتاغ «طارق بن زباد مسلم فقط لا غير».

واعتبر «ما يكتب وما يقال حاليا عن المسلســل قبل عرضه محاولة لتكســير العمل وتشــويه ســمعة الفاتح ومحاولات البعض تحجيم قادة إسلاميين مثل طارق بــن زياد في أقاليم حددها لنا اتفاق «ســايكس بيكو» لن تفيد. إن طارق وغيره من قادتنا هم إرث لأمة المليار ونصف المليار مسلم لا يتبعون دولة معينة أو إقليما».

ورد المغاربة في مقطع فيديو نشر على «فيسبوك» يوضحون فيه معالم تبين وجود طارق بن زياد «كنســخة مغربية» وبينوا القلعة المغربية الموجودة على ســفح جبل طارق. وأقدم المســاجد الأفريقية في منطقة شفشاون وهو مسجد «طارق بن زيــاد» الذي بني في القرن الهجــري الأول. وكذلك تمثاله في مدينة المضيق في المغرب.

نشــر المقطع على صفحة أحد النشــطاء على «فيســبوك» والذي قال: «هذا الفيديو ســينهي الجدل القائم حول هوية الفاتح الكبير طارق بن زياد وسيفند اتهامات الجزائريين للمغاربة ولمخرج المسلسل «فتح الأندلس» بتزوير الحقائق. لو فكر طارق بن زياد بعقلية القبيلة والجهة والإقليم لما خطا خطوة واحدة. ولما اعتبر فاتحا عظيما يتنافس على امتلاكه الأشــقاء، بل سيكون شخصا عاديا لا يذكره التاريخ ولا تحتفظ بذكراه الجغرافيا.

رغم المشاركة الفنية المغربية في مسلسل «الطارق» ومسلسل «فتح الأندلس» الذي ســيعرض في رمضان المقبل وحميّة المغاربــة والجزائريي­ن ورغبتهم في امتلاك الأفراد والثقافات والفنون والأكلات، لكن لا أحد فكر في إنتاج مسلســل حول «طارق بن زياد» ليعطي بدائله التاريخية والفنية. فقط الكل يترصد للكل ويتربص هؤلاء لأولئك. وهنا لا يمكن للثقافة أن تحل هذه الإشكالات، لأن أصل هذه الصراعات «الوهمية» سياسية بحتة وغير منطقية!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom