Al-Quds Al-Arabi

الموريتاني­ون متمسكون بصيد الأسماك على طريقة الأجداد

-

■ نواكشــوط - من محمــد البكاي: لا يتجاوز عددهــم بضعــة آلاف ويلقبون برجال البحر، يمارســون الصيد بوسائل بدائيــة ويتمســكون بأســلوب حياتهم التقليدي.

«الإيمراغــ­ن»؛ صيــادون يعيشــون بالقرب مــن شــاطئ المحيط الأطلســي شــمال غربي موريتانيا، ويمتهنون صيد الأسماك.

تمتد قــرى الإيمراغــ­ن )11 قرية( على مسافة 200 كلم، على طول محمية «حوض آرغين» الموريتاني­ة )شــمال غرب( والتي صنفتهــا منظمــة الأمم المتحــدة للتربية والعلم والثقافة )اليونسكو( ضمن مواقع التراث العالمي.

حيث تســتقبل هــذه المحمية ســنويا ملايــن الطيــور المهاجرة، التــي ينطلق بعضهــا شــتاء مــن مناطق بــاردة في سيبيريا الروســية بحثا عن الدفء على الشواطئ الأطلسية لموريتانيا.

قوارب خشبية

يعتمد صيادو «الإيمراغن» في صيدهم على قــوارب تقليدية، التــي يصنعونها بأنفسهم، ويرفضون حتى الآن الاستعانة بالزوارق الحديثة التي لها محركات تعمل بالوقود.

ويعتقدون أن ســفن الصيد الكبيرة تســتنزف الثــروة الســمكية، وتتســبب في تناقــص أعداد الأسماك.

ويصنع صيادو «الإيمراغــ­ن» قواربهم من ألواح خشــبية، تُنحت من جذوع الشــجر، وتدهن بزيت السمك، وتجفف عدة أيام، ثم يتم شدها إلى بعضها البعض بمسامير يجلبونها من العاصمة نواكشوط أو مدينة نواذيبو )شمال غرب(.

ويصنع هؤلاء الصيادون عدة أنوع من القوارب يختلف حجمهــا باختلاف اســتخدامه­ا، إذ توجد قوارب بحجم صغير يبلغ طولها 4 أمتار وتستخدم للصيد على الشاطئ، فيما توجد قوارب أكبر حجما ويبلغ طولها 9 أمتار وهي خاصة بالصيد في عرض البحر.

يقول عالــي ولد محمد )من ســكان الإيمراغن(: يتولى صياد الإيمراغــ­ن صنع القارب الذي يصطاد به بنفسه، بمساعدة بعض الصيادين المختصين.

ويضيــف ولد محمد «نســتخدم فقــط القوارب التقليدية التي نقوم بتصنيعها، إنها قوية، ولا مكان للقوارب الحديثة في منطقتنا.»

ويحافظ «الإيمراغن» على نمط حياتهم التقليدي، ويعيشــون في أكواخ قرب الشاطئ، يتم بناؤها من الأعشاب وأغصان الأشجار.

ويتغذون على ما تصطاده شــباكهم من أسماك، ويحافظــون على عــادات الصيد التقليــدي التي ورثوها عن أجدادهم.

ويســتخدم «الإيمراغن» زيوت الأســماك لعلاج الأمــراض، حيــث يتخصــص بعضهم فــي علاج الأمراض من خلال تنــاول وجبات من أنواع خاصة من الأسماك وزيوتها.

ويمتلــك صيادو المنطقة خبرة واســعة في رصد الأســماك، فعنــد ملاحظة أي ســرب يقتــرب من الشاطئ، يحاصره الصيادون بشباكهم التقليدية.

وتتولــى النســاء معالجة الأســماك وتجفيفها، حيث يتم تســويق ما فاض عن حاجتهم إلــى أســواق نواكشــوط أو نواذيبــو الساحليتين، من أجل الحصول على أموال لشراء بعض الأغراض.ويقول ولد محمد «نحن متمسكون بعاداتنا وسعداء بنمط عيشنا، البحر جزء من حياتنا، والأسماك التــي نصطادها مصدر غذائنــا ودوائنا، والفائض عــن الحاجة نقــوم ببيعه في المدن لشراء بعض الأغراض الأخرى».

ورغم تمسك غالبية «الإيمراغن» بمهنة صيد الأســماك، إلا أن أعــداد الصيادين في هــذه القرى بدأت فــي التراجع خلال السنوات الأخيرة.

إذ إن بعض شــباب «الإيمراغن» باتوا يفضلون العيش في المدن بدل العيش على الشواطئ وامتهان صيد الأسماك.

وتحــرص الســلطات على اســتمرار محافظــة الإيمراغــ­ن علــى عاداتهــم وأساليبهم في الصيد الُمتّبعة منذ القِدم.

وتسمح الســلطات فقط لـ»إيمراغن» باســتغلال الثروة الســمكية في منطقة «محمية حوض آرغين».

حيث تمنع القــوارب ذات المحركات من الصيد في هــذه المنطقة، وهــذا ما يعزز حظوظ «الإيمراغن».

شواطئ غنية

وتعتبر شــواطئ موريتانيا المطلــة على المحيط الأطلســي، على طــول 755 كلم، واحــدة من أغنى الشــواطئ العالمية بالأســماك، والأنواع البحرية الأخرى.

ويصف ســكان محليون هذه الثروة الســمكية الغنية والمتنوعة بـ »بترول موريتانيا .»

وحســب أرقــام لــوزارة الصيد، تحــوي مياه موريتانيا الإقليميــ­ة نحو 300 نوع من الأســماك، بينها 170 نوعا قابلا للتسويق عالميا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom