Al-Quds Al-Arabi

إسرائيل في الجولة الرابعة... بين كاذبين محظوظين وكتلة مناوئة مترنحة و«بطل مأساوي»

- ناحوم برنياع

■ ســيتوجه الكثيــرون إلى صناديــق الاقتراع مثلما توجهوا إلى حقنة التطعيــم الأولى. بخليط من الخوف والأمل والغضب الكبير والإحساس بالواجب الوطني. لســت واثقاً من أن هذه النتائج ستنير الوجه هذه المرة: من الأســهل إيجــاد تطعيــم لكورونا من إيجــاد تطعيم لوباء يضرب الساحة السياسية في إسرائيل.

في الانتخابات دوماً شيء ما احتفالي: يوم العطلة، ولقــاء الناس في الحي على طــول الطابور، والصفوف المزينة في المدرسة، والاحتفال القصير الذي يمنح حقاً متســاوياً للجميع، يهــوداً وعرباً، فقيراً وغنياً، شــيخاً وشــاباً. لا يمكن للأهالي هذه المــرة أن يأخذوا أبناءهم إلى ما وراء الســتار، بســبب كورونا. سنكتفي بلا مفر باحتفاليــ­ة أقــل، ولكن لــن نتنــازل عن حــق الاقتراع. إن أربــع جــولات انتخابية في غضون ســنتين إســاءة للديمقراطي­ة الإسرائيلي­ة. الرد السليم على ذلك هو عدم – التوجه إلى البحر الرد الســليم هو معاقبة من تسبب بها في صناديق الاقتراع. –

لنــدع الماضي للحظــة المســتقبل هو مــا ينبغي أن يشــغل بالنا. ثمة مطلب واحد مشــترك لــكل الناخبين الذين سيتوجهون اليوم إلى صناديق الاقتراع: أن تولد الجولة الحالية حكومة مستقرة، يقبلها معظم الجمهور، وتكون قادرة على اتخاذ القرارات والاستدامة. هذا هو الاختبار الأول.

رئيســا الحزبــن المتصدريــ­ن، نتنياهــو مــن جهــة ولبيــد من جهة أخــرى، عرضا على الناخبين شــعارين

مختلفــن. شــعار الليكــود: حكومــة يمين علــى المليء. شعار الانتخابات لـ «يوجد مستقبل» كان «حان الوقت لحكومة سوية». شــعاران جميلان، حادان، واضحان، تســتحقهما كل نفــس. ولكــن هنــاك مشــكلة واحدة: كلاهما كاذبان.

عندما يتحدث نتنياهو عن «حكومة يمين على المليء» فهــو يقصد حكومة تتشــكل من الليكــود، من الحزبين الحريديــن، من كهانيين ســموتريتش وبــن غبير ومن «يمينــا» بينيت. مع جهد قليل آخر وحظ قليل آخر، فإن جملة هذه الأحزاب كفيلة بالحصول على 61 مقعداً.

المشــكلة هي أنه لا يمكن إدارة حكومة تعتمد على 61 مقعداً. في ائتــاف ضيق كهذا، كل نائــب بمثابة ملك، وكل نــزوة غبيــة بمنزلة هــزة أرضية. الوضــع خطير عندمــا يكون جماعــة ســموتريتش، وبن غبيــر، وآفي ماعوز يمســكون بأيديهم مصير الحكومــة. الكهانيون يدخلــون الحكومة كي يجلســوا على كراســي من جلد الغــزال ويتلقــون الرواتــب والســيارا­ت وجيــش مــن المســاعدي­ن والموازنــ­ات لتمويل مؤيديــه، ولهم أجندة. هم، وليس نتنياهو، ســيعرفون في حكومة الـ 61 ما هو اليمين. يمينهــم واضح جداً: أولاً، حرية العمل للإرهاب اليهــودي في المناطق؛ ثانيــاً، إبادة الجهــاز القضائي؛ ثالثــا، أبرتهايد فــي داخل إســرائيل، وفصل عنصري في المستشــفي­ات والجامعات وخدمة الدولة، والجيش الإسرائيلي؛ رابعاً، تمييز في النوع الاجتماعي؛ خامساً، سيطرة الدين بصيغته الحريدية القومية. هم لا يلعبون.

أفتــرض أن بوســع نتنياهــو أن يقيــم حكومــة بمســاعدته­م. وبعــد ذلــك، وعندمــا تكــون الحكومــة حقيقــة قائمة، قــد يجلب بدلاً منهم واحــداً أو اثنين من الأحزاب الموجــودة خارج كتلتهم. ســيناريو كهذا كان يمكــن أن يكــون معقولاً لو لــم يحرق نتنياهــو علاقاته مع زعمــاء كل الأحزاب الأخرى، من اليمين والوســط. وهو رهينــة في أيدي الكهانيين. عندما أســمع نتنياهو يســتجدي الناخبين للتصويت لهــذه القائمة، فيما يعد بإخضاع جهاز التســفير الهائل الذي سيشغله الليكود اليــوم لاحتياجات القائمة، أتســاءل لمعرفــة ماذا يفكر الناخبــون المخلصون لليكود عــن زعيمهم. هل أصبحوا أيضاً كهانيين.

أما شعار لبيد فمدحوض هو الآخر، لأسباب أخرى. لنفترض للحظــة أن كتلة «كله لا بيبي» ســتحصل على أغلبية في الانتخابات اليوم، ولنفترض أن كل إعلانات المقاطعــة المتبادلــ­ة ستشــطب دفعــة واحــدة، فيوافق بينيت على الجلــوس مع منصور عبــاس وأيمن عودة، ويتوصل ســاعر وبينيت ولبيد إلى مرشــح متفق عليه لمنصب رئيس الوزراء ويوصون به كرجل واحد لرئيس الدولة، فكيف ســتؤدي الحكومة مهامها عندما تنتهي احتفــالات طرد نتنياهو من بلفور، كيف ســتتغلب على الأزمــات، كيف ســتحافظ على ســواء العقــل. لا أملك

جواباً جيداً على هذه الأســئلة، ولســت واثقــاً أنه لبيد يملكه.

فــي الدائــرة الداخليــة، في داخــل كتلة الوســط اليسار، ثمة أحزاب مترنحة. «أزرق أبيض» و»ميرتس» شــرعا في حملة صرخة نجدة. عمليــاً قالا للناخبين: لا تنتخبونــا لأننا جديــرون بذلك؛ انتخبونــا لأنكم إذا لم تفعلوا ذلك فستســقط الكتلة كلها وسينتصر نتنياهو. وقد جعلوا الناخبين رهائن.

لم يكن لهم مبرر: هذا مــا تفعله الأحزاب عندما تقف على شفا الهوة. لا يوجد شرف عظيم في هذه الخطوة، ولا مستقبل لامع أيضاً. المسكنة لا تصنع سياسة.

ربمــا يكــون بينيــت هــو البطــل المأســاوي لهــذه الانتخابات، فقد ســعى للوصول إلى يــوم الانتخابات بصفته لســان الميــزان: الوحيــد الذي يمكنــه أن يختار مع أي كتلة سيســير إلى الحكومة. في اللحظة الأخيرة أصيــب بالفــزع؛ فالتزامه الاحتفالي بــألا يجلس تحت إمــرة لبيــد يذكّر بحلاقة شــنب عمير بيرتــس، وبحيلة واحــدة كاد يفقــد الناخبين الذيــن ملــوا نتنياهو وكذا الناخبــن الذين أملــوا في الدخول وبقــوة إلى حكومة نتنياهو. مثلما في القصة القديمة عن جورج برناردتشو والسيدة إياها، بات الناخبون يعرفون ما هو. والسؤال هو: ما التكلفة؟

هــي ســيناريوه­ات بشــعة جــداً، ولكنهــا تبقــى ســيناريوه­ات: قد تحصل المفاجآت، وهذا ســبب آخر كي لا نتخلى عن الحق في التصويت.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom