Al-Quds Al-Arabi

وهم قبطان ينقذ سفينة لبنان من الغرق

-

■ للمــرّة الرابعــة خــال 23 شــهراً توجــه الإســرائي­ليون يوم أمس إلى انتخابات كنيست جديدة وســط عــدد مــن الثوابــت التــي طبعت الــدورات الســابقة، وأخــرى طــرأت علــى هذه الــدورة وإن لــم تكــن فــي معظمهــا مفاجئــة أو غريبة على الحياة السياسية والحزبية في دولة الاحتــال. وأما على صعيد التحولات الخارجية فــإن المتغير الأول هــو غياب الرئيــس الأمريكي الســابق دونالــد ترامــب الــذي لــم يكــن وراء الضغط على دول عربية مثل الإمارات والبحرين والســودان والمغرب للتطبيع مــع دولة الاحتلال فقط، بــل اتخذ قرارات كبرى حاســمة مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والاعتراف بسيادة الاحتلال على أراض محتلة في الجولان والمستوطنا­ت.

الثابــت الأول علــى الصعيد الإســرائي­لي هو شــخص بنيامــن نتنياهــو الــذي بــات رئيــس الحكومــة الأطــول عهــداً فــي تاريــخ الكيــان، وهــو ينافس اليــوم أيضاً على الموقــع ذاته رغم مثوله أمــام القضاء بتهم فســاد مختلفة، ورغم محاولات سابقة مستميتة للتملص من المحاكمة حتى إذا اقتضى الأمر تعطيل الكنيســت ذاته أو حتى دفعه إلى حلّ نفســه. كذلك سعى نتنياهو إلــى الظهــور بمظهــر حامــي الإســرائي­ليين من جائحــة كوفيــد ـ 19 وصاحب تجربــة التطعيم الأكثــر تطوراً فــي العالم، رغم مؤشــرات عديدة يســوقها نقــاده وخصومــه تشــكك فــي كثيــر مــن هــذه المزاعــم. كذلــك يدخــل نتنياهــو إلى الانتخابــ­ات زاعمــاً أنه جلب «الســام» مع أربع دول عربيــة، لكن حصيلــة الأيام الأخيــرة تفيد العكس مع دولة تطبيع قديمة مثل الأردن ودولة تطبيع حديثة مثل الإمارات.

الثابــت الثاني هو حال الانقســام والتشــتت التــي تعصــف بالفريــق الــذي يعلــن مناهضــة

نتنياهــو وحزب الليكود، ففي الدورات الســابقة كان تحالــف «أزرق أبيض» هو عنــوان المعارضة الجدية، ولكن ســرعان ما ســقط في أول اختبار وانخــرط في تنــازلات متلاحقــة أفقدتــه الكثير من زخــم المواجهــة. حــزب «العمــال» التاريخي الــذي حكم مــراراً قبل صعود اليمــن يبدو اليوم أقرب إلــى العجــز والانقراض، ومثلــه تجمعات اليســار والتيــارا­ت الليبراليـ­ـة المختلفــة، بحيــث يتصدر المشــهد حزب جديد تحت مســمى «هناك مستقبل» يتزعمه يائير لبيد ويحذر الإسرائيلي­ين مــن أنهم أمام خيار أول هو المســتقبل وخيار ثان يقوده نتنياهــو وهو حكومة الظــام. وإذ ترجح اســتطلاعا­ت الرأي أن ينافس هــذا الحزب بقوّة داخل الكنيست إذا نجح في تشكيل ائتلاف قابل للحياة، فإن الاســتطلا­عات ذاتهــا تمنح أفضلية نســبية لأي ائتلاف يقوده نتنياهو حتى إذا فشل في حيازة 61 مقعداً ضرورية للانفراد بالحكومة.

أبرز الجديد، غيــر المفاجئ دائمــاً، هو انفتاح نتنياهــو علــى حــزب «قــوة يهوديــة» الدينــي المتطــرف الــذي يدعــو إلى طــرد جميــع العرب وإلى ضمّ كامل أراضــي الضفة الغربية، ويعود بجــذوره العقائديــ­ة إلى فلســفة الحاخام مائير كاهانــا وحركــة «كاخ» العنصريــة والإرهابيـ­ـة المحظــورة قضائياً داخل دولــة الاحتلال ذاتها. فهــذا الانفتاح يمكــن أن يؤمن له مقعــداً إضافياً باســم الحــزب كمــا تقــول التوقعــات، ويمكن لمغازلــة بعض شــرائح العرب فــي مناطق البدو على نحو خاص أن تُكسبه مقعداً إضافياً هو كل ما يحتاج إليه.

ولن يكون فــي باب الجديــد أن تعجز «واحة الديمقراطي­ــة» الوحيــدة في الشــرق الأوســط، كمــا يســميها عشــاقها فــي الغرب، عن حســم الأمور هذه المرّة الرابعة أيضاً، وأن يجد نتنياهو الوسيلة لمواصلة السنة 15 من الحكم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom