Al-Quds Al-Arabi

تعقيبا على مقال إحسان الفقيه: أضواء على التقارب التركي المصري

-

هجمة إعلامية

تركيا تتعرض لحصــار اقتصادي، وضغوط سياســية، وهجمة إعلامية عالمية وشرسة من الداخل والخارج. يجهل من يريدون قلب النظــام في تركيا أن ذلك لن يكون في صالح أحد منهم لأن العســكر واليســار أكثر قومية من غيرهم، ولن يتحسن اقتصاد تركيا تباعا، كمــا أن الدول التي يطلــب المعارضون ودّها لها سياســات تحكمها وأوضاع قاهرة تمنعها، فلن تغير الكثير لصالح الغير إذ تريد إسقاط اردوغان فقط ودون مقابل.

فلن تحصــل المعارضة على دولــة لأنها لم تــدرك أنها لم تحصل عليها قبله قط، ولن تســتطيع ألمانيا والنمســا وفرنسا )بعض من أشد دول الإعلام الهجومي على تركيا الآن( أن تغير سياسات تركيا الاستراتيج­ية في الشرق وأوروبا، ولن تستطيع تغيير مواقفها ولا استراتيجيا­تها لصالح أقليات أبدا.

الأزمات والصراعات العالمية الآن والتي تتفاقم وتشــتد هي التي ستفرض الحالة المقبلة شاء من شاء وأبى من أبى.

حلف الناتو

في دول العرب منتســبو الأجهزة العسكرية والأمنية وأقرباؤهم وأصدقاؤهــ­م عددهــم يتجــاوز نصف الســكان، وبيئــة الأعمال والصناعة والأغلبيــ­ة الصامتة والأقليات تفضلهــم على الفوضى،

بالتالي لا يصل إلى موقع مســؤولية أو يبقى فيهــا إلا من كان منهم أو مدعوماً منهم، ويتســلحون عــادةً بالعروبــة والثقافة العربية الإسلامية السمحة الجامعة مع التمســك بالهوية الوطنية، فتصبح معاداتهم بمثابــة خيانة عظمــى للوطن والأمــة، بالتالي لا ينجح الإسلام السياســي بتغيير المعادلة حتى لو حصل على تأييد غربي مؤقت، كما حصل لربيع تركي إيراني في أوطان العرب، والذي تبخر واندثر سريعاً.

تركيا خســرت كل ما أوصلها إليه انضمامهــا لحلف الناتو وفتح أســواق الغرب لها، وباتت تنوء بديون فلكية 440 مليارا، وماليزيا خسرت كل ما أوصلها إليه العالم الحر من ثروة وباتت تنوء بديون فلكيــة 230 مليارا، وإيران بالغت في تصديــر الإرهاب وباتت تنوء تحت حصار دولي وقد تغرق العراق معها.

موازين القوى

تيسير خرما

بالفعل أضحكتنى بشدة محاولات إعلام السامسونغ و«‪End of‬

text» المصري، تصوير الأمر على أنه خضوع تركي للنظام المصري! تركيا التي حققت انتصارات حربية باهرة خلال الأشهر الماضية، في ليبيا وأذربيجان وشمال ســوريا، وأذلت البحرية الفرنسية في البحر المتوسط!

تركيا التى تُصنِّع 80 في المئة من أسلحتها المتطورة، والتي غيرت بطائراتهــ­ا الحربية المســيرة موازين القوى فــي المنطقة إلى الأبد، يصورها الجُهَّال أنها تخضع للنظام الإنقلابي الفاشــل المتسول في

مصرنا البائسة، التي لن تجد حتى ماء المجاري لتشربه خلال أشهر قليلة، بعد أن جثت على ركبتيها ذليلة مُهانة أمام إثيوبيا!

فإلى هذا الإعلام السامســون­غي أُهدي هذه النصيحة التي قالها يوماً ما الرئيس الأمريكي الأسبق إبراهام لينكولن:

«من الأفضل أن تصمت ويظن النــاس أنك جاهل، عن أن تتحدث وتزيل كل الشك !»

الدمار الشامل

العيب فينــا نحن العرب، معارضة وشــعوبا وحركات وأحزابا، وذلك بسبب نتيجة الدمار الشــامل الذي قامت به الأنظمة العربية بدعم الغرب وإسرائيل، فلم تعد هنالك أحزاب ولا معارضة، ولا حتى ثقافة وفن، وعليه كان العجز والشلل. العرب لا يستطيعون وحدهم إحداث تغيير وصناعة منعطف وخلق كيان مســتقل إلا بمســاعدة غيرهم، وتركيا هي الأمل.

مصباح علاء الدين

مع الأســف نحن العرب نريد من تركيا تحرير فلسطين وسوريا، والقضاء على حلف حفتــر، وإنقاظ باقي الشــعوب من الاضطهاد

والفقر، وكأن تركيا ليست محاطة بالمؤامرات من كبرى دول العالم، بــل إنها مصباح علاء الدين لحل مشــاكلنا ونحن نيام، وحتى دون اعتراض على حكامنا!

النظام المصري متجذر بجبروته من 1952 وخلال تنسم المصريين للحرية لعامين زارهم اردوغان وكانت العلاقة ممتازة، ولو استمرت لأصبحوا سويا قادة شرق المتوسط ومستقبله.

النظام المصري يزداد استقرارا وقوة

لنكن صريحين وواقعيين، فالنظام المصري يزداد استقرارا وقوة، واردوغان في حالة تقهقر، سواء في الداخل أو في الخارج، وآخرها المهزلة بالخــروج من الاتفاقية الأوروبية لحمايــة المرأة من العنف، والتي وقعت في إســطنبول سابقا خضوعا للأحزاب المتحالفة معه، لكي لا يخســر الانتخابات المقبلة، ففي سوريا سيزداد الأمر صعوبة مع بايــدن الذي يؤيــد الأكراد، ولن يكــون له غير بوتــن حليفا، وبالتالي سيأتي الدور على المقاتلين في إدلب.

ولهــذا كان الاجتماع الثلاثي في قطر، والــذي ركز أغلب الكتاب والمحللين أنه اســتبعاد لإيران، ولكنه بالحقيقــة إنهاء الصراع في سوريا لصالح نظام بشار، وتبقى مشكلة الأكراد فقط أمام اردوغان، والــكل يعلم أن مصر كنظام لم تهتم للمصالحــة مع تركيا، ولا يهمها المعارضة في الخارج وإعلامها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom