استبعاد إجراء الاستفتاء على الدستور الليبي قبل الانتخابات
■ إســطنبول - الأناضول: رغم تعهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميــد الدبيبة، بتنظيم الاســتفتاء على مسودة الدســتور قبل تنظيم الانتخابات فــي 24 كانون الأول/ديســمبر المقبل، إلا أن رئيــس المفوضيــة العليــا للانتخابات عماد السايح يؤكد استحالة ذلك تقنياً.
لم يبــق لموعــد الانتخابات الرئاســية والبرلمانيــة ســوى نحــو 9 أشــهر، وإلى الآن لــم يتم تحديد موعد الاســتفتاء على مســودة الدســتور، ولــم يُصــدر مجلس النواب القوانين المنظمة للانتخابات.
ويصــر المجلس الأعلــى للدولة )نيابي استشــاري( علــى "إجــراء الاســتحقاق الدســتوري الُمنجــز مــن قِبــل الهيئــة التأسيســية لصياغة مشــروع الدســتور المنتخبة، بالإضافة إلى إجراء الانتخابات الرئاســية والتشــريعية الجديــدة فــي موعدهــا المحــدّد علــى أســس قانونيــة سليمة ومتينة".
غيــر أن مجلــس النــواب منقســم بين مؤيد لتنظيم الاســتفتاء قبل الانتخابات البرلمانيــة والرئاســية، وداعٍ لتأجيله إلى ما بعد الانتخابات لضيق الوقت.
كمــا أن مهلــة 60 يومــاً التــي منحهــا ملتقى الحوار السياســي والبعثة الأممية لمجلســي النــواب والدولة لإقــرار قانون للاســتفتاء على الدســتور انتهــت في 20 شــباط/فبراير الماضــي، ما يحيــل الأمر للأعضاء الـ75 لملتقــى الحوار، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
استحالة تنظيم الاستفتاء قبل الانتخابات تقنياً
أكثــر المتشــائمين بإمكانيــة إجــراء الاســتفتاء علــى مســودة الدســتور قبــل موعــد الانتخابــات هــو الســايح، الذي يــرى أن البــاد ضيعــت فرصتها
لتنظيــم الاســتفتاء، إلا إذا قررت تأجيل الرئاسيات والبرلمانيات إلى نهاية 2022 .
ويقــول الســايح، فــي تصريــح صحفــي، إن "توقــف مســار القاعــدة الدســتورية المؤديــة لانتخابــات الـ24 من كانون الأول/ ديســمبر اســتنزاف للوقــت المحــدد لإجــراء الانتخابات"، فــي إشــارة إلى ضــرورة طــي صفحة الاستفتاء إلى ما بعد الانتخابات.
وفي خطوة إجرائية، حدد الســايح نهايــة تموز/يوليــو المقبــل، آخر موعد لتســلم قوانــن الانتخــاب، ليكونــوا جاهزيــن لإجــراء الانتخابــات فــي موعده. لكــن البعثة الأمميــة والمجتمع الدولــي وحتــى مجلــس النــواب، مصممون على تنظيــم الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديســمبر المقبل دون تأجيل، ورئيــس حكومة الوحدة التزم أمام النواب بتحقيق هذا الهدف.
خيار عملي
لتجاوز الإشــكال الدســتوري الذي ســتجرى علــى أساســه الانتخابــات الرئاســية والبرلمانيــة، شــكلت البعثة الأمميــة لجنــة دســتورية ضمــت 10 أعضاء من مجلس النــواب ومثلهم من المجلــس الأعلــى للدولة، واســتبعدت لجنة صياغة الدستور المنتخبة.
وعقــدت اللجنــة حتــى الآن ثلاثــة اجتماعــات فــي مصــر؛ الأول جــرى فــي أيلول/ســبتمبر 2020، والثانــي في كانــون الثاني/ينايــر الماضي، أما آخرهــا فجــرى فــي شــباط / فبرايــر المنصرم.
ورغــم أن أغلبيــة أعضــاء اللجنــة الدســتورية كانــوا يميلون إلــى إجراء الاســتفتاء قبل الانتخابــات، واتفقوا علــى إنجــازه عبــر الأقاليــم الثلاثــة )طرابلــس وبرقــة وفــزان(، شــرط حصولــه علــى نســبة 50 فــي المئة+1 في كل إقليــم، إلا أن الاجتمــاع الأخير توصل إلى خيار آخر.
حيــث تم الاتفــاق فــي 12 شــباط / فبراير، على اعتماد مشــروع الدستور مــن مجلس النــواب بعــد الموافقة عليه شــعبياً، أو إقــراره كقاعدة دســتورية بالاتفاق بين مجلســي النواب والدولة حال تعذر الاستفتاء.
وبالنظر إلى صعوبة عرض مسودة الدســتور على الاستفتاء الشعبي دون أن يؤثر ذلك على موعد الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر، فإن الخيار الثاني يبدو عملياً وإن لم يكن مثالياً.
إذ إن مسودة الدستور التي صاغتها لجنة الســتين المنتخبــة، تحت ضغوط عــدة جهات، لا تحظــى بتوافق تام بين أطراف النزاع، بالإضافة إلى معارضة ممثلي الأقليــات مثل التبــو والأمازيغ لها.
لذلك فمن المرتقــب أن يتم التصديق على مســودة الدســتور على مســتوى مجلــس النــواب وبالتوافــق مــع المجلس الأعلــى للدولة، ليكــون بمثابة المرجــع الدســتوري الذي يحتكــم إليه المختصمون.
*
قانون الانتخابات قبل تموز
وســتمهد هــذه الخطــوة لإصــدار مجلــس النــواب قانــون الانتخابــات، بينما قد يؤجل إصدار قانون الاستفتاء إذا لــم تعرض مســودة الدســتور على الشعب.
ففي أيلول/ ســبتمبر 2018، صوّت نحــو 30 نائبــاً علــى ما ســموه قانون الاستفتاء، لكن نواباً آخرين اعترضوا عليــه لعــدم حصولــه علــى النصــاب الكافي، ما أدى إلى عدم اعتماده.
ومــن المرجــح أن تســاعد أجــواء المصالحة، النــواب في إصــدار قانون الانتخابات قبل نهاية يوليو المقبل، كما اشــترطت اللجنة العليــا للانتخابات، لبــدء التحضيــرات، بينهــا اســتدعاء الهيئة الناخبة.
وفي حالــة أخفــق مجلــس النواب مجــدداً في إصدار قانــون الانتخابات فــي آجالــه المحــددة، فســنكون أمــام سيناريو إحالة الأمر إلى الأعضاء الـ75 لملتقى الحوار.
وتحــرص البعثــة الأمميــة التــي يقودهــا يــان كوبيتــش، علــى احترام موعــد 24 كانــون الأول/ ديســمبر، وهو ما تختلف بشــأنه لجنــة صياغة الدستور، التي ما فتئت تطالب بإجراء الاســتفتاء قبل أي انتخابات، حتى لو تطلب الأمر تأجيلها.
وتمكنت لجنة صياغة الدســتور من إنجــاز مهمتها في تمــوز/ يوليو 2017، بعد ثلاث سنواشــت مــن انتخابها في شــباط / فبرايــر 2014، لكن المســودة لاقت انتقــادات عدة من مجلس النواب الــذي أبــدى رغبة فــي تعديلهــا، الأمر الذي عارضته اللجنة، إذ تضمنت مواد جدلية من شــأنها إعاقة ترشــح اللواء المتقاعد خليفة حفتر للرئاسة.
فالمرحلــة المقبلــة مــن المرتقــب أن يتــم فيهــا اعتمــاد مســودة الدســتور بالتوافق بين مجلسي النواب والدولة، دون عرضهــا علــى الاســتفتاء، ثــم إصــدار قانــون الانتخابــات والذهاب مباشــرة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانيــة فــي موعدها، مــا يعني أن الرئيــس والبرلمــان القادمين ســتكون لهمــا فرصــة إعــادة صياغة مســودة الدســتور قبل عرضها على الاســتفتاء الشعبي.