Al-Quds Al-Arabi

دول خليجية قلقة من تشكيل حكومة إسرائيلية محرجة لها بإشراكها اليمين الصهيوني الكاره للعرب والمسلمين

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة:

كما حصل في جولات انتخابية ســابقة ذهبت إســرائيل ليلــة الانتخابــ­ات العامــة للنوم مع نتنياهو كمرشــح مؤكد لرئاســة حكومة جديدة فيها، وفي الصباح استيقظت على منصور عباس رئيس القائمــة العربية الموحدة نجما سياســيا جديدا حــرم نجاح كتلتــه نتنياهو مــن فرصة تشكيل حكومة ضيقة بأغلبية 61 مقعدا مع أحزاب يمين ومتدينين متزمتين.

في المرحلة الأولى من فــرز الأصوات لم تجتز القائمــة العربية الموحدة نســبة الحســم، لكنها نجحت في الصبــاح وقلبت معطيــات الخريطة الحزبية الائتلافية رأســا على عقب. وهكذا حصل مــع نتنياهو فــي مرات ســابقة، منهــا ما حصل فــي انتخابــات­2013 حيث فازت كتلة برئاســة تســيبي ليفني بمكانة الحزب الأكبر وبدا في ليلة الانتخابات أنها رئيسة حكومة، وفي الصباح تبين أن نتنياهو يملك فرصة تشــكيل حكومة أكثر منها بفضل احتفاظه بمعسكر أكبر بتحالفه مع أحزاب يمين ومتدينين، وهكذا حصل.

وقبل ذلك ذهبت إســرائيل للنوم مع شيمعون بيريــز رئيســا للحكومة فــي انتخابــات ربيع 1996 وفي الصباح ومع فــرز كامل للأصوات فاز نتنياهو برئاســة الوزراء بفــارق 28 ألف صوت فقط، مســتفيدا من عزوف المواطنــن العرب في الداخل عــن الانتخابــ­ات ثأرا» مــن بيريز على ارتكابه مجــزرة قانا الأولى التي تورط بها خلال عدوان «عناقيد الغضب» على جنوب لبنان عشية الانتخابات.

ووقتها لم تجد تدخلات مصر والأردن والسلطة الفلسطينية لدى فلســطينيي الداخل نفعا بعدما اســتبد بهم الغضب والعتب علــى بيريز وقرروا الاستنكاف عن المشــاركة في التصويت، مما دفع بعض المراقبــن للقول وقتها إن «رزق العنصريين على العاتبين والغاضبين .»

وهذا ما كرره بعضهم اليــوم بعدما قاطع عدد كبير منهم مجددا الانتخابات )نسبة تصويتهم 53 ٪ مقابــل65 ٪ في انتخابات 2020( احتجاجا علــى تفكيك القائمة المشــتركة وخيبــة الأمل من الأحــزاب العربية في ظل مشــاكل حياتية حارقة تنتظر حلولا سريعة.

المأزق الرابع

يتبين من فرز كل نتائج الانتخابات للكنيســت الـــ 24 أن أزمة إســرائيل الائتلافيـ­ـة على حالها رغم تغير قوة بعض الأحــزاب، وبالتزامن تعرب دول عربية في الخليج عن قلقها من خيار تشكيل حكومة برئاســة نتنياهو تشمل جهات صهيونية عنصريــة معادية للعرب والمســلمي­ن بفظاظة من شأنها أن تحرج هذه الدول.

وعلــى خلفيــة حالــة التعادل بين معســكر نتنياهــو)59 مقعدا( ومعســكر المناوئين له )56) تصبح القائمة العربية الموحدة برئاســة النائب منصــور عباس «بيضة القبان» وهــذا ما ترفضه بعض الأوســاط المناصــرة لنتنياهــو مما ينذر بالاضطرار للذهاب لانتخابات خامسة في الصيف المقبل وســط دعوات لتغيير طريقــة بناء النظام السياســي الحاكم واعتماد الانتخابات المباشرة لرئاسة الوزراء.

وبعــد فرز 97 ٪ من الأصــوات تراجعت قوة القائمة العربيــة الموحدة من خمســة مقاعد إلى أربعة مقاعد لترتفع قوة «ميرتس» من خمسة إلى ستة مقاعد ومع ذلك لم تفقد «بيضة القبان.»

وفي محاولة لكسر دائرة التعادل بعث نتنياهو

رسله لشــريكه بالأمس وخصمه الراهن المنشق عــن الليكود غدعون ســاعر رئيس حــزب «أمل جديد » مــن أجل إقناعه بالتخلي عن موقفه المعلن برفض المشــاركة بأي حكومة يقودهــا نتنياهو لكونه متهما بتهم فساد. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «الليكــود» يمارس ضغوطا كبيرة على ســاعر ويقدم له إغــراءات كبيرة كي ينضم لحكومة برئاسة نتنياهو، غير أن ساعر عاد وأكد مجددا رفضه الانضمام لائتلاف مع نتنياهو رغم تراجع قوته من 20 مقعدا وفق الاستطلاعا­ت قبل شهر إلى ستة مقاعد فقط في صناديق الاقتراع.

التحدي الأكبر

وقال النائــب منصور عباس رئيــس القائمة العربيــة الموحدة التــي تنبأت لها اســتطلاعا­ت الرأي بالسقوط، إن حزبه يسعى لأن يصبح قوة سياسية مؤثره وقوية في السياسة الإسرائيلي­ة.

وتوضح القنــاة الإســرائي­لية «أي 24 « التي تحــدث منصور عبــاس لهــا أن قائمتــه غيرّت باجتيازها نســبة الحســم المشــهد السياســي الإســرائي­لي فــي ظــل تراجــع الكتلــة المؤيدة لنتنياهو وزيادة الصعوبة أمامها لتشكيل حكومة إسرائيلية، وتحول القائمة «الموحدة» الى «بيضة القبان » التي يمكن ان تؤثر على تشــكيل الحكومة الإسرائيلي­ة المقبلة.

وفي تعليقــه على اعتبــار القائمــة الموحدة «بيضة القبان» قال إن قائمته ســعت لأن تصبح قوة سياســية مســتقلة ومؤثرة في السياســة الإسرائيلي­ة، وهذا عمليا هو التحدي الأكبر أمامها بعد هــذه النتيجة من خلال ترجمــة هذا التمثيل الــى قوة سياســية لصالــح مجتمعنــا العربي. وتابع «عمليا التركيبة السياســية الحالية تعطي القائمــة الموحدة ان تكون بيضــة القبان، لكنني أتعامل مع الأمور بحذر، فالنتائج ليســت نهائية، ويجب علينا ان نأخذ بالحســبان إمكانية حدوث مفاجآت .»

وحــول الاتصال الأول الذي تلقــاه من رئيس حزب «هناك مســتقبل» يائير لابيد قال: «لم تكن هنــاك مكالمــة، كان هناك لقاء ســابق بيني وبين يائير لابيد واتفقنا ان نســتمر فــي التواصل بعد الانتخابــ­ات » لافتا إلى أن الموقــف مع يائير لابيد متقــدم من هذه الناحية كونه مرشــحا لرئاســة الحكومــة يرغب فــي التعامل بصــورة إيجابية مــع المشــاركة العربية، ليس فقط على مســتوى الكنيســت إنمــا على مســتوى تشــكيل حكومة وتوصيات.

وفــي تعليقه حــول أن كان المجتمــع العربي يريد ان يكون جزءا من عمليــة التغيير وصناعة القرار في إســرائيل قال: «المجتمــع العربي ينظر الى قضاياه ومشاكله ولحقوقه المختلفة، وعندما صوت قام بالتصويت لموقف سياســي معين والى مشروع سياســي، وهو يدفع بنا الى هذا الاتجاه بأن نكون شــركاء في عملية اتخاذ القرار لصالح قضايا المجتمع العربي .»

تضليل واتهامات

وكان رده علــى الادعاءات بأن نتنياهو هو من فكك القائمة المشتركة، وان منصور عباس سيكون في جيب نتنياهو قال : «للأســف كان هناك ثمانية أشــهر من التضليــل والاتهامــ­ات والافتراءا­ت، نحن لدينا موقف سياســي واضح وصريح، إننا لســنا في جيب اليمين ولا في جيب اليسار، نحن منفتحون على جميع الاطــراف». وحول امكانية جلوس القائمة الموحدة فــي حكومة ليكود تضم النائبــن العنصريــن المتطرفين ســموتريتش وبــن غفير قال: «انا لســت معنيــا بالدخول في اســتقطابا­ت او تجاذبات في حزب الليكود او أي حــزب آخر. لليكود يوجد زعيــم من المفروض ان يقوم بتحديد هــذه التوجهات، نحن لدينا مطلب شــرعي كمواطنين عرب في إســرائيل، ان نكون مؤثرين على صعيد رســم السياســات وصناعة القــرار المتعلقة بنــا ونحن ندفع ثمنــا باهظا من خلال إقصائنا».

وردا علــى ســؤال «القدس العربــي» اعترف إبراهيم حجازي رئيس المكتب السياسي للحركة الإســامية الشــق الجنوبي أن حركته لن تمنح نتنياهو عجلة النجاة في حال كان مصيره متعلقا بســلوكه الانتخابي. وردا على ســؤال حول ذلك قال حجــازي إن الحركة ســتجتمع وتســتمزج آراء فلســطينيي الداخل قبل القيــام بأي خطوة حاسمة مكتفيا، بالقول إن مصالح المجتمع العربي الفلسطيني والشعب الفلسطيني هي التي ستقرر وجهة الحركة سياسيا.

يشــار الى أن هناك خيارات متنوعة ممكن أن تدفع إليهــا حالة التعادل الشــديد إن بقيت على حالها بعد فرز الأصوات بنســبة 100٪، ويبدو أنها ســتبقى دونما تغيير، ومنهــا نجاح أحزاب المعارضــة رغم كثرتهــا وتناقضاتها السياســية والأيديولو­جيــة والشــخصية بــأن تتفق على حكومة تصريــف أعمال مؤقتة بدون نتنياهو. في الانتخابات الســابقة رفضت بعض هذه الأحزاب المناهضة لنتنياهو الاعتمــاد على النواب العرب )المشتركة( لإســقاط نتنياهو وذهب رئيس حزب «أزرق ـ أبيض» بيني غانتس لتحالف مع نتنياهو رغم تحذيــره من الطعن والغدر. وهذه المرة يبدو أن هذه الأحزاب تعلمت الــدرس وتميل للاعتماد على القائمة المشتركة والموحدة من أجل التخلص من نتنياهو. ويبقى الســؤال: هل ستشارك بذلك فعلا القائمتان العربيتان؟

مخاوف خليجية

في هذا الســياق نقلــت القناة الإســرائي­لية الرســمية ان لــدى دول الخليــج مخــاوف من تصريحات نواب كنيست «مثيرة للجدل ضد عرب ومسلمين من المتوقع ان يكونوا شركاء في حكومة نتنياهو» وان هــذه التصريحات يمكن ان تلحق ضــررا بعملية التطبيع، وحذروا مــن مغبة إقامة ائتلاف حكومي بمشاركة «اليمين المتطرف.»

ونقلــت القنــاة الإســرائي­لية محادثــة بين دبلوماســي­ين إسرائيليين ومســؤولين خليجيين قالوا إن: «تصريحات ضد العرب والمســلمي­ن من قبل نواب كنيســت يمكن ان يصبحــوا جزءا من حكومة نتنياهو، سيمس ويلحق الضرر بعلاقات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.»

وذكرت ان المســؤولي­ن الخليجيــن عبروا عن «مخاوفهــم» وقالــوا ان مثل هــذه التصريحات لن تكون مقبولة لديهم بأي شــكل من الأشــكال. وأضافوا خلال المحادثــا­ت: «ان صدرت مثل هذه التصريحــا­ت مجــددا نتوقع مــن نتنياهو رغم الصعوبات السياســية ان يقوم بإدانتها » معربين عن مخاوفهم مــن ان يكون النــواب من «اليمين المتطرف شركاء في حكومة ضيقة يمكن ان يقيمها نتنياهو .»

ووقعت إســرائيل العام الماضي أربع اتفاقيات تطبيع مع أربع دول عربيــة )الإمارات، البحرين، المغرب والســودان( وذلــك في إطــار اتفاقيات إبراهيــم التي دفعت بهــا إدارة دونالــد ترامب السابقة وقامت بدعمها.

نتائج الانتخابات لن تغير شيئا

وعقبت حماس وعدد من الفصائل الفلسطينية على نتائــج الانتخابــ­ات الإســرائي­لية، وقالوا في حديث مــع صحيفــة «جيروزاليم بوســت» الإسرائيلي­ة إنهم «لا يرون فرقا بين نتنياهو وبين منافســيه السياســيي­ن ». وقال مسؤول في حركة فتــح للصحيفة مــن دون ذكر اســمه ان «نتائج الانتخابات تظهر ان إسرائيليين كثيرين يؤيدون أحزابا متطرفة معادية للفلســطين­يين». وأضاف: «وجود هذه الأحزاب في الكنيست أو في الائتلاف لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل اي عملية سلام .»

وقــال محللــون سياســيون فلســطينيو­ن ان غالبيــة الفلســطين­يين لــم يجدوا مــا يهمهم بالانتخابا­ت في إســرائيل بشــكل أساســي لأن القضية الفلسطينية غائبة من الحملة الانتخابية لغالبية الأحزاب. وقال واصل ابو يوســف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ان «الفلسطينيي­ن يدركون انه لا يوجد أمل على ضوء ارتفاع قوة أحزاب اليمين في إسرائيل.»

وقال مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلســطين­ية، ان نتائج الانتخابات في إســرائيل أظهرت «ســيطرة تامة لليمين المتطرف ومؤيدي الفصــل العنصري». وأضــاف «مؤيدو العنصريين موجودون في معســكر نتنياهو وبين معارضيه، جميعهم معارضون للســام ولحقوق الشعب الفلسطيني». واضاف «نتائج الانتخابات في إســرائيل تظهر غياب الفرص لمفاوضات مهمة مع الحكومة الإسرائيلي­ة المقبلة.»

وفي هذا الســياق أيضا أقــدم متطرفون يهود مــن عصابة ما يســمى «تدفيع الثمــن » على ثقب إطــارات ســيارات خصوصية وكتابــة عبارات عنصريــة معادية للعــرب في مدينة كفر قاســم فجر أمس الخميس. وحســب شهود عيان من كفر قاســم، فإن مجموعة من المتطرفــن اعتدت على ســيارات خصوصية لمواطنين من ســكان المدينة وثقبوا إطاراتها، وخطوا شــعارات عنصرية منها «المــوت أو الطرد» باللغة العبرية ووســم «نجمة داوود» على بعض الســيارات. وســبق أن قامت هذه الجماعات اليهودية المتطرفة بجرائم كراهية مشابهة ضد بلدات فلســطينية على طرفي الخط الأخضر في الماضي، اســتهدفت خلالها المســاجد والكنائس والبيوت والمراكب.

وبالتزامن هدمت السلطات الإسرائيلي­ة تحت حماية قوات من الشرطة أمس مساكن أهالي قرية العراقيب مســلوبة الاعتراف والمهددة بالاقتلاع والتهجير في منطقة النقب، وذلك للمرة 185 على التوالي.

 ??  ?? عملية فرز الأصوات لا تزال مستمرة في إسرائيل
عملية فرز الأصوات لا تزال مستمرة في إسرائيل

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom