Al-Quds Al-Arabi

قتلى وجرحى في تصادم قطارين في صعيد مصر... وهيئة سكك الحديد تتهم مجهولين بالتسبب في الحادث

السيسي ينعى الضحايا... وتداول فيديوهات استغاثة على مواقع التواصل

- القاهرة ـ «القدس العربي» من تامر هنداوي:

أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية، أمس الجمعة، وفــاة 32 مواطناً وإصابة 165 آخرين في حــادث تصادم قطارين في محافظة ســوهاج في صعيد مصر، فــي وقت اتهمت هيئة ســكك حديد مصر مجهولين بالتســبب في التصادم، من خلال قيامهم بفتح «مكابح طوارىء» أحد القطارات، ما تسبب بتوقفه بشــكل مفاجئ قبل أن يصطدم به القطار الآخر من الخلف.

مكابح الطوارئ

وقالت هيئة الســكك الحديديــة المصرية في بيان: «أثناء ســير قطار 157 مميز، خط الأقصر ـ الإســكندر­ية، بين محطتي المراغــة وطهطا تم فتح مكابح الطوارىء الخاصة ببعض العربات بمعرفة مجهولــن، وعليه توقــف القطار، وفي هــذه الأثناء تجاوز قطار 2011 مكيف أســوان ـ القاهرة ســيمافور 709 واصطدم بموخرة آخر عربــة في قطــار 157 ما أدى إلــى انقلاب عدد 2 عربة من مؤخرة قطار 157 المتوقف على الســكة وانقلاب جرار قطار 2011 وعربة القوى.»

وأعلنت الهيئة في بيانها تشــكيل لجنة فنية للوقوف على أسباب الحادث.

وقال خالد مجاهد، المتحدث الرســمي باسم الوزارة، إن وزارة الصحة دفعت بـ 36 ســيارة إســعاف مجهزة نقلت حالات الوفاة والمصابين إلى مستشــفيات الإخلاء وهي ســوهاج العام، وسوهاج التعليمي، وطهطا والمراغة.

وأمر المستشار حمادة الصاوي، النائب العام المصري، بفتح تحقيق عاجل في حادث اصطدام القطارين. وقالت النيابــة العامة، في بيان، إن فريقا من النيابة العامــة انتقل إلى مقر الحادث لمباشرة إجراءات التحقيق.

كما أعلن المستشــار عصام المنشاوي رئيس هيئــة النيابة الإدارية، بفتــح تحقيق عاجل في الواقعة، وذلك أمــام المكتب الفني لرئيس الهيئة للتحقيقــا­ت. ووجــه بتكليف اللجــان الفنية المختصة بالفحص وتقديم تقاريرها للنيابة على وجه السرعة لكشــف ما إذا كان هناك إهمال أو مخالفات تأديبية كان من شأنها وقوع الحادث.

استغاثة مصابين

وأظهرت مقاطــع فيديو متداولة على منصات التواصــل الاجتماعــ­ي، خروج بعــض عربات القطارين عن القضبان وهروع المواطنين ورجال الإســعاف لنقل الضحايا على نقالات في مشهد مرعب.

وظهر الضحايا في هذا البث بين مقاعد القطار المحطمة يصرخــون ويتألمــون وتغطي بعضهم الدماء، غير قادرين على الخروج من العربة.

وتداول رواد مواقع التواصل فيديو بثه أحد الركاب من داخل القطار يســتغيث فيه ويطالب بإنقاذ الركاب.

وأظهر الفيديو تحطم إحــدى عربات القطار بالكامــل ووجود مصابــن، وتضمــن أصواتا لصرخات نساء.

وقــال مصــور الفيديــو، الــذي كان من بين المصابــن: «الحقونا، هناك أشــخاص يموتون وهناك آخرون ماتوا.. والدماء في كل مكان.»

وخــارج القطــار، رصــد الفيديــو المصابين ممددين على الأرض، بينما كان بعض المجموعات يتعاون على إخراج الضحايا من العربة.

وغرد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي على «تويتر»: «تابعت عــن كثب الحادث الأليم الذي شــاهدناه بتصادم قطاريــن في محافظة ســوهاج، إن الألم الذي يعتصر قلوبنا اليوم لن يزيدنا إلا إصرارا علــى إنهاء مثل هذا النمط من الكوارث».

وأضاف: «لقد وجهت رئاســة الوزراء وكافة الأجهزة المعنيــة بالتواجد في موقــع الحادث والمتابعة المســتمرة وموافاتي بكافة التطورات والتقاريــ­ر المتعلقة بالموقف علــى مدار اللحظة، على أن ينال الجزاء الرادع كل من تسبب في هذا الحادث الأليم بإهمال أو بفساد أو بسواه، دون استثناء ولا تلكؤ ولا مماطلة».

وزاد: «إننــي إذ أتوجه بكامل العزاء لأســر الشــهداء الذين لقوا ربهم اليــوم )أمس( أقدم لأسر المصابين كامل المواســاة والدعم وأمنياتي بالشفاء العاجل إن شــاء الله. وأوجه الأجهزة المعنية باتخاذ كافــة الإجراءات اللازمة وتوفير التعويض اللائق لأسر الشهداء والضحايا».

ونعى شــيخ الأزهر أحمــد الطيب «بكل حزن وأسى، ضحايا حادث قطار سوهاج، داعيا المولى عز وجــل أن يربط على قلــوب أهالي الضحايا وذويهم، وأن يرزقهم الصبر والسكينة، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل».

وأعلن النائب عــاء عابد، رئيس لجنة النقل في مجلــس النواب، أن اللجنــة تتواصل لحظة

بلحظة مع رئيس الوزراء والفريق كامل الوزير وزير النقل لمتابعة الحادث.

وأكد أن اللجنة ستعقد اجتماعا عاجلا لبحث حادث القطارين مع اتخــاذ الإجراءات الرقابية اللازمة، وأنه في حال ثبــوت أن هناك خطأ من العنصر البشري، عقب انتهاء تحقيقات النيابة العامة فــي الواقعة، ســتطالب اللجنة بتطبيق القانون على المتهاونين في حال ثبوت ذلك.

كذلك نعى حــزب «الكرامة» بـ«بالغ الأســى المواطنين المصريين الكرمــاء ممن فقدوا حياتهم جراء الحــاث الأليم الذي شــهدته مدينة طهطا في محافظة ســوهاج إثر تصادم قطارين بخط الصعيد ويدعو بالشفاء لكل من أصيب.»

وأضاف فــي بيان «نعي لا يعبر عن مشــاعر الحزن وحدها ولكن يخطوها لمشــاعر الأســى والغضب جراء استمرار هذه السياسات التي لا تستقيم ولا يرتدع أصحابها.

فها هو حادث اليــوم )أمس( يأتي في توقيت مقارب مما عشــناه قبل عامين مع فاجعة حريق محطة مصــر والتي كشــفت حينها عــن ما هو معلــومٍ وتم التعبيــر عنــه صراحةً فــي عدة مناســبات ويعكس أولويات الســلطة الحاكمة التي تنتهج سياسات اقتصادية تستهدف تعظيم الفوائد المالية وإدارة ملفات الخدمات الرئيسية من منطلــق الأرباح الممكنة والمرئية لا من منطلق الحقوق المنصوص عليها دســتورياً، سياسات تستهدف ســد عجز الموازنة بتفنيد معدلات نمو رقمــي لا تترجم فــي الأعم منها معــدلات تنمية عادلة تحفظ لهذا الشــعب حقه في حياة كريمة وآمنة .»

سياسة الصوت الواحد

وزاد: «في ضــوء ذلك لم يكن مــن الغريب أن نتابع ســريعاً وقبــل أن تنتهي عمليــات الإنقاذ محــاولات تخفيف وطــأة ما حــدث وإفراغه من معناه بخروج تصريحات رسمية تلقي الاتهامات على من وصفتهم بـ)مجهولين( وهو الأمر الذي لا محل له من الإعــراب، ويعد قفزاً على حق المجتمع في تحقيقات مســتقلة تجريهــا الجهات المختصة إضافةً إلــى محاولة تقزيم الكارثة دون النظر لكل ما يفتقده هذا المرفق من أعمــال تطوير لا بد منها ليحقق أعلى درجات الاستجابة والأمان.»

وأعرب عن «تحفظــه على المؤشــرات الأولى لتناول الفاجعة وما تعكســه مــن إدارة غير كف لمرفق حيوي وهام كالســكك الحديدية، فهو يؤكد أن أخطر السياســات المتبعة هي سياسة الصوت الواحد التي لا تتقبل ولا تنصت لغيرها من الآراء المختصة أو المنشغلة بالشأن العام بما يضيع على هذا الوطن ما يستحقه من فرص اكتمال الرؤى من أجل مستقبلٍ أفضل .»

ونعــى الاتحــاد الأوروبي ضحايــا الحادث،

وقال ممثل الاتحاد الأوروبي في القاهرة الســفير كريســتيان برغر، فــي تغريدة لــه: «من جميع أعضاء وفد الاتحاد الأوروبي في القاهرة: خالص تعازينــا القلبية لأســر ضحايا حــادث تصادم القطارين في سوهاج بصعيد مصر اليوم، وأطيب تمنياتنا بالشفاء العاجل للمصابين.»

قطار الصعيد

وأعاد حــادث ســوهاج إلى الأذهــان حادث قطــار العياط في عــام 2002 والــذي وقع 70 كم جنوبي القاهرة الذي عرف إعلاميا بحادث «قطار الصعيد» وهو الحادث الأسوأ من نوعه في تاريخ السكك الحديدية المصرية، حيث راح ضحيته أكثر من 350 مسافرا، بعد أن تابع القطار سيره لمسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة به، وهو ما اضطر المســافري­ن للقفز مــن النوافذ. وقبــل عامين أدى حريق هائل اندلع في «محطة مصر» للقطارات في العاصمة القاهرة إلى مصرع 26 شــخصا وإصابة أكثر من 40 آخرين.

وتشــهد مصر العديد من حــوادث القطارات الدامية خــال العقود الأخيرة ســقط فيها مئات القتلــى وأرجعها مســؤولون ومراقبون إلى قدم القاطــرات والعربــات والإهمــال فــي صيانتها وتشغيلها.

وكان تقرير أصدره البنك الدولي في ديسمبر/ كانــون الأول 2018 لفــت إلى حاجــة مصر إلى إنفاق نحو 10 مليارات دولار على إصلاح الســكك الحديدية بين عامي 2019 و2029.

وكانت الحكومــة المصرية، أعلنــت أنها بدأت بتطوير السكك الحديدية بتوقيع اتفاقية اُعتبرت الأضخم في تاريــخ هيئة الســكك الحديدية، مع شــركة روســية مجرية لتوريد 1300 عربة سكة حديدية بنحو مليار و16 مليون يورو.

وشــملت بنود الاتفاقية بناء ورشــة في مصر لأعمال الصيانــة للعربات المســتورد­ة، وتدريب العمال المصريين على أعمال الصيانة.

على مــدى عامين اســتلمت مصــر 227 عربة جديدة من أصل عدد العربات المتعاقد عليها، ومن المقرر أن يتوالى وصول باقي العربات وفق جدول زمني متفق عليه، حيث يتم توريد 35 عربة ركاب شهريا.

كذلك تعاقــدت وزارة النقل مع شــركة جنرال إلكتريــك الأمريكية علــى تصنيــع وتوريد 110 جرارات جديدة للســكة الحديديــة، إضافة إلى إعادة تأهيــل 81 جرارا خارج الخدمــة، وتوفير قطع الغيار اللازمة لها، بتكلفة تتجاوز 600 مليون دولار.

كما أعلنت الحكومة عن خطة إنشــاء 3 خطوط ســكك حديدية جديدة بطــول 1310 كيلومترات، وهي خط «القاهرة ـ الأقصر» بطول 700 كيلومتر، وخط «الأقصــر ـ الغردقة» بطــول 300 كيلومتر، وخــط «الإســكندر­ية ـ القاهــرة» بطــول 210 كيلومترات.

وثمة خطــة حكومية أخــرى تم الإعلان عنها، وهي تشــمل مســار تطوير البنية التحتية لهيئة السكك الحديدية على مســتوى المحطات وأنظمة الإشــارات والتحويــا­ت وإقامــة مزلقانــات إلكترونية.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي جدد السيسي حديثه عن حــرص الحكومة علــى تطوير قطاع السكك الحديدية، مؤكدا أنه بنهاية العام الجاري سيتم تجديد أسطول القطارات كاملا.

وأردف «حاســبوني في ديسمبر/ كانون الأول 2021 علــى رفع كفــاءة الســكك والمحطات، مش هتلاقو عربية واحدة أو جرار قديم.»

ويبدو أن الجهود الحكومية في قطاع الســكك الحديدية ليســت كافية ليشــعر بها المواطنون، ففي جلســة اســتماع لوزير النقل كامل الوزير، أمام مجلــس النواب فــي يناير/ كانــون الثاني الماضي، وجهت النائبة البرلمانية ريهام عبد النبي طلبــا بضرورة الاهتمام بجــودة الخدمات داخل القطارات والاهتمام بالمرافق وتحديث الجرارات.

القطار الكهربائي

كما أثيــر جدل علــى مواقع التواصل بشــأن ما أعلنت عنه الســلطة بالاســتعد­اد لإقامة قطار كهربائي فائق الســرعة من المقرر أن يجري على 4 مراحل بطول ألف كيلومتر، الأولى «العين السخنة ـ العلمــن» والثانية «أكتوبر ـ أســوان» والثالثة «الغردقة ـ ســفاجا ـ قنا» والرابعة «الإسكندرية ـ الســلوم» بتكلفة قدرها 23 مليار دولار، على أن تنهي المرحلة الأولى خلال عام 2023.

ومــع الإعلان الحكومي عن المشــروع وتكلفته الكبيرة، علت الأصوات المعارضة للاســتثما­ر في مشروع بتكلفة مرتفعة، في الوقت الذي تعاني فيه قطاعات أهم من الإهمال مثــل الصحة والتعليم، دون تحرك من جانب مؤسسات الدولة.

وتســاءل رواد مواقع التواصــل الاجتماعي عن الجدوى الاقتصادية من المشــروع، خاصة المرحلة الأولى منه «العين الســخنة - العلمين» التي ستمر بمدن صحراوية منها العاصمة الإدارية الجديدة.

 ??  ?? مصريون يتجمعون عند موقع الحادث
مصريون يتجمعون عند موقع الحادث

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom