Al-Quds Al-Arabi

إسرائيل في ورطة سياسية جديدة ومفتاح حلها في يد القائمة العربية الموحدة

بعد الكشف عن النتائج النهائية

- الناصرة ـ «القدس العربي»:

بعدمــا حــطّ غبــار الانتخابــ­ات الرابعة والعشرين للكنيســت يتبين أن إسرائيل عادت مجــددا للمربع الأول وللمأزق السياســي إياه الذي بســببه ذهبت لأربع جــولات انتخابية في غضــون عامين، ممــا دفع بعــض المراقبين ووســائل الإعلام العالمية للقول بســخرية إن «الديمقراطي­ة الوحيدة في الشرق الأوسط كما تدعي إسرائيل لا تعمل ولا تؤدي وظائفها».

وتدلــل نتائــج الانتخابــ­ات علــى عجــز المعسكرين، المناصر لنتنياهو والمعارض له، عن تشكيل حكومة لعدم وجود أغلبية الـ 61 مقعدا فما فوق من بين عدد مقاعد البرلمان الإسرائيلي )الكنيست(.

ونشــرت لجنــة الانتخابــ­ات المركزيــة الإســرائي­لية النتائــج النهائيــة لانتخابــا­ت الكنيست202­1. وأعلنت المتحدثة باسم اللجنة أنها أكملت عملية فرز جميــع الأصوات وتظهر صورة النتائج أن لا أحد من المرشحين يستطيع حتى الآن تشــكيل ائتلاف حاكم. وســتعرض النتائج الرســمية على رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين الأربعاء المقبل.

حقوق مدنية للمجتمع الفلسطيني

ووفقا للنتائــج النهائية فاز حزب «الليكود» الحاكــم على 30 مقعــدا بدلا مــن 36 مقعدا في الانتخابات الســابقة، فيما يحظى كل معسكره المكون من حزبه ومن أحزاب يمين فاشي وأخرى دينية على 59 مقعدا، بينما حاز معسكر الأحزاب المناوئــة له بما فيها القائمة العربية المشــتركة على57 مقعــدا، فيما تقف في الوســط القائمة العربيــة الموحدة )الحركة الإســامية الشــق الجنوبي( مع أربعة مقاعد معلنة اســتعداده­ا للتفاوض مع كلا المعسكرين والاستعداد لدعمه في تشــكيل حكومة مقابل تلبية شروط تتعلق بحقوق مدنية للمجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، كما أكد رئيسها النائب منصور عباس في رد على على سؤال «القدس العربي».

وردا على ســؤال آخر حول احتمالات كون نتنياهو المحرض الأكبر والأخطر على الشــعب الفلســطين­ي الذي كــذب على كافة شــركائه ونكث كل وعوده لهم، قال منصور عباس «هذه المرة نتعلم من تجاربنــا ومن تجارب الآخرين وســنضع شــروطا طويلــة جدا تبــدأ بوقف هدم المنــازل العربية والاعتــرا­ف بقرى النقب ومكافحة فورية للجريمة والمجرمين في الشارع العربي وغيرها» معتبــرا أن لعب دور» بيضة القبان» والخروج من عباءة اليسار الصهيوني غير المؤثــر والضعيف ســيضع فلســطينيي الداخل في مكانة سياسية جديدة غير مسبوقة منذ نكبــة 1948. وتابــع «من النتائــج المهمة لنهجنا السياســي المغاير هو انتزاع الاعتراف والشــرعية لدورنــا السياســي دون التنازل عن ثوابتنــا وهويتنا العربية والفلســطي­نية والإسلامية».

ومــن المتوقــع أن تتصاعــد المــداولا­ت والاتصــال­ات بين كافــة الأحزاب فــي محاولة لبناء تحالفات وتشــكيل حكومــة ولو مؤقتة تحاشــيا للذهاب لانتخابات خامسة يخشاها الإســرائي­ليون بعدما سئموا الذهاب لصناديق الاقتــراع. وســيحتاج نتنياهو إلــى مقعدين للفوز بأغلبيــة ضئيلة، لكن التعاون بين اليمين المتطرف والقائمة الموحدة يبدو صعبا جدا لأن بعض شــركاء «الليكود»يرفضــون أي اعتماد علــى القائمــة العربيــة الموحــدة ويعتبرون منصور عباس امتدادا لحركة حماس.

وغرد رئيس حــزب «أمل جديــد» جدعون ســاعر، أنه بات من الواضح الآن أن نتنياهو لا يستطيع تشــكيل ائتلاف حكومي، لذلك يجب بناء «حكومة تغيير وعلى نتنياهو ترك غروره جانباً للسماح بحدوث ذلك. وشدد رئيس حزب «يســرائيل بيتينو» أفيغدور ليبرمان الخصم اللدود لنتنياهو بعدمــا كان أقرب مقربيه على ضرورة ســن قانــون يمنع متهمــا بمخالفات جنائية من تشكيل الحكومة، ودعا قادة أحزاب المعســكر المناوئ لنتنياهو إلى دعم مشــروع القانون، وقال «أنا ملتزم ببذل كل ما في وسعي لمنع انتخابــات جديدة».وأضــاف في تغريدة على «تويتــر» أن «المرحلة الأولــى )للتغيير( هي من خلال )ســن( مشروع قانون يمنع عضو كنيســت مع لائحة اتهام من الترشــح لتشكيل الحكومة. أتوقع من جميــع الأطراف التي تأمل في التغيير الــذي تحدثوا عنه خلال الأشــهر الأخيرة، تحمل المسؤولية والانضمام إلى دعم هذا القانون.

وســارع رئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد ورئيس «أمل جديد» غدعون ساعر لإعلان دعمهما للمبادرة التي يخشــاها نتنياهو وربما تحظى بأغلبية في الكنيست، خاصة إذا دعمتها القائمة العربية الموحدة.

كما كشف النقاب أمس عن أن ساعر وليبرمان شرعا بالفعل بقيادة تحركات أولية في البرلمان الجديد إلى عزل رئيس الكنيســت عن الليكود، ياريف ليفين، لفتح إمكانية دعوة الهيئة العامة للكنيســت للانعقاد وتشــكيل اللجنة المنظمة والبدء بالعملية التشريعية تمهيدا لتشريع مثل هذا القانون الذي يرعب نتنياهو.

وأمــام محــاولات «الليكود» الخــروج من المأزق بشــراء ذمم نواب من أحزاب معارضة، قال الوزيــر الســابق زئيف إلكــن من حزب «أمل جديد» فــي تصريحات صحافية إن حزبه سيعيد دراسة إمكانية سن قانون يمنع نتنياهو ـ المتهم بملفات جنائية ـ من تشــكيل حكومة، علما بأنهما كانا قد عارضا ذلك ســابقا واعتبرا أن القانــون هو قانون شــخصي وموجه ضد نتنياهــو حصرا، غيــر أن الجمود فــي الواقع السياسي ونتائج الانتخابات يحتمان «دراسة ذلك مجددا».

كما اختــار الوزير الســابق الــذي كان قد انضم إلى حزب ســاعر، يوعــاز هندل، أن يرد على رســائل الليكود الضاغطــة التي تطالبه بالانشقاق عن ســاعر والانضمام إلى حكومة يمينية برئاســة نتنياهو بالإشــارة لضرورة «تنظيف» الحلبة السياســية وتشكيل «حكومة تغيير».

فــي المقابل، ووســط تخــوف نتنياهو من تشــريع يمنع تكليفه بتشــكيل حكومة، شــن الليكود هجومــا على هذه المبــادرة ووصف، في بيان صــدر عنه، ما بات يوصــف بـ«كتلة التغيير» بأنها معاديــة للديمقراطي­ة. وقال إن «التغييــر الوحيد الذي يريدونه حقا هو ســن قوانين معتمدة فقط في إيران لتصفية المرشحين

وإلغاء الانتخابــ­ات الديمقراطي­ة وإبطال أكثر من مليون صوت للمواطنين الإسرائيلي­ين ممن منحوا ثقتهم لليكود .»

من نتنياهو إلى أبو يائير

فــي انتخابــات 1996 خــاض نتنياهــو الانتخابــ­ات للمــرة الأولى مقابل شــيمعون بيريــز وريث اســحق رابين الــذي اغتيل قبل ذلك بنحو عام، فقاد نتنياهــو حملة انتخابية عنصرية بعنــوان «نتنياهو جيد لليهود». وفي الجولات التالية كرر شــيطنة المواطنين العرب وهــوّش اليهود عليهــم كما تجلى في شــعار «العــرب يتدفقون للصناديق» فــي انتخابات 2015، وواصل تحريضه وتحذيره من التزوير وضرورة نصب كاميرات فــي انتخابات20­19 و2020. لكــن نتنياهــو غيّــر جلــده وصــار «أبو يائيــر» فــي انتخابات 2021 مســتبدلا اســتراتيج­ية الاســتعدا­ء للاحتواء: التقارب مع القائمة العربية الموحــدة، وزيارة البلدات العربية واحتساء القهوة الســادة في النقب، ولعب كرة القدم مع أولاد جسر الزرقاء.

في الظاهر تجول وتزلــف للمجتمع العربي وفي الباطن ضاعــف عدد مراقبي «الليكود»في البلــدات العربيــة )1950 مراقبــا( بالإضافة

لاســتئجار شــركة مراقبــة خاصــة )كايزلر اســتراتيج­يا(. فــي حملته هذه المــرة حاول نتنياهو اصطيــاد عصفورين بحجــر واحد: زيادة عزوف الناخبين العــرب عن الصناديق ومحاولة اقتناص مقعدين منهم لصالح حزبه. فهل نجــح؟ يبدو أنــه نجح في الهــدف الأول جزئيا فربما ســاهم لحد ما فــي تعميق الركود في الشارع العربي، وكذلك نجح جزئيا جدا في الثاني: حصــل على نصف مقعد فقط، ومع ذلك فقد ضاعف قوة «الليكود» في البلدات العربية مقارنة مع انتخابات 2020.

التمييز العنصري

في مدينــة الناصــرة حيث دعا لــه رئيس البلديــة ارتفــع التأييد لليكود» مــن 1٪ في الانتخابــ­ات الســابقة إلــى 4٪ فــي هــذه الانتخابــ­ات ) حاز على نحــو 900 صوت وهي عــدد أصوات حــزب ميرتــس فــي المدينة (. وفي جســر الزرقــاء المنكوبة نتيجــة التمييز العنصري ارتفع مــن 0.27٪ في الانتخابات السابقة إلى 5٪. وفي ترابين الصانع )عشيرة النائب السابق طلب الصانع المؤيد للمشتركة( ارتفع الليكود مــن 19٪ إلى 69 ٪ من مجمل الأصوات.

ورغــم قانــون القوميــة والغضــب علــى نتنياهــو حــاز «الليكود» في قرية أبو ســنان علــى 12٪ مقارنة بـــ 3٪ فــي الانتخابات الســابقة وارتفعت النســبة في بقية البلدات العربية الدرزية. وفي مدينة شــفا عمرو)رغم عتب رئيــس البلدية على الليكــود ومهاجمته نتنياهو لزيارته الناصرة بدلا من شــفاعمرو( ارتفــع «الليكود» من 1 ٪ إلــى 3.4 ٪. حتى في أم الفحم عاصمة الشمال ارتفع الليكود من 0.29٪ إلــى 1.5 ٪. كذلك فــي كفركنا البلدة المتميزة بكثرة شــهدائها تاريخيا وبفعالياته­ا السياسية حاز الليكود على 3.7 ٪ مقابل 0.71 ٪ بفعل مقاولي أصوات.

وفي رهط عاصمة بدو النقــب تضاعفت قوة الليكود عشــرة أضعاف: من 0.6 ٪ إلى 6 .٪ بالمجمل حاز «الليكــود» على نحو20 ألف صوت في البلدات العربية، بينمــا حاز في الانتخابات الســابقة على 10 آلاف صوت. في المقابل حصلت كتلــة « ميرتــس» الصهيونية اليســارية على نحو13ألف صوت فقط رغم ترشــيح عربيين في المكانين الرابع والخامــس، وهما غيداء ريناوي زعبي وعيســاوي فريــج، وهذا بخــاف إنقاذ ميرتس من الســقوط في انتخابات سابقة، حين منحها الناخبون العرب حوالى 40 ألف صوت.

 ??  ?? رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس ونتنياهو وبن غفير المستوطن العنصري
رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس ونتنياهو وبن غفير المستوطن العنصري

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom