Al-Quds Al-Arabi

3 تحديات تواجه الانتخابات النيابية الجزائرية المبكرة

في ظل استمرار مسيرات الحراك الشعبي بعد توقف دام سنة بسبب الفيروس

-

■ الجزائــر- الأناضــول: بدعوتــه الناخبــن إلــى الانتخابــ­ات النيابية المبكرة، يكــون الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قطع خطــوة جديدة في خريطة الطريق السياســية التي جاء بها، رغم مــا يعترضها من رهانات، كنسبة المشــاركة، واستمرار مســيرات الحراك الشعبي، وتركيبة البرلمان المقبل.

وفي 11 آذار/مارس الجاري، وقع تبون مرسوماً للتوجه إلى انتخابات نيابية مبكرة في 12 حزيران/ يونيو المقبل، بعد أيام من قراره حل المجلس الشــعبي الوطني )الغرفة الأولى للبرلمان(. وستشــهد الانتخابــ­ات المقبلة لأول مرة اعتمــاد نظام القائمة المفتوحة في اختيار المترشــحي­ن كما أقره قانون انتخابات جديد.

والقائمة المفتوحة تســمح للناخب بترتيب المرشــحين داخل القائمة الواحدة حســب رغبته، بخلاف المغلقة التي كانت تفرض عليه اختيار القائمــة كما هي، وفق الترتيب الذي وضعه الحزب.

ومع ذلك، يبــدو التوجه نحــو الانتخابــ­ات النيابية المبكرة مرتبطاً برهانات عديدة ستحدد نجاحها من عدمه. 1 - الحراك الشعبي وجاءت دعوة تبون، إلى هذا الموعد الانتخابي، في ظل عودة مسيرات الحراك الشــعبي يومي الجمعة والثلاثاء الشهر الماضي، بعد توقف دام قرابة السنة بسبب فيروس كورونا، لكنها كانت بأعداد وانتشار أقل من السابق.

وتجددت المســيرات الشــعبية الســلمية في الذكرى الثانية للحــراك الذي اندلع في 22 شــباط/فبراير 2019، رفضاً لاستمرار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن تمتد المطالب إلى التغيير الشامل والجذري للنظام.

وردد مشــاركون فــي مســيرات الجمعــة 108 )اليوم التالي( لتاريخ إعلان الموعد الانتخابي شــعارات رافضة للانتخابات.

وسبق ورفض الحراك الشعبي المســارات الدستورية التي اعتمدتها الســلطة للخروج من أزمة شــغور منصب رئيــس الجمهورية، بعد اســتقالة بوتفليقة في نيســان/ أبريل 2019 .

حيث عارض ناشــطو الحراك الانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ديسمبر 2019، واستفتاء تعديل الدستور في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

ويتزعم الحــراك تيــاران الأول يرفــض كل مبادرات السلطة ويطالب بحل كل المؤسسات والذهاب نحو مؤتمر تأسيســي، أما الثانــي فيطالب بحل متفــاوض عليه مع النظام قبل تنظيم أي انتخابات.

وتقول الســلطات إن أغلب مطالب الحراك تحققت وإن التغيير بإسقاط كل مؤسسات البلاد خطر على الدولة وإن التغيير في كل دول العالم يتم عبر انتخاب مؤسسات عبر الصناديق وعلى الجميع الانخراط في هذا المسعى.

وســبق أن أكد تبون تبنيه لخيار التغيير المؤسســات­ي

بدل تغيير الأشخاص، باعتباره أساس تغيير نظام الحكم، داعياً الجميع بما فيهم نشــطاء الحراك إلى بلورة مشروع سياســي والتوجه إلى "محك الانتخابات" وإقناع الشعب بمشروعهم.

وتعهــد تبون بضمــان نزاهــة الانتخابــ­ات النيابية القادمة، من خلال إســناد الإشــراف عليها لهيئة مستقلة وإبعاد الإدارة )وزارة الداخلية( عن العملية الانتخابية. 2 - نسبة المشاركة وتعتبر نسبة المشــاركة من أكبر الرهانات التي تنتظر الاســتحقا­قات النيابيــة المبكرة، خاصة بعد نســبة 23.7 بالمئة في استفتاء تعديل الدستور والتي اعتبرت الأضعف في تاريخ البلاد.

وقالت الســلطات إن ظروف جائحــة كورونا وطبيعة الاستحقاق باعتباره استفتاء كانت وراء تدني المشاركة، فيما قال معارضون إنها رســالة برفض الشــارع لخارطة طريق السلطة.

وفي الســياق، يعتبر الصحافي المتخصص في الشأن البرلماني، جمال فنينش، أن "نســبة المشاركة تمثل هاجساً للسلطات".

وقال: "إنها قد تكون ضعيفة مع انتعاش الحراك الشعبي وتدهور المستوى المعيشي الظاهر في موجة الغلاء وندرة بعض المواد الأساسية".

ويرى المتحــدث أن خطاب ما يعرف بأحــزاب الموالاة )حزب جبهة التحرير الوطني الحاكــم في عهد بوتفليقة، والتجمــع الوطني الديمقراطي( بات "اســتفزازي­اً ومنفراً بعد أن أصبحت تزعم أنها تمثل الحراك الشعبي".

وأوضــح أن "العــزوف الانتخابي في الاســتحقا­قات النيابية يتغذى من شــعور المواطنين المتزايد بأن البرلمان لا دور لــه ومجــرد مؤسســة واجهــة وموقــع للترقية الاجتماعية". 3 - تركيبة المجلس ومن الرهانات المرتبطة بالاســتحق­اقات المبكرة تركيبة المجلس الشعبي الوطني، الذي ســيتمخض عنها، في ظل المؤشرات التي تتحدث عن تراجع كبير للأحزاب التقليدية التي سيطرت عليه لسنوات.

ومنــح قانون الانتخابــ­ات الجديد تســهيلات خاصة للشباب، من خلال شرط منح نصف عدد مترشحي القوائم الانتخابية لمن تقل أعمارهم عن 40 سنة، وتخصيص ثلثها للحاصلين على شهادات جامعية.

ومنح القانون بصفة انتقالية )اســتثنائي­ة( تسهيلات للأحزاب السياســية والقوائم المســتقلة، كالاكتفاء بجمع عدد معين مــن التوقيعات لدخول الســباق، دون تطبيق قاعدة إقصائية حول ضرورة الحصول على نسبة 4 بالمئة من الأصوات في الانتخابات السابقة.

وحســب الناشــط السياســي مصطفى بلعريبي فإن "الأحكام الانتقالية التي جاء بها قانون الانتخابات، نجمت عنها حمى انتخابات".

وقــال بلعريبي "إن هناك رغبات كثيرة جداً للترشــح، خاصة بالنســبة للقوائم المســتقلة التي ترى أن الاكتفاء بالتوقيعات لدخول سباق المنافسة عامل مساعد".

ومع صدور القانون المحدد لحصص مقاعد البرلمان لكل ولاية )محافظة( وفق معيار الكثافة الســكانية )مقعد لكل 120 ألف نسمة(، وانخفاض عدد المقاعد بمعظم المحافظات بات من السهل استيفاء شرط التوقيعات، يضيف المتحدث.

ويشترط القانون على القوائم المستقلة جمع 100 توقيع عن كل مقعد في الدائرة الانتخابية.

ويعتقد بلعريبي بمشاركة معتبرة للقوائم المستقلة عن الأحزاب السياسية، ما سيؤدي إلى رفع مشاركة الناخبين، من جهة، لكنه ســينتج برلماناً فسيفســائي­اً بين المستقلين وممثلي الأحزاب.

وأضاف بأن أجندة رئيس الجمهورية ستكون مرهونة بتركيبة المجلس الشــعبي الوطني المقبل، لأن الدســتور الجديد، يتحــدث عن وزير أول يطبق برنامج الرئيس، في حالة فوز أغلبية رئاســية )موالية للرئيس(، وعن رئيس للحكومة يطبــق برنامجه الخاص في حالــة فوز أغلبية برلمانية )ليست داعمة للرئيس(.

وأكــد بلعريبــي أن المجلس الشــعبي الوطنــي المقبل ســينتهي إلى تحالفات سياسية، مستبعداً فوز حزب معين بالأغلبية المطلقة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom