Al-Quds Al-Arabi

الحوثيون يعيدون التهديد العسكري للسعودية إلى المربع الأول

في الذكرى السادسة لعمليات قوات التحالف في اليمن

- تعز - «القدس العربي» من خالد الحمادي:

مرت، أمس الجمعة، الذكرى الســنوية السادســة لانطلاق العمليات العســكرية لقوات التحالف العربي بقيــادة الســعودية في اليمــن دون تحقيــق نتائج عســكرية يمكن وصفهــا بـ «الانتصار العســكري » أو على الأقل تحقيق مكاسب عســكرية لقوات التحالف، مع قدرة ميليشــيات الحوثي على اســتغلال الوضع العســكري في التصنيع النوعي للســاح والتحشيد للمقاتلين والتي تمكنت من إعادة التهديدات العسكرية للســعودية إلــى المربــع الأول، دون تحقيــق الهدف الرئيس المعلن للتحالف لتدخله في اليمن.

وتزامنــت هذه الذكرى السادســة مــع العرض الســعودي لوقف العمليات العســكرية في اليمن، ويســتجدون الحوثيين القبول بهــذا العرض، رغم أن مضامينــه تصب فــي صالحهم، حيث مــا زالوا يماطلون في الموافقة بلغة واضحة وظلوا يقدمونها بالتقسيط في محاولة منهم لممارسة الضغط لكسب المزيد من التنازلات الســعودية التي تضررت كثيراً من هذه الحرب في سمعتها وفي الكشف عن ضعف قدراتها العسكرية رغم العتاد العسكري الهائل الذي تمتلكه.

وعلى الرغم من أن العالم كان يتوقع أن تقضي قوات التحالــف العربي الذي يمثل نحو عشــر دول بقيادة السعودية، غير أن نتائج الزخم الكبير الذي بدأت فيه الغارات الجوية لقوات التحالف تحت مســمى عاصفة الحزم، عشــية 26 آذار/ مارس عام 2015، ســرعان ما خبت وضمرت وتبددت وأصبحت لا تشــكل أي تهديد للحوثيين، على الأقل في الوعي الشعبي الذين وصلوا إلى قناعة بأنها غير مؤثرة أو غير فاعلة وأنه لو كانت لهــذه الغارات الجويــة تأثير علــى الحوثيين لكانت أبادتهم في مهدهم منذ الشهور الأولى.

وخلال الســنوات الســت الماضية ظــل الحوثيون يعملــون تحت مرأى ومســمع مــن العالــم على بناء قدراتهــم العســكرية وفي خلــق الفــرص والبدائل للمصادر الاقتصادية والعســكري­ة وفي إيجاد الآليات المناسبة لاستمرارهم في حرب الاستنزاف للسعودية وقــوات التحالف، حتــى تمكنوا من تحويل المشــهد العســكري من حالة الدفــاع إلى حالــة الهجوم على الســعودية، وأحدثوا ضرراً بالغاً في البنية التحتية والمنشــآت الحيوية وقبلهــا أحدثوا ضــرراً بالغاً في سمعة السعودية العسكري والدبلوماس­ي.

وفي حــن كان المتابعون نهاية الأســبوع المنصرم ينتظرون الرد الحوثي على المبادرة الســعودية لوقف إطلاق النار في اليمن، باشــرت ميليشــيات الحوثي بإمطار الأراضــي والمنشــآت الســعودية بوابل من الصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت العديد من المنشــآت النفطيــة، والتي كشــفت وزارة الطاقة الســعودية، عن تعرض إحــدى محطاتهــا الخاصة بتوزيع المنتجــات البترولية جنوبي الســعودية إلى اعتداء تخريبــي دون أن يحدد الجهــة المنفذة لذلك، لكن التحالــف العربي في اليمن كشــف أن المضادات الجوية تمكن مــن تدمير 8 طائرات دون طيار مفخخة، أطلقتها ميليشيات الحوثي باتجاه الأعيان المدنية في الســعودية، والتي حاولت استهداف جامعتي جازان ونجران )جنوبي غرب السعودية(.

وفــي كلمته عشــية الذكــرى السادســة لانطلاق عاصفة الحزم التــي أظهر فيها خلاصة هذه المواجهات بين الســعودية والحوثي، قال زعيم الجماعة عبد الملك الحوثــي: «نؤكد علــى أن الصمود هو خيار شــعبنا المبدئي، والإنســان­ي، والأخلاقــ­ي، والإيماني، وبكل الاعتبارات والحيثيات، وأنه خيارٌ مشــروعٌ لا نقاش فيه، وطالما اســتمر العــدوان والحصار، ســيواصل شــعبنا في التصدي لهذا العدوان وللحصار» والذي أوضح أن عدد الغارات الجوية للتحالف على الأهداف الحوثية بلغت منذ أول غارة وإلى اليوم، أكثر من ربع مليون غارة جوية.

وأضــاف : «نصيحتنــا لتحالف العــدوان بالوقف الفوري للعدوان والحصار، فســت سنوات كافية في إثبات فشــلهم وإخفاقهم، وقد بات من الواضح ألَّا أُفُق

لهم، ولا نتيجة، إلا تراكم المزيد من الفشــل والإجرام، هذا فقط، ونحن بالنسبة لنا جاهزون للسلام المشرف، الــذي ليس فيــه مقايضة بحق شــعبنا فــي الحرية والاستقلال، ولا مقايضة بحقوقه المشروعة.»

وفي رده على العرض السعودي المتمثل في مبادرة وقف إطلاق النار، قــال: «في الآونــة الأخيرة حاول الأمريكيون، وحاول معهم الســعودي، وحاول معهم البعض من الأوروبيــ­ن وبعض الــدول، أن يقنعونا بــأن نقايــض الملــف الإنســاني )...( وأن نربط هذا ضمن اتفاقيات وخطوات وشروط عسكرية، وشروط سياســية، نحن لا يمكن أن نوافق على ذلك، ولا يمكن أن نقبل بذلك ..»

ولوّح بالقدرات العســكرية التي يملكها الحوثيون حاليــاً كوســيلة لرفع ســقف المطالــب التفاوضية، وكشف أن جماعة الحوثي تمكنت «من تصنيع مختلف أنواع الأســلحة، من الكلاشــين­كوف، إلى الصواريخ البالستية، والطائرات المسيَّرة، والصواريخ المجنّحة .»

وأشــار إلى أن قدرات جماعته العســكرية تمكنت من توجيــه الضربات إلى عمق الأراضي الســعودية، واستهداف منشآت أساسية، وقواعد عسكرية وجوية ومطارات «وأصبحت هذه الضربات مصدر إزعاج كبير لهم» مشيراً إلى أن السعودية تمر حالياً بمآزق عديدة وفي مقدمتها المأزق الأخلاقي والإنســان­ي والسياسي والعسكري.

وبدا المشــهد العسكري الراهن في اليمن بعد ست ســنوات من الحرب الطاحنة وكأن الحوثيين كسبوا جولة الحرب ضد التحالف العربي، الذي يمثل أعتى قوة عسكرية في المنطقة، وكأنهم أعادوا المعركة إلى المربع الأول، وتجلى ذلك من خلال مواقف الحوثيين ولغة خطابهم السياسي المتشــدد رغم أنهم أضعف من ذلك بكثير، لكن لديهم قدرة على المناورات وعلى تحمــل الصدمات وخلــق البدائل وبنــاء القدرات، طبعاً عبر الاســتعان­ة بخبرات عســكرية وسياسية وإعلامية إيرانية ولبنانيــة من حزب الله اللبناني، وهو ما ساعدهم في الصمود من الانهيار طوال فترة الحرب.

 ??  ?? تظاهرة لأنصار جماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء - أرشيفية
تظاهرة لأنصار جماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء - أرشيفية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom