Al-Quds Al-Arabi

طبول الحرب ضد مقال: عندما تتقزم الدول!

سليم عزوز *

-

■ إذن هــي الحرب؛ فقد احتشــدت الهيئات الإعلاميــ­ة الثلاث فــي الجمهورية العربية المتحدة، وقامت بقصف مكثف ضد مقال، اســتخدمت فيه مفردات إعلان الحروب، لا ســيما في الدول التي يحكمها العسكر، فتدق الطبول بهدف استدعاء المقولة العسكرية التراثية «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»!

الهيئات الثلاث هي؛ المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وقد أصــدرت ثلاث بيانات مختلفــة، ضد الدكتور أيمن منصور ندا، رئيس قســم الإذاعة والتلفزيون بإعلام القاهرة، بعد أن عاود الكتابة من جديد، وكان مقاله الذي نشــره في صفحته على «الفيســبوك» يحمل عنوان «إعلام البغال من أحمد موســى إلى كرم جبر» والأول غنــي عن البيان، والثاني هو رئيس المجلس الأعلى للإعلام، وكانت هذه هي «الطلعة الأولى» بعد اعتذار نشــره، من الواضح أنه ليس على جملة مقالاته السابقة، لكن على المقال السابق لهذا الإعلان، والذي تطرق فيه للجمعية السرية التي تدير الإعلام المصري، وبدا في اعتذاره أنه تعرض لضغوط مهولة، فأكد في بيان له إنه لم يقصد الإساءة لأحد، وأن مقالاته لا تعبر عن جهة عمله، وهو أمر معروف بطبيعة الحال.

ولم أكن ســأتطرق إلى بيان الاعتذار، لولا أنه عاود الكتابة من جديد، ويبدو أن المحرض عليها هو تحدي المندوب الســامي الإماراتي في القاهرة نشأت الديهي، له في برنامجه على الفضائية الإماراتية «تن» حيث ارتكب نشــأت المذكور «الحرام المهني» وهو يعلن أنه مستعد لأن يناظره أمام طلابه، ليثبــت له أنه «متحرش» و»مزور» و»يبيع الشــهادات» وهي كلها اتهامات تضع مطلقها تحت طائلة القانون، لكن القانون في مصر في إجازة، و»الديهي» يدرك تماماً، أن أحداً لا يمكنه أن يأخذ منه حقــًا أو باطلاً، لأنه «حماية إماراتية» على وزن «حماية فرنسية» التي كانت تطلق على مواطني المستعمرات الفرنسية القديمة، إذا غادروا أوطانهم واستقروا في بلد آخر!

وهذا التطــاول ليس فقط دافعه أن من ارتكب جريمة الســب والقذف في حق «أيمن ندا» يدرك أنه فــوق القانون، لكن لأنه عندما تحداه بأن يناظره أمــام طلابه، كان يعرف بحجم الضغــوط التي تعرض لها ودفعته لإصدار بيانه بالاعتــذا­ر، الذي ذكر فيه أنه ينتمي لدولة 30 يونيو/حزيران المجيدة، ولم يضع في اعتباره أن رموز هذه الدولة هم الآن في السجون. وبعيداً عن هــذا، فإن ايمان «الديهي» بأن صفحة أســتاذ جامعة القاهــرة قد طويت، وراء التحدي في المناظرة أمام طلابه، مع أن قاعات الدرس ليست مكاناً للمناظرات، وأن الحديث عن «التحرش» و»التزوير» و»بيع الشهادات» ليست موضوعاً للمناظرات، فإن امتلك الدليل فليتقدم ببلاغ لجهات التحقيق، وهو أمر لا يسيء فقط لشخص الأستاذ الجامعي، لكنه يمتد لكليته، ولجامعته!

وإذا كان نشــأت الديهي واثقاً من قدراته الخلاقة، فلتكن الدعوة إلى حوار تلفزيوني في برنامجه، أو يستعين بصديق من فضائيات الجوار، ليجري هذه المناظرة بينهما، ولن يكون مفيداً ترديد هــذه الاتهامات التي لا يوجد دليل عليها، إلا إذا أتيــح للطرف الآخر، أن يتهمه بإدخال الغش والتدليس على المشــاهد عندما أعلن استقالته من القناة التركية التي لم يكن معيناً فيها أصلاً، وســيكون مفيداً أن يســأله المناظر له عن تاريخه الوظيفي قبل أن يلتقطه بعض السيارة في سنة 2013، وقد تبين أنه لم يكن يعمل في تركيا، وبادعاء عمله هناك صار مســؤولاً عن الترســانة الإعلامية الإماراتية التي تنطلق من القاهرة وتستهدف أردوغان، وباعتباره الخبير الاستراتيج­ي في الشأن التركي!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom