Al-Quds Al-Arabi

تضاعف تكاليف الشحن البحري لناقلات المنتجات النفطية مع تحويل عدة سفن مسارها إلى رأس الرجاء الصالح

-

■ ســنغافورة - رويتــرز: يســبب توقــف قناة الســويس اضطراباً نجم عنه ارتفاع تكاليف الشحن لناقــات المنتجات النفطيــة إلى المثلــن تقريباً هذا الأســبوع، وتحويل عدة ســفن مســارها بعيداً عن المجرى المائي الحيوي والالتفــا­ف حول رأس الرجاء الصالح في جنوب افريقيا، بينما تظل سفينة حاويات عملاقة عالقة بين ضفتي القناة.

والســفينة «إيفر غيفــن» البالغ طولهــا 400 متر جانحــة في القناة منــذ يوم الثلاثــاء الماضي، وثمة جهود جارية لتعويمها بيد أن العملية ربما تســتغرق أسابيع في ظل الطقس السيء.

وأدى توقف الملاحة عبر القناة الواصلة بين أوروبا وآســيا إلى تعميق مشــكلات خطوط النقل البحري التي تواجــه بالفعل اضطراباً وتأخيــرات في توريد سلع التجزئة إلى المستهلكين.

ويتوقع محللون تأثيرا أكبرا على الناقلات الأصغر للمنتجات النفطية، مثل صادرات النفتا وزيت الوقود من أوروبا إلى آسيا، إذا ظلت القناة متوقفة لأسابيع. وقالت المديرة المعنية بشــؤون النفط في آســيا لدى «إف.جي.إي» ســري بارافيكارا­سو «نحو 20 في المئة من النفتا الآسيوية يتم توريدها من البحر المتوسط أو البحر الأســود عبر قناة السويس» مضيفة أن إعادة توجيه مســار الســفن حول رأس الرجاء الصالح قد يضيف نحو أســبوعين إلــى زمن الرحلــة وأكثر من 800 ألف طن من اســتهلاك الوقــود للناقلات من فئة «سويسماكس»

والوقود أكبر مصدر تكلفة منفرد للسفينة، ويشكل ما يصل إلى 60 في المئة من تكاليف التشغيل.

وعلى النقيض، يفاقم توقف المرور بقناة السويس الوضع السيء لسوق زيت الغاز، أو الديزل، الآسيوية التي يعتريهــا الضعف بالفعل نظر لأن آســيا تُصدر الوقود إلى أســواق في الغرب، مثــل أوروبا، والذي يتدفق ما يزيد عن 60 في المئة منه عبر القناة في 2020 حسب «إف.جي.إي».

وتظهر بيانات ملاحية مــن «رفينيتيف أيكون» أن أكثر من 30 ناقلة نفط تنتظر في شمال وجنوب القناة للمرور عبرها منذ الثلاثاء.

وقالت «بريمار إيه.سي.إم شيببروكينغ» للوساطة في الشحن البحري «أسعار الشحن للناقلات من فئتي أفراماكس وسويسماكس في البحر المتوسط تحركت أولاً أيضا إذ بدأت الســوق تضع فــي الاعتبار توافر عــدد أقل من الســفن في المنطقــة». وأضافت أن أربع ناقلات على الأقل مــن فئة «لونج-رينج2» ربما كانت تتجه صوب الســويس مــن حوض الأطلســي تقيم على الأرجح الآن مســاراً حول رأس الرجاء الصالح. وبإمكان الناقلة من تلك الفئــة حمل نحو 75 ألف طن من النفط.

وأضافــت أن ارتفــاع الطلــب على خــام حوض الأطلسي داخل أوروبا سيزيد أيضا من استخدام تلك الناقلات الأصغر حجما ويدعم أسعار الشحن.

وزادت تكلفة شــحن المنتجات الأقل تلويثا للبيئة، مثــل البنزين والديــزل، من ميناء توابس الروســي على البحر الأســود إلى جنوب فرنسا من 1.49 دولار للبرميــل في 22 مارس/آذار إلــى 2.58 دولار للبرميل فــي 25 مــارس/آذار، بزيــادة 73 فــي المئة حســب «رفينيتيف».

وقال أنوب جاياراج، سمســار شحن ناقلات لدى «فيرنليس ســنغافورة» أن مؤشــرا قياسيا للشحن البحري للســفن من فئة )لونغ-رينج2 » من الشــرق الأوسط إلى اليابان، المعروف باسم «تي.سي1» ارتفع إلى 137.5 نقطة )ورلد سكيل( في وقت مبكر من أمس الجمعة مقارنة مع 100 نقطة )ورلد ســكيل( الأسبوع الماضــي. وعلى نحو مماثل، ســجل مؤشــر لتكاليف الشــحن للســفن من فئة «لونغ-رينج1» على مسار «تي.ســي5» 130 نقطة )ورلد سكيل( ارتفاعا من 125 في نهاية الأســبوع الماضي. و»ورلد سكيل» هي أداة للقطاع تُستخدم لحساب تكاليف الشحن.

وقال محللون إن تأثير تأخيرات الشــحن البحري على أســواق الطاقة ســيخفف منه موســم يتســم بانخفاض الطلب على النفــط الخام والغاز الطبيعي المسال. وقالت شــركة «كبلر» أن «الطبيعية الموسمية لهذه التدفقات تعني أنه من المســتبعد أن نشهد فرض ضغوط على شركات شحن الغاز الطبيعي الُمسال التي تنقل شحنات إلى الشرق إذ أن مسارات رأس الرجاء الصالــح الأطول والأقــل تكلفة تحظــى بتفضيلها.» وقال سمســار شــحن بحري يعمل من سنغافورة أن عدة ناقلات غاز مُســال حولت مســارها، مضيفا أن المعنويات تجاه أسعار الشــحن لناقلات الغاز الُمسال أكثر إيجابية بعد الحادث.

وأضــاف أن بعض المشــترين الأوروبيــ­ن الذين يترقبون تأخيرات في إمدادات الغاز الُمســال من قطر ربما يدرســون خيارات أخرى مثل الشراء في السوق الفوريــة. لكن محللين يقولون إنه فــي ظل أن الطلب على الغاز الُمسال في موســم يتسم بالانخفاض، فإن التأثير ربما يكون ضئيلا.

وقــال كارلــوس توريس ديــا،ز رئيس أســواق الغاز والكهرباء لدى «ريســتاد إنرجي» الاستشارية النرويجيــ­ة فــي مذكرة أمــس الأول أنه إذا اســتمر التوقف في قناة الســويس لأســبوعين، قــد يتأجل تســليم نحو مليون طن من الغاز المسال إلى أوروبا. وأضاف أن هــذا الرقم قد يتضاعف إلــى ما يزيد عن مليوني طن من الشــحنات المؤجلة التســليم في ظل أســوأ تصور إذا ظلت القناة متوقفة لأربعة أســابيع. في غضون ذلك، أبلــغ متعاملون فــي النفط رويترز

أنهم يتبنون نهــج الانتظار والترقب لمعرفة ما إذا كان ارتفاع المد المنتظر يوم الأحد سيساعد في حل المسألة. وقال متعامل مع شركة غربية «لدينا بعض الشحنات العالقة... الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح سيكون أسوأ». وإزاء ضبابية الأجواء، أبلغت شركة هاباغ- لويد للخدمات اللوجستية البحرية التي أثّر الحادث على عدد من سفنها، زبائنها أنها تدرس «تعديل مسار الســفن إلى رأس الرجاء الصالح»ـ وهو مسار بطول آلاف الكيلومترا­ت يلتف حول القارة الإفريقية.

بدورها قالت متحدثة باســم شــركة «ميرســك» الدنماركية، أكبر مالك للســفن في العالم، إن الشركة تدرس «جميع البدائل الممكنة».

وقالــت «ريســتاد» أن الرحلة من الســويس إلى شمال غرب أوروبا تستغرق نحو تسعة أيام بسرعات متوسطة. وأضافت أن الرحلة من قطر إلى شمال غرب أوروبا تســتغرق نحو 17 يوماً، لكــن إعادة توجيه المســار حول رأس الرجاء الصالح ربما يستغرق أكثر من 30 يوما.

وقــال توريس ديــاز «قد تكــون فرصــة مثالية للمنتجــن الأمريكيين لإبرام المزيد مــن الطلبيات في وقت أزمة لمسار النقل».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom