Al-Quds Al-Arabi

بعد «أزمة الطائرة»... نتنياهو يرفض المصادقة على طلب أردني لتوريد المياه من إسرائيل

وفقاً لرده «يحتاجوننا أكثر مما نحتاجهم»

- بقلم:عاموس هرئيل

لم يســتجب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لطلب أردني لتوريد المياه من إسرائيل على خلفية أزمة المياه في المملكة، ولــم يصادق نتنياهو على الطلب رغم مصادقة اقتراح المهنيين في جهاز المياه في إسرائيل وفي جهاز الأمن على الطلب. مقاربته تعكس عمق الأزمة بين الدولتين، التي تبدو أيضاً كمواجهة شخصية بين رئيس الحكومة والملك عبد الله.

احتدمــت الأزمة بــن إســرائيل والأردن في الأسابيع الأخيرة، بالأســاس على خلفية قضية إلغــاء زيــارة نتنياهــو للإمارات في الأســبوع الماضي، وبدأ التوتر الأخير حول زيارة مخطط لها للأمير الأردني الحســن إلى القدس. الأمير، وهو ابن الملك عبد الله، كان ســيزور الحرم، لكن حدث خلاف حــول ترتيبات الحراســة. وطالب الأردن أن يرافق الأمير عشــرات رجال الحراسة من قبله الذين سيحمل عدد منهم بنادق وليس مسدسات. وبعــد أن تم التوصل إلى تســوية مع الشــبااك حول عدد رجال الحمايــة والبنادق، اندلع جدال آخر بخصوص رغبــة الأمير في زيارة كنائس في المدينة خارج منطقة الحرم. وإزاء معارضة جهاز الأمن لذلك، قام الأردن بإلغاء زيارة الأمير.

لم يكتف الأردنيون بذلــك، بل اتخذوا خطوة انتقامية عندمــا رفضوا في اليوم التالي المصادقة لنتنياهو على رحلة طيران مخططة إلى الإمارات بواســطة طائرة ركاب إماراتية كان من شــأنها أن تهبــط في مطار عمان. في هــذه الأثناء، أعلن نتنياهو عن تأجيل زيارته بسبب مرض زوجته. وحســب تقارير نشــرت في «معاريــف» غضب

نتنياهو مــن الأردن، ورداً على ذلــك قرر إغلاق المجال الجوي لإســرائيل أمام الطيــران الأردني خلافاً لاتفاق الســام. وأجلت ســلطة الطيران تنفيــذ هذا الأمر إلى أن اقتنــع نتنياهو بالتراجع عنه.

لكــن الآن تقــول مصــادر أمنية إســرائيلي­ة وأردنية للصحيفة بأنها لم يكن الخطوة الوحيدة التــي اتخذها رئيــس الحكومة. فحســب اتفاق السلام، تحول إســرائيل للأردن وبصورة ثابتة مياهاً تســحبها من نهر الأردن. في الوقت نفسه، يطلــب الأردن أحيانــاً إضافة، على خلفية شــح الأمطار في بعض المواســم. وغالباً ما تســتجيب إسرائيل لهذه الطلبات دون أي مشكلة. تم تقديم الطلب الأخير هذا الشــهر، وناقشــته لجنة المياه المشــتركة للدولتين، التي انعقدت في الأســبوع الماضي. ورغم توصيات المســتويا­ت المهنية إلا أن نتنياهو وهيئة الأمن أخّروا بتأخير الرد، بصورة تدل على نية الرفض.

وعبرت مصادر إسرائيلية ذات اتصالات وثيقة مع الأردن، عن قلقها من خطوة نتنياهو. وحسب رأي المصادر، فإن نتنياهو يعرض للخطر، وبشكل متعمد، استقرار اتفاق السلام على خلفية العداء الشــخصي بينه وبين العائلــة المالكة. ويتجاهل الأهميــة الاســترات­يجية الكبيــرة للعلاقات مع الأردن. وذكرت المصــادر بحقيقة أن الأردن يضع حماية مشــددة على الحدود المشتركة ويوفر على الجيش الإســرائي­لي تخصيص قوات كبيرة على طول الحدود لمنــع اختراقات المخربــن ومهربي السلاح.

الأردنيــو­ن غاضبون من إســرائيل لأســباب أخرى. اندلعت في المملكة مؤخراً موجة شــديدة

إنالنتائــ­ج شــبه النهائيــة للانتخابات قبل الإعلان الرســمي، تلخص في هذا الصباح جولة انتخابية رابعة دون حســم واضح. كما يبدو كل شــيء مفتوح، لكن شــبه التعادل بــن الكتلتين ســيصعب على تشكيل حكومة جديدة ومستقرة. التعادل سيرســل الدولة إلى فترة أخرى طويلة من مصارعة سياســية، التي قد تنتهي إلى جولة انتخابية خامسة.

إسرائيل ووجهها نحو الشلل الآن، وحلفاؤها وجيرانهــا وخصومهــا يراقبــون الاضطرابات السياسية فيها باهتمام. وقد نشفق على المسؤول عــن هذا المكتــب في مجلــس الأمــن القومي في واشنطن، أو على رئيس القســم الإسرائيلي في جهــاز المخابــرا­ت المصرية، اللذين ســيضطران الآن إلى الشرح للمســؤولي­ن عنهما عن تعرجات الطريقــة الإســرائي­لية، وليس طريقــة تجميع

عالقون في القناة

لفيــروس كورونا. والأردن معني بأن تســاعده إســرائيل في نقل التطعيمات، على الأقل عشرات آلاف الحقن التي ستســاعد على تطعيم الطواقم الطبية. يحاول نتنياهو اســتخدام «دبلوماسية التطعيمــا­ت» وأن يرد المعروف بإرســاليا­ت إلى دول صديقة من سان مارينو وحتى غواتيمالا. في حين غاب مكان الأردن عن القائمة بقرار من رئيس الحكومة.

لقــد تم اقتبــاس نتنياهو مؤخــراً حيث قال: «الأردنيــو­ن بحاجة إلينا أكثــر مما نحن بحاجة إليهــم». يختلف جهــاز الامن مع ذلــك، ويعتبر الأردن حليفاً مهماً لأمن إسرائيل.

إذا تم أخيراً تشــكيل حكومة تغيير أيضاً فإنها ســتقف أمام تحديــات اســتثنائي­ة. ويمكن على الأقل فــي مرحلــة المفاوضات الائتلافيـ­ـة، توقع ضجة أبواق في الشبكات الاجتماعية في محاولة للاحتجاج على شــرعية العملية. وبعد السابقة التي وضعت في تل الكابتول بواشنطن في كانون الثاني الماضي، من الصعب في إسرائيل استبعاد حدوث أعمال عنيفة هدفهــا زرع الخوف في قلب زعماء المعسكر المقابل.

ذكريات من العام 2006

الموصين لدى الرئيس هي التي تثير الاســتغرا­ب، بل أيضــاً المرونة الفكريــة التي تســمح لليكود بالتذمــر من خصومه الذين يعتمــدون على دعم الأحزاب العربية، بينما هم يفعلون الشيء نفسه بالضبط.

رئيس الحكومــة بنيامين نتنياهــو هو الذي جعل النظام السياسي عالقاً منذ سنتين، بالضبط مثل الســفينة المصرية التي تغلق منذ بضعة أيام الملاحة الدولية في قناة الســويس. لكن نتنياهو نفسه عالق في هذه الأثناء في الحكومة الانتقالية مع وزير الدفاع، بنــي غانتس، الذي فاجأ بحملة فعالة ونجا أيضــاً في جولة الانتخابات الأخيرة. نتنياهــو كان يأمــل تحقيق فــوز واضح، يمكنه من إقصاء غانتس عن الصــورة، ويثبت حقائق جديدة، لكن النتائج شوشت خطته.

حتى لو شــكل تحالفاً، ســيقف نتنياهو أمام تحديات كبيرة على رأس «كابنت» متطرف وعديم التجربة، يعتبر فيه الوزير آريه درعي الشخصية المجربة والمعتدلة الوحيدة.

بعد ذلــك، قد تكــون هناك نــداءات تحد من الخارج. نتنياهو خصم الجيران والأعداء تعلموا قراءته. أقام مــع الكثيرين منهم شــبكة علاقات مباشــرة وغير مباشــرة على مدى سنوات تحت الــرادار. وكما قلنــا، حكومة جديــدة قد تغري الخصوم على اختبــار قدرتها. هــذا ما حدث مع إيهود أولمرت بعد بضعة أشهر على تسلم منصبه فــي 2006 عندمــا انجر بغطرســة وتهــور وراء اســتفزاز «حزب الله ». ما بدأ بخطاب تشرتشلي، ملــيء بالثناء في الكنيســت، ســرعان ما انتهى بلجنة تحقيق حول إخفاقات حرب لبنان الثانية.

وهــي تطــورات سياســية ســينتظرها كبار المســؤولي­ن في جهاز الأمن الإســرائي­لي بعصبية معينة أيضــاً، فرئيــس الأركان، افيف كوخافي، ينتظر منذ ســنتين المصادقة على خطته «تنوفاه» التي حركت موارد الجيش، لكنها ما زالت بحاجة إلى دعم كبير من الحكومة. والفجوة الاقتصادية التــي تركتها أزمة كورونا خلفها ســتصعب عليه أكثــر الحصول على ما يريده. ورئيس الموســاد،

يوســي كوهين، قد ينهــي منصبه فــي حزيران وينتظر المصادقة النهائيــة لمندلبليت على تعيين بديله د. رئيس الشــاباك، أما نــداف أرغمان فلم يحــدد بعد وريثاً له، رغم أن فترته ســتنتهي في أيار القادم.

كل حكومة، ســواء يمينية أو يسارية، سيكون عليها معالجة أزمات تتدحرج في الخارج، في حين أن عــداء كبيراً يغلي في الداخل بين المعســكرا­ت الداخلية. وسنذكر، من خلال البث المستمر عشية الانتخابــ­ات، تلك المســرحية القصيــرة «أرض رائعة » التي يوصي فيها شــاؤولي )آسي كوهين( بحــرب أهلية كحل لجميع مشــكلات إســرائيل. نأمل بأننا مــا زلنا بعيدين عن ذلك، لكن الخارطة السياســية بالتأكيد تنقســم إلى كتــل متعادية، والتحرك بينهــا هو بالحد الأدنى. هــذا نوع من اللبننة للسياســة الإســرائي­لية باســتثناء عدم وجود السلاح.

هآرتس 2021/3/26

 ??  ?? رئيس الحكومة الإسرائيلي­ة بنيامين نتنياهو
رئيس الحكومة الإسرائيلي­ة بنيامين نتنياهو

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom