Al-Quds Al-Arabi

إلى المؤرخ الإسرائيلي طاوب: إلى متى ستظل حاملاً أساطيرك المتعفنة بقولك «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض»؟

- بقلم:شاؤول ارئيلي

النقاش الذي يديــره غادي طاوب مــع مني ماوتنر على صفحات «هآرتــس» («ماوتنر، حول هذا كان يجب أن يكون النقــاش» «هآرتس» 3/19(، يــدل على أنه لم يتعلم شيئاً ولم ينس شــيئاً منذ الخط الذي طرحه في المقال الذي نشــره بعنوان «أسطورة كل – شيء يتعلق

– بنــا» («هآرتــس» 2018/7/6(: هو يســتل ما ظهر له كـ «أوراق رابحة» في مناقشــة من يتحمل المســؤولي­ة عن استمرار النزاع بين إســرائيل والفلسطيني­ين. هذه ليست سوى أساطير من التاريخ الجغرافي الإسرائيلي الذي أعيدت كتابته عن النزاع، وهي تثقل على مستوى النقاش وتلقي بظلال شــديدة على أسس الوقائع التي يبنــي عليها طــاوب حججه. ومثلما في كل أســطورة، ينســج طاوب الحقيقة داخل الكذب ليلوّن الواقع المعقد بالأسود والأبيض. يقول إن «رفض الفلسطينيي­ن يتحمل المسؤولية عن اســتمرار وجود الاحتلال» وهذه المقاربة تســاعد على تجنيد تأييد تخليد النــزاع والاحتلال في أوساط الجمهور الذي لا يعرف التاريخ. سأتطرق لعدد من الحجج البارزة.

أرض قفراء وخالية. يدعي طاوب أنه «يمكن التذكير بأن عدداً كبيراً من العرب الذين كانوا في أرض إسرائيل فــي 1948 هاجروا إلى هنا في أعقاب زخم التطوير الذي جلبه الطلائعيون اليهــود والانتداب البريطاني معهم. وبالكلمــا­ت المعروفة المنســوبة لإســرائيل زينغفيل: «شعب بلا أرض إلى أرض بلا شعب». بهذا ينضم طاوب إلى بنيامين نتنياهو الذي قال في مؤتمر في أيلول 2017 بأنه «إلى ما قبل ســنوات غير كثيرة، كانت هذه البلاد قفراء متروكــة». وينضم إلى الحاخام شــلومو افينار، تلميذ الحاخام تســفي يهودا كوك، الذي كتب في كانون الثاني 2009 بأن الفلسطينيي­ن بمعظمهم هم «جدد جاءوا منذ فترة قريبة، قريباً من حرب الاستقلال».

أولاً بالنســبة للأرقــام: فــي التعداد الــذي أجراه البريطانيـ­ـون عنــد بداية الانتــداب فــي 1922 تم في البلاد إحصاء حوالي 700 ألف عربي. فلســطين – أرض إســرائيل الانتدابية لم تكن فارغة، بل كان فيها اكتظاظ يصل إلى 27 نســمة لكل كيلومتر مربــع. وقد كانت من البــاد المكتظة من بين الدول العربية وكانت الثانية بعد لبنان. الآن، بعد مئة ســنة، ورغم أن سكان العالم ازداد عددهم بتســعة أضعاف، إلا أن اكتظاظ السكان في دول مثل كندا وأســترالي­ا وآيسلندا وليبيا ومنغوليا، أقل من أربعة أشخاص لكل كيلومتر مربع، ولا أحد يقول إن هذه الدول فارغة من الشعوب.

في الـ 25 ســنة للانتــداب زاد عدد الســكان العرب ووصل إلى 1.3 مليون شخص، حسب ما نشره في 1947 يعقوب شمعوني، الذي كان المسؤول عن المكتب العربي في منظمة الهاغاناة، و 20 - 15 في المئة فقط من الزيادة في عدد الســكان العرب كان مصدرها الهجرة. بين 70 – 100 ألف شخص. وحسب تقرير اللجنة الأنجلوأمر­يكية عام 1945، ازداد عدد السكان المسلمين في الأعوام 1922

– 1945 مــن 589 ألفــاً إلــى 1.160.000، منهم فقط 4 في المئة نســبوا إلى الهجرة. نبع أساس الزيادة من التكاثر الطبيعي، التي كانت من النسب الأعلى في العالم، ضمن أمور أخرى، بسبب ارتفاع كبير في معدل الحياة.

ثانياً، الجانــب القيمي. زاد عدد الســكان العرب في فترات الهجــرات الصهيونيــ­ة )1881‬ – 1948) ‪170 في المئة. وهي نســبة أقل من المتوســط في الدول العربية الأخــرى، وأغلبية هــذه الزيادة كانت بســبب التكاثر الطبيعي. وازداد عدد الســكان اليهود في نفس الفترة 3.090 فــي المئــة، الأغلبية كانت من الهجــرة. لماذا كان مسموحاً لليهود الهجرة إلى أرض إسرائيل فيما اعتبرت هجرة العرب مرفوضة؟

عــرف زعمــاء الصهيونيــ­ة الواقع كما هــو. وكتب إســرائيل زينغفيل في 1905: «أرض إســرائيل نفسها مأهولة». وكتــب دافيد بن غوريون فــي 1918: «أرض إسرائيل ليســت أرضاً خالية من السكان... يعيش في غرب الأردن تقريباً ثلاثة أرباع مليون». وكتب يوســف حاييم برنر فــي 1919: «يجب على شــبابنا في أرجاء العالــم أن يعرفــوا الآن الحقيقة عن أرض إســرائيل. المطلوب أن يعرفوا أن هذه البلاد فقيرة، مســكونة من قبل آخريــن في كل مــكان يمكن أن تفعل فيه شــيئاً.» يوســف الياهو شــالوش، ابن أحد رؤســاء الطائفة الســفاردي­ة في يافا، كتب في 1921: «لنقل الحقيقة المرة والمرعبة... الدعايــة الصهيونية وصفــت البلاد بأنها صحراء قاحلــة، ولا يعيش أحد فيها». وكتب موشــيه ديان في 1969: «لقد جئنا إلى هنا، إلى هذه البلاد التي كانت مسكونة بالعرب، ونقيم هنا دولة عبرية يهودية. لا يوجد مكان واحــد لم يقم بدلاً مما كان يشــكل قرية عربية سابقة .»

اليهود جلبــوا التقدم. قال العالــم الجغرافي دافيد غروســمان إنه ومــن ناحيــة تجاريــة، عرفت أرض إســرائيل تطوراً بارزاً في الثلاثين ســنة التي ســبقت الهجــرة الأولى كنتيجــة لزيــادة دراماتيكية في عدد الحجاج، في أعقاب الاتفاقات بعــد انتهاء حرب القرم 1953(‬ – ‪1956( وفتــح قناة الســويس. فرع الحجاج ضخ الأموال فــي البلاد وخلق ضغطاً على الســلطات العثمانية لتحســن الطرق والمواصلات وزيادة نجاعة الأجهــزة البيروقراط­ية والاهتمام بالأمن الشــخصي. بفضل ذلك، تم شق الطريق بين يافا والقدس في 1869، وتم مد ســكة حديد في 1892. وفتح قناة الســويس في 1869 عمل على تحســن قدرة التصديــر أيضاً، وأعطى دفعة كبيــرة لزراعة الحمضيات في العقد الذي ســبق الهجرة الأولى.

إلى حين انتهاء الحرب العالميــة الأولى، بقيت البلاد مجــالاً للزراعة البدائيــة والصناعــة الخفيفة. من بين موجة هجرة كبيــرة لملايين اليهود الذيــن خرجوا من أرجاء أوروبا وصل نحو 100 ألف شخص فقط إلى أرض إسرائيل )معظمهم لم يبقوا فيها(. وقد سكن معظمهم في المدن المختلطة، كان يوجد هناك عمــل لليهود. في فترة الانتداب وفرت الســلطات البريطانية، معظم التشغيل بواســطة مشــاريع بنية تحتية عامة كبيــرة، خططت ونفــذت بعد الحرب. اســتدعت هذه المشــاريع انتقاداً شــديداً من عرب البلاد الذين قالوا إن أموال ضرائبهم تُبدد على «إيجاد حل لمشكلة البطالة اليهودية.»

في هذه المرحلة اعتبر اليهود بالأساس كمن يشكلون العبء على اقتصاد البلاد وليس عاملاً لإشــفائه. وفي الســنوات التالية لم يكــن الواقع مختلفــاً كثيراً، ففي أعقاب الركود الاقتصادي العالمي في بداية العشرينيات

والذي كان نوعاً من موجة أزمــة قبل الأزمة الكبيرة في العام 1929، تجندت الهســتدرو­ت فــي صيف 1927 من أجل إيجاد حل عملي لأزمة التشغيل: وبمساعدة أموال الصناديق الوطنية والقــروض من حكومة الانتداب تم فتح عدة مصانع جديدة، وتم عرض أعمال مختلفة على العاطلين. وهو تحسن شعوروا به بعد سنة تقريباً، لكنه ظل علاجاً للظواهر وليس ثورة، أو حتى ليس انقلاباً.

إن إســهام اليشــوف العبري بدأ فقــط عند مجيء الهجرة الخامســة )1930‬ – ‪1939(، وتطوير الصناعة وميناء تل أبيب وغيرها، لكن أساس الإسهام في تطوير الاقتصاد )فــي هذه النقطة طاوب محق( منحته ماكينة الحرب البريطانية.

لا يوجد شــعب فلســطيني. يســأل طاوب بصورة بلاغية «أي شــعب ســكن هنا )مئات السنين( إذا كانت الهوية الوطنية الفلســطين­ية قد ولــدت فقط رداً على الصهيونية؟». هكــذا هو ينضم إلى غولــدا مئير التي قالت في 1969: «عندما هاجرت إلى البلاد لم يكن هناك شعب فلســطيني» وينضم إلى بتســلئيل سموتريتش الذي صرح في 2015 بأنه «لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلســطين­ي، نقطة». وإلى يهودا هرئيل الذي كتب بعد سنة «أقول: لا يوجد شعب فلسطيني.»

وأكد المستشــرق يهوشع )شــوكه( بورات، على أن الهوية الوطنية لعرب إســرائيل الفلسطينيي­ن تطورت رداً على وعد بلفور. لكن ثمة جواب واضح عن ســؤال: أي شــعب كان يعيش هنا مئات الســنين؟ في الـ 1300 سنة الأخيرة، منذ احتلال البلاد في القرن السابع، كان الشــعب العربي يعيش هنا. هكذا تمت الإشارة وبحق في الــرأي الذي قدمه لونســتون تشرتشــل في أثناء زيارته للبلاد في آذار 1921: «تواصل تاريخي من العام 634 وتواصــل في الحكم )باســتثناء الفترة الصليبية والعثمانية( مع ســيادة اللغة والثقافة )العربية( دون ذكر لثقافات أخرى .»

إن وعد بريطانيا لملك الحجاز، حســن بن علي، عام 1915 الذي يعادل في وزنه السياســي – القانوني وعد بلفور، بأن ســتقوم مملكة للعرب فــي المناطق العربية للامبراطور­ية العثمانية بعد انتهاء الحرب، لم يتحقق. تم تقســيم الفضاء العربي إلى انتدابات ودول حســب المصالــح البريطانية والفرنســي­ة بعــد انتهاء الحرب العالميــة الأولى. هكذا أقيمت للمرة الأولى فلســطين – أرض إسرائيل الانتدابية، بالضبط مثل كل دول المنطقة الأخــرى. وإذا كان الأمر كذلك فيجب علــى المرء إكمال الادعاء )الصحيح( لغولدا مئير بأنه لم يكن هناك شعب فلســطيني حتى وعد بلفور، وســؤال طــاوب إذا كان يعرف أي مواطن أردني أو لبناني أو عراقي أو تونســي أو جزائري، قد طور وعياً وطنياً منفصلاً بدرجة كبيرة قبل انتهاء الحــرب العالمية الأولــى. لأن جميع هؤلاء اضطروا إلى الرد على التقســيم الاستعماري، لكن في حين حظيت هذه «الشــعوب» بتقرير المصير، فقد حرم منه الشــعب العربي في فلسطين بشكل متعمد، رغم أنه كان يتمتــع بأغلبية تبلغ 90 في المئة من ســكان البلاد، ويملك 90 فــي المئة مــن أراضيها الخاصــة. في تقرير التقسيم كتب بصورة واضحة أن «مبدأ تقرير المصير لم يطبق على فلسطين، في الوقت الذي فرض فيه الانتداب في 1922، بســبب التطلع إلى التمكين من إقامة الوطن القومي اليهودي».

المؤتمــر الفلســطين­ي الثالــث الذي عقد فــي حيفا في كانــون الأول 1920 اتخــذ قراراً يطالــب الحكومة البريطانية بـ «تشــكيل حكومة من أبنــاء البلاد تكون مســؤولة أمام مجلس تمثيلي، بحيث ينتخب الشــعب الذي يتحدث اللغة العربية والذي يعيش في فلســطين حتى بداية الحــرب، أعضاء المجلــس، مثلما حدث في العراق وشــرقي الأردن». أي، تقرير مصير على أساس القوميــات المدنية الغربية، الذي يرى كابن للأمة كل من يســكن بصورة قانونية في دولة حدودها تم تحديدها. من المهم التأكيد على أن «الشعب الذي يتحدث العربية» كان يضم مسلمين ومسيحيين ويهوداً وطوائف أخرى.

إســرائيل أعطت كل شــيء، والفلســطي­نيون دائماً رفضــوا. كتب طاوب أنــه «يمكن أيضاً مناقشــة رؤية القوميــة كنفي للآخر، التــي تتجاهــل أن الصهيونية وافقت على اقتراحات التقســيم التي طرحت في 1937 و1947، وبشكل متقطع بين العام 1993 وخطة ترامب». هنا أيضاً أشــار طاوب إلى نواة الحقيقة الموجودة في الأســطورة: الفلســطين­يون رفضوا اقتراح لجنة بيل في 1937 )الذي لم يكن من شــأنه أن يــؤدي إلى إقامة دولة فلســطينية مســتقلة، بل إلى ضم القسم العربي لشــرق الأردن(، وقرار التقســيم من العام 1947. لكن بمرة واحدة يضيف للرفض الفلســطين­ي عملية أوسلو ومبادرة دونالد ترامب. ســننعش الذاكرة التاريخية. في 1988 اعترفت م.ت.ف للمرة الأولى بقرار التقســيم 181 الذي ينص علــى أن تقام دولــة يهودية في أرض إســرائيل، وقرار 242 الذي يبقي للدولة الفلسطينية، بعد أن فك الملك حسين، ملك الأردن، الارتباط مع الضفة الغربية في تمــوز 1988، فقط 22 في المئة من مســاحة أرض إســرائيل الانتدابية. طاوب وأمثاله يتجاهلون الانعطافة الدراماتيك­ية التي حدثت في حينه في موقف الفلســطين­يين، على خلفية تغييرات جيوسياســي­ة في المنطقة والعالم.

الفلســطين­يون الذيــن تمســكوا منــذ وعــد بلفور بالخطاب الــذي يقوم على حقوق أساســية وقالوا إنه تم ســلب حقهم في تقرير المصير، أدركوا أن هذا الموقف، غير المقبول على المجتمــع الدولي، قادهم إلى نكبة وإلى لجوء متواصل. فقد اضطروا رغم أنفهم إلى الانتقال إلى خطاب يقوم على الشــرعية والقــرارا­ت الدولية. مثلما قال محمود عبــاس )في مقابلة مع قنــاة «العربية» في 2008:) «لا نريد أن نفــوت فرصة أخرى. بناء على ذلك، وافقنا على تقســيم 1948 و1967، الذي لا يشمل أكثر من 22 في المئة من أرض فلســطين التاريخية». هذا الموقف أدى إلى الاعتراف المتبادل والإعلان الفلسطيني )1993) بأن «م.ت.ف تعترف بحق إســرائيل في الوجود بسلام وأمن، وتعترف بقرارات مجلس الأمن 242 و338».

هذا التغيير لم ينبع من محبة مردخاي. واســتخدام مفهوم «فلســطين التاريخيــ­ة» يدل على أنهم، حســب رأيهــم، قد تنازلوا عــن الوطن مقابل دولة فلســطينية على مســاحة 22 في المئة من وطنهم. النزاهة التاريخية تلزمنا بالإشــارة، مع ذلك، إلى أن عروض واســتعداد الحركة الصهيونية ودولة إســرائيل لتقســيم البلاد لم تنبع من محبة إســماعيل، بل مــن الإدراك بأن الأغلبية العربية بين البحر والنهر لن تسمح بوجود دولة يهودية

وديمقراطية حسب الحلم الصهيوني.

فعلياً، أول من أجــرى مفاوضات حول الاتفاق الدائم كان إيهود باراك، في كامب ديفيد 2000 وفي طابا 2001. في المؤتمرين، رغــم أن الفلســطين­يين وافقوا على نزع ســاح دولتهم وعلى ترتيبات أمنية واسعة وعلى عدم تطبيق حق العودة، رفض باراك موقف الفلســطين­يين وطلب بأن يضم لإســرائيل 8‬ – ‪13 فــي المئة دون تبادل الأراضــي، وأن يبقي تحت ســيادة إســرائيل شــرقي القدس، وحتى الحرم.

في 2008، في مؤتمر أنابوليس، قلص عباس وإيهود أولمرت الفجوات، لكنهما لم يقوما بإغلاقها إلى أن اضطر أولمرت إلى الاستقالة. خلافاً لباراك الذي صك ادعاء «لا يوجد شــريك» عاد أولمرت وأكد في مقابلة في 2012 على أن «الفلسطينيي­ن لم يرفضوا اقتراحاتي في أي وقت.»

حلم دونالد ترامب للســام الــذي طرحه في كانون الثانــي 2020 يعدّ مهزلــة لمحاولة إعــادة تعريف لحل الدولتين، إسرائيل وفلسطين. الرئيس الأمريكي السابق تبنى بصورة واضحة رواية اليمين الإســرائي­لي، ومنح أفضلية لمواقف إســرائيل في مســائل الأمــن والقدس والمستوطنا­ت واللاجئين، وأعطى تفســيراً مختلفاً عن الدارج لقرار مجلس الأمــن 242، في تناقض مع قرارات أخرى للأمم المتحــدة، وتجاهل ما تم إنجازه في جولات سابقة من المفاوضات. على ســبيل المثال، تبقي مبادرة دونالــد ترامب 93 فــي المئة من القــدس الموحدة تحت ســيادة إســرائيل، بما في ذلك 20 من الأحياء العربية والحرم وجميع الأماكن المقدسة. الفلسطينيو­ن، حسب خطته، سيقيمون عاصمتهم في مخيمات اللاجئين أو في القــرى الثلاث التي تم إخراجها خــارج جدار الأمن، بل وسيطلب منهم الإعلان عنها بأنها «القدس».

إن طــاوب محق عندما يعلن: «انشــغالي بالاحتلال غير اســتحواذي بما فيه الكفاية من أجل منحي شهادة استقامة من قبل المعسكر المتنور. هكذا، ليست لي حاجة إلى شــهادة اســتقامة كهذه». لكنه مخطــئ بخضوعه للاســتبدا­د الآنــي والســطحي، الذي يميــز الخطاب الإســرائي­لي الذي يعتوره عدم الصــدق التاريخي عند فحــص العمليات والمواقــف في النزاع الإســرائي­لي – الفلســطين­ي. وكمن يتفاخر بكونه بوقــاً ثقافياً لليمين، كان يجدر به ترسيخ حججه أكثر على نواة الحقيقة في الأساطير وليس على عنصر الخيال فيها.

المؤرخ، كما يذكر محمد طالبي التونسي، ملزم بإجراء تحليل تاريخــي صادق، «يمكــن أن يحــدث ثورة في عقليتنا... لأنه مثل قطع الأغصان الجافة والقبيحة التي تمنع النمو... وعندها يمكننا إعادة تشــكيل شخصيتنا فــي الحاضر وزيــادة حيويتها دون فصل أنفســنا عن ماضينا». في حالتنا، يمكننا تبني أمور كتبها قبل عقدين المؤرخ مردخاي )موريــا( بار أون، الذي توفي في هذه الأيام. «اليوم بإمكان الإسرائيلي­ين، بل ومطلوب وجدير بهم أن يحققوا في قضايــا وأن يقوموا بقصها بالكامل، دون تشويه أو إخفاء أو نفي. إصلاح الروايات للتاريخ الجغرافــي المجند من قبل الجيــل الأول، أمر ضروري... ويمكن الجيل الجديد من أن يفهم بصورة صحيحة أكثر جوهر النزاع لدولة إسرائيل مع العرب.»

هآرتس 2021/3/26

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom