Al-Quds Al-Arabi

رئيس المجلس السيادي في السودان يوقع «إعلان مبادئ» مع قائد حركة مسلحة

نص على «فصل الدين عن الدولة» والاندماج في الجيش الموحد

- الخرطوم ـ «القدس العربي» من عمار عوض:

وقعت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» (شمال( ممثلة بقائدها العام عبد العزيز أدم الحلو، أمس الأحد، على اتفاق إعلان مبادئ، مع رئيس مجلس الســيادة، عبد الفتاح البرهان، ينص على «فصل الدين عن الدولة « وتضمين ذلك في الدســتور المقبل، وسط ترحيب من القوى السياسية، لا ســيما حزب «المؤتمر السوداني» والحركة الشعبية / الجبهة الثورية، قيادة مالك عقار.

ونص الاتفاق على «تأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدراليــة في الســودان تضمن حريــة الدين وحرية الممارســا­ت الدينية والعبادات لكل الشعب السوداني، وذلــك بفصــل الهويات الثقافيــة والإثنيــة والدينية والجهوية عن الدولة، وأن لا تفرض الدولة دينا على أي شخص ولا تتبنى دينا رسميا وتكون غير منحازة فيما يخص الشؤون الدينية وشؤون المعتقد والضمير» كما «تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المبادئ في الدستور».

ووفــق الاتفاق «يجب أن تســتند قوانــن الأحوال الشــخصية على الدين والعرف والمعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الأساسية».

وأكد علــى تكوين جيش وطني موحد، مشــيراً إلى أنه «يجب أن يكون للسودان جيش قومي مهني واحد، يعمل وفق عقيدة عســكرية موحدة جديــدة، ويلتزم بحماية الأمن الوطني وفقا للدســتور، على أن تعكس المؤسســات الأمنية التنوع والتعدد الســوداني، وأن يكون ولاؤهــا للوطن وليس لحــزب أو جماعة». لكنه رهن إكمــال عملية دمــج جيش الحركة الشــعبية في الجيش السوداني بعلاقة الدين بالدولة وتضمينها في الدســتور، حيث نص الاتفاق على أنه «يجب أن تكون عملية دمج وتوحيــد القوات عملية متدرجة، ويجب أن تكتمل بنهاية الفترة الانتقالية وبعد حل مسألة العلاقة بين الدين والدولة في الدســتور كما هو مشــار له في الفقرة ‪.»3- 2‬

مناخ تفاوضي

وقال محمد يوســف المصطفى، عضو الوفد المفاوض للحركة الشــعبية في رســالة جرى تعميمها «الاتفاق على المبادئ الأساسية للتفاوض هو اتفاق غير مسبوق شــكلا ومضمونا لأنه يفتح الأبواب على مناخ تفاوضي يهدف للتوافق على وطن يســتحقه الشعب السوداني صانــع الثــورات، حيــث تم التوقيع عليه مــن أعلى مســتويات الطرفين، وهذه ســابقة مهمة لها ما لها من تبعات دستورية وأخلاقية .»

وتابع «الاتفاق حســم قضايا ظلــت تؤرق مضاجع شــعوب الســودان كافة وتكدر صفو حياتهــا، تتمثل في عدة مســائل، أولها وأهمها علاقــة الدين بالدولة، حيث نص الاتفاق على نــوع من المبادئ تهدف لتحرير معتقدات الناس من أي ضغــوط وإملاءات وابتزازات والإنسان حر ليعتقد ما يريد من دين ولا رقيب عليه ولا محاسب ولا مراجع إلا رب العالمين.»

وزاد «هذا يوفر فرصة تحرم كافة قوى الشر والظلام الموجودة في السودان من أن تستخدم الدين وتستغله لتبريــر ما تقوم به من ممارســات وتســويق أجندتها الخاصة وتنفيذ كل برامجها، ويحرمها الفصل الواضح

بين الديــن والدولة في هذا الإعلان من أن تســتمر في غيها واستغلال الدين من أجل أغراضها الدنيوية ليكون الدين لله وليس لمجموعة وليس لطبقة أو فئة خاصة إذا كانت فاسدة مثل ما علمتنا التجربة.»

وأشار إلى مسألة «ضرورة قيام جيش موحد ملتزم بالدســتور والديمقراط­يــة ويكبح جمــاح الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية مثل ما هو الآن، ونحن ذقنا الأمرين من هذه المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، وبالتالي وجود جيش واحد، وعدم الاعتراف بأي تشــكيل خارج الجيش خطوة مهمــة جدا لإعادة الطمأنينة للشعب السوداني، وهذا يمهد لهيكلة الجيش ليكــون حاميا وضامنا لحرية المواطــن، وليس مصدرا لإرعاب المواطنين وإرهابهم، مثل ما جرى خلال خمسين عاما، حيث كانت الحروب التي يقوم بها كلها داخلية.»

اتفاق كامل قريبا

عضو مجلس الســيادة محمد الحســن التعايشي، قال فــي تصريحات صحافية في الخرطوم «لقاء رئيس الــوزراء عبد الله حمــدوك مع الحلو فــي أديس أبابا وورشــة جوبا ولقاءات متعددة بطريق مباشــر وغير مباشر ورغبة الطرفين للوصول إلى سلام مقنع، قاد إلى هذا التقارب، وســيقود إلى اتفاق سياسي كامل قريبا جدا».

وتابــع: «هذا الاتفاق يتضمــن معالجة علاقة الدين والدولة، ومعالجة الدولة والهويات الأخرى، ووضعية الجيوش بتكوين جيش وطني واحد، وتضمين ضرورة

مبدأ المواطنة المتساوية دون الإشارة لتقرير المصير «.

كذلك رحــب رئيس حزب «المؤتمر الســوداني» عمر الدقيــر، بتوقيع الاتفــاق مع الحركة الشــعبية، وقال «نرحــب بتوقيع إعلان المبادئ بــن الحكومة والحركة الشــعبية قيادة الحلو، ونعتبره خطوة كبيرة للأمام. نتمنى بدايــة عاجلة لتفاوض مثمر حــول التفاصيل، ويجــب تكثيف التواصــل مع حركة تحرير الســودان قيادة عبد الواحد لإنجاز الســام الشامل العادل الذي يُسكت البنادق ويحشد الطاقات لمهمة البناء الوطني».

وأيضاً غرد ياســر عرمــان، نائب رئيــس الحركة الشــعبية /الجبهــة الثورية التي وقعت اتفاقا ســابقا مع الحكومة في شــهر تشــرين الأول / اكتوبر الماضي، قائلا «إعلان جوبا للمبــادئ الموقع بين رئيس المجلس السيادي برهان والرفيق عبد العزيز الحلو خطوة تعزز السلام وتعزز اتفاق جوبا وتجد منا الترحيب الكامل «.

مصدر جنوب سوداني مطلع على تفاصيل التفاوض توقــع انطلاقة قريبــة للمفاوضات والتوصل ســريعا لاتفاق نهائي بين الحكومة الانتقالية والحلو.

وقال لـ«القدس العربي» من دون ذكر اسمه : «ليس هناك أفضل من هذه الصيغة التي تجعل الدولة بلا دين رسمي، ولا هوية واحدة مع وقوفها على مسافة واحدة من جميع الأديان والثقافات والأعراق والجهات، وهذا جوهر النظام العلماني، على أن يعمل الطرفان لتضمين هذه المبادئ في الدســتور المقبل للســودان وأن يكون إدماج كافــة القوات في الجيش الموحــد المزمع تكوينه بعد نهاية فترة الانتقالية التي ســيتفق الطرفان لاحقا على مدتها، رهنا على تضمين نص في الدستور النهائي

يوضح علاقة الدين بالدولة».

وبين أنه « مع الإشارة للمواطنة المتساوية، خرج حق تقرير المصير كليا كخيار فــي الاتفاق النهائي». وتابع: «ليس بالإمــكان في هذا التوقيت الدعــوة لحق تقرير المصير فــي ظل ضمانات النظــام العلماني الواردة في الاتفاق، والواقع الدولي نفسه تغير بعد دخول الرئيس جو بايدن الذي يعتمد المؤسسية في العمل، على خلاف سلفه دونالد ترامب».

وختــم «فــي جوبا نحن نحتــاج أيضا لاســتقرار، وتحول السودان مفيد لاســتقرار دولة الجنوب. أتوقع الوصول لاتفاق ســريع جدا لتحقيق فائدة الجميع من هذا السلام».

وفــي 3 مــارس/ آذار الجــاري، بحــث البرهان مع الحلو في جوبا عملية الســام، فــي أول لقاء من نوعه بين الجانبين. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، وقع رئيس الوزراء الســوداني عبــد الله حمــدوك، والحلو، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا «إعلان مبادئ» لمعالجة الخلاف حول العلاقة بين الديــن والدولة وحق تقرير المصير، لكسر جمود التفاوض.

وتقاتــل الحركة الشــعبية، القــوات الحكومية في ولايتي جنوب كردفان )جنوب( والنيل الأزرق )جنوب شرق( منذ يونيو/ حزيران 2011.

وفي 3 أكتوبر/ تشــرين الأول الماضي، جرى توقيع اتفاق جوبــا بين الحكومــة الســوداني­ة وممثلين عن حــركات مســلحة منضويــة داخل تحالــف «الجبهة الثورية» فيما لم تشــارك فيه الحركة الشعبية، وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، التي تقاتل في دارفور. وإحلال الســام في السودان أحد أبرز الملفات علــى طاولة حكومة حمــدوك، وهــي أول حكومة منذ أن عزلت قيادة الجيش في أبريل/ نيســان 2019، عمر البشير من الرئاســة، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom