Al-Quds Al-Arabi

«لغز» تجنب تعيين «وزير للصحة» يثير التساؤلات في الأردن: الوباء في «الذروة» على الأرجح و«الوفيات» مقلقة جداً

- عمان- «القدس العربي» من بسام البدارين:

لا أحد يســتطيع أن يفهم بصورة محددة خلفية الامتنــاع حتى اللحظة وللأســبوع الثالث على التوالي عن تعيين وزير صحة جديد في الأردن خلفاً للوزير المســتقيل من باب المســؤولي­ة الأدبية بعد حادثة مستشفى السلط الدكتور نذير عبيدات.

لا تــزال وزارة ضخمة مثل الصحة وفي وقت أزمــة الفيروس بلا وزير، وكلــف بها بالوكالة وزير الداخلية الجديد فــي الحكومة أيضاً مازن الفراية المرتبط بالوقت نفسه بخلية الأزمة في المركز الوطني للأزمات.

سياســياً، يحمــل الوزير الفرايــة وبجهد ملموس ثــاث بطيخات بيد واحــدة، كل منها في حجم كبير ويحتاج إلى فريق كامل، إلا إذا كان المقصود ببقاء الحكومة دون وزير للصحة هو ترتيب ما لا تلتقطه مجســات الخبراء والسياسيين والإعلاميي­ن بعد.

يحتفــظ رئيس الــوزراء الدكتور بشــر الخصاونة بخلفية وســر عدم الاســتعجا­ل باختيار وزير للصحة. وحتى خبير الفيروسات الأهم أو المهم في البلاد والوزير الســابق الدكتور عزمي محافظــة وهو أيضاً عضو لجنة الوباء الوطنية، لم يمنح المهتمين تفسيراً منطقياً لهذا الأمر على هامش ندوة مغلقة وخاصة شــاركت بها وحضرتها «القدس العربي» في العاصمة عمان ظهر السبت.

الانطباع قوي بأن الاســتمرا­ر فــي إدارة الأزمة وخلاياهــا مع وزارتي الصحة والداخلية بين يدي رجل واحــد، هو الجنرال الفراية، أمر تنتج عنه عشــرات التســاؤلا­ت، فيما شــخص واحد على الأرجح هو رئيس الوزراء يحتفظ بأوراق هــذه الخطوة الغريبة، خصوصــاً أن الحديث عن وزارتين خدماتيتين هما الأضخم في القطاع العام. والحديث عن وزارة صحة تخوض معركة وجودية مع الفيروس عبّر عن مؤشرات القلق الأكبر فيها الأمين العام للوزارة الدكتور غازي شركس، عندما قال بعد ظهر الأحد بأن البلاد قد تكون وصلت للذروة الوبائية لكن الوفيات تقلقنا.

صعب جداً توقع اســتراتيج­ية العمل في هذا الملف، التي قررتها رئاســة الوزراء بعد انكشاف الكثير من مظاهر التقصير والقلق إثر حادثة أوكسجين السلط في الوزارة المرهقة. مبكراً صرح الوزير بالوكالة الفراية بأنه، كوزير للصحة، ســتكون مهمته حصرياً توفير ما يمكن من الضمانات حتى لا يموت مواطن أردني آخر بسبب خلل أو تقصير.

تصريح مغرق في الدقة ويعني سياسياً الكثير، فالوزير ضمنياً هنا يبلغ الــرأي العام بأنه لن يتدخل فــي الجوانب الفنية والطبيــة، وبأن وظيفته بخلفيته العســكرية قد تكون حصرياً عملية نفــض الغبار إدارياً عن وزارة الصحة.

ولعل الوزير قام في هذا الاتجاه ببعض الخطوات التي أثارت الجدل، فقد

أحال على التقاعد 14 موظفاً في وزارة الصحة، بينهم 9 من كبار المستشارين، وأمر بمخالفة طبيب شــوهد دون كمامة، وانشــغل إداريــاً بتحصين نظام تخزين وبث الأوكسجين في المستشفيات.

تلك طبعاً قرارات وخطوات إدارية، لكنها لا تجيب على الأسئلة المعلقة؛ فأمــام «القدس العربي » كان الطبيب والسياســي البــارز الدكتور ممدوح العبادي يؤكد مجدداً على أن وزارة الصحــة في هذه الظروف تحتاج حقاً لما هو أكثــر بكثير من وزير مختــص ومن أبناء القطاع فقــط، فهي تحتاج إلى إداري رفيع المســتوى يعرف القطاع، والأهم يعرف المشــكلات وكيفية معالجتهــا. أما الأكثر أهمية وقبل بقية الاعتبارات فهو ضخ المال في ميزانية هذه الوزارة في هذا الظرف الحساس، وتعزيز إمكاناتها المالية والفنية.

تلك معطيات لا تشرحها الحكومة.

لكن ثمة ســيناريو مفترض يتحدث عن تعيين عقل الدولة لوزير محدد للصحة تسبق اختياره، لتجنب المطبات والمزالق والمفاجآت، عملية تنظيف إدارية مطلوبــة داخل الوزارة قد تكــون تلك التي يتولاهــا حالياً الوزير بالوكالة، مع أن وزارة الداخلية نفســها وفي الظرف الحالي نفسه تحتاج إلى تفرغ كبير جداً في وعلى أكثر من مستوى.

وهو ســيناريو محتمل في السياق البيروقراط­ي لكنه قد يبدو ارتجالياً، فيما لا تجيب الحكومة على الســؤال اللغز الذي يمنع اختيار وزير للصحة الآن رغم وجود 6 أو 7 خيارات من أبناء القطاع الخبراء الذين لديهم خلفية سياسية ورفيعة في الوقت نفسه.

ســيبقى على الأرجح ضغــط العمل والعبء كبيراً علــى الوزير الفراية مــادام يحتفظ بحقيبتين معاً وإن كانت المؤسســة أميــل إلى الحكمة بعدم التســرع بتعيين وزير جديد للصحة، لأن المواقع والأنمــاط الإدارية تتأثر باجتهادات الأشخاص في مجلس الوزراء.

هنا وفي الندوة التي نظمتها جمعية الشفافية الأردنية، تحدث الدكتور محافظة عــن الحاجة إلى مقاربة فعالة أكثر تشــتبك مــع المعطيات، وقال بأن الجهد الذي تبذله المؤسســات الرســمية كبير ومهم، لكن تطوير الأداء والعودة إلى تفعيل الخطــوات العلمية من المكونات الأساســية اليوم في الاشتباك.

تم تعيين أمين عام جديد لوزارة الصحــة هو الدكتور محمود الزريقات، وعقــد خبير الوبائيــا­ت الأبرز الدكتــور وائل هياجنة، الذي تســلم ملف كورونا انتهي وسيغادر موقعه إلى الولايات المتحدة. وتلك ترتيبات إدارية لا تعفي من السؤال الأساسي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom