المدرّسون المغاربة يلوحون بالعودة للإضراب عن العمل والممرضون يخرجون إلى الاحتجاج رغم المنع
مــا زال الحــراك الاجتماعــي في قطاعــات حيويــة كالتعليم والصحــة متواصــا في المغــرب، رغم أســلوب التشــديد الذي تمارســه الســلطات العموميــة. فبعد تنظيــم الممرضــن لوقفة احتجاجيــة أول أمس في الرباط، مــن أجل دعوة وزارة الصحة للتفاعل الإيجابي مع مطالبهم المهنية، أعلن المدرســون عن قرب عودتهم للاحتجاج، مؤازرين بهيئات نقابية وحقوقية وحزبية.
وهكــذا نظم مجموعــة من الممرضــن والممرضــات المغاربة، وقفة احتجاجية في الرباط، وذلك بسبب تجاهل وزارة الصحة لمطالبهــم. وأدرج موقــع "فبرايــر" فيديوهــات تصــوّر مشــاهد مــن الاحتجاجــات، حيــث ردد المتظاهرون شــعارات وهتافات لضرورة أخذ مطالبهم بعين الاعتبار؛ لكن وقفتهم قوبلت بتدخل للقوات العمومية التي منعت التظاهر، تنفيذا للقرار الذي اتخذته ولايــة العاصمة، حيــث أعلنت عن منع أي تجمهــر أو تجمع في الشارع العام، تفاديا لكل ما من شأنه خرق مقتضيات الطوارئ الصحية الناتجة عن تفشي فيروس كوفيد-19.
وجاءت هذه الوقفــة مع اســتمرار ردود الفعل حول تعنيف المدرســن "المتعاقدين"، الأســبوع قبل الماضي، خــال تنفيذهم تظاهرة في الرباط، للمطالبــة بإدماجهم في الوظيفة العمومية. ومــن ثمن وجهت "العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنســان" رســالة مفتوحــة إلى رئيس النيابــة العامة الوكيــل العام للملك لــدى محكمة النقض، للمطالبة بفتح تحقيق في الاعتداءات التي تعرض لها المدرسون المحتجون.
وجاء في الرسالة التي تلقت "القدس العربي" نسخة منها أن الرأي العام صدم لمشــاهد ووقائع القمع والتعذيب التي تعرض إليهــا المدرســون والمدرســات المفــروض عليهــم التعاقد خلال مشــاركتهم في المســيرتين الاحتجاجيتين المنظمتــن في مدينة الرباط.
وأضافت أن المغاربة اســتنكروا الاســتعمال غير المتناســب للقوة مــن قبــل الســلطات العموميــة، وتحولــه أحيانــا إلــى عنــف وتعذيب، بشــكل يتنافى مــع مقتضيات الظهيــر المتعلق بالتجمعــات العموميــة، والتزامات المغــرب الدولية خاصة في مجــال مناهضة التعذيب وغيــره من ضروب المعاملة القاســية أو المهينــة، حيث تم تعريض حياة المحتجين والمحتجات، للخطر، الإضافة إلــى التحرش ببعض المدرســات وإهانتهــن والتنكيل بهن، حسب التصريحات التي أفادت بها بعض الُمعنَّفات.
وقالــت العصبــة إنها إذ تثمــن تحريــك النيابــة العامة على
مســتوى المحكمة الابتدائية في الرباط، لمسطرة البحث في حق أحد المعتديــن الذين وثقــت اعتداءاتهم أشــرطة فيديو وصور منشــورة على مواقع التواصل الاجتماعــي، وبعد الاطلاع على بلاغات أكثر من جهة مســؤولة والتي أكــدت إحداها أن المتهم لا علاقة له بالأجهزة المشاركة في عملية فض الاحتجاج، فإنها تدعو رئيس النيابة العامة إلى فتح تحقيق مع باقي المشــاركين في العملية الذين شــاركوا في قمع المحتجين، ممن لا صفة لهم، والذين وثقتهم صور وأشــرطة الفيديو يرتــدون زيا مدنيا، مع شمول التحقيق لجميع الأشخاص المسؤولين عن ذلك.
كما طالبت بتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاء في حق من
أعطى الأوامر بحضور هؤلاء الأشــخاص الذين نسبتهم منابر إعلامية إلى جهاز أعوان السلطة.
وكتبــت البرلمانيــة والإعلاميــة حنــان رحــاب تدوينة على "فيســبوك" أوضحــت فيهــا أن "الاحتجــاج على السياســات العموميــة ليســت جريمة ولا خيانــة، بل أحيانا قــد تكون قمة الوطنيــة، لأنها تنبــه إلى مواطــن الخلل..." وتابعــت قولها "لا تخافــوا من الاحتجاجات، فالمحتج/ة في كل الأحوال مازال له أمــل في إمكانية الانتصاف، وما زال مؤمنــا بقدرة الدولة على إيجــاد الحلول، لذلك يتوجه لها، فــي لحظات الأزمة الاحتجاج أفضل من الصمت.
الصمــت ليس دائما دليل رضا، بل غالبا يكون علامة إحباط وفقدان ثقة وأمل، بينما رفع الصــوت بالاحتجاج والاعتراض يعني أن الناس مازالت تنتظر أن يسمع لها أي لها أمل.
لا تقتلــوا امــل النــاس، لا تجرمــوا الاحتجاج، لا تبخســوا ديناميــة حية. قــادرات وقادرون دولة ومجتمعــا، على العبور فوق الجسر نفسه، بالإنصات المتبادل والحوار."
وأعلنت نقابــة التعليم التابعــة لـ"الكونفدرالية الديمقراطية للشــغل" عن اعتزامها تنفيــذ إضراب عن العمل يــوم الاثنين 5 نيســان/ أبريل المقبل مصحوب بوقفــة احتجاجية أمام وزارة التعليم في الرباط، اختير له شعار "كرامة نساء ورجال التعليم خط أحمر".
وأفــاد بيــان اطلعــت عليــه "القــدس العربــي" أن الســاحة التعليمية تشــهد "حصارا تاما واحتقانا شــديدا وغضبا عارما جــراء تعطيل الحــوار والتفاوض القطاعــي وتجاهل الحكومة ووزارة التربيــة الوطنيــة )التعليــم( للمطالــب المحقــة وعــدم وفائهمــا بالالتزامات الســابقة والإصــرار على الاعتــداء على كرامة المدرس ومكانته الاعتبارية في المجتمع.
وعزت النقابــة الاحتجاج إلى عدة عوامــل في مقدمتها قمع ومنع الاحتجاجات المشروعة للشغيلة التعليمية والإجهاز على حق التعبيــر والتظاهر الســلمي المكفول دســتوريا والتضييق على ممارســة حــق الإضراب. بالإضافة إلــى الاقتطاعات غير القانونية من أجور المضربــات والمضربين، والهجوم المتواصل علــى مكتســبات وحقــوق الشــغيلة التعليميــة، وعلــى المكانة والصــورة الاعتبارية للمدرس. كما انتقــدت النقابة إقفال باب الحــوار، وانفــراد وزارة التعليم بتدبيــر القطــاع والإمعان في اســتبعاد الحركــة النقابية، والتنصل مــن الالتزامات، والتلكؤ والتماطــل فــي إخــراج المراســيم وعــدم الاســتجابة للمطالب العادلة والمحقة لعموم الشغيلة التعليمية.
وأوضحــت أن تحديــات المرحلــة الحالية تفــرض ضرورة الدفاع عن المدرسة العمومية، كضامن للتوزيع العادل للمعرفة، ومنطلــق أساســي لتحقيــق التنميــة المنشــودة، وعــن كرامة ومطالــب وحقــوق كل العاملــن بها، وعــن حق أبنــاء وبنات الشــعب المغربي في تعليم جيد ومجانــي، تعليم موحد وموحد يفتح أفاق انفتــاح المغرب على الحضارة الإنســانية وعلى قيم الحداثة.
وأعلــن المدرســون المتعاقــدون عــن عودتهم للإضــراب عن العمــل مــن 5 إلــى 8 نيســان/ أبريــل المقبــل. وأوضحــوا في بيــان لتنســيقيتهم نشــر علــى "فيســبوك" إنهم ســيواصلون عمليــات مقاطعــة لقاءات المفتشــن والأســتاذ الرئيــس، وما يســمى بالتأهيل المهني، وكــذا اقتراح الامتحانات الإشــهادية والاســتعداد لمقاطعتهــا حراســة وتصحيحــا. كمــا قــرروا الاستمرار في عملية الانسحاب من مجالس المؤسسة، وتجميد أنشــطة النوادي التربويــة، ومقاطعة تطبيق المســار كليا، وما يرتبط به من عمليات من مسك نقط المراقبة المستمرة وغيرها.
وأفــاد البيــان أيضــا أن المدرســن المتعاقديــن ســيحملون الشارة الســوداء بدءا من اليوم الاثنين تنديدا بمحاكمة زميلهم إســماعيل كــزو في جهــة درعــة تافيلالــت، مطالبــن بتبرئته وإسقاط كل التهم الموجهة إليه.