تونس: «النهضة» تقاضي وسائل إعلام نشرت شائعات مغلوطة حول «ثروة» الغنوشي ... وشقيق الرئيس يحذّر من استخدام المحكمة الدستورية لعزله
«التيار الديمقراطي» يطالب بمحاسبة نائب «كفّر» أمينه العام
قررت حركة النهضة التونسية مقاضاة وسائل إعلام نشرت شائعات مغلوطة حول "ثروة" رئيس الحركــة ورئيــس البرلمان، راشــد الغنوشــي، فيما حذّر شــقيق الرئيــس قيس ســعيّد من اســتخدام المحكمة الدستورية لعزله، في وقت تقدم فيه حزب التيــار الديمقراطي بشــكوى قضائية ضــد النائب راشــد الخياري بعد "تكفيــره" لأمينــه العام غازي الشواشي.
وجاء في بلاغ أصدرته الحركة، مســاء الســبت، "تبعــا للمقــال المضلّل الــذي عمدت جريــدة الانوار نشــره، والذي تدعــي فيه زورا وبهتانا أن الأســتاذ راشد الغنوشي رئيس الحركة ورئيس مجلس نواب الشعب يمتلك آلاف المليارات ويدير شبكات أسلحة قاريّــة وغيرها من الادعــاءات الكاذبة، فــإنّ حركة النهضــة يهمّهــا التعبير عــن ادانتها لهــذه المقالات التضليليّــة التي تذكرنا بــذات الأدوار والأســاليب التي كان يعتمدها الاســتبداد في تشويه المناضلين وتلفيــق التهم المجانيّة لهم، وهو أســلوب المفلســن ومن باعوا ضمائرهم بأبخس الاثمان".
كمــا اعتبــرت الحركــة أن "الحملــة الاعلاميّــة المتناغمة والمتزامنة والتي تســتهدف حركة النهضة ورئيسها، هي ردّة فعل بائســة في محاولة للتعمية عن التســريبات التي كشــفت للتونسيين مخططات أعــداء الديمقراطيــة فــي الكيــد لمؤسســات الدولة والعبــث بها"، مشــيرة إلى أن قــررت تكليف مكتبها القانونــي بـ"متابعــة كل المضلّلــن والكذبــة وتعلم الــراي العام انها رفعــت عددا مــن القضايا في حق بعض الأشــخاص والمؤسســات التي تعمدت نشــر الإشــاعات والأكاذيــب دون تكليف نفســها واجب التحرّي والتدقيق".
كما أصــدرت حركــة النهضــة بلاغا آخــر أكدت فيه أنه "اثر حملات التشــويه ورفع قضايا ضدهم، جريــدة "العــرب" وموقع "ميــدل إيســت أون لاين" يلتزمــان بإزالة أربع مواد إعلامية تضمنت تشــهيرا براشــد الغنوشــي، وفق بــاغ صحافي صــدر عن Carter-Ruck" مكتــبالمحامــاةالبريطانــي "المكلــف من قبــل الأســتاذ راشــد الغنوشــي بتتبع حملات التشويه التي طالته".
ويتعلق الأمر بثلاث مقالات ومقطع فيديو نشرت فــي تواريخ مختلفة خلال عام 2020 "وســيتم إزالة هذه المــواد الصحافية عقب الحكم لفائدة الأســتاذ راشد الغنوشــي في دعوى التشهير ضد مؤسسة "ميــدل إيســت أونلاين" لــدى المحكمــة الإنكليزية العليــا في عام 2020 والتســوية اللاحقة لإجراءات التشهير المنفصلة التي رفعها ضد "العرب" وتتعلق مقال مشــابه إلى حد كبير لتلك التي كانت موضوع الدعوى المرفوعة أيضا ضد ميدل إيست أون لاين".
وكان الغنوشــي تقــدم بشــكوى للقضــاء البريطانــي بشــأن أربــع منشــورات نشــرتها الوســيلتين المذكورتــن وتحتــوي علــى "ادعاءات كاذبــة وتشــهيرية في حقــه، مضمونهــا أنه جمع ثروة مفرطة، بما في ذلك من الفســاد والأموال غير المشــروعة مصدرها جهات أجنبية بعنــوان العمل الخيــري. ويجــدّد الأســتاذ الغنوشــي بالمناســبة تأكيد التزامه بالعملية الديمقراطية، وبإرساء نظام ديمقراطي في تونس يقوم على التعددية والتداول الســلمي على الســلطة. وهو الهدف الــذي كان ولا يزال مخلصا له منذ فترة طويلة".
وحذر الخبير الدســتوري نوفل ســعيّد، شــقيق الرئيس التونسي، من استغلال المحكمة الدستورية فــي اعفــاء الرئيــس مــن مهامــه، حيث كتــب على حســابه في موقع فيســوك "بالرجوع الى مســألة إعفــاء الرئيس مــن مهامه، التي هــي مربط الفرس بالنســبة للذين يســارعون اليوم لتأسيس المحكمة الدســتورية، فإنهــا مبدئيــا لا يمكــن أن تحــدث الاّ عنــد الخــرق الجســيم للدســتور من طــرف رئيس الجمهوريــة، وبالتالــي طالما أنّ رئيــس الجمهورية يمارس اختصاصاته الدســتورية في كنف احترام الدســتور، فإنّه لا يمكن للمحكمة الدستورية مبدئيا أن تقــرر عزله. ولنعد قليلا الى مســألة أداء اليمين، فبإقرار الجميع، الرئيس لم يرتكب خطأ دســتوريا عندمــا لــم يقبل بتلقــي يمين الــوزراء الجــدد، لكن السياســيين المناوئــن لرئيــس الجمهوريــة يرون ويصــرّون على أنّه قد ارتكب خطأ جســيما ونادوا حتى بعزله لهذا السبب"
وأضاف "والخطورة كلّ الخطورة على اســتقرار مؤسســات الدولة تكمــن في الخلــط المتعمد الذي يقوم بــه المعارضون لرئيــس الجمهورية اليوم بين خرق الرئيس للدستور- الذي لم يحصل - وبين ما يعتبرونه هم خرقا من ناحية مصالحهم السياسية. والخطورة تــزداد اذا ما علمنا أنّ تعجيلهم بإحداث المحكمــة الدســتورية الآن هو بغــرض تكريس هذا الخلط بتلبيــس القانون بالسياســة والدفع به الى الأقصى ضــد رئيس الجمهوريــة. خصوصا اذا ما علمنــا أنّــه حســب الفصل 88 مــن الدســتور يكفي لأغلبيــة أعضــاء مجلــس نــواب الشــعب المبــادرة بلائحــة معللــة لاعفاء رئيــس الجمهوريــة. لا يجب أن يفهــم مــن خلال ما أقــول أنّ رئيــس الجمهورية يجب أن يبقى بعيدا عن المســائلة. هذا غير صحيح، فالرئيس يجب أن يســأل مثله مثل بقية السلطات، ولكن اذا ما خرق الدســتور لا اذا ما خالف أهواءكم السياســية". وتابــع بقولــه "ان اســتنبات المحكمة الدســتورية في هذا الظرف المأزوم والاعتماد عليها للتصدي لرئيس الجمهوريــة، والتعويل على تعيين أعضاءها على أساس الولاءات السياسية لتسهيل تلبيس القانون بالسياســة، يشــكل خطرا جسيما على هذه المحكمة يجب التوقي منه. أخطأتم المرمى، فالمحكمة الدســتورية ليست الآلية الفضلى لتحريك الخطوط".
وكان البرلمــان التونســي صــادق أخيــرا علــى القانــون الأساســي للمحكمــة الدســتورية )أعلى ســلطة دســتورية في البلاد(، وســط خلافات بين عدد من النواب حول الشخصيات المقترحة لعضوية المحكمة، وحول اعتماد مبدأ التناصف )المســاواة( بين الرجال والنشطاء بالنسبة للأعضاء.
فيما أصــدر حزب التيار الديمقراطي بلاغا أدان فيــه "حملة التكفيــر الممنهجــة التــي يقودها أحد المتطرفــن المتســللين إلــى مجلس نواب الشــعب )فــي إشــارة للنائب راشــد الخيــاري( وعدد من الصفحــات المأجــورة ضد أمينــه العام الأســتاذ غازي الشواشــي. كمــا يحمل التيــار الديمقراطي هذا التكفيري مســؤولية أي اعتداء يلحق بالأمين العــام غــازي الشواشــي جــراء هــذا التحريض، ويدعــو النيابــة العموميــة إلى التحــرك ضد هذه الدعوات التكفيرية لما فيها من خطر على الســامة الجســدية للفاعلــن السياســيين وتهديد لمســار الانتقال الديمقراطي".
ويأتــي البلاغ فــي إطــار التراشــق المواصل بين حزب التيــار الديمقراطي والنائب راشــد الخياري عقب نشــر الخياري تسجيلات مســربة للنائب عن الحــزب ورئيس الكتلــة الديمقراطيــة، محمد عمار، تســتهدف عدد من الأحزاب التونسية، وهو ما دفع الشواشي إلى مهاجمة الخياري، ود الأخير باتهام الشواشــي بالإســاءة للقرآن وأحكام الإسلام بعد مطالبته بالمساواة في الميراث.