Al-Quds Al-Arabi

«بيت الخزف»: طوق نجاة لنساء في «نصف جبيل» الفلسطينية

-

صناعة الخزف

■ نابلــس ـ الأناضــول: بجــد ودقــة عاليــة، تلون الشــابة الفلســطين­ية ســهام عويص، أواني خزفية لتنتج مع أربع سيدات أخريات في قريتها الصغيرة «نصف جبيل» شمالي الضفة الغربية المحتلة، قطعاً فنية، في محاولة لتأمين مصدر دخل لعائلاتهن.

تقول عويص )24 عاماً( إنها تعلمت فن الرسم على الخزف خلال دورة تدريبيــة، أهّلتها وصديقاتها للعمل فــي مركز مختص يطلق عليه «نصف جبيل للسراميك».

ويتبع «نصف جبيل» لمركز «الفسيفساء» في مدينة أريحا شرقي الضفة الغربية، الذي يُعنــى بحفظ التراث من خلال تدريب الأفراد على صناعة الخزف والفسيفساء.

وتقع القرية، التي لا يتجاوز تعداد سكانها 500 نسمة، قرب بلدة سبسطية، إلى الشمال من نابلس، وهي منطقة أثرية يؤمّها السياح من مختلف دول العالم.

مصدر دخل

وهي تشــير إلى صعوبة إيجاد فرص عمل في قريتها، فضلاً عن صعوبة وصول الفتيات للعمل في مدينة نابلس القريبة، نظراً لعدم توافر مواصلات.

تقول سهام عويص، إنها وجدت ضالّتها في الرسم على الخزف، وبــات لديها مصدر دخل مثّل طوق نجاة لهــا للتخفيف من الأعباء الاقتصادية.وســهام حاصلة على بكالوريوس في السياحة والآثار من جامعة النجــاح في نابلــس، لكنها لم تحظَ بفرصــة توفر لها وظيفــة. وتضيف وهي تُمســك بقطع خزفية تُزينهــا بالألوان بعد الرسم عليها بأشكال هندســية، أن «كل واحدة منا تُنتج قطعاً تُعبر عن شخصيتها، وتعكس ذوقها، وتفضيلها للأشكال والألوان.»

وتتابــع: «يختلف تزيين كل قطعة عن الأخرى، فلكل منها رســم ولــون خاص، وبذلك يحصل كل زبون على قطع لا تتكرر مع غيره.. فالرسم عالم واسع، ودمج الألوان يُعد فناً بحد ذاته.»

مهمة أصعب

وتنتج الفتيات أواني للطهي وأخرى للزينة، يسوقنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبشــكل مباشر للســياح الأجانب، لكن هذه الأخيرة تضررت كثيراً بفعل قيود جائحة كورونا.

وللتغلب على ذلك، بحثت الفتيــات عن طرق أخرى، فلجأن إلى تسويق منتجات لـ «عرب الداخل» (فلسطينيين يحملون الجنسية الإســرائي­لية( حيث وفّــرن نقاط بيع فــي مدنٍ بالضفــة الغربية والقدس، وكذلك داخل إسرائيل.

كمــا تعمد الفتيات، بحســب عويص، إلى التســويق الخارجي للمنتجات عبر الإنترنت.

وإلى جانب سهام، تعمل لمى عويص )27 عاماً( في صناعة الخزف

وقطع الصلصال، لتوفير دخل مساعد لأسرتها.

تقول لمى، وهي ربّة منزل حاصلة على شــهادة البكالوريو­س في اللغة العربية، إن عملها يتضمن أشكالاً عديدة من الإبداع.

ولأصالة صناعة الخزف، اختار مركز «الفسيفســا­ء» في أريحا، منــزلاً أثرياً يعود عُمره إلى مئات الســنين، وأعــاد ترميمه ليكون مقراً له حيث تعمل الفتيات الخمــس. وقبل جائحة كورونا، تحول المركز الذي يضم في أروقته قطعاً خزفية جمالية، إلى قبلة للســياح الأجانب، فيما تقصده حالياً سيدات قرية «نصف جبيل»، ولا يخلو الأمر من سياح محليين يفضلون اقتناء تلك القطع كتحف منزلية.

مقر أثري

ويستغرق إنتاج بعض القطع يوماً كاملاً، أو أكثر، حسب طبيعة الرسم وحجم القطعة، تقول لمى. وتُزيّن القطع عقب الزخرفة، بطلاء حافظ للألوان الطبيعية، ثم تُصقل في فرن كهربائي بدرجة حرارة تصل إلى ألف مئوية، لمدة تقارب ثماني ســاعات، قبل أن تخرج في صورتها النهائية.

ورغم اشــتهار صناعة الخزف في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربيــة، وازدهار تجارتها فــي مدن أخرى كبيت لحــم، وأريحا، والقدس، إلا أن مركز «نصف جبيل» يمتاز بكونه مشروعاً شخصياً، يهدف إلى توفير فرص عمل للسيدات في الريف.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom