Al-Quds Al-Arabi

بين قطار وعقار

-

ثروة نجهلها

البداية مع فــاروق جويدة في "الأهــرام"، الذي هاله ما جرى في قناة الســويس: "في بعــض الأحيان لا تدرك الشــعوب حقيقــة ما تملــك من الثــروات، إمــا جهلا أو استخفافاً أو ســوء تقدير.. وقد انقســم المصريون دائما حول ما نملك من الثروات.. هناك من كان يتعبد في رحاب قدماء المصريين، وكان منحازاً للآثار التاريخية للفراعنة، وما تملكه مصر من الأهرامات والمعابد وما تحققه السياحة من الدخل للدولة المصرية.. وكان هناك من يرى أن ثروات مصر في الشــواطئ والبحار والأراضي.. وقبل هذا هناك من كان يرى أن الإنســان هو ثروة مصــر الحقيقية، لأنه صانــع الحضــارة.. وفي مفاجــأة قررت إحدى الســفن الضخمة أن تنحرف عن مســارها في قناة السويس، وأن يقف العالم كل العالم مشــدوداً، وأصبحت قناة السويس حديــث العالم كله.. فقد اهتزت بورصــات العالم وقفزت أسعار النفط، وتكدست خلف السفينة التي سدت مجرى القناة أكثر من مئة ســفينة، ووقف العالم مذهولا.. وكأن قناة الســويس ظهرت على خريطة الملاحة الدولية فجأة وكأننا في مصر اكتشــفنا أن لدينا هــذا المجرى البحري الذي يتمتع بهذه الأهمية".

وهم أم حقيقة؟

كشــف فاروق جويدة عــن أن المحنــة التي تعرضت لهــا القناة مؤخــرا تطرح تســاؤلات مهمــة: حين طلب الرئيس عبد الفتاح السيســي من المصريين دعم مشروع قناة الســويس الجديدة، تســاءل البعــض عن جدوى هذا المشــروع اقتصاديا.. وربما أعادت واقعة الســفينة الجانحة للأذهان أهمية قناة السويس للعالم، وقد مرت عليه ســاعات ثقيلة، وهو يتحدث عن قناة الســويس.. ولعلنا الآن ندرك فجأة القيمة الحقيقية لقناة الســويس التي تقدم لنــا كل يوم مئات الآلاف مــن الدولارات، ولا أدري أين مشروع تنمية قناة السويس الذي تحدثت عنه الحكومات كثيراً.. لقد عادت قناة السويس تذكر المصريين أن بين يديهم ثروة كبيرة، لا يدركون قيمتها وأنها ليست فقط مجرد مجــرى مائي تحصل عليه الرســوم، ولكنها إمبراطورية واســعة يمكن أن تكون مصدر دخل وإنتاج، ومصانع وتوكيلات وشركات وســياحة، وإنها تستطيع أن توقف العالم إذا أرادت. إن ما حدث في قناة السويس اختبــار للدولــة المصرية والشــعب المصــري والإرادة المصرية.. لعلنــا نفيق ونــدرك القيمــة الحقيقية لقناة السويس أحد مفاخر مصر وأغلى ثرواتها.

التغيير الوحيد

أكد عمرو الشــوبكي في "المصري اليــوم"، أن الناس لم يشــعروا بأن هناك تغييرا حدث في منظومة عمل الســكك الحديدية، إلا فــي ارتفاع أســعار التذاكر، فــا القطارات انضبطــت في مواعيدها، ولا مســتوى الخدمــة والنظافة تحسن، بشكل يتناســب مع ارتفاع الأسعار، وأخيرا ما زال هذا المرفــق يحصــد أرواح مئات المصريــن، نتيجة تكرار الحوادث. قضية «الإصلاح المؤسَّسى» لا تتعلق فقط بكيفية الاستجابة للتحديات السياســية، إنما أيضا بقدرة النظام السياســي على مواجهة ســوء الأداء، وتراجع المهنية، أو عــدم الاهتمام بهــا، وعدم الثقــة في المجتمع ومســاعدته )في بناء دولة قانون( على إخــراج أفضل ما فيه، وإعطاء القدوة بمحاســبة كبار المســؤولي­ن قبل صغارهم. صحيح لو عرفت مصر أعظم نظام وأكفأ حكومة، فلن تحل مشــاكل الإهمال والفســاد، وســوء الإدارة في يوم أو شهر أو سنة، في الوقت نفسه، لا يمكن إصلاح مرافق الدولة ومؤسساتها بدون إرادة سياســية، تعتبر الإصلاح المؤسَّسي والكفاءة والمهنية، وعــدم اعتبار «الرتوش الشــكلية»، هي نوع من الإصــاح. ضحايا مصر من حوادث العَبّــارات والقطارات والطرق الســريعة، قــد يفوقون ضحايــا الإرهاب، وحان وقت البحث فــي تفاصيل الصورة وأســباب الخلل، ولماذا لم نســتطع إصــاح منظومتنا الإدارية، وغيــاب أي خطة قابلــة للتطبيق لإصلاح الســكك الحديدية، وهو ســيعني الحفــاظ على أرواح النــاس، لا مجرد إصــاح مرفق عام. حــوادث القطارات ظاهرة متكررة وليســت اســتثنائي­ة، ومــادام الأمر يتعلق بأرواح البشــر، فلا بد أن تحصل على الدعم المالي المطلــوب في ميزانية الدولــة، خاصة بعد أن تساءل الكثيرون: هل القطار الســريع الذي سيتكلف 360 مليار جنيه يمثل أولوية؟ أم إصلاح مرفق الســكك الحديد الذي يستخدمه عشرات الملايين من المصريين هو الأولوية؟ صحيح أن هذا القطار سينشأ بقروض ميسرة، وعلى فترة زمنية طويلة، واعتبره البعض سيسهم في نقل الحياة إلى مناطق خارج شــريط النيل الضيق، ورغــم ذلك فإن «فقه الأولويات» يتطلــب منا مراجعة جذريــة لأولويات خطط التنمية بأن تضع قطارات الشعب على رأسها.

سمعوا متأخراً

لا حديث يعلو على ما جرى في قناة السويس وسوهاج.. هالة فؤاد في "المشــهد" كانت صوت المستضعفين في القطار المنكوب: "من بين ركام القطار المحطم جاء صوته مســتغيثا بغضب "إلحقونا" تسلل صدى صوته لينكأ شعورا بالمرارة

مختلطا بالحزن، لــم نفق من صدمة جنوح الســفينة، في قناة الســويس، لم تسترح عقولنا اللاهثة وراء البحث عن الأســباب التي أدت لهذا الحادث، ولم نستوعب التبريرات التــي انطلقت من ألســنة من عهدنــا دوما منهــم التبرير والتهوين ومساندة الساسة في تنصلهم من المسؤولية.. لم نعرف كيف تمكنا من صرف المليارات على توســعة القناة، بينما تقاعســنا عن توفير معدات وكراكات ضخمة وحديثة لمواجهة، أي حادثة جنوح كبيــرة، مثلما تعرضت له القناة قبل أيام، لمــاذا لم ننتبه لتلك البديهية وتلك الحاجة الملحة، وانتظرنا كعادتنــا وقوع الكارثة حتى نســرع في الوعود بتوفيرها، والتعهد بالاســتعد­اد لمواجهة أي كارثة مشابهة. تمتد أيادينا بخوف كأنها تخشــى علــى قلوبنا من الوقوع كمدا على ما يحــدث.. نرفعها بصمت عاجز للســماء، علها تنجينا من عثرتنا وتكشــف الغمة التي مــن المؤكد أنها لن تنزاح قبل أن ندفع ثمنها خســارة وتعويضا وأســفا، لكل ســفينة تأخرت، وكل قافلة تعثــرت، وكل حمولة تأخرت، وكل شحنة تباطأت عن ميعاد وصولها. على شماعة الرياح وســوء الأحوال الجوية علقنــا حادثة جنوح الســفينة، محاولــن التغطيــة على فشــلنا في تعويمهــا خلال زمن قياســي، إذا ما توافرت لدينا المعدات اللازمة لمواجهة ذلك الجنوح. ســفينة أتلف قيادتها الهــوى، فماذا أتلف قطاري سوهاج، بفعل متعمد أو بفعل إهمال أو بفعل الفشل؟".

بكاء رخيص

تتوالى المبــررات كما تابعــت هالة فــؤاد، والنتيجة الحزينة واحــدة، دماء وأشــاء ضحايــا، جثث ممزقة محشورة، وأصوات اســتغاثات مكلومة، وأجساد واهنة مصابة، ما يزيد عن المئتين ما بــن قتيل وجريح.. تعكس بؤس حال أصحابها، البسطاء في الصعيد المنسي، الذين لا يختلــف حالهم كثيرا عن كل المنســيين والمهمشــن في بلادنا المحروسة، بأياد لم ننل منها إلا طعم الفشل والغفلة والإهمال. فشــل يقــف دون تعاطفنا مع "لمــة" الحكومة وتحركها، وبيانها المواســي لأهالي الضحايــا، والمتعهد بالتعويض المادي، والمساند للمصابين، والإسراع بتشكيل لجنة لمعرفة أســباب وملابسات الكارثة. لم تقنعنا كلمات رئيــس الوزراء التي اعتــرف فيها بأن منظومة الســكك الحديدية تعاني عقودا من الإهمال.. لم يأت بجديد، لكنه اســتفز تســاؤلا مكتوما عما جناه الشعب من تصريحات معسولة، تبشــرنا كل يوم بخطة تطوير طموحة، وعملية إصلاح فوريــة وجهد دؤوب لإصلاح الســكك الحديدية. ابتلعنا مرارة واقع نعيشــه لا يحمل لنا بشــارة تدفعنا للتفاؤل مــع تلك التصريحــا­ت الورديــة، طردنا ظنون الســوء، وحاولنا الامتثــال لدعوات دؤوبــة من أبواق النظام، تهلل لبشائر الإصلاح، وتتهم المتشككين بالخيانة والعمالة.. تغاضينا عن حالنا الذي يســير للأسوأ بفعل سياسات تســتهدف قوت يوم الناس ولا تترك لهم سوى الفتات. امتثلنا للصمــت حتى توالت كوارث تدفع للحزن أكثر مما تدفع للغضب.. كثــرت الأحزان ولم تعد الأيادي المفتعلــة المواســاة والتعزية قادرة على تســكين الجرح الغائر. "الحقونا" صرخة مدوية لم تنطلق من قلب ضحية القطار المحطم، ولكن من قلوب ملايين المصريين. "الحقونا" صرخة حزينة لا تســتهدف سمع كل مسؤول عن إهمال أو غفلة أو فشل أو فساد، ولكنها صرخة في وجوه كل هؤلاء، ولسان حال الشــعب المكلوم "ليس من تسبب في المأساة بقادر على أن ينهيها.. فاغربوا عن وجوهنا".

مسؤولية من؟

دفع الحــادث الأخير الــذي وقع في محافظة ســوهاج مؤخراً، حيث تصادم قطاران، وجــدي زين الدين لتوجيه الســؤال الأهم في "الوفد": "لماذا عــادت هذه الحوادث مرة أخــرى؟ الذي نعلمــه أن وزارة النقل أعــدت خططا كثيرة وتدريبــات متواصلــة لجميــع العاملين في هيئة الســكة الحديد، لمنع حدوث هذه الكوارث، وكانت البلاد قد عاشــت فترة رائعة بدون كوارث، وحــوادث القطارات، وهنا يطل التساؤل من جديد: ما الذي جرى، حتى يحدث هذا الحادث المؤلم؟ أعتقد أن الإهمــال واللامبالا­ة هما وراء هذا الحاث، وأن السبب الرئيســي لوقوع الحادث هو ذاك الإهمال. لذا فمن الواجب والضــروري الضرب بيد مــن حديد على من تســبب في هذه الكارثة المؤلمة، ويجب أن لا يمر الأمر مرور الكرام، بدون توقيع أقســى عقوبة على من تسبب في ذلك، وأعتقد أيضــاً أن أجهزة الدولة المعنية لــن تترك الأمر يمر سدى، بدون اتخاذ كل الإجراءات القانونية والعقابية، لمن تسبب في وقوع الحادث. ومن خلال المعلومات المتداولة في هذا الشــأن، هناك من يقول إن أحدا كان وراء شــد الفرامل للقطار، الذي توقف ما تســبب في التصــادم المروع، الذي حدث، وأعتقــد أيضاً أن جهات التحقيق المختلفة لن تتوانى لحظة في حســم الأمر، وتحديد المتســبب أو المتسببين في وقوع هذه الكارثة، وســينال المســؤول عن ذلــك العقاب الرادع، الذي يمنع تكراره مرة أخرى. ولندع جهات التحقيق المختلفة تقوم بدورهــا وواجبها، وألا نســبق الأحداث أو نعطى أحكاما مســبقة قبــل الانتهاء مــن التحقيق، ولديّ القناعة الكاملة أن الدولة المصرية لن يهدأ لها بال حتى تصل إلى المســؤولي­ن عن وقوع هذه المصيبة، وسينالون عقابهم الرادع في هذا الشــأن، وهذا ما أكده الرئيــس عبدالفتاح السيســي، في تعليقه على وقوع هذا الحادث المروع. يبقى إذن أن نستفيد من هذه الأخطاء لمنع تكرارها".

من بين الباكين على الضحايا محمد درويش في "الأخبار": "قلبي مع أسر ضحايا قطاري سوهاج وعقار تقسيم عمر بن الخطاب في حي الســام أول، أدعو الله أن يرحم الشهداء منهم، ويخفف وطأة الإصابة على المجروحين، وأن يســبغ صبره وسلوانه على أسرهم. هذا حال القلب ولكن ماذا عن حال العقل تجاه الحادثين. في حادث القطار قال بيان هيئة الســكك الحديدية، إن القطار توقف بفعــل مجهولين قاموا بجــذب فرامل الخطر، وهنا يتســاءل العقــل ألم يكن لدى سائق هذا القطار أي فرصة لإبلاغ كل المنوط بهم المسؤولية تحســبا لأي مصيبة قد يتســبب فيها توقفه. والعقل يسأل أيضا هــل فرامل الخطر مباحــة أمام أعين جميــع الركاب، يفعــل بها ما يشــاء حتى لو كان يريــد أن يهبط من القطار أمام بــاب منزله؟ أم أنها يجب أن تكــون بعيدة عن الأيدي ويتم تأمينها مــن العبث وتوضع تحت مســؤولية رئيس القطار ومحصليه. القلب لم يتحمل مشاهدة جثث الضحايا التــي نقلها هواة التصوير، أو مصــاب ملقى على الأرض لا حول لــه ولا قوة ويتنادى الناس بحثا له عن شــربة ماء، أما العقل فيتســاءل أين حرمة جســد صعــدت روحه إلى بارئها، وأين الســتر على مصاب ســيظل فيديو تصويره على وســائل التواصل بأنواعها إلى الأبد. وإذا انتقلنا من القطار إلى العقار ربما كان الحادثان وجهين لعملة واحدة. وراءها العنصر البشــري مهما كانت الاستعانة بالمنظومة الإلكتروني­ة في تســيير القطارات، أو الاستعانة بالمنظومة الرقمية في بناء العقارات. تعالوا نعترف بأنها كانت بالفعل شــبه دولة، عند ترك الحبل على الغــارب لموظفي المحليات وشــرذمة من المقاولين عديمي الضميــر خرجوا بأبراجهم، ســواء بدون ترخيص أو بمخالفة الترخيص، وجاء إليهم الباحثون عن أربعة جدران يحدوهم الأمل في الاســتقرا­ر، وعندمــا أفاقت الدولة وقررت شــروطا للتصالح على هذه المخالفات، لم تضع في حســبانها تقديم شهادة مرفقة بطلب التصالح، معتمدة من جهة محترمة مثل مركز بحوث البناء تقر بها هذا التصالح".

كسبنا صلاة النبي

أكد محمد أمــن في "المصري اليــوم"، على أن أعتذار وزيــر النقل، معلنا مســؤوليته السياســية عن حادث تصادم قطاري ســوهاج وهــو تحول نوعــي كبير في سياســة حكومة مصــر تجاه الشــعب. تابــع الكاتب "أســمعك تقول: كســبنا صلاة النبي.. وأقول لك: صلى الله عليه وســلم.. فالقصة ليســت في الحادث، ولكن القصة في معالجة الأزمة.. فهــل كانت الحكومة متبلدة في معالجة الأزمة؟ أم أنها مســتعدة لتحمل المسؤولية؟ وأنت تستطيع أن تحكم بنفســك، هل كانت مثل حكومة عاطف عبيد في تعاملها مع قطــار العياط 2002؟ أم مثل حكومة نظيف في تعاملها مع غرق العبارة الســام 95؟ بالتأكيد التصــرف مختلف.. فالرئيــس يتابع الموقف، ورئيس الــوزراء، والنائــب العام.. وأجهــزة الدولة كافــة، كل وزارة فــي تخصصهــا.. وهو مــا يعني أن الحادث لن يمــر مرور الكرام! الحادث مروع بلا شــك.. ولا يمكن الســكوت عنه أبدا.. والتحرك الرئاسي كفيل بأن يحاســب كل من أخطأ.. وهو بالتأكيد ليس الوزير، وهذه ليست شهادة للوزير إطلاقًا، والوزراء في الدول الديمقراطي­ة مسؤوليتهم سياسية، إما أن يعتذروا وإما أن يســتقيلوا.. وقد اعتذر الوزير، ولكن الاعتذار وحده لا يكفي من جانبه، فهو الذي بدأ التطوير، وقد وضع يده على الجــرح، وقال إنه بين أمرين: إمــا أن يوقف حركة الســكة الحديد، وإمــا أن يقوم بالتطويــر المطلوب مع تسيير الحركة بشــكل جزئي.. وبالطبع سيختار الناس الحل الثاني والتشــغيل الجزئي.. ورحم الله شــهداء القطار.. فهي ليســت الحادثة الأولى ولا الأخيرة، لكنها ينبغي أن تكون الأخيرة في عهد كامل الوزير على الأقل. الاعتــذار مقبول في بلاد لا تعرف الاعتــذار­ات من قبل، بشرط أن نرى تغييرا في الموقف وعلاجا للثغرات التي قد تفتح الباب لحوادث جديدة.

وعود في الهواء

من بــن المنتقدين لوزيــر النقل عبد القادر شــهيب في "فيتو": "في تصريحاته الإعلامية التي أدلى بها وزير النقل كامل الوزير كشــف عن تعليمات أصدرها للعاملين في هيئة السكة الحديد، خاصة سائقي القطارات، تقضي باستخدام جهاز التحكــم في القطار الذي يوقفه، إذا استشــعر خطرا لتفادي الاصطدام بقطار آخر، أو أي شــيء آخر للوقاية من التعرض لحادث مماثل لحادث اصطدام قطاري ســوهاج، وهو ما ســوف يؤدي إلى زيادة زمن رحلات القطارات عن مواعيدها الحالية.. وهنا يتعين أن نسأل وزير النقل لماذا لم يحدث ذلك من قبل، ما دام متاحا استخدام هذا الجهاز الذي يحمينا ويقينا مــن حوادث القطــارات؟ يحفزنا أكثر على طرح هذا السؤال، أن وزير النقل تولى مسؤولية وزارته في أعقاب حادث سابق للســكك الحديد، وإنه كان مفهوما أنه جاء أولا، ليقينا من الحوادث المفجعة للســكة الحديد، التي نعاني منها منذ عقدين من الزمــان، وثانيا لإحداث تطوير شــامل في هذا المرفق الحيــوي والمهــم.. وإذا كانت عجلة التطوير تجري بشــكل متواصل، وتمضــي في طريقها بعد توفير الاعتمادات المالية اللازمة لها، فإن الحوادث المفجعة

لم تتوقف، رغــم وعود الوزير بعــدم تكرارها عندما تولى مهام منصبه. وقد يكون الوزير قد ســمح لسائقي القطارات بإيقــاف جهاز التحكم فــي القطارات لعلاج مشــكلة تأخر القطارات، غير أن حياة البشر، كما قال مؤخرا، وبعد وقوع الحادث أهم بالطبع.. ولو كان أشــرك الناس من قبل، خلال حوار مجتمعــي، في هذا الأمر لاختاروا حماية حياتهم، قبل الحفــاظ على وقتهم، ولكنا تفادينا الحــادث المفجع الأخير للســكة الحديد.. وهذا يُبــن أهميةَ انفتاح المســؤول على الناس، والتواصل معهم وإشراكهم في اتخاذ القرارات التي تخصهم وتؤثر فيهم".

البديل مكلف

لا بديل عن قناة السويس، هذا ما قاله الكثيرون، ومنهم عادل السنهوري في "اليوم الســابع"، لأن البدائل الأخرى للملاحــة البحرية مكلفة للغاية ومرعبــة. فهل عرف العالم وأدرك قيمة قناة الســويس وحيويتها، وأهميتها للتجارة العالمية. وهل تصمت للأبد حملات التشــكيك ودعاية الحقد الأســود؟ تابع الكاتب: الحادث أثبت بما لا يدع مجالا للشك والجدال، أن قناة الســويس أهم مجــرى مائي في العالم.. العالم الذي حبس أنفاســه ووقف علــى قدميه مع التعطل المؤقت لعبور الســفن في القناة، بســبب جنوح الســفينة العملاقــة وبدأت الدول تحســب حســاب الخســائر، فقد ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية، وأعلنت شركات التأمين البحري رفع أســعارها، وتكلفة الأمن باهظة.. وفكّر البعــض من الشــركات والــدول الكبرى في مجــال النقل البحري في البحث عن بديل، لكنها تراجعت بعد أن أدركت وأيقنت أن قناة الســويس الممر الضــروري والحيوي في المعايير والمقاييس البحرية العالمية كافة. "نيويورك تايمز" الأمريكية، وعدد آخر من الصحف ووسائل الإعلام العالمية، لم يكن لها حديث سوى عن قناة السويسن والارتباك الذي أصاب كبريات الشــركات البحرية. احتلت قناة السويس وحــادث الجنــوح الصفحــات الأولى وعناويــن الأخبار والتقارير التلفزيوني­ــة منذ يوم الثلاثاء الماضي، الصحيفة الأمريكية الأوسع انتشــار والأكثر نفوذا في العالم أوردت تقريــرا في غاية الأهميــة يوم الجمعة الماضيــة ذكرت فيه "عادة ما تســتغرق الرحلة من قناة السويس في مصر إلى روتردام في هولندا - أكبر ميناء فــي أوروبا - حوالي 11 يومــا. أما المغامرة في الجنوب حــول رأس الرجاء الصالح في افريقيا فتستغرق 26 يوما آخر على الأقل، وتبلغ رسوم الوقود الإضافية للرحلة عموما أكثــر من 30 ألف دولار في اليوم، اعتمادا على الســفينة، أو أكثر مــن 800 ألف دولار للرحلة الأطول.

زواج صالونات

العلاقة بــن الحكومــات والمواطن ينبغــي أن لا تكون قائمة على مشــاعر حب أو كراهية، أو حتــى ميل أو تحيز. تابعــت أمينة خيري فــي "الوطن": "العلاقــة ينبغي أن لا تكــون «زواج صالونــات» أو حتى مســيار أو متعة، حيث لا مجال لـ«العشــرة التي لا تهون إلا علــى ابن الحرام» أو «نستحمل علشــان خاطر العيال». كما ينبغي أن لا تخضع لغضب فجائي فترمي الحكومــة على المواطن يمين الطلاق، أو أن يخلــع المواطن الحكومة لينجو بنفســه. وتســاءلت الكاتبة: هل تثق الحكومــة في تصرفات المواطن حين تطور حديقة عامة، وتنفق عليه ملايين الجنيهات لتكون متنفســًا للبسطاء؟ وهل يثق المواطن في الحكومة حين تعده بتوفير فرص عمل بعائد جيد لشــباب الخريجين؟ الشــكوك التي تنتاب الحكومة في ما يختص بســلوك المواطن في الحديقة العامة الجديدة، ســتتأكد أو تنتفي بعــد فتح باب الدخول للمواطنــن. فإن تركها المواطن نظيفة، فإن الثقة ســتوجد لا محالة. وإن تركها خرابة، فإن الحكومة ســتعمد إلى أحد حلــن: إما أن تســتعوض ربنا في حفنة الملايــن، التي تم إنفاقها، وتترك الحديقة تواجه مصيرها كخرابة إضافية؛ أو ستحيط الحديقة بأسلاك شائكة. بالطبع تبقى هناك وسيلة واحدة لا ثاني لها للإبقاء علــى الحديقة مفتوحة، ألا وهي توعية المواطن بقيم الحفاظ على الممتلكات العامة والالتزام بالنظافة. ومع التوعية يأتى القانون الصارم الحاسم الذي لا يأخذ إجازة يــوم الجمعة، أو يحصل علــى قيلولة وقت الظهيرة أو يطبق على حسين ولا يطبق على عبيد".

ثقة مفقودة

واصلت أمينة خيري كلامها قائلة: "أما شــكوك المواطن تجاه الحكومة فتظل كذلك قيد التجربة الفعلية. نتخيل مثلاً لو حكومة ما وعدت مواطنين بمشروعات توفر مليون فرصة عمل حقيقي بعائد معقول، فإن وعد الحكومة يجب أن يكون مقيداً بفترة زمنية، ثم يأتي دور وفرة المعلومات حول فرص العمل المقصودة، وحتمية الإعلان عنها. نوع المشــروعا­ت، وطبيعة فرص العمل، التي ستتاح والتخصصات المطلوبة، وهل هي فرص مؤقتة أم دائمة؟ وهل تتيح لصاحبها حقوقاً كاملة من تعيــن وتأمينات ورعاية طبية إلخ؟ أم أنها فرص موســمية أو أقرب ما تكون إلى قطاع العمل غير الرســمي؟ توافر هذه المعلومــا­ت يتيح للمواطن أن يحــدد نوع الثقة التي تربطه بالحكومة. كما تتيح له محاســبة الحكومة في حــال أخفقت. أما ما عدا ذلك من عوامــل الثقة بين الحكومة والمواطن، فتبقى يوماً عليهــا ويوماً عليه وما دائم إلا وجه الله. وهناك من الدول ما يســتخدم الإعــام لخلق صورة

ذهنيــة لدى المواطــن، بأنه ليس في الإمــكان أبدع مما هو موجود. ويســتخدم البعض الآخر الإعلام أيضاً لتشــويه وتسفيه كل ما تقوم به الحكومة - أي حكومة - حتى يبقى المواطــن في حالة شــحن وغضب دائمة. وهنــاك من يلجأ في العصر الرقمي، إلى منصــات التواصل والاتصال لخلق حالة شعورية من الرضا والسعادة أو الحنق والغضب بين الطرفين. مثــل هذه الأدوات المتخصصة فــي اختلاق حالة شعورية بعينها، خاصة بين الحكومات والمواطنين، قد تؤتي ثمارها لبعض الوقت وليس كل الوقت، لكنها غير مستدامة، لأنها ببســاطة لا تتبع قواعد بناء الثقة بين الطرفين، والله أعلم".

ليته يتحقق

رحب الدكتور الشــافعي محمد بشير في "الوفد"، بقرار المحكمــة الجنائيــة الدوليــة للتحقيق فــي جرائم حرب ارتكبتها إســرائيل بحق الفلســطين­يين، قائــاً: "القرار يأتي تتويجا للجهود الدبلوماسـ­ـية والدعم العربي، الذي شــاركنا فيه عامي 2008 و2009 عندمــا اتصلنا بالمحكمة الجنائية الدولية ببلاغنا للمدعي العام للمحكمة مرفقة به صور ضحايا الحرب الإسرائيلي­ة التي مارستها ابتداء من 27 ديســمبر/كانون الأول 2008 مطالبين بتحريك القضية أمام المحكمة، كما أرســلنا بلاغا للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف مطالبين بعقد اجتماع عاجل لمجلس حقوق الإنســان، الذي استجاب لنا، وعقد جلسة عاجلة وشــكّل لجنة تقصي حقائق بقيادة القاضي الجنوب افريقي غولدســتون، الذي سارع إلى غزة، حيث دخلها مــن معبر رفح المصري، وعرض الموقف على مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي أجرى بشأنه نقاشا عاما، أسفر عن اعتماد تقرير غولدستون وإدانة إسرائيل بأغلبية كبيرة، ما أثار ثائــرة الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت عن أنها ســتمنع عرض التقرير على الجمعية العامة لــأمم المتحدة، فاتصلنا برئيــس الجمعية العامة علــي التريكي وزير خارجية ليبيا الأســبق، وشــجعناه على عــدم الخضوع للضغط الأمريكــي، وتحديها بعرض تقرير غولدســتون الــذي صدقت عليه الجمعيــة العامة بأغلبية كبيرة، إدانة عالمية لجرائم إســرائيل الوحشــية على الفلســطين­يين، وشــكرناه في مقال منشور بعنوان "التريكــي ومواقف رائعة" وباشــرت الولايــات المتحدة نفوذها الطاغــي لإيقاف التقرير الــذي كان من المفروض أن تحيلــه الجمعية العامة إلى مجلــس الأمن، لكي يحيله بدوره إلــى المحكمة الجنائية الدوليــة، وهو ما لم يحدث حتى خرجت علينا جريدة "الأهــرام" في يوم الثلاثاء 23 مارس/آذار الماضي بعنوانها "مؤتمر فرض ولاية الجنائية على فلسطين لمحاسبة إسرائيل"، وأشاد محمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بشجاعة المحكمة الجنائية الدولية، وصدور قرار الغرفــة الابتدائية للمحكمة بتأكيد اختصاصها بالنظر في الجرائــم والانتهاكا­ت المرتكبة في أراضى دولة فلسطين المحتلة".

الوزير الحائر

من معــارك أمــس الأحــد هجوم ضــد وزيــر التعليم قــاده الدكتور محمــود خليل في "الوطــن": "مؤخراً خرج الوزيرطارق شوقي وأعلن التراجع عن النظام الإلكتروني في امتحانات أولــى وثانية ثانوي، والعــودة إلى النظام الورقــي عبر «الامتحــان المجمع »، خلال الفصل الدراســي الثاني، بهــدف تقليل قلق وتوتر الطلاب. قوبل قرار الوزير بلغط من جانب الناس حــول حالة اللخبطة التي أصبحت تضــرب نظــم الامتحانات. فــي الحالتين )حالــة التابلت - وحالة الورقي( بــدا الوزير متبرماً مــن الناس، وردود فعــل الناس على قراراته.. وفي الحالتــن أيضاً بدا الناس ســاخطين، ســواء عند تطبيق النظام الإلكتروني، أو حين العودة إلــى النظام الورقي التقليدي فــي الامتحانات. في غمرة الجــدل المتبادل بــن كل من طارق شــوقي وأولياء الأمور، لم يلتفت الوزيــر كثيراً إلى ما ردده منتقدوه من أن البنية التكنولوجي­ة والتعليمية في مصر لا تساعد بسهولة على التحــول إلى المنظومة الجديدة، وأنه نســي في غمرة الحماس للمنظومة الجديدة، أوضــاع الاتصالات في مصر وفي المدارس، وأن التأسيس يســبق البناء. بدا الامتحان هو الشــغل الشــاغل للوزير.. وبدأ موضوع التطوير وكأن جوهره التحول إلى نظام «الامتحان بالتابلت». أما الناس فهي في الأغلب ليست مشــغولة بمسألة التعليم قدر ما هي مشغولة بحصول الأولاد على الشهادات.. وأغلبهم يتعامل مع المدرســة كمؤسســة لقيد الأبنــاء، أمــا التعليم فمحله الــدروس الخصوصية. ظهر أن جوهر الجــدل لدى كل من الوزير والناس هو الامتحانات ونظم الامتحانات المشفوعة بالتابلت. فأوليــاء الأمور والطلاب رفضوه فــي البداية، إيثاراً لنظام الامتحان الورقي "اللــي اتوكدوا على العبور منه".. وعندما عاد الوزير إليه كانــت الغالبية قد أصبحت ضليعة فــي المرور مــن امتحانات «التابلــت» فامتعضت. جوهــر التطوير «تابلــت».. ولعبة الامتحانــ­ات هي التي اســتدعت توظيف «التابلــت».. أما المحتــوى التعليمي.. والأداء التعليمي نفســه.. والكيفية التي يرتقي من خلالها بقــدرات الدارس، فلا تهــم لا الحكومــة ولا الناس. جوهر المشكلة في أدائنا التعليمي والثقافي والإعلامي هو المحتوى وآليات صناعته ووسائل تمريره إلى الجمهور المستهدف.. المحتوى يا هوووو.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom