Al-Quds Al-Arabi

بعنوان «عباس وكنيست آخر الزمان»: من يعنيه الأمر الذي دفع نتنياهو إلى أحضان العرب؟

- كارولينا لندسمان

■ صباح الخير، يا منصور عباس. أن تسمع الوزيــر تســاحي هنغبي يدافع عــن احتمالية تشــكيل حكومــة بدعم مــن منصــور عباس و»راعــم»، وأن تســمع عضو الكنيســت دافيد بيتان يشــرح بأنــه «أحياناً يجــب التنازل»، ويعترف بصورة علنية بــأن رقم 2 في «راعم»، رئيس بلدية سخنين الســابق مازن غنايم، «قد يتسلم أي منصب في دولة إسرائيل»، هذا يشكل حلم آخر الزمان. من يهمه ما الذي دفع نتنياهو إلــى أحضــان العــرب؟ الأمر يتعلــق بخطوة مباركة، يحتاجهــا المجتمع الإســرائي­لي مثلما يحتاج الأوكســجي­ن. يا عباس، ســواء صدّقت نتنياهو أو لــم تصدقه، بماذا يهم ذلك؟ تقدم، يا عباس.

أن تقرأ وتسمع شــخصيات بارزة في إعلام اليمين مثل شــمعون ريكلين ويعقوب بردوغو، وهم يتحدثون ضد الاستبعاد الفوري للتعاون مع «راعم»، وكارولينا غليــك توصي بـ «العمل مع عباس من أجــل ترجمة الفكرة التي تقف في مركز اتفاقات «إبراهيم» إلــى علاقات مع عرب إسرائيل، وتأمل أن يتحقق ذلك لصالح «السلام الداخلي بين اليهود والعرب هنا في البيت» – كل ذلك يدل على ثورة تحدث أمام ناظرينا.

ليس هذا وقــت أن نكون متعلقين بالصغائر أو الاســتمتا­ع بصدمــة العــروض البهلوانية

والأخلاقية والسياســي­ة، والإشارة إلى النفاق أو إلى الأخــاق المزدوجة. صديقتي البريطانية قالت لــي ذات مرة بأن المعيار المــزدوج هو من مميزات فترة الثورة السياســية. إذ ماذا تعني الثورة السياســية إذا لم تكن اســتبدال المعيار الأخلاقي بمعيار آخر؟ في الفترة الانتقالية كان هناك من يعارضون العبودية ويمتلكون عبيداً. هل يجــب أن نذكر بأن الســام الداخلي أيضاً يصنع مع الذين اعتبروا إلى ما قبل لحظة أعداء «داخليين».؟

محاولة عــزو التغيير أيضاً إلــى عدم قدرة أنصار نتنياهو على فعل أي شيء أمام زعيمهم، وإلى ســيطرته الكاملة علــى وعيهم، تدل على طفولة سياســية. وتتجاهــل أن الزعيم يقاس بالقدرة على إجــراء تغييرات حتــى لو كانت صعبة على الهضم، وهي التغييرات الضرورية للمجتمــع والدولة. واســتعداد مــن يؤيدون نتنياهــو للســير وراءه حتى عندمــا يقودهم في طريق خافوا منها أو خافوا من الســير فيها حتــى الآن، يدل علــى ثقتهم الكاملــة به، التي تشــبه الثقة التي كانت لمعسكر السلام بإسحق رابين، عندما كان يقودهم إلى مصالحة مع أعداء لدودين مثل م.ت.ف وعرفات.

إن تحطم سقف نزع شرعية التمثيل العربي في الحكومة مهم أكثر من أي عملية أخرى تحدث أمــام أعيننا. هذا لم يكن ليحــدث لولا كورونا، لولا لوائح الاتهــام، لــولا إدارة الظهر من قبل بني غانتــس. يبــدو أن الواقع في إســرائيل زُج إلــى داخل هــذه الضــرورة التاريخية. لا توجــد طريقة أكثــر واقعية لـــ «تعديل قانون القوميــة» من تشــكيل حكومــة، لأول مرة في تاريخ دولة إســرائيل، مع أعضاء كنيســت من حزب عربي ورؤيــة وزراء من هذا الحزب على طاولة الحكومــة. الحديث لا يدور عن تغيير في التشريع، بل عن تجاهل فعلي للقانون وتحويله إلى حبر على ورق. تقدم، تقدم، يا عباس.

إضافة إلى ذلك، ســنرى التوجه إلى العرب من خلال ســياق اتفاقات إبراهيم، كما أشارت غليك. نزاهة معســكر السلام تقتضي الاعتراف بذلك. وإضافة إلى ذلك، نزاهة معســكر اليسار تقتضــي أن نضــع أهميــة الشــراكة العربية في القــوة السياســية فوق المصالــح الطبقية للمعسكر.

الأكثر من ذلــك، إذا نجح الليكود برئاســة نتنياهو في تشــكيل ائتلاف يتكون من كهانيين وعرب، الذين هــم أيضاً مبعوثو حركة الإخوان المســلمين الإقليمية، مثلما شرح عاموس هرئيل أمس، الذي سيدفع قدماً بسلام داخلي وإقليمي، فلا يجب فقط رفع القبعــة والهتاف «جاء ربيع عربــي وجاء عيــد الفصح»، بل بعــد ذلك على أحزاب مثل القائمة المشــتركة والعمل وميرتس – إذا كانــت حقاً هي مواصلــة درب رابين – أن تفحص بصورة جدية هل ستؤيد هذه الحكومة، على الأقل من الخارج.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom