Al-Quds Al-Arabi

أسوأ من شريعة الغاب ... ميليشيات تسيطر على معابر العراق وتحرم الدولة أموالا طائلة

رشاوى بمبالغ ضخمة ... ووزير المالية: سعر وظيفة في الجمارك يصل لمئة ألف دولار

-

■ بغــداد - أف ب:على طول الحدود البرية والبحرية للعراق، يقوم كارتيل متشــابك ومعقّد بعمليات تهرّب جمركي يحوّل من خلالها الملايين من الــدولارا­ت التي يفتــرض أن تدخل خزائن الحكومة، إلى جيوب أحزاب وجماعات مســلحة ومسؤولين. فالحكومة العراقية المركزية لا تتحكم بهذه الموارد التي تتوزّع على أحزاب ومجموعات مســلحة، غالبيتهــا مقربة من إيران، تتقاســم الســطوة على المنافذ الحدودية وتختلس عبرها ما أمكن من الأموال.

وحسب موظف جمارك، هذه الشبكة المتداخلة "لا توصف. الأمر أسوأ من شريعة الغاب".

وزير الماليــة العراقي علي عــاوي يؤكد أن "هناك نوعا من التواطؤ بين مســؤولين وأحزاب سياســية وعصابات ورجال أعمال فاســدين"،

مشــيرا إلى أن "هذا النظام ككل يساهم في نهب الدولة".

ووفق مســؤولين وعمال موانئ ومستوردين ومحللــن، هنــاك نظــام اســتيراد مــواز عبر المعابر البريــة وميناء أم قصــر، تتولاه أحزاب ومجموعات مســلحة. وتتحقّــق معظم الأرباح من ميناء أم القصر كونه المنفذ الذي تدخل عبره الكمية الأكبر من البضائع إلى البلاد.

ويؤكد مســؤولون أن غالبيــة نقاط الدخول تسيطر عليها بشكل غير رســمي فصائل تنتمي إلى "الحشد الشعبي".

وحســب ضابط في المخابرات العراقية حقّق في قضية التهرّب الضريبي "إذا كنت تريد طريقاً مختصراً، تذهب إلى الميليشيات أو الأحزاب".

ويضيف: "يقول المســتورد­ون إنهم يفضلون خســارة مئة ألف دولار )تدفع كرشوة( بدلاً من خسارة بضاعتهم بالكامل".

وكونهــم يعتبرون المنافــذ الحدودية مصدراً لا متناهياً للمــال، يدفع الموظفون العامون أموالاً لرؤســائهم لتعيينهم هناك. ويفاخر مسؤول في معبر مندلي بالقول إن المعبر يدرّ عبر الرشــاوى أموالا تصل إلى عشرة آلاف دولار لأصغر موظف كل يوم.

ويعــرب وزير المالية علاوي عن أســفه قائلاً "يتراوح ســعر أصغر وظيفة فــي الجمارك بين 50 ألــف دولار إلى مئة ألــف دولار، وفي بعض الأحيان يرتفع إلى أضعاف ذلك".

وتبعاً لريناد منصور من مركز أبحاث "تشاتام هاوس"، هــذا النظــام أصبح شــريان الحياة للأحزاب العراقية والجماعات المســلحة، بما في

ذلك فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.

ويقول منصور "منفذ حــدودي واحد يمكن أن يــدرّ ما يصل إلى 120 ألــف دولار في اليوم )كرسوم غير مشــروعة(" تتقاسمه مجموعات عدة "قد تكون عدوة في ما بينها".

ويحــرم نظــام الفســاد المــوازي الدولة العراقيــة مــن مصــادر تمويــل كان يمكــن تخصيصها للمدارس والمستشفيا­ت والخدمات العامة الأخرى.

ووفق وزير المالية علــي علاوي "يجب أن نحصل على سبعة مليارات دولار من الجمارك ســنويا، لكن في الواقــع، يصــل 10 إلى 12 في المئــة فقط من موارد الجمــارك إلى وزارة المالية".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom