Al-Quds Al-Arabi

العراق: فوضى وإصلاح قاصر وحرمان الدولة من مصادر تمويل كبيرة

-

■ بغداد ـأ ف ب:يحرم نظام الفســاد الدولــة العراقية من مصادر تمويــل كان يمكــن تخصيصها للمــدارس والمستشــف­يات والخدمات العامــة الأخرى. ووفق وزير المالية علي عــاوي «يجب أن نحصل على ســبعة مليارات دولار من الجمارك سنويا، لكن في الواقع، تصل عشرة إلى 12 فــي المئة فقط من مــوارد الجمارك إلــى وزارة المالية». وأفادت منظمة الشــفافية الدولية في عــام 2020 أن تركيا والصــن، وهما من أكبر المصدرين للعراق، هما أقل دولتين تراقبان ضبط الفســاد في إطار تصديرهما إلى العراق، ويدفع ثمن كل هذا الفساد المستهلك العراقي.

وبين مســؤول عراقي «بصفتك مستهلكاً، فأنت الشخص الذي ينتهي بك الأمر بالدفع مقابل هذا الفساد.»

منذ الأســابيع الأولى لتوليه رئاســة الوزراء في أيــار/ مايو 2020 جعل مصطفــى الكاظمي من إصلاح المعابر الحدوديــة أولوية قصوى، فمع الانخفاض الشديد بأســعار النفط، بات العراق بأمس الحاجة إلى عائدات إضافية.

وفي رحلات حظيت بتغطية إعلامية واســعة إلــى أم قصر ومندلي، تعهد الكاظمي بإرســال قــوات جديدة إلى كل منفذ حــدودي وتطبيق المداورة في وظائف الجمارك بانتظام لتفكيك دوائر الفساد.

على الورق، يفترض أن يكون ذلك مجديا. وبشــكل شبه يومي، تفيد هيئة المنافذ الحدودية عن عمليــات ضبط بضائع كانت هناك محاولات لتهريبها بدون دفع رسوم.

لكــن مع انخفاض الــواردات في عام 2020 بســبب فيروس كورونا والإعفــاء­ات الجمركية المؤقتة الممنوحة للأدويــة والغذاء، كان التأثير الإجمالي لتلك الاجراءات متواضعا. وقالــت هيئة المنافذ الحدودية إن العراق حصد 818 مليون دولار من الرســوم فــي 2020 وهو مبلغ أعلى بقليل من 768 مليون دولار في 2019. ويعتبر مســتوردون ومخلصون ومسؤولون هذه الإجراءات ذرّا للرماد في العيون.

وقــال مســتوردون إنه في حــن أن بعضهــم يدفع الآن الرســوم الحكومية، فإنهم ما زالوا يدفعون في الوقت نفسه إلى المخلّصين للتأكد من أن البضائع لن يتم تأخيرها بشكل تعسفي.

ويوضح رجل أعمال عربي يقوم بتصدير بضائع إلى العراق منذ أكثر من عقد «في النهايــة ندفع مرتين». في غضون ذلــك، لم يتأثر أصحاب العلاقات الجيدة بالتدابير الجديدة.

ويبين مستورد عراقي «لم يتغير شــيء. يمكنك إدخال أسلحة أو أي شــيء آخر تريده عبر مندلي بدون رخصة استيراد وبدون دفع رسوم جمركيــة». وقال الرجل إنه أدخل مواد بناء من خلال معبر مندلي بدون دفع رسوم جمركية حتى بعد الإصلاحات التي أعلنها الكاظمي.

وتصف عناصر في الأمن الأمر بأنه أشــبه بـ«الفوضى». وقال جندي تم نشر وحدته لفترة وجيزة في مندلي «الشرطة هناك متورطة بجميع عناصرها في الرشــوة. التجار يدفعون الأموال بشكل جنوني. اعتقلنا رجلاً، لكنهم أخرجوه في اليوم التالي».

واعترف المســؤول الحدودي الكبير بأن بعض عمليات نشر إضافية لعناصر الأمن تمّ التعهد بها، لم تحدث قط.

وقال «في أوقات أخرى، كان الأمر عبارة عن مســرحية، إذ نُشر فقط حوالى عشرين رجلا».

ووفق المستوردين والمســؤول­ين، فإن السبب الرئيسي في فشل تلك التدابير هو أن «تناوب الموظفين لم يشمل عنصراً حاسما في آلة الفساد: المخلّص».

وحسب مسؤول الجمارك «المخلص هو الوسيط الرئيسي للفساد، ما زال هناك. تفاحة فاسدة واحدة ستفسد الباقي». وما زال وسطاء الأحزاب والمجموعات المسلحة موجودين أيضاً. ويبين المســتورد العراقي أن «هناك غرفة جاهــزة تدخل إليها الآن، وتقوم بفرز كل شيء هناك».

ويقول مســؤول في وزارة الدفاع الأمريكيــ­ة إن كتائب «حزب الله» المتهمة بإطلاق صواريخ على الســفارة الأمريكيــ­ة، أُجبرت على إغلاق مكتبها الاقتصادي في مطار بغداد الدولي لمنع وصولها إلى بضائع ثمينة معفاة من الرسوم الجمركية.

وأضاف المسؤول «لكن لا يزال بإمكانها الصعود إلى الطائرة والقيام بما تريد. الفساد ما زال موجودا».

وبدلاً من الاتصال ببعضهم البعض بشكل علني، انتقل الميسرون إلى تطبيقات المراسلة المشفرة مثل واتساب.

ويقول ضابط المخابــرا­ت «أصبح عملنا بالفعل أكثــر صعوبة لأنهم يتخذون المزيد من الاحتياطات».

وعلى الرغــم من النجاح الجزئي فــي زيادة إيــرادات الدولة، فإن الكارتيل صامد على حاله.

وتوقع مسؤولون أن يتجنب التجار بشكل متزايد المعابر التي تديرها الدولة وأن يعتمدوا إما على التهريب أو الاســتيرا­د بشــكل غير رسمي عبر كردســتان شمالاً. وحذروا من أن تفكيك الشــبكة بالكامل سيؤدي إلى عنف قد يكون الكاظمي غير مستعد له. وقال ضابط المخابرات «هذه المصالح تســاوي ملايين الــدولارا­ت. رصيف واحد فــي أم قصر يعادل ميزانية دولة» مضيفاً «لن يتنازلوا بسهولة».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom