Al-Quds Al-Arabi

الأردن: 10 ملايين لقاح في الطريق وهمسات بنظام «هجين وبديل»... ما الذي يجري في وزارة الصحة؟

- عمان- «القدس العربي» من بسام البدارين:

هل يحتاج امتصاص ردة فعل الشارع إلى تغييرات دراماتيكية في وزارة الصحة الأردنية بالمستوى الذي أنجز بعد حادثة السلط الآن؟

يبدو ســؤالاً حساســاً في جانبه البيروقراط­ي، فوسط جلسة مع سياســيين وخبراء في الطب ووزارة الصحة فهمت «القدس العربي» بأنــه لا يوجد مبــرر فني لحبس وتوقيف الأمين العام الأســبق لوزارة الصحــة وتحويله إلى متهم في حادثة الســلط مع نخبة طبعاً من كبار موظفــي الوزارة وإدارة المستشــفى مادام مبدأ المســؤولي­ة الأخلاقية والسياسية قد طبقه الوزير السابق الدكتور نذير عبيدات عندما أعلن استقالته من منصبه. تعفي الحكومة الرجل الثاني في وزارة الصحة، بعد حادثة دامية، من منصبه.

من المسؤول

هذا سلوك طبيعي بيروقراطياً ويمكن أن يدخل تحت بند المسؤولية الأدبيــة أيضاً. لكن ما لا يفهمــه المختصون هو الخلفية التي تؤدي إلى حبس الرجــل الثاني في وزارة الصحة، لأن أحــد الفنيين ارتكب خطأ فادحاً انتهى بالجريمة التي حصلت في مستشفى مدينة السلط.

الأهم أن وزارة الصحة اليوم في خضم معركة شرســة مع فيروس كورونا بعدما بقيت نحو ثلاثة أســابيع بــا وزير وبدون أمينها العام الذي أشــرف على خطة الاشــتباك طوال العام الماضي وتوفرت لديه خبــرة في مواجهــة الفيروس كورونــا بعدما كان، كمــا تؤكد مراجع الوزارة، أول من ترأس اللجان الوبائية في الطاقم.

في كل حال، لا الحكومة ولا الوسط السياسي مسؤولان اليوم عن تحديد نطاق المســؤولي­ات، فواقعة الســلط بين يدي القضاء المستقل وعــدد المتهمــن يصل إلى 9 علــى الأقل، والمحكمة في أول جلســاتها

رفضــت تكفيلهم، والقضاء وحده من يحســم ويحكم ولا أحد يناقش في ذلك.

الأهم بيروقراطياً وسياسياً هو محاولة تتبع تلك الحكمة التي أدت بعد حادثــة درامية نتجت عن جريمة تقصيــر بالتأكيد لتفريغ الهيكل القيادي في وزارة مهمة للغاية في ظرف حســاس جداً ومعقد عنوانه تعبير كل الألســنة الرســمية والمرجعية عن المخاوف والتحديات التي تواجه القطاع الصحي.

يحســب الأردنيــو­ن للوزيــر المســتقيل عبيــدات أنــه أنجــز ملــف اللقاحات بعدما تلاعبت الحكومة الســابقة بالمسألة بصورة بهلوانية سياســياً وإعلاميا، فالبشــرى التي زفها مســاء الأحد وزير الاتصال الناطق الرســمي صخــر دودين، حول إمكانية تأمــن 10 ملايين لقاح حتى نهاية شــهر حزيران، تحســب بصورة مرجحة في رصيد الوزير المستقيل عبيدات، فما تحتفل به الحكومة اليوم في ملف اللقاحات هو منجز لمن استقال من باب المسؤولية الأدبية.

صحيح أن بعض النخب السياســية لا تفهم كيف يتم حبس الأمين العام لوزارة الصحة في الظرف الحالي.

وصحيح أيضاً أن الرأي العام لا يفهم بدوره السر الذي يتحول إلى لغز بعنوان الإصرار على وجود وزير صحة بالوكالة هو نفســه وزير الداخلية مازن الفراية، وعلى عدم الاســتعان­ة بــأي وزير جديد لقطاع الصحة لثلاثة أســابيع قبل حسم المسألة، ظهر الإثنين، بأن أدى وزير الصحة الجديد الدكتور فراس هواري اليمين الدســتوري­ة برفقة وزير العمل الجديد يوسف شمالي.

وفي الأثنــاء، يفقد طاقم الصحة أيضاً عنصراً نشــطاً للغاية ابتكر مفهوم الاستقصاء الوبائي وأدار ملف كورونا لمدة عام، وهو الدكتور وائــل هياجنة الذي قبل مجلس الوزراء اســتقالته بعد الاســتعان­ة به لمدة عام ولأســباب شخصية تتعلق بالتحاقه بعمل والتزام بالولايات المتحدة.

احتواء الشارع

كما يفقد المركز الوطني الوبائي رئيســه المؤســس الدكتور هواري، بتعيينــه وزيــراً للصحة، حيث ســتبدأ قريبــاً عملية البحــث عن بديل هــواري بعدما أصبح وزيراً. بالتوازي، التحقيق مســتمر قضائياً هذه المرة مــع الطاقم الذي اعتبرته النيابة مســؤولاً عن واقعة مستشــفى السلط.

وفي انتظار الترســيم القضائــي النزيه لا تزال الأســئلة الفنية بلا إجابــات، فالــرأي العام لا يعرف بعــد لماذا تعطل النظــام الذي يضخ الأكسجين للمرضى في غرف الإنعاش بصورة محددة وتفصيلية.

والانطباع السياســي بــأن إجــراءات الحبس والتوقيــف ولاحقاً الإقالات التي قررها الوزير بالوكالة للصحة الفراية، لها علاقة قبل أي

شيء آخر باحتواء ردة فعل الشارع بعدما أصبح حادث السلط مادة تغذي ألســنة حراكيين منفعلين فــي الداخل وأشــخاص في الخارج يتقمصــون دور المعارضــة ويواصلون الادعاء بأنهــم حريصون على الوطن والمواطن. تخلص الفراية قبل تعيين هواري من 9 مستشــارين وخمسة موظفين في الصحة.

وقبله كان ســلفه ســعد جابر، قد تخلص من غيرهــم وكان يصدر تعميماً، حســب الوزير السابق وخبير الوباء الدكتور عزمي محافظة، يمنع فيه البحث العلمي حول كورونا إلا بأمر الوزير شخصياً، حسب الرواية التي سمعتها «القدس العربي.»

وقبــل كل ذلك أيضاً، يبصم جميع وزراء الصحة الســابقون الذين تمكنــت «القدس العربي» مــن التحدث معهم، وبينهــم الدكتور غازي الزبــن والدكتور ممدوح العبــادي وغيرهما، بأن أزمــة الصحة وقبل معركــة كورونا كان يعرفها الجميع، وعرضــت أوراق تلك الأزمة على طــاولات القرار مبكراً، وهــي مزدوجة بعنوان نقــص الكوادر وغياب أطباء الاختصاص وضعف الميزانية المالية.

الدكتــور محافظــة قال في نــدوة عامة مؤخراً بأن هذه المشــكلات في الصحة بقيت رغم الفايروس كورونا.. ما الذي يعنيه ذلك بصورة محددة؟ ما الذي يجري في قطاع الصحة الأردني في توقيت مرهق للغاية؟ ســؤال عالــق جداً، لكــن يهمس به الجميــع اليوم، وثمة همســات مــن خبراء بيروقراطيي­ن في أذن «القــدس العربي» فضلوا تجنب ذكر أســمائهم تتحــدث عن خطة مــا لها علاقــة بترتيب وتمهيــد الأرضية لولادة نظام رعاية صحية جديد وهجين.

وتلك ليس أكثر من همسات ولا توجد أدلة مباشرة عليها، وإن كان واجب الحكومة اليوم كشف الأوراق أمام الناس والجميع والبرلمان، حتــى لا يجــد ميكروفــون التضليــل باســم المعارضــة الخارجية، أو الحراكيون في الشــارع، مواد دســمة لاحقاً تغذي تلــك الافتراضات أو تســاهم في التشــويه. باختصار، آن الوقت الذي على الحكومة أن تتحدث فيه.

 ??  ?? الوزير فراس إبراهيم الهواري يؤدي اليمين الدستورية أمس في عمان
الوزير فراس إبراهيم الهواري يؤدي اليمين الدستورية أمس في عمان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom