Al-Quds Al-Arabi

«واشنطن بوست»: أحمد العيسى... حياة مضطربة ورهاب وعائلته في حالة حزن وحيرة

بعد حادث إطلاق النار وقتله 10 أشخاص في ولاية كولورادو الأمريكية

- لندن – «القدس العربي» من إبراهيم درويش:

بعد حادث إطــاق النار الجماعــي في متجر «كينغ سوبرز» في مدينة بولدر، ولاية كولورادو والتــي اتهــم واحد من أفــراد العائلــة بقتل 10 أشخاص لا تزال عائلة العيسى تبحث عن أجوبة لأســئلة محيرة حول قرار أحمد العلوي العيسى ارتكاب جريمة قتل جماعي.

وفي تقرير مشــترك لســعاد مخنيت وجولي تيت نشرته صحيفة «واشنطن بوست» قالتا فيه إن العيسى اشترى في 16 آذار/مارس مسدساً من نوع رغر إي آر-15 بشــكل أغضب عائلته عندما رأت المسدس لأول مرة. وسأل أحد أعضاء العائلة أحمد «ماذا تريد أن تفعل بالمســدس؟» و «من أين حصلــت عليه؟ ولمــاذا تريــده؟». ورد بأنه كان يتدرب على إطلاق النار واســتأجر في الســابق مسدساً ورأى أن شراء مسدس هو أرخص، وذلك حسب قريب له تحدث للصحيفة. ووصف أقارب اشترطوا عدم الكشــف عن هويتهم رحلة العائلة من سوريا إلى الولايات المتحدة. ولم يكن العيسى /21 عاماً/ متيقناً من طريقة اســتخدام المسدس، وقال إن «رصاصة علقت في مخزنه» وذلك حسب شهادة الشرطة والتي قالت إنه اشترى المسدس قانونياً. وصادرت العائلة المسدس منه ويبدو أنه قبل بالقرار، حســب قريبه. وقبل يوم من حادث إطلاق النار زار العيسي بيت واحدة من أخواته. وقــال قريبــه: «كان طبيعياً ولعب مــع الأطفال وضحك معهم» و«تناولــوا وجبة طعام أعدت في البيت وكان كل شيء عادياً.»

علامات مرض واضحة

وفي صباح اليوم التالي ســأل العيســى عن المســدس قائــا إنه ســيعيده إلى المتجــر الذي اشتراه منه واستعادة المال الذي دفعه. وبدل من ذلك قاد سيارته إلى متجر كينغ سوبرز الذي يبعد 15 ميلاً عن سكن العائلة ودخل المتجر ثم فتح النار حسب شهادة الشرطة. ومنذ الحادث قضت عائلة العيسى الممتدة في الولايات المتحدة الأيام حزينة على الضحايا وتحاول فهم دافع ابنها على ارتكاب فعل جلب لها العار والغضب.

وقال قريبه إن «والدته لــم تتوقف عن النظر إلى صور الضحايا والبكاء » و»نفكر بالتواصل مع العائلات والتعبير عن أسفنا العميق، ولم يتوقع أي واحد منا هذا، ولو شــعرنا أنــه كان يخطط لعمل مثل هــذا لمنعناه» ورفض والدا العيســى وإخوته التعليق. وعندمــا ظهر أمام المحكمة يوم الخميس قالــت محاميته التي وكلــت بالقضية، كاثرين هيرولد إنه يعاني من مشــكلة عقلية غير واضحة ويجــب فحصه و»لا نســتطيع عمل أي شــيء حتى نقيّم وبشــكل كامل حالة العيســى العقلية». وحسب قريبه فقد أخبر المحامون الذين زاروا العيســى في السجن عائلته إنه تحدث عن «سماعه أصواتاً في رأسه» ولم يرد المحامون على أسئلة الصحيفة للتعليق.

وتشــير الصحيفة إلى علامات كانت واضحة منذ ســنوات حول مشــاكل العيســى وأنه كان يتصــرف بطريقة تدعــو للقلق، ولكنهــا لم تكن واضحة أو تدعــو العائلة إلى أخــذه إلى طبيب نفسي أو طلب المســاعدة الطبية. وقال قريبه «لم يكــن يتناول أدوية، ولم يشــرب أبداً ولم يتعاط المخدرات». ولكنه لاحظ أن العيســى مال للعزلة في العام الماضي وتحــدث بطريقة من يعاني من رهاب دائم وأن هناك أشخاصاً يراقبونه. وأضاف قريبه «يبدو أن جسمه كان هناك وعقله في مكان آخــر. وكان يذهب إلــى العمل ويدخــن أحياناً النرجيلة ولا يعمل أي شيء آخر.»

وقــال إن العيســى كان يعمل فــي واحد من مطاعم العائلة «سلطان غريل» في أرفادا ورفض عرضــاً لإدارة واحــد منها. فقبل شــهرين تلقت العائلة عرضاً لإدارة مكان مطعم بأجر مجاني لمدة عام لو وافقت على توقيع عقد مدته خمسة أعوام، وكانت تأمل أن يدير العيســى المكان. وقال قريبه «أخبرناه هذه فرصــة عظيمة» وكان رده مفاجئًا للعائلة «لا زلت صغيراً.»

وانتقلت عائلة العيســى من مدينــة الرقة في ســوريا إلى الولايات المتحدة عندما كان أحمد في سن الثالثة، وغادرت معظم العائلة المدينة حسب أقارب في الرقــة وفي أمريكا. وعندما احتل تنظيم الدولة الرقة وحولها إلى عاصمة الخلافة خسرت العائلة كل تجارتها وبيوتها. وقال قريب العيسى «كل واحد من العائلة ترك ســوريا انتهى الأمر به في السعودية، لبنان، الســويد، ألمانيا وعرفنا أن مستقبلنا أصبح في أمريكا». و «ركزنا جميعاً على العمل دون مناقشــة السياسة أو أمور كهذه، وكل حديثنا كان عن التجارة .»

لا آراء متطرفة

وعندمــا حلل موقع «ســايت» وهــو مجموعة أمنية تقوم برصــد التطرف على الإنترنت صفحة العيســى على فيســبوك لم يعثر علــى «أي آراء راديكاليــ­ة متطرفــة» ومــع أن أعضــاء العائلة واجهوا مشاكل مع القانون إلا أنها لم تكن مرتبطة بسياسة التطرف.

وعلى مدى عقدين بنت عائلة العيسى سلسلة من المطاعم الناجحــة والمتخصصة بالأكل العربي وانتقلت من شقة مستأجرة إلى بيت منفصل كبير بمرأب يستوعب ثلاث ســيارات في منطقة راقية فــي أرفادا. وبدأت أول الإشــارات حول ســلوك العيســى الغريب عندما كان في المدرسة الثانوية في أرفادا ويســت. وكان في فريق المصارعة وهدد بقتل أفراد الفريق بعد خســارة مبــاراة. واندفع تاركاً الحلبة ولم يعد قط إلى الفريق، وذلك حسب مقابلات مع زملائه في الصف.

وفي الفترة نفســها، تشــرين الثاني/نوفمبر 2017 وعندما كان العيســى في الصــف النهائي وجهت له اتهامات بالهجوم على زميل له في حصة الرياضيات. وحسب شــهادات الطلاب والمدرس، فقد كان الهجوم دون أي مبرر وقام بضرب الطالب بقوة، وهو ما ورد في شهادة شرطة أرفادا.

«هاجس التنصت عليه»

وأخبر الضحيــة الذي تعــرض لكدمات على وجهه الشــرطة أنه كان صديقاً للعيســى لكنه لم يتحدث إليه منذ فترة، وفوجــئ بالهجوم. وقال العيســى إنه رد على تلميحــات عنصرية، بما في ذلك مناداته بالإرهابي ودعوته للعودة من حيث جاء لأنه مســلم. وتقول عائلته إن العيسى يفخر بكونه أمريكياً، وشعر بالألم عندما حاول بعضهم التشــكيك بهويتــه. واعترف العيســى بارتكاب الجنحة ووضــع تحت المراقبــة والقيام بالخدمة الاجتماعية. وأخبر الشــرطة، أنه فقد وعيه أثناء الهجوم.

وبعد الهجوم جلست العائلة معه وحثته على تناسي الماضي و»جلســنا وتحدثنا كعائلة وقلنا له: أحمد، لا تسمح لهذا بأن يؤثر عليك وأنت لست كما يقولون». لكن الحادث بدد بعضاً من طموحه حيث تحدث عن دراســة الطب، إلا أن هذا الهدف تلاشــى. وتبع ذلك تغيرات أخرى في شخصيته، لكــن العائلة لــم تعــرف إن كانت التحرشــات العنصرية هــي المحفز، كما يقــول قريبه. و»كان يقــول أحياناً أن أناســاً يلاحقونني، ويتنصتون علــى كلامــي، وهناك نــاس يراقبوننــ­ي وناس يريدون القبض علي .»

وفــي 18 آذار/مــارس 2019 وضع العيســى على فيســبوك «مجرد فضــول، ما هــي قوانين الخصوصيــة على الهاتــف، واعتقد مدرســتي القديمة «ويســت» كانت تتنصت على هاتفي، هل هناك أي شخص يعرف ما يمكنني عمله من خلال القانون». وفي رد علــى تعليق على صفحته عبر عن اعتقاده بأن البعض يحاولون نشر شائعات كاذبة عنه وأن القرصنة على هاتفه هي «عنصرية في جزء منها .»

وقام العيســى بتغطية العدسة على كمبيوتره وكســر ريموت الســيارة لاعتقــاده أن البعض يراقبونه عبره. ووضع على فيسبوك منشوراً قال فيه إن مكتب التحقيقــا­ت الفدرالي يراقبه. ومرة عندمــا كان يعمل في المطعم قــال لأخته إن رجلاً في موقف السيارات يلاحقه، وذهبت أخته للتأكد ولم تجد أحداً. لكن العائلة التي قابلتها الشــرطة أكثر مــن مرة وغادرت بيتها فــي أرفادا قالت إنها لم تر في العيســى شــخصاً خطيراً. وقال قريبه «تساءلنا إن كان هناك شخص تحدث إليه ودفعه لهذا العمل» و»هل اتصل به شــخص على الهاتف وطلب منه القيام بهذا؟ ومن دربه على اســتخدام المسدس؟» و«الجواب أننا لا نعرف.»

وراقبــت العائلــة ظهــوره فــي المحكمة عبر الإنترنت و«كان الجميع يبكي» و«بدا لنا أن أحمد لم يكن يعرف مــا يقوم به، والطريقــة التي كان ينظر فيها حوله، لليمين والشــمال. ويبدو أنه لم يكن يعرف ماذا فعل. وكان من الصعب مشــاهدة كل هذا. ونأمل بالحصول على أجوبة عن الدوافع التي دفعته لهــذا. ولكننا لا نعرف، وننتظر نتائج التحليل النفســي». وعندما اعتقل طلب العيسى الحديث مع والدته، حســبما قالت الشرطة، و«لم تتحدث معه بعــد» و«لن نتحدث معــه، حتى لو كانت هناك فرصة للحديث، ولا نستطيع الحديث معه .»

 ??  ?? أمريكيون أمام نصب تذكاري لضابط شرطة قتل في إطلاق نار في كينغ سوبيرز في كولورادو، وفي الإطار أحمد العيسى منفذ الهجوم
أمريكيون أمام نصب تذكاري لضابط شرطة قتل في إطلاق نار في كينغ سوبيرز في كولورادو، وفي الإطار أحمد العيسى منفذ الهجوم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom