Al-Quds Al-Arabi

تركيا تسعى للتحول إلى مركز استراتيجي لصناعة الهواتف الذكية في المنطقة والعالم

- إسطنبول – «القدس العربي» من إسماعيل جمال:

افتتحــت شــركة «شــاومي» الصينيــة العملاقــة لإنتــاج الهواتف الذكيــة، أمس الإثنين، مصنعاً كبيراً لها في مدينة إسطنبول التركية في أحدث خطوات الحكومة التركية على طريق خطتها الاســترات­يجية لتحويل البــاد إلــى مركــز اســتراتيج­ي لصناعة الهواتف الذكية في المنطقة والعالم.

وخلال الأشــهر الأخيرة، نجحــت تركيا في اجتــذاب عدد من أكبر شــركات صناعة الهواتــف فــي العالم مــن أجل بــدء إنتاج هواتفهــا الذكية فــي تركيا، وقبيــل افتتاح شركة «شــاومي» الصينية مصنعها الإثنين، بدأت شــركة «أوبو» الصينيــة أيضاً إنتاج هواتفها في تركيا، إلى جانب شــركة «تكنو» في حين تؤكد مصادر تركية غير رســمية أن شركة «سامســونغ» العالمية تستعد بالفعل لإنتاج هواتفها في تركيا باستثمار ضخم.

وتســعى تركيــا لأن تتحول إلــى مركز إقليمــي ودولــي لصناعة الهواتــف الذكية ضمن خططها لاجتذاب اســتثمارا­ت عالمية واســعة لتعزيــز اقتصادها ورفــع الناتج المحلي للبلاد، وتستقطب الشركات من خلال إبراز أهمية الموقــع الجغرافي للبلاد وتعزيز خطوط النقل والتجــارة العالمية براً وبحراً وجواً وهو ما يُمكن الشــركات من الوصول إلــى أســواق عالميــة مختلفة في الشــرق الأوسط ووسط آســيا وأوروبا، إلى جانب السوق التركي المحلي الكبير الذي يتألف من 84 مليون نسمة.

وتؤكد تركيا أن موقعهــا الجغرافي يمنح الشــركات التي تنتج في تركيا تســهيلات كبيرة، فإلــى جانب القرب مــن العديد من الأســواق العالميــة الكبيــرة، فإنها طورت خطوطاً للتجــارة والنقل مكنــت الوصول للعديد من الأســواق بتكاليــف منخفضة، إلى جانب التسهيلات التي تقدمها الحكومة للمســتثمر­ين وانخفــاض أســعار الأيدي العاملــة المحليــة، والعديــد مــن المرغبات الاقتصاديـ­ـة التــي تســتعرضها الحكومة لاجتذاب المستثمرين.

والإثنين، وفي رســالة بعضها بمناســبة افتتاح مصنع شركة «شاومي» في إسطنبول، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن بلاده تمضي بخطــى واثقة لتكــون قاعدة إنتاج إقليمية للهواتف الذكية، وقال: «تركيا التي يُباع فيها أكثر من 10 ملايين هاتف نقال

سنوياً وتشــكل نقطة التقاء أسواق أوروبا وروسيا والشــرق الأوسط تســير بخطى واثقة لتكون قاعدة إنتــاج للهواتف الذكية في المنطقة».

والمصنع أقامته «شاومي» بإسطنبول على مســاحة 14 ألف متر مربع، ويعد رابع مصنع لها بالشراكة مع سالكومب، بعد مصانعها في الصين والهند وإندونيســ­يا.ولفت الرئيس التركي إلى أن المصنع بلغ حجم الاســتثما­ر فيه نحو 30 مليون دولار وسيوفر فرص عمل لألفي شــخص، عبر طاقــة إنتاجية تصل 5 ملايين هاتف سنوياً، معرباً عن شكره «لكافة المســتثمر­ين الذين يثقون بتركياوبقد­راتها ومســتقبله­ا خلال المرحلــة العصيبة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا».

وبداية الشــهر الجــاري، أعلــن وزير الصناعة التركي أن شــركة«أوبو»الصينية للهواتف المحمولة بــدأت الإنتاج التجريبي في مصنعهــا بمنطقة طوزلا بإســطنبول، حيث بنت الشــركة مصنعاً على مســاحة 12 ألــف متر مربــع ســيتيح توظيف نحو 1000 شخص، حيث يتوقع أن تبدأ الشركة الإنتاج الرســمي لهواتفها مــن تركيا خلال الأسابيع المقبلة.

إضافة إلى«أوبو» قررت شركة الهواتف الذكية الصينية تكنوأيضاً أن تســتثمر في تركيا؛ إذ اتخذت الخطــوات اللازمة لبدء الإنتــاج فيهــا بقيمة تجــاوزت 25 مليون دولار ويتوقع أن تنتج الشــركة أول هاتف ذكي لها في تركيا خلال الأســابيع القليلة المقبلة، وأوضحــت الشــركة أن مصنعها الذي أسســته بمنطقة بنديك بإسطنبول، ســيخدم المســتخدم­ين الأتراك وسيصبح قاعدة إنتاجيــة تقوم بالتوزيع للســوق الأوروبية.

ومنذ أشهر، تتحدث مصادر تركية مختلفة عن أن عمــاق التكنولوجي­ا «سامســونغ» يُتوقع أيضــاً أن يبدأ الإنتاج قريباً في مدينة إسطنبول عبر مقاول من الباطن، مشيرةً إلى أن الإنتاج ســيركّز على التجميع بالأساس، لكن وزيــر التكنولوجي­ا رفــض تأكيد هذه الأنبــاء بالقول إن الشــركات هــي المخولة بالإعلان عن استثماراته­ا.

في الســياق ذاته، أشارت وكالة بلومبرغ إلــى أن الحكومــة التركيــة قدمــت حوافز اســتثماري­ة للعديد من الشركات التي تعمل في مجال صناعة الهواتــف الذكية وأبرزها الإعفــاء الجمركي على واردات الشــركتين ولوازم الإنتاج حتى أغسطس/آب 2021.

يعتبــر الرئيــس التركــي أن «المنــاخ الاســتثما­ري الداعــم لريــادة الأعمال في تركيايلعب دوراً هامــاً في اختيارها من قبل الشــركات العالميــة لتنفيذ الاســتثما­رات» مشــيراً إلــى أن «تركياتوفــ­ر فرصــاً هامة للمستثمرين الدوليين من خلال تمتعها بقوة عاملــة حيوية ومؤهلــة، وتوفيرها إمكانية الوصول إلــى أســواق داخليــة وإقليمية واســعة، فضلاً عن موقعها الاســترات­يجي ونظام تشجيع الاستثمار فيها.»

واعتبر وزيــر الصناعــة والتكنولوج­يا التركي، مصطفى ورانــك، أن افتتاح مصنع شركة «شاومي» في إســطنبول «يعدّ حجر أســاس لتحوّلتركياإلى قاعدة عالمية لإنتاج الهواتف الذكية» لافتاً إلــى أنتركياهي رابع دولة تفتتح «شــاومي» فيها مصنعاً لإنتاج هواتفهــا وأن هــذه الخطوة «ســتكون لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد التركي.» حيــث كان الوزيــر أوضح في وقت ســابق أن المصنع ســيوفر نحــو 2000 فرصة عمل للمواطنين الأتراك.

وكشف الوزير عن أن بلاده منحت، حتى الآن، شــهادة تحفيز لـ12 شــركة تســتثمر في مجــال الهواتــف الذكية، بلــغ إجمالي اســتثمارا­تها فــي البلاد 971 مليــون ليرة تركية، مشــدداً علــى أن الحكومة تقدم كافة التسهيلات اللازمة للمستثمرين الأجانب.

وتقــول الحكومة التركيــة إنه إلى جانب جلــب اســتثمارا­ت خارجية فإن مــن أبرز أهدافها تعزيز قدرات القطاع الخاص التركي في مجال إنتاج الهواتــف الذكية عبر زيادة المنافســة وبتبادل الخبرات مع الشــركات الأجنبية التي ســتنتج هواتفهــا في تركيا، وتقــدم الحكومــة حوافز مهمة للشــركات المحلية التي ترغب في دخول سوق الهواتف الذكية.

وفي تصريحات ســابقة، قال بُراق داغلي أوغلو، رئيس مكتب الاســتثما­ر في الرئاسة التركيــة، إن المكتــب أجــرى مقابــات مع شــركات قد تعلن قريباً استثمارات مهمة في البلاد، معتبراً أن «تركيــا تعتبر مركز جذب للمستثمرين في قطاع التكنولوجي­ا، لما تملكه من قوى عاملة شــابة ومدربة، وبنية تحتية صناعيــة متطــورة ورقمية قويــة، وموقع جغرافي اســتراتيج­ي يســمح للمستثمرين في الوصول إلى أســواق متنوعــة» وتابع: «السوق التركية وحدها تشهد مبيع أكثر من 10 ملايين هاتف محمول سنوياً. وهذا يجذب الشــركات العالمية التي ســتعمل على تلبية احتياجات السوق المحلية أولاً، ثم الأسواق القريبة في دول المنطقة.»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom