Al-Quds Al-Arabi

الناس تركب القطارات للذهاب للعمل لا للمقبرة... ومأساة سوهاج تعزز مطالب الأغلبية بضرروة رحيل الحكومة الحقيقة المرة

أزمة السفينة تنفرج وحديث عن مسارات بديلة للقناة... وإثيوبيا تعمل على ضياع الوقت باستمتاع وثقة

-

فلنحذر من هذا

ما يقلق في أزمة السفينة الجاثمة في قناة السويس، كما قال سليمان جودة في "المصري اليوم" ليس حجم خسائرنا اليوميــة التي تصل إلــى 14 مليون دولار، وفــق تقديرات الفريق ربيع، ولا حتى ما يقال عن قيمة المتعطل من الســلع العابــرة في القناة كل يوم، بين شــمال العالــم وجنوبه.. هــذا كلــه وارد في ظرف طارئ مــن هذا النــوع.. ولكن ما يقلق حقًا هو الحديث عن مســارات بديلــة للقناة، وقد بدأ مثل هذا الحديث همسا على اســتحياء.. ثم صار يقال علنا على المــأ. من ذلك ما نشــره الموقــع الإلكتروني لصحيفة "السياســة" الكويتية على لسان كاظم جلالى، سفير إيران لدى العاصمة الروسية موسكو. قال الموقع ما يلى نصا: أكد سفير إيران لدى موسكو، كاظم جلالي، ضرورة تفعيل ممر «شــمال جنوب» بديلا عن قناة السويس، وكتب جلالي في منشــور على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الإســراع في إكمال البنــى التحتية وتفعيل ممر «شــمال جنوب» كبديل عــن ممر قناة الســويس يحظى بالأهمية أكثــر مما مضى. وأضــاف الســفير الإيراني أن: ممر «شــمال جنوب » الذي يختصر الزمن حتى عشــرين يوما، والتكاليف حتى ثلاثين فــي المئة، يُعد خيــارا أفضل كبديل عن قناة الســويس في مجال الترانزيت.. ثم اختتم جلالــي كلامه، فقال: الحادث الأخير مؤشــر إلى ضرورة البحث عن بديل أقل خطورة من ممر قناة الســويس، الذي يعبر منه أكثــر من مليار طن من السلع سنويا. هذا ما قاله الســفير الإيرانى حرفيا.. ورغم تداول كلام كثير بهذا المعنى منذ بداية جنوح الســفينة، إلا أنه هذه المرة ليس أي كلام، وإنما هو كلام سفير دولة كبيرة في الإقليم لدى دولة أكبر في العالم، وكلامه منشور باسمه ووظيفته وصورته.. تساءل الكاتب: ما الحكاية بالضبط؟ قــال العرب قديما: وراء الأكمة ما وراءها.. واليوم يبدو مما يجري أمامنا، ويقــال، ويتم تداوله، أن وراء الســفينة ما وراءها.

باقون رغم الجريمة

بون شاسع يفصل بيننا وبين الدول المتقدمة، كما أوضح هشــام مبارك في "الوفــد": ترحل الحكومــات والأنظمة، وتسقط من تلقاء نفسها في أوروبا والدول المتقدمة، عندما يقــع حادث مثل حادث تصادم القطارين البشــع الذي وقع يوم الجمعــة الماضية، على خط الصعيــد ونتج عنه اثنان وثلاثون ضحية ومئات الإصابات. نعم تســتقيل الحكومة وترحل كأبســط رد فعــل، وأقل تعزية يتم تقديمها لأســر الضحايا. ســيقول قائل إن المســئولي­ة غير مباشــرة، فلا رئيــس وزراء كان يقود القطــار الأول، ولا وزير كان يقود القطار الثاني، نعم ذلك صحيح لكن المســؤولي­ة تقع ضمنيا ضمــن اختصاصــات الجميع، حتــى لــو كان الإهمال هو المسؤول الأول عن الحوادث، فهؤلاء المسؤولون هم السبب الرئيســي في تفشــى الإهمال ووصوله إلى هــذه الدرجة المرعبة من الاســتهتا­ر بحياة الناس. المسؤولون يجب عدم اعفائهم من المسؤولية أبدا.

واصل الكاتب مندداً بالقتلــة : يجب أن لا نتعامل مع كل حادث على أنه نــاتج عن إهمال بعض صغار المســؤولي­ن، ونكتفــي بعقابهــم، ثــم نغلق الملــف، بدون عقــاب كبار المســؤولي­ن، لو اســتمر هذا التعامل فلن تنتهــي أبدا هذه الحوادث، وســيظل نزيف الغلابة مســتمرا، ســواء تحت عجلات قطار، أو أتوبيس، أو تحت أنقاض عمارة ســكنية، أو حتى غرق عبّارة، تكاتفت كل أجهزة الدولة وقتها لتهريب صاحبها لضمان نجاته من العقاب. وهو ما يحدث يوميا في حوادث الســكة الحديد، وغيرها من الكــوارث عندما يتم الاكتفاء بكبــش فداء صغير حماية للكبير من المســؤولي­ة. فعلى الأقل تكون استقالة هؤلاء هي أقل رد فعل وعقاب لهم على تلك الجرائم، التي يتم ارتكابها يوميا في حق المصريين بشكل عام والصعايدة بشكل خاص.

من يحنو عليهم؟

أوضح هشــام مبارك، أن الصعايدة الذين لا يجدون من يحنو عليهم ويطبطب على آلامهم مع إصرار الدولة على أن تتعامل معنا معاملة الدرجة الثانية والثالثة، وربما وصلنا للعاشــرة حاليا. كما اقترح الكاتب إضافة عبارة في اليمين الدستورية التي يقســمها أي مسؤول يتولى المسؤولية في هذا البلد تقول هذه العبارة، "وان أعتبر نفســى مســتقيلا تلقائيــا لو وقــع حادث نتيجــة الإهمال، ودفــع ثمنه ولو حتى مواطن واحد من المصريين". بهذا القسم يصبح رحيل هؤلاء المسؤولين عملية تلقائية، لا تحتاج أن يتقدم أي منهم باســتقالت­ه، ولا يحتاج لأن يصدر لهم قرار إقالة من سلطة أعلى منهم. وقتها فقط يصبح الجزاء الفوري، حتى إن كان هذا الجزاء هو الحــد الأدنى. لكن ما يحــدث حاليا تهريج واســتهتار بأرواح النــاس تحت حجج ومبــررات واهية أخطرها ما قالــه رئيس الحكومة، في مؤتمره الصحافي في ســوهاج، إن هذا الحادث لن يكون الأخيــر طالما أن المرفق كله فــي طور التطويــر، وإعادة الهيكلــة. كلام غريب غير مفهوم. من قال إن تطوير أي مرفق لا بد أن تكون له ضحايا يدفعون الثمن كل يوم من حياتهم ودمائهم؟ واختتم الكاتب متجاوزاً الخطوط الحمر: نداء أخير لكل المسؤولين في هذا البلــد: أيقظوا ضمائركم لو كانت لديكــم ضمائر، وتحملوا المســؤولي­ة ولو مرة واحدة في حياتكم، أو اســتقيلوا غير مأسوف عليكم.

الجريمة والعقاب

من أصعــب الظواهر الســلبية في حياة الشــعوب أن تصبح الســلبيات شــيئا عاديا فــي حياتهــم.. أن تصبح الجرائم ســلوكا عاديــا، وأن يصبح الموت شــبحاً يطارد النــاس كل لحظة.. ولهــذا لم يعد غريباً أن تشــهد خطوط الســكة الحديد كل يوم كارثة جديــدة، تابع فاروق جويدة في "الأهرام": لقــد أنفقت الدولة مليــارات الجنيهات على تجديد وتطوير منظومة الســكة الحديد، وكانت قد وصلت لأســوأ حالاتها.. وقامت الحكومة بشــراء أعداد كبيرة من العربات والقاطرات، ولكن للأسف الشديد لم ينعكس ذلك على مستوى الأداء والخدمات.. فقد شهدت الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في عدد الحوادث وضعت هذا القطاع المهم أمام تحديات جديدة. وعلى عكس ما يرى الكثير أوضح جويدة، أن وزيــر النقل الفريق كامل الوزير بــذل جهدا واضحا في مواجهة الحوادث المتكررة في السكة الحديد.. ورغم تجديد المعدات والعربات وأعمال الصيانة، فإن مســتوى الأداء لم يصل إلى درجة الأمان المطلوبة. كلنا يذكر أن حوادث السكة الحديد في سنوات مضت كانت سببا في إقالة اكبر عدد من الــوزراء في حكومات متعاقبة.. ولم تعــد إقالة الوزير هي الحل، ولكــن الأزمة الحقيقية في مســتوى الإدارة ودرجة الانضباط والصيانة والمتابعة. نحــن أمام آلاف القطارات التــي تنطلق في كل مكان تنقل ملايــن المواطنين، ولا يعقل أن يخرجــوا من بيوتهــم لهذا المصير المؤلــم.. في حوادث كثيرة ســبقت كان الضحية هو الســائق، وقليــا ما نالت الجريمة مســؤولا كبيرا.. ويرى الكاتب أن حجم الضحايا أصبح كبيراً، وأن وفاة 19 إنساناً و185 مصاباً ليست أرقاماً عاديــة، وإن تعدلت أكثر من مرة في أكثــر من بيان.. وكان تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن الدولة سوف تواجه أي شــبهة تقصير أو فســاد في هذه الحادثة، بكل الحسم والعقاب. الشــيء المؤســف أن حوادث القطارات وكوارث الســكة الحديد، أصبحت ظواهــر متكررة.. وأن ســقوط الضحايا أصبح أمراً عاديــاً، ولهذا لا بد من وقفة لأن أرواح الناس ليست بهذه البساطة.

هناك أمل

خــال اليومين الماضيــن، والكلام لأكــرم القصاص قي "اليوم الســابع" جرى الكثير من التحركات على مستويات مختلفــة من الدولــة، تجاه ما جــرى من حــوادث، أهمها الدفع نحو عدم تكرار هذه الحوادث مســتقبلا، خاصة في ما يتعلق بحــوادث القطارات، ومنذ اللحظــة الأولى، قرر الرئيس تشــكيل لجنة خبراء تبحث أسباب الحادث بشكل علمي، فضــا عن دراســة التقارير، التي ســبق إصدارها بهذا الشــأن، بجانب تحقيقات النيابة العامة. وقد استمع الرئيس السيسي للنتائج، التي تم التوصل إليها وما يتعلق بالملابســ­ات الأولية، وعلى الشــق التقني لحادث قطاري سوهاج، حســبما أعلنه المتحدث باسم الرئاسة، وهو عدم تكرار تلك الحوادث مستقبلا، في ظل ما يتم إنفاقه من مئات المليارات، لتطوير مرفق الســكة الحديد. وأشار إلى وجود عدة ســيناريوه­ات عقــب الحادث، أحدهــا إيقاف الحركة حتى يتم الانتهاء من منظومة التشغيل والأمان بالكامل ثم إعادة تشــغيلها مرة أخرى، ولكن هذا السيناريو يصطدم بمئات الآلاف من المســافري­ن يوميا، تخدمهم خطوط السكة الحديد شــمالا وجنوبا، وبالتالي فإن إيقاف الحركة يعطل هؤلاء الذين يعتبرون القطارات هي الأرخص والأكثر أمانا، ما يترتب عليه ضغط على باقي وســائل النقل والطرق، ما يمثل أعباء في اتجاهــات متعددة، وبالتالي ليس هناك مفر من العمل فــي تركيب نظم الأمان الذكيــة، مع تحمل بعض المخاطــر، والتعطيل المرتبط ببطء التشــغيل، حرصا على الأمان. هناك أمل فــي أنه بعد تركيــب منظومة حديثة من جرارات وعربــات القطارات، يهدف إلــى التحكم الآلي في ســرعة القطارات وأيضا نظام الإشارات، لكن الأمر بالفعل يحتاج أيضا إلــى تطوير العنصر البشــري وتدريبه على التعامل مــع المنظومة الجديدة، مثلما هــو حادث في مترو الأنفاق، حيــث يتراجــع العنصر البشــري لصالح العمل الأوتوماتي­كــي والإلكترون­ــي، ضمــن منظومــة مترابطة ودقيقة. لا يمكن تجاهل وجود ثغرات في العنصر البشري، وهو ما أشار إليه الرئيس في كلمته، عقب الحادث «الإهمال والفساد»، وهي تتعلق بالعنصر البشري.

وحدهم الفقراء

جســدت منى ثابت في "المشهد" دور الناطق بلسان حال المصريــن: نحن الشــعب المصري موجــوع القلب مذهول العقل، نطالبكم بإعلان المســؤول المباشــر عن ضرب الأمل كلما أطل.. واحتفظوا أنتــم حكومة ومجلس نواب بتقارير اللجان، ســئمنا تكرارهــا.. أصوات الاســتغاث­ات ودماء الضحايا جــددت إعلان نتيجــة الحــوادث والتوصيات نفســها.. وحاســبوا تلفزيون الدولة على إعلان الضحايا شــهداء. ولتســحب الوزيرة تصريح إنجازاتها في توفير أكيــاس الــدم، التصريح ملوث بشــبهة تفريــق متبرعين توافدوا لإنقاذ المصابين، خوفا من انفجار الغضب والحزن.. قطعت الحكومة ورئيسها زيارة الغردقة لتنشيط السياحة، وهرعت للفرجة على الحادث.. أقول لكم زيارتكم للمصابين أربكت الأطقم الطبية، قوات تأمينكم منعت عنكم رؤية حجم المأســاة على وجوه المتبرعين بالدم، والاســتما­ع لشــهود العيان مــن الأهالي الذين أســرعوا بالمناشــي­ر الكهرباء، لرفع الحطام وإنقاذ الركاب، لتأخر ونش الســكة الحديد، القوات المســلحة ســبقته كالعادة، صعايدة قرية )بنهو( الفقراء اعتادوا التجمع للفرجة على جمال قطارات إسبانيا وروسيا، والحلم برؤيتها من الداخل، كرهوها، يوم الحادثة ـ الجمعة- أعلنــت الهيئة القومية لســكك حديد مصر، أن مجهولين فتحــوا "بلف الخطر" في القطار الروســي المميز 157 سوهاج، فتوقف فجأة ليصطدم به الإسباني، وبسرعة انطلق اللهو الخفي يشيع على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الباعة الجائلين اعتادوا اللعب في البلف عشان ينزلوا، فطلب الدكتور مدبولي منــع التصريحات من أي جهة لحين انتهاء اللجان.. امتثل التلفزيون، واسترجع شرائط شهامة المصريين في الكوارث، وتذكير المؤمنين أن الموت علينا حق،

وحوادث القطارات قدر، أما أسوأ مشاهد الحكومة، فهو مزاد التعويضــا­ت، وأراه اعلان عجز وخــزي وتقصير، ونداء مستتر لرجال الأعمال للتبرع، وأهو مخصوم من الضرائب.

حلقة مفقودة

نبقى بصحبة منى ثابت، التــي طالبت بفك لغز ما جرى في حادث قطار ســوهاج: تاني يوم الحادث، أعلنت الهيئة بشــجاعة تســتحق التكريم، أن موقع الحــادث تم تطوير إشــاراته لمســافة 12 كيلومتر، والمنطقة تم تحديثها بنظام إلكتروني حديث EIS() يوفــر أعلى درجات الأمان، يعني خطة التطوير تمت، إذن هناك حلقة مفقودة معروفة للهيئة تســببت في الحادث، وأعتقــد أنها تحديــث العمالة، فهل ســتكملون خطة الوصول إلى نجع حمادي بطول 180 كيلو بالضمانات نفسها، وظهر مصدر محروق القلب، "واحتمال يكون مسؤول متابعة السيســتم، العارف بالحقيقة وبأنه هايلبس" صرح بوجود مشــكلة فنية في التحويلة تسببت في سير القطار الإسباني المكيف على السكة نفسها الواقف عليها الروسي الفاخر. نفهم أن مليارات اتصرفت، لاستبدال العنصر البشــري وتخفيض الحوادث، فمن هو المســؤول الذي خرجــت الدولــة كلها تتوعــده وتهــدده بالأمس؟ المستورد المرتشي، أم مسؤول الرقابة والمتابعة، لأن وزارة المالية موقفة التعيينــا­ت؟ أم عامل التحويلة المســتمر في موقعه، بدون تحديــث، فنام مللا لأن السيســتم صاحي؟ وكاميــرات المراقبة عطلانة؟ الإهمال مــروع، والحقائق لن يمنع انتشــارها أمر، أو رجاء.. تأخر الإنقاذ حصد أرواحا، وبالمثل الإنقاذ بالشــهامة، لأن قواعــده مجهولة لم تعلّمها المدارس، أو وزارة الصحة، أو الإعلام. لا تقيلوا وزير النقل، ولا تقبلوا اســتقالته، من حقنا معرفة ما عجز عن إصلاحه، ولتكــن عقوبته هي إتمام واجبه.. بــل أقيلوا وزير الإعلام بقانون العيب للتقصير في واجب الاجتهاد لعرض الحقيقة، لم نســمع إلا صياح الغربان حول الجثث، نطالبكم بإعلان المســؤول المباشــر اليوم وليس غدا.. ولتحتفظوا بتقارير اللجان، لا نريد قراءتها.

رســالة مهمة تلقاها عمرو الشوبكي في "المصري اليوم"، من القارئ محمد الســيد رجب رسالته جاء فيها: أقولها لك بأعلى صوتــي إن إثيوبيا لا تريد التفاوض ولن تتنازل عن التعنت، وســوف تقوم بالملء الثاني فــي يونيو/حزيران المقبل». لنــدَع العالم كله، فهو لا يحمــي الحق، بل يقف مع القوة، والآن إثيوبيا، لأسباب عديدة، بعضها ظاهر والآخر مجهول، تعتقد أن موقفها هو الأقــوى، كما تؤمن أيضا بأن الحق ليس معها، لذا فهي تخشــى العقــل والمنطق والعرف والقانــون والنظم الدوليــة. وهل يمكــن أن يكون نصيب المواشــي والأبقار في إثيوبيا من مياه النيل أكثر من نصيب الإنسان المصري والسوداني؟ إن إثيوبيا لم تعد تتفاوض، بل هي فقط تعمل على ضياع الوقت باســتمتاع شديد وثقة بالغة، حتى حلول الموعد الذي حددتــه لعملية الملء. ومن عجب أن إثيوبيا تعلم يقينــا أن مصر دولة قوية لها جيش قــادر، ولكن كل هذه الثقــة ترجع إلى وجــود دول عظمى تقف بجوارها، وعلى رأســها أمريــكا. إن العد التنازلي لن ينتهي في يونيو/حزيران، وكأنه الجرد السنوي للشركات والمؤسســا­ت، بل هو بدأ منذ عدة سنوات. وبصراحة، فإن الحل الأوحد هــو أن ترتجف خوفا ورعبــا من مصر، ومن مصر وحدها. كما وردت للشــوبكي رســالة من المحاســب صلاح ترجم وجاء فيها: بعد مفاوضات مضنية اســتمرت لعشر سنوات بدون فائدة، فإني أتعجب من الذين يؤملون علــى المجتمع الدولي في حل هذه القضية في ثلاثة شــهور باقية على الملء الثاني للسد. إن الحقيقة المرة التي تكشفت لنا هو أن تعنــت إثيوبيا وصلفها وجرأتها ليس بيدها، إنما بيد غيرها، والدليل أنها لم تستطع بناء طوبة في هذا السد في عهد الرئيس جمــال عبدالناصر ومن بعــده في عهدي الرئيســن الســادات ومبارك، ولكن على طريقة الضعيف والمهــزوز، الذي ينتظــر الفرصة الســانحة للانقضاض - عندما يغفو الأســد في عرينــه- ليقوم بتنفيــذ مخططه، هكــذا فعلت إثيوبيا عقــب ثورة 25 يناير/كانــون الثاني، ووجدت من الدول الكبرى وبعض دول المنطقة، المســاندة والاستقواء بها، وهو ما يفســر سبب عنادها وجرأتها على شاكلة الضعيف الذي يستقوي بالبلطجي.

شريان الحرية

انتخابات نقابة الصحافيين علــى الأبواب، وأكد محمد ســعد عبدالحفيظ في "الشــروق" على أن قانــون النقابة الأول بتعديلاتــ­ه المتعاقبة، لم يتضمــن أي مواد عن إتاحة خدمــات وســلع مخفضة للصحافيــن، ولم يتبــارَ الآباء المؤسســن خلال انتخابات مجالس النقابة، على الأقل في العقود الأربعــة الأولى إلا في الذود عــن حرية الصحافة، وكرامة أبنائها. ضمت مجالس النقابة في عقود تأسيســها الأولى مجموعــة من عمالقة المهنة، فمــن محمود أبو الفتح وإبراهيم عبدالقادر المازني ومحمد التابعي وحافظ محمود وفكــري أباظة ومصطفى أمــن وعبدالقــا­در حمزة وكامل الشناوى ومحمد عبدالمنعم رخا ومصطفى القشاشي وزكي عبدالقادر وإدجار جلاد، إلى جلال الحمامصي وطه حسين وأنطوان نجيب وياســن سراج الدين، وأحمد قاسم جودة وأمينة الســعيد وحســن فهمي وصبرى أبو المجد، وصولا إلــى أحمد بهاء الدين وكامل زهيــري وصلاح الدين حافظ ويوسف إدريس وأمينة شــفيق ومحمود المراغي وغيرهم العشــرات من أرباب القلم ونخبة أبنــاء صاحبة الجلالة. لم يكن مطروحا على أجندة هؤلاء العظام ســوى توســيع هامش حريــة الصحافة، وضبط العلاقــة بين الصحافيين والســلطة والجمهور، فضلا عن تسهيل عمل أعضاء النقابة

في الوصول إلى المعلومة لإنتــاج محتوى مهني يعمل على إخبار المتلقي وتنويــره ويتيح له الخبر والرأي والتحليل، وهو ما منح لأصحاب المهنة هيبة وكرامة أينما وجدوا، وفي ذلك تُحكى عشــرات، بل مئات القصص التي تثبت أن أقلام الصحافيين كثيرا ما حاصرت الســلطة، وأن تأثير ما كانوا ينشرونه أكبر بكثير مما كانت تحاول الحكومات فرضه.

مول بدون أوكسجين

شدد محمد سعد عبدالحفيظ، على أن الجماعة الصحافية خاضت عشــرات المعارك، لكسب مساحات أكبر من الحرية، وللحفــاظ على حقوق الصحافيين، كما اشــتبكت مبكرا مع العديد من القضايا الوطنية، بدءاً من الاستقلال والدستور، مــرورا بمقاومة ضغوط واســتبداد الحكومات وصولا إلى مقاومة التطبيع، وفي كل تلك المعارك كانت نقابة الصحافيين حاضــرة تدعم وتشــد مــن أزر الصحافيــن، وتتفاوض باســمهم. حاولت الســلطة فــي نهاية ســبعينيات القرن الماضي، تحويل نقابة الصحافيين إلــى ناد اجتماعي حتى تتخلص من صداعها، ولما فشلت دفعت في اتجاه تغيير دفة اهتمامات أعضائها، ووجدت مــن رجالها في بلاط صاحبة الجلالة من يساعدها على تحقيق ذلك، فبدأت عملية مغازلة الصحافيين بالسلع والخدمات المخفضة، ومع الوقت تحول موسم انتخابات النقابة إلى سوق يتنافس فيه المرشحون على عرض كل شيء باســتثناء قضايا المهنة والصحافيين الأساســية، حتى صارت النقابة في تلك المواسم أقرب إلى «المول التجاري». ليس بوسع أحد إنكار أن الجانب الخدمي الذي يتنافس المرشحون على طرحه خلال هذا الموسم مهم، لكنه يأتي في ســلم الأولويات بعد الأهداف الأساسية التي أسست من أجلها نقابة الصحافيين، فهل يجوز أن نقدم المهم على الأهم؟ الأصل أن يتبارى المرشحون على تقديم بضاعة لها علاقة بالمهنــة وحريتها واســتقلال­ها، وكرامة وحقوق أبنائها، وتطوير أدائهم وامتلاك أدواتهم، حينها ســيتحقق بالتبعية ما تحقق لأسلافهم.

ضحايا الحكومة

صرخات ضحايا شــركات الإسكان اســتمع لها الدكتور محمد عادل في "الوفد": مــاذا تنتظر الحكومة بكل أجهزتها المختلفة حتى تتحرك في هــذا القطاع الحيوي، الذي يمس حياة المصريين ومدخراتهم. تحدثنا في مقالات ســابقة عن مشكلة ملاك شــركة كايرو كونســلت للتنمية العقارية في القطاميــة، على مدخــل طريق العين الســخنة والعاصمة، وتحدثنا عــن أهمية وجود هيئة رقابية لضبط كل الكيانات التي تعمل فــي القطاع العقاري من أجــل حماية المصريين. وهذه شــكوى أخرى جــاءت لنا من ملاك كمبوند أشــجار ســتي: نحن مجموعة من ملاك مشروع أشــجار سيتي في حدائق أكتوبر المملوكة لشركة أوراسكم للإسكان والتعمير، ومطوره العقاري شركة أي جي أي للتطوير العقاري. نتقدم لســيادتكم بهذه الشــكوى ضد هذه الشــركة، حيث قامت الشركة بتحصيل الأموال منا نحن الملاك، ولكننا نعاني من المماطلة والتأخير الشديد في تنفيذ المشروع، فنحن نعاني من مرور أكثر من 5 ســنوات على موعد الاستلام ولا جديد. أغيثونا، دفعنا أكثر من 90% من قيمة الوحدة ولم نتحصل على أي شــيء، فقط وعود كاذبة وتأجيل يتبعه تأجيل ولا حياة لمن تنادي، علاوة على ذلك فقد أخذت الشــركة قرضا من البنك بقيمة 600 مليون جنيه لإتمام المشــروع، ولم يتم تنفيذ أي وعود حتى تاريخه، وفشــلت الشركة فشلا ذريعا في حل مشكلاتها وتكملة المشروع.. من جهته طالب الكاتب الحكومة حماية المواطنين من هذه الشــركات، التي دخلت كمنافس للبنوك على جذب أمــوال المصريين، من أجل حلم تملك الوحدات الســكنية، وتمرّ سنوات عديدة، والشركات تســتنزف أموالهم، ولم يتســلموا الوحدات السكنية، ماذا يفعــل الملاك؟ ذهبــوا للمحاكــم، والنائب العــام، وقدموا استغاثات ومراسلات لكل قيادات الدولة، ولا نتيجة.

كوارث الزعيم

لا ينســى الدكتور محمود خليل خطايا عبد الناصر، كما اخبرنا في "الوطن" بعد نكسة يونيو/حزيران 1967، بدأ كل من الدولة والمجتمع مراجعة أمينــة للأوضاع التي أدّت إلى الهزيمة. اكتشف المصريون حينها ببساطة أن سر مأساتهم هو «غياب الحساب»، فقد تركوا أصحاب القرار يتخذون ما يحلو لهم من إجراءات وقرارات، دفع المصريون ثمنها غالياً في ما بعد. على ســبيل المثال.. تذكّر المصريون سنوات تمتد من عام 1962 وحتى عام النكســة، اســتُنزفت فيها مقدرات وإمكانيات الشــعب المصري في مغامرة عسكرية ضد عدو غامض اســمه «الرجعية العربية»، رغــم أن عدونا الظاهر والواضح )إســرائيل( كان يقف على الأبواب ويتربّص بنا الدوائر.

بدلاً من توجيه مال الشعب إلى تطوير المدارس والمرافق والمستشــف­يات، تم توجيهــه لدعــم المجهــود القتالي ضد الرجعية العربية.. وعندما حان وقت المواجهة مع إسرائيل، كانت القوى منهكة فوقعت النكسة. خلال هذه الفترة غابت مؤسسات الرقابة والحساب، وعلت أصوات أصحاب الطبل والمزمار على ما عداها، ودوّت الأغاني التي تمتدح الخطوة والقرار وصاحب القرار. تغلغل الكذب، فاحتل كل المساحات وتاهت الحقيقة ولم يعد لها صوت ولا صدى. اختُزلت حياة النــاس وإنجازات الحكومات في ذلــك الوقت في مجموعة من الأغاني التي كانت تتردّد على الألســن، وعاش الناس في داخلهــا بعيداً عن الواقــع الذي كانت أحواله تســوء شــيئاً فشــيئاً حتى وصل إلى نقطة اللاعودة. بعد النّكسة اســتيقظ الجميع على الحقيقــة المرّة.. وبــدأت محاولات الإصلاح.. وكانت أولى المحطات محاولة فتح باب الحريات وإتاحة الفرصة لنقد أداء المؤسســات، ورفــع الغطاء عن المشكلات التي بات المواطنون يعانون منها، لكن المشكلة أن السلطة حينذاك لم تفتح باب «النقد والحساب»، بل اكتفت بمواربته.

مأساة متكررة

واصل الدكتور محمود خليل سرده لحقبة الزعيم الأوحد: كانت فكرة الــرأي الواحد والصوت الواحــد وصانع القرار الأوحد ما زالت تُلهب خيال أهــل الحكم أكثر من غيرها.. نعم اضطرتهم الظــروف إلى التراجع بعض الشــيء عنها وفتح البــاب قليلاً، لكنهم ظلــوا يتحينون الفرصــة لإعادة الباب إلى وضع الإغــاق من جديد. قطاعات لا بــأس بها من أبناء هذا الشعب اكتشــفت العلة المتمثلة في «غياب الحساب» بعد النكسة، منها القطاع الذي انطلق في شوارع القاهرة متظاهراً ضــد الأحكام الهيّنة اللينة التي نالها المســؤولو­ن عن هزيمة 1967. ثار الشباب حينها ضد محاولة «الإفلات من الحساب» ورأوا فيها محاولة للعودة إلى الآفة التي وصلت بنا إلى حافة الانهيار، ورغم ذلك اســتمرت سياســة «الباب الموارب» هي السائدة. وارب الســادات الباب بطريقته الخاصة، فتحدث عن دســتور جديد ومجلــس نيابي قادر على المحاســبة، ثم اتجه إلى منح الفرصة لوجود أحزاب معارضة، ونزع الرقابة علــى الصحف، ورفع شــعار «الكفاءات قبل الــولاءات». لم تأتِ المؤسســات التي استحدثها الســادات بجديد، لأن مبدأ الحســاب كان غائباً عنها. فمجلس الشعب تحول إلى مجلس ملاكي يعمل بإشــارة من أصابع السلطة، والأحزاب تحولت إلى كيانــات ورقية تتمثل في الصحف، والرقيب الذي اختفى من الصحف، أعاد إنتاج نفســه في شكل رئيس تحرير موالٍ للسلطة، وأشــد فتكاً بالرأي الآخر من الرقيب التقليدي، كما ظلت الحظــوة لأهل الثقة علــى أهل الكفــاءة. باب الخروج من هــذه الحالة أساســه: احترام الدســتور، وجود مجلس نيابي منتخب وليــس مصنوعاً، وأحزاب تملــك برامج أكثر مما تُجعجع، وصحافة حرة قادرة على مراقبة أوجه الفســاد والانحراف داخل المجتمع، وكفاءات حقيقية في مواقع العمل. هذا هو المجتمع الجديد الــذي لم يزل المصريون يبحثون عنه منذ كارثة النكسة.

حضري السحور يا ماما

كشــف أحمد عصر فــي "الوطن" عن تفاصيل مؤلمة بشــأن حادث مروع لفتاة أســفر عن مصرعها، إذ قال مصدر أمني، أن الفتاة إيمان نايل التي احترقت ســيارتها بســبب حادث على طريق الجلالة الصحراوي، والتي تم تداول واقعتها على مواقع التواصل الاجتماعي بـ «فتاة حادث طريق الجلالة »، درست في إحدى الجامعات في لندن. وأضاف المصدر الأمني خلال حديثه لـ«الوطن» أنها من أســرة ميسورة الحال من محافظة الجيزة، لافتًا إلى أنهــا كانت في الجونــة، وكانت فــي طريق العودة لمنزلها قبل الحادث مباشــرة، وأجرت مكالمة هاتفية مع والدتها أخبرتها خلالها أنها تاهت وطلبت منها تحضير الســحور لأنها تنــوي صيام يوم النصف من شــعبان، مشــيرا إلى أن أقارب الأســرة اســتدلوا على جثمانها من خلال رقم السيارة. وكان مصــدر أمني قال لـ«الوطن» إنه تم التعــرف على هوية الفتاة صاحبة السيارة، التي تدعى إيمان نايل، من محافظة الجيزة، وكشــفت التحريات عــن أن الفتاة ابنة الدكتــور محمد نايل. وكانت تحريات الأمــن أوضحت ملابســات الواقعة، وهو ما ظهر في الفيديو المتــداول على مواقع التواصل الاجتماعي، من سير الفتاة بسيارتها الملاكي بالاتجاه المعاكس لطريق الجلالة الصحراوي، بســرعة تزيد عن 170 كم في الساعة، الأمر الذي انتهى باصطدامها وجها لوجه مع ســيارة أخرى من سيارات النقل الثقيــل مقبلة في طريقها، ما أدى إلى احتراق ســيارتها بالكامل، ومن ثم تفحم جثتها ما صعب الوصول إلى هويتها.

لا تظلموا هند

دافع أحمد عبد التواب في "الأهرام" عن الممثلة التونســية هنــد صبري: حتــى إذا لم تكن هند صبري تحمل الجنســية المصرية، فمــن حقها، كفنانة موهوبة وكنجمــة متألقة، وبما لها من حب جمهور عريض من المصريين، أن تشارك مع نجوم مصر في الاحتفال الكبير لنقل مومياوات ملكات وملوك مصر الفرعونية. أما هؤلاء الذين يعترضون على مشاركتها بحجة أنهــا غير مصرية، فمن الانســياق للغو أن يُــرَدّ عليهم بأنها حصلت بالفعل على الجنســية منذ عدة سنوات وأنها مقيمة في مصــر، وأن زوجها مصري وأن ابنتيهــا مصريتان، وإنما بتذكيرهــم بأن مصر احتضنت، على الأقل منذ منتصف القرن الـ19، أعدادا هائلة من الفنانين من جنسيات عربية شتى، ومن بعض الجنســيات الأخرى، عاشوا في مصر وأتقنوا لهجتها، وحققوا نجاحات فائقة في عملهم في كل الفنون، وليس فقط فــي التمثيل والإخراج والتأليف الموســيقي والطرب، ومنهم من له في حب مصر أغنيات ردَّدها الشــعب المصري. وكما أن مصر منحتهــم الفرصة التي كان لها فضــل نجاحهم وتألقهم وذيوع شــهرتهم، حتى وصلت إلى بلادهم، فإنهم قد أمتعوا الشــعب المصري، ودخل إبداعهم في وجدان المصريين. ومع استحالة حصر كل الأسماء، فتكفي الإشارة إلى فريد الأطرش وأسمهان وصباح ونجاح ســام ونور الهدى ووردة وفايزة أحمد. ولكن، وفي أثناء الدفاع عن مشــارَكة هند، وبافتراض أنها ليست مصرية، لا يجوز الســكوت على تفشي معانٍ غير صحيحة، مثل تعزيز مشــاركتها بكلام عن رســالة مصر إلى العالم، ذلك لأن القول برسالة أمة، أي أمة، ينطوى على بذرة العنصرية، لأن مصر، مثلها مثل كل الأمم، لا تخلو من عيوب، ومن أفراد مخربين وجماعــات مخربة تتصدى لهم مصر، لأن تخريبهم يتجــاوز الوطن والمواطنين إلى الإنســاني­ة، ولكن الأصح أن يقال إنه دفاع عن جوانب في هوية مصر، تســعى مصر إلــى تأصيلهــا، وأن تتقدم بهــا إلى العالــم، أي مصر المنفتحة على الجميع، مصر الُمحبّة للفن، التي تُفسِح المجال بلا حساسية لأي موهوب من خارج حدودها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom