Al-Quds Al-Arabi

مخاوف رأس المال تحظر السفه الإنتاجي في دراما رمضان

-

■ علــى عكــس الأعــوام الماضيــة التــي شــهدت عرضــاً لمسلســات طويلــة التيلــة من فئــة الثلاثين حلقة فصاعداً، تتراجــع الدراما الرمضانية المصرية بشــكل ملحوظ خلال الموسم الُمرتقــب، لتضــع حــدوداً للزيــادة العشــوائي­ة في حلقات المط والتطويل، والفبركــة الدراميــة الُمتســببة عــادة فــي إفســاد الموضوع والحبكــة الفنية، جــاء هذا الإجراء ليحكــم عملية الإنفاق والســفه الإنتاجي الُمعتاد، الذي بدأ قبل سنوات، وأدى إلى تنميط الُمصنف الفني وربــط المشــاهد عنــوة بأنــواع ثابتة من الموضوعات، بلا أدنى محاولة للتنوع. هــذا العام تبدو المؤشــرات مختلفة إلى حد كبير، فهناك تحجيم صريح لسياســة الاســتثما­ر والتكرار، والاعتماد على أفكار مُســتهلكة وصــور تقليدية ســبق تقديمها مئــات المــرات، غيــر أن النجــوم الكبــار الذين اعتــادوا أن يطلّوا على الجمهور من الشاشــة الصغيــرة، خــال شــهر رمضــان، تقلصــت فرصهــم فباتــوا غيــر متحمســن لدخــول السباق الســنوي لعدم ضمان النتائج، حيث امتلأت الساحة بالعديد والعديد من الأبطال البدلاء والوجوه الجديدة، كما أن المساحات المحجوزة لهم حسب الترتيب المعهود في كل عام، اســتولى عليها النجوم الشباب، الذين أصبحــوا يمثلــون أوراقاً رابحة في ســوق الإنتــاج والتوزيــع، بدواعــي التأثيــر الإيجابــي لأدوارهــم فــي المواســم الفائتة. علــى ســبيل المثــال يعــاود أحمــد الســقا تصــدر البطولة مع أميــر كرارة في مسلســل «نســل أغــراب» للمؤلف والمخــرج محمــد ســامي الــذي كتــب وأخــرج له العام الماضي مسلســل «ولد الغلابــة» فرغم الانتقــاد­ات الحادة التي وجهــت للســيناري­و والإخــراج والأداء التمثيلــي، إلا أن ذلــك لم يمنــع تعاونهما كأن هنــاك إصرارا على تحســن الصورة المهــزوزة لتجربتهمــ­ا الأولــى، وتــدارك الأخطاء الســابقة، وهــي فضيلة المراجعة والتدقيق في الحســابات، طالما أن الظرف يســمح بالتدارك والتصحيح. ومن دواعي الاهتمــام بهــذا المسلســل وانتظــار ما ستســفر عنــه التجربــة الجديــدة للنجمين كرارة والســقا، أن مسلســل «نســل الأغراب» تدور أحداثه حول القضايــا الجنوبيــة فــي صراعات متشــابهة مع حلقات «ولد الغلابة» وبالأبطال أنفســهم تقريباً، مي عمــر وســلوى عثمــان وإدوارد، مــع إضافة وجوه أخرى كأحمد داش وأحمد مالك.

أما مسلســل «الاختيــار» الذي كان ســبباً في رفع أســهم أمير كــرارة العام الماضــي، فالبطولة المطلقة فيه ســتكون لكريم عبد العزيــز مع الممثل الكوميــدي أحمــد مكــي وإيــاد نصــار وأســماء أبو زيد، وســوف تمتــد الأحداث لما بعــد ثورة 25 يناير/كانــون الثانــي، وما تمثله مــن تحول كبير على مســتويات كثيــرة، ومن المتوقع أن يســتغل المخرج بيتر ميمي التفاصيــل الجديدة التي كتبها السيناريسـ­ـت هاني ســرحان في خلق أجواء من الإثارة والتصعيد الدرامي لزوم المنافسة.

ويأتي مسلسل «موسى» لمحمد رمضان كوجع في رأس من كانوا يتوقعون له الفشل بعد حملات الهجوم الشــرس على مدار الشهور الماضية، لكن يبدو أن الهجوم أحدث نتائج عكســية لدى النجم الشــاب فبات أكثر قــوة وتحدياً، وهــي الدلالات التي ظهرت في مسلســل «البرنــس» الذي عُرض فــي الموســم الرمضانــي الماضــي، وتفــوق فيــه رمضــان علــى نفســه، فخلــف ظنــون المراقبــن والمتابعين لمســيرته الفنيــة والدرامية، مسلســل «موســى» يخرجــه محمد ســامة ويشــارك فيه عدد كبير من نجوم الصف الأول والثاني، ســمية الخشــاب وعبيــر صبــري ومُنذر ريحانة وســيد رجب وصبري فواز ورياض الخولي وضياء عبد الخالق وهبه مجدي، وربما يميزه قوة السيناريو الذي كتبــه الكاتب ناصــر عبــد الرحمن صاحب التجارب الناجحة في السينما أيضاً.

وتعود دراما المخابرات مجدداً إلى الساحة بعد ســنوات من الاختفــاء مُتمثله في العمــل النوعي المهم «هجمة مرتدة» المأخوذ من الملفات الرســمية للعمليــات التخابرية المصرية، وتشــمل الأحداث الكثير من التفاصيــل الُمثيرة للاهتمام، ويُنتظر أن يحقق المسلســل نسبة مشاهدة عالية قياساً على ما تحقق للنوعيات المشابهة من الأعمال كـ«دموع في عيون وقحة» و«رأفت الهجان» و»السقوط في بئر سبع» و«التعلب والحفار» وغيرها، لاسيما أن عدداً كبيراً من النجوم يشارك في البطولة كأحمد عــز وهند صبــري وماجدة زكي وهشــام ســليم

وصــاح عبد اللــه وأحمد فؤاد ســليم، فضلاً عن أن التأليــف لباهر دويــدار، والإخراج لأحمد علاء الديــب وهمــا طاقتــان متجددتــان مــن الحماس والجديــة. أمــا يوســف الشــريف فقــد اســتعد لدخول الماراثون الســنوي بعمل مختلف كعادته بعنوان «كوفيد 25» من تأليف إنجي علاء وإخراج أحمــد نــادر جــال، ويُعتقــد أن يكون المسلســل من النوعيــة الدرامية التي قدمها الشــريف العام الماضــي في مسلســل «النهاية» وأثــارت حفيظة جهات كثيــرة وتركت أثراً بالغ الأهمية لاختلافها الكلــي والجزئي عــن بقية الأعمــال المصرية التي عُرضت خلال العشرين سنة الماضية.

وتتوإلــى العناويــن بتنويعاتها ومســتويات­ها فهنــاك الكثير مــن العينــات لمسلســات لا يزيد عــدد حلقاتها عــن 15 حلقــة، وهو متغيــر جديد وإيجابي من شــأنه أن يؤدي إلى ثــراء التجارب وتحقيــق مبدأ التنوع، ومن بــن الأعمال الُمنتظرة مسلســل «إللــي مالوش كبيــر» بطولة ياســمين عبــد العزيــز وأحمــد العوضــي و«الأب المثالي» و «المدينــة» «وضل راجل » لياســر جلال و «الملك» لعمــرو يوســف، والأخيــر مأخــوذ عــن الرواية التاريخية الشهيرة «كفاح طيبة» لنجيب محفوظ، وتمثل تلك الخطوة إشــارة جديــدة لفكرة امتزاج الأدب بالدراما وهو اتجاه استمر لفترة، وتوقف لأســباب غير معلومة بدقة، رغــم أن آخر الأعمال الأدبيــة الدراميــة و»احة الغــروب» للأديب بهاء طاهــر حقق معــدلات مُشــجعة للغايــة من حيث نســبة المشــاهدة والإعجاب الجماهيــر­ي، وهذا يؤكــد أن الرهــان علــى الأدب فــي التوظيــف الفنــي والدرامــي مضمون النتائج إلــى حد بعيد واحتمالات الخســارة فيــه ليســت واردة إلا في حالات نــادرة وأســبابها خارجه عن مســؤولية الأدب والأدباء. ٭ كاتب مصري

 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom