Al-Quds Al-Arabi

تحدي التطبيع

-

يطرح كاتب الســيناري­و التلفزيوني الســوري فادي قوشــقجي على صفحته في فيســبوك سؤالاً يســتطلع آراء الفنانين السوريين: «ما موقفكم من احتمال عرض دعاية تجارية لشــركة إســرائيلي­ة )أو مشــتركة عربية إسرائيلية( ضمن مسلسل سوري، أو نصف سوري؟ كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟»، ويضيــف «مقاطعة العمل، أم المحطة؟ إلى أي مدى يحمّلون المنتَج الســوري أو المشترك وصناعه مسؤولية هذا الأمر؟ وهل يطلبون موقفاً أو تصرفــاً محدداً إزاء هذه الحالة إذا وقعت؟ أعرف أنه مجرد احتمال، لكنه وارد جداً في ظل حميمية حالات التطبيع الأخيرة .»

واضح أن الكاتب يطرح أسئلته تحديداً في ظل المناخ الجديد الذي يشيعه التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، وهو ما يقصده بالـ «حميمية»، مع إقامة عدد من نجوم الفن الســوري الموالين لنظام الأســد في دولة الإمــارات، ومع تولّــي هذا البلد لعــرض أو إنتاج عــدد من الأعمال الدرامية السورية أو المشتركة.

الســؤال ليس ســؤالاً تماماً بقدر ما هو جواب، فالكاتب، صاحب الســؤال، يعرف ما ســيكون عليه جواب أي فنان ســوري، إن تجرّأ أساساً على الجواب. والســؤال متأخر بعض الشيء، فلم يبق لشهر المسلسلات سوى أسبوعين، وبالتالي فإن من ضرب ضرب، ومن هرب هرب.

ما لا يعرفــه الكاتب أن طرح الســؤال يحرج نظامــه قبل أي أحد آخــر، فهو صامت تماماً إلا من بيان خجول عــن التطبيع الإماراتي - الإسرائيلي. كيف يعترض وهو يعلم أن الإمارات مدّت له يد المساعدة والإنقاذ علــى الدوام، وهي من يــروّج اليوم للمطالبــة برفع قبضة قانون قيصر.

لا شــك إذاً في تواطؤ النظام، على الأقل، مع ذلك التطبيع الحميم، وإلا لكان شغله الإعلامي الشاغل محاربته. كان أكثر ما يخشى الفنان الســوري حين يغادر بلاده لمهرجان ســينمائي أو مسرحي أن يظهر معه إســرائيلي في صورة، ولو بالمصادفة، أو إجراء مقابلة صحافية مع إســرائيلي­ين مموهين، إلى آخره من احتمالات، أمــا اليوم فلعلّهم يتصرفون في ظل صمت وضوء أخضر ساطع.

دعاية إسرائيلية في مسلســل تلفزيوني! الحميمية أعمق من ذلك بكثير.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom