Al-Quds Al-Arabi

الاتفاق الصيني - الإيراني وتدهور العلاقات مع الأردن: رؤية إسرائيلية

جمعهما العداء الأمريكي فكان «النفط مقابل التعاون الاقتصادي والعسكري»

- بقلم:عاموس هرئيل

التطور الاســترات­يجي الرئيسي الذي حدث في نهايــة الأســبوع الماضي كان فــي إيران. فهناك وقع وزيــرا خارجية إيران والصين على اتفاق للتعاون العســكري والاقتصادي، يقدر حجمه بمليارات الدولارات. وأجرت الدولتان مفاوضات في هذا الشــأن لعدة ســنوات. في الســنة الماضية وقبل وقت قصيــر من انتخاب جو بايدن، تسربت مســودة للاتفاق ونشرت في الصحف الأمريكية.

قــرار إيــران التوقيع على الاتفــاق مرتبط كما يبدو بالضغــط الاقتصــاد­ي الكبير الذي اســتخدمه ترامب على طهران. والتوقع الذي مفاده أن تؤدي العقوبات إلى استسلام إيران والعودة إلى الاتفاق النووي بشروط متشددة أكثر، لم يتحقق. غير أن النظام الإيراني لم يكن قريباً من الانكســار، كما أمــل ترامب وصديقه رئيــس الحكومــة نتنياهــو. لكــن الدمج بين العقوبــات وتعمق الأزمة الاقتصادية بســبب تفشي وباء كورونا دفع الإيرانيين إلى التوقيع مع الصين.

حسب ما نشــر، يتضمن الاتفاق تعهداً بأن توفر إيران للصين النفط بأســعار رخيصة للـ 25 ســنة القادمة. وســتقود الصين مقابل ذلك

مشــاريع واســعة للبنى التحتية فــي إيران، تشمل استثمارات في شق الطرق وبناء الموانئ وإنشــاء شــبكات اتصالات متطورة. يبدو أن الاتفاق يتضمن مكوناً عســكرياً يشمل تعاوناً عســكرياً وتطويراً لسلاح مشــترك وما اعتبر «محاربة للإرهاب .»

الاتفــاق يضمن لإيران مســاعدة اقتصادية حاســمة طويلة المــدى في فترة مقلقة بشــكل خاص. وترى الصــن ذلك بصــورة مختلفة، فالاســتثم­ار فــي إيــران هو جــزء صغير من اســتراتيج­ية الصــن الكبــرى التي تســمى «الحزام والطريق» التي أساســها ضمان نفوذ الصين وقنوات مفتوحة لنقل البضائع الصينية من شــرق وسط آســيا إلى الشــرق الأوسط وأوروبا.

بكين تســتغل العداء بين طهران وواشنطن، وكذلك المقاربة الأمريكية الشاملة، التي تفضل تقليــص اهتمامها بالشــرق الأوســط. يأتي الإعلان عــن هذا التوقيع بعــد وقت قصير من لقاء بــن الصين وأمريكا ســادت فيــه أجواء متوترة بين ممثلي الدولتــن، في الوقت الذي تولد فيه الانطباع بأن إدارة بايدن ستقود خطاً متصلباً مناوئاً للصين. بالنســبة لإســرائيل، المعنى الأساســي لهــذه الخطوة هــو تعزيز الإمكانيات الاقتصاديـ­ـة الموضوعة أمام إيران.

وهي لا تجعل من الصين دولة معادية، فالصين ليست عدوة لإســرائيل، وهي معنية بعلاقات اقتصادية وطيدة مع كل الأطــراف في المنطقة دون أي صلــة بالمواقــف الأيديولوج­يــة. في المقابل، ستضطر إســرائيل إلى مواصلة الحذر فيمــا يتعلق بالاســتثم­ارات الصينيــة لديها، بســبب المعارضــة الأمريكية المتزايــد­ة لذلك، وخوفاً من تدخل الصين في مشــاريع حساسة تقود إلى تسريب معلومات كان من الأفضل أن تبقى في أيدي إسرائيل فقط.

الآن، لــم يتم الإبلاغ عن اختــراق يمكن من عــودة الولايات المتحدة إلــى الاتفاق النووي بين الدول العظمى وإيران، الذي انسحبت منه إدارة ترامــب في حزيران 2018. في الأســبوع الماضي، قــال الزعيم الروحــي الإيراني، علي خامنئــي، بأن على الأمريكيــ­ن رفع العقوبات أولاً كي تعود طهران إلــى الاتفاق )الإيرانيون بدأوا بخرقه قبل سنتين تقريباً رداً على خطوة ترامب(. قبل تسلمه لمنصبه، قال بايدن بأن على إيران القيام بالخطوة الأولى، لكن موظفاً كبيراً في الإدارة الأمريكية قال في نهاية الأسبوع في مقابلة مع وكالة الأنباء «رويترز» بأنه لا أهمية لترتيــب الخطوات. في هذه الأثنــاء، يبدو أن الولايات المتحدة تظهر رغبة أكثر من إيران في العودة إلى المحادثات، ولك ليس واضحاً ما إذا كان الأمر ســيحدث قبل الانتخابات الرئاسية في إيران في حزيران القادم.

تدهور مع الأردن

إن تأخيــر رد إســرائيل على طلــب الأردن الحصول علــى التزويد بالمياه من إســرائيل، الذي كتبت عنه «هآرتس» عشــية عيد الفصح، يعكس مرحلة أخرى مــن تدهور العلاقات بين الدولتين. تســود بين الأردن وإســرائيل أزمة شديدة، اشــتدت في منتصف الشــهر الحالي بعد أن عوق الأردن سفر نتنياهو إلى الإمارات عندمــا أعاقــوا مــرور الطائرة التي أرســلت من الخليج إلــى المطار في عمــان لنقل رئيس الحكومة.

وتحفظ عــدد كبير من المختصــن في جهاز الأمن من الخــط الهجومي الذي يتبعه نتنياهو تجاه عمان، ويعتبرون الخطوات التي اتخذها )إغلاق المجال الجوي أمام الرحلات الجوية من الأردن لبضع ساعات، وعدم الاستجابة لطلب الأردن بالحصول على لقاحــات ضد كورونا( خطوات انتقام شخصي من قبل نتنياهو تجاه الملك عبد الله.

وقالت مصادر رفيعة للصحيفة بأن سياسة ملــك الأردن تمكــن مــن الحفاظ علــى حدود

إســرائيل الشــرقية آمنة ومغلقة أمام تســلل المخربين، وتساعد إسرائيل أيضاً في منع تهريب السلاح. تنتشر على طول الحدود بين إسرائيل والأردن التي تبلغ 300 كم، حوالي 3 كتائب من الجيش الإســرائي­لي، وهي على الأغلب كتائب مشــاة خفيفة تعتمد على جنود وجنديات أقل تدرّباً، وإن نشــرهم على الحــدود يحرر ألوية المشــاة النظامية الأكثر تدرباً وتعطيهم المجال لإجراء التدريبات والانشغال بقطاعات مهددة أكثر.

يضــع الأردن على طول الحدود تشــكيلات أكثــر من الجيش الإســرائي­لي، وتشــمل عدة ألوية. وهو يبذل جهوداً كبيرة لمنع الاختراقات لإسرائيل. والأردن يوفر على إسرائيل استثمار موارد لإعــادة تأهيل الجدار الحدودي الذي لم يتم تحســينه منذ عشرات الســنين مقارنة مع مليارات الشــواكل التي اســتثمرت في حدود قطاع غزة ومصر وسوريا ولبنان.

يتحدث المقربــون من نتنياهو فــي الغالب وفــي منتديات مغلقة باســتخفاف معين تجاه الأردن ويصفونــه كدولــة في طــور الأفول، يعتمد على إســرائيل أكثر فأكثر. لكن شــبكة العلاقات مع مصر تشــهد علــى أنه من الأفضل لإســرائيل الحفاظ على أردن مستقر وصديق. في العــام 2011، بعد ســقوط نظام حســني

مبارك، صعــد الجنرالات إلى الســلطة، وبعد ذلك الإخوان المســلمون، إلى أن تمت إزاحتهم بانقلاب عســكري على يد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيســي في صيــف 2013. خلال هذه السنوات أهملت مصر ما يحدث على الحدود مع إسرائيل ولم تستخدم الضغط على حماس في غزة لكبح نشاطاتها. النتيجة الواضحة كانت زيادة التهريب والنشاطات الإرهابية والتوتر على الحدود. وضعف العائلة المالكة في الأردن قــد ينعكس على إســرائيل ويمــس بالحدود الطويلة والمســتقر­ة بين الدولتين بصورة تلزم إسرائيل بتخصيص المزيد من الموارد والقوات والاهتمام.

 ??  ?? الزعيم الروحي الإيراني علي خامنئي
الزعيم الروحي الإيراني علي خامنئي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom