Al-Quds Al-Arabi

هل تشد طهران قوس النفوذ الإقليمي؟

- بقلم:دان شيفتن

فــي الوقــت الــذي يتخبــط فيــه الاهتمــام الجماهيــر­ي فــي لجــة السياســة الداخليــة وتفاهاتهــ­ا، ينشــأ تهديــد اســتراتيج­ي علــى إســرائيل قد يتطور إلى حجوم وجودية. إذا ما تطورت بكاملهــا الطاقة الكامنة في حلف إيران – الصين فسيعلق الشــرق الأوسط مرة أخرى في حرب باردة بين القوى العظمى بشكل يهدد إسرائيل. لقد شــكل ناصر تهديداً كهذا، عندما ساعد الإسناد السوفياتي سياسته الراديكالي­ة لضمان الهيمنة الإقليمية وتهديد إسرائيل على مدى أكثر من عقد؛ والمحاولة الأمريكية لمصالحة الرئيس المصري فاقمت هذا التهديد الذي تفجر في صيــف 1967. والآن، فإن مســاعدة صينية مكثفة للنظام الراديكالي في طهران من شــأنها أن تســند إيران في محاولاتهــ­ا لفرض هيمنتها علــى المنطقة في إطار حرب بــاردة من نوع آخر تتطــور بين الولايــات المتحدة والصين. إســناد صينــي كهــذا، يترافــق ومصالحــة علــى نمط أوباما من إدارة بايدن، من شــأنه أن يحقق مثل هــذه الهيمنة التــي تطرح على إســرائيل تحدياً اســتراتيج­ياً بحجوم لم تشهدها منذ حرب يوم الغفران.

تعيش إســرائيل في السنوات الأخيرة حرباً تتصاعد مع إيران، في محاولة لمنعها بالقوة من بناء بنية تحتية عسكرية كثيفة حول حدودها. وهذا هو معنى التفجيرات الواســعة المنســوبة لإســرائيل في ســوريا وفي غرب العراق. تفهم إيــران بأنه يمكن لإســرائيل أن تصــد تطلعاتها في الهيمنة وتخصص هذه البنية التحتية لردع

إســرائيل من خلال تهديد كثيــف على مراكزها الســكانية. كما أن معظم الأنظمــة العربية تفهم بأن إســرائيل بقوتها وتصميمهــا تكفي لتصد آية اللــه. الولايات المتحدة أهــم، لكنها مصداقة ومصممة أقل بكثير. وقد خافت هذه الدول من نزعة المصالحة لديها في عهد أوباما، تشجعت مؤقتــاً في عهــد ترامب وقلقت من عــودة نزعة المصالحــة في عهد بايدن. هــذا معنى «اتفاقات إبراهيم»: استبدال «النزاع الإسرائيلي العربي» فــي صيغتــه المعروفــة بائتــاف إســرائيلي – عربي ضــد إيــران وأردوغان، يبث شــكاً تجاه الإدارة الجديدة في واشنطن.

لقد تصدت السياسة القاطعة في عهد ترامب للتحــدي الإيرانــي فــي نطاقــه الشــامل: ليس تهديداً نووياً مركزياً، بــل خطر هيمنة إقليمية، ترفع مســتوى إيران الراديكالي­ة إلى قوة عظمى تتجــاوز بكثيــر الشــرق الأوســط، وتضمــن حصانــة نوويــة باســتفزاز­اتها التقليديــ­ة من جانبهــا ومن جانب فروعهــا. وإن جواب مركز في صيغة الاتفاق النووي في العام 2015، الذي يعزز مكانة إيران، لا يتصــدى لمثل هذا التحدي المركب. والمطلوب «لعبة منتهاها الصفر» تسعى لضرب إيران ولا ســيما في المجال الاقتصادي وردعها عــن المواجهة من خلال ضمان إســناد أمريكي لأعمال إســرائيل العسكرية ضد إيران. في عهــد إدارة ترامــب اتخــذ الإيرانيون جانب الحذر من الرد بشدة على آلاف العمليات العلنية والســرية لإســرائيل. وعندما قاموا باستفزاز واسع ضد صناعة النفط السعودية، رد ترامب بتصفية ســليماني، ولم تتجرأ إيــران على الرد بحجم يناســب الخطوة الأليمة والمهينة. والأهم كان الضربة الاقتصادية المكثفة التي مشــكوك أن تكــون إيــران قــادرة علــى أن تحتويهــا لــو استمرت لأربع سنوات أخرى.

يلوح في هذه الأيام مــرة أخرى ذاك الخليط المعــروف منذ عهد آيزنهــاور: تدخل اقتصادي وعســكري عميق من القــوة العظمى المنافســة للولايــات المتحــدة مقابــل رد متصالــح مــن واشــنطن. لقد وقع وزير الخارجية الصيني في طهــران على اتفاق اســتراتيج­ي لـ 25 ســنة في صيغــة وضعت في زيارة الرئيس جين فينغ في 2016، اســتهدفت توزيعالتجا­رة بــن الدولتين بأكثر من عشــرة أضعاف، إلى 600 مليار دولار فــي غضون عقــد. ويفضل الاتفــاق الصين في الاســتثما­رات الكبــرى في إيــران – فــي البنى التحتيــة، والبنــوك والاتصــال­ات. كمــا أعلنت إمكانية مناورات عســكرية مشتركة ومشاركة في الصناعات العسكرية. من المتوقع لإيران أن توفر للصين كميات كبيرة من النفط والغاز لمدى بعيد بأسعار متدنية نسبياً.

مثــل هــذا الاتفــاق يعطل بقــدر كبيــر رافعة الضغــط الاقتصادي الأمريكــي، ويعزز موقف المساومة الإيرانية، ومن شــأنه أن يبشر بزخم متجــدد لمســاعي الهيمنة الإيرانية فــي المنطقة. إن وتيــرة تحققه ومزاياه منوطة بمدى حاســم بعلاقــات الولايــات المتحــدة – الصــن. يــدور الحديــث عــن ورقــة مســاومة صينيــة مهمــة في الســاحة الدوليــة تجمدت في عهــد ترامب وامتشــقت في وجه بايدن. المعنــى دراماتيكي لإسرائيل.

إسرائيل اليوم 2021/3/29

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom