Al-Quds Al-Arabi

... و«الغارديان»: إغلاق قناة السويس المؤقت يثبت أن خطوط الملاحة البحرية لم تعد مهمة

-

يرى الاقتصــاد­ي الأســترال­ي والبروفيسـ­ـور فــي جامعة كوينزلاند جون كويغنغ في مقال نشــرته صحيفة «الغارديان» أن جنوح ســفينة الحاويات العملاقة في قناة السويس ووقفها للملاحة البحرية لأكثر من أســبوع يؤكد مــرة أخرى أن الطرق البحرية لم تعد مهمة كما يزعم البعض.

وقال إن السفينة «إيفرغيفن» حررت في النهاية ولكن نقاشاً مكثفاً دار حول الكلفة الاقتصادية العالمية بســبب إغلاق القناة. وتم التركيز على فكرة أن نســبة 12 مــن التجارة العالمية تعبر القناة. وبالمقارنة لــم تعلق إلا قلة من المراقبــن على حقيقة أن القنــاة أغلقت ولمدد طويلة في الماضي، ممــا يعطينا فكرة جيدة حول ثمن إغلاقها.

وكما يظهــر فالثمن هو أقــل مما تقترحه بعــض التغطيات الإعلامية. فقد أغلقت القناة مرتين بســبب الحروب، الأولى عام 1956 والثانية في 1967. ففي عام 1956 أغلقت القناة بسبب قرار الحكومة المصرية تأميمها بعدما كانــت مملوكة من البريطانيي­ن والفرنســي­ين. وردت الدولتــان على التحرك المصــري بعملية عسكرية لاســتعادة الســيطرة، مما أدى لإغراق معظم السفن التي كانت فيها. وفي النهاية انتهت الحرب وأعيد فتح القناة بعد أربعة أشهر من الإغلاق.

أما حرب 1967 فقد أدت لإغلاق القناة مدة ستة أعوام. ومنحت هذه المدة الطويلة فرصة لقراءة أثر الإغلاق. ويقول إنه قام قبل عدة سنوات بدراسة هذا معتمدا على عمل جيمس فيرير من كلية دارتموث. وبدأ فيرير بدراســة زيادة مســافة الملاحة بين الدول بســبب إغلاق القنــاة. ولأي دولة فإن الزيــادة قورنت بتدفق التجارة من أجل دراســة مستوى الأثر. وبالنسبة لعدد قليل من الدول مثل الهند وباكســتان، فقد كانت زيــادة الملاحة للتجارة المرجحة كبيرة )حوالي 30 لكن الأثر على النشاط الاقتصادي كان صغيرًا. وكانت الزيادة بالنســبة لبريطانيا 3.2 وفرنسا 1.5 . وقدر فيرير أنــه وعلى المدى البعيد، فالزيادة النســبية لمســافات النقل البحري، لنقــل 10 ينتج عنهــا انخفاض في التجارة، أي نصف هذه النســبة 5 ويقدر أيضاً أن الانخفاض فــي التجارة ينتج عنــه انخفاض في الدخــل القومي أو الناتج المحلي العام، حوالي 25 في الحــد الأعلى. وبجمع هذه الأرقام وتقدير نســبة التجارة للناتج المحلي العام، قام الكاتب بتقدير خســارة بريطانيا من إغــاق القناة طوال الفتــرة ووجد أنها تصل إلى 0.06 وفي حالة فرنســا فالرقم هو 0.03 ولم يقدم فيرير تقديراً حول خسارة أســتراليا من إغلاق قناة السويس، واللجوء بدلاً من ذلك للطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح والذي لم يكن كبيرًا من ناحية تناســبية. ومن هنا فمن المستبعد أن يكون تأثير إغلاق القناة على الاقتصاد الأسترالي أكبر من تلك الأرقام المقدرة لبريطانيا. فنســبة 0.06 من الناتج المحلي العام تصــل إلى 100 مليون في العام، وهو رقم لا يســتهان به، ولكنه

لا يقارن بالتعطيل الذي تســبب به كوفيــد-19. وأدى الإغلاق المؤقت لقناة الســويس لتســليط الضوء على موضوع خلافي آخر وهي الســيطرة على بحر جنوب الصين. فهل ستؤدي أزمة تنتج عن محاولات الصين السيطرة على البحر إلى آثار خطيرة؟ ولطالما تم الحديث عن أهمية البحر، حيث تمر عبره نســبة 20 من التجارة العالمية )3.4 تريليون دولار أمريكي حســب تقدير( وهو مبلغ كبير. لكن معظم التجارة تذهب من وإلى الصين. وكما لاحظ الكاتب عام 2016 فيمكن للصين الســيطرة على هذا البحر كما يحلو لها مســتخدمة سياســات محلية. وكما هو واضح فقد اســتخدمت الصين هذه السلطة ضد أســتراليا فيما يتعلق بكم واسع من الصادرات.

أما بالنسبة لتريليون دولار أمريكي المتبقية والتي تمثل نسبة 1.5 ممن الناتج المحلي العام الدولــي، فيمكنها في حالة الأزمة البحــث عن طرق بديلة كما حدث عندما أغلقت قناة الســويس. وربمــا حاولت بعض الســفن البحــث عن طرق عبــر المحيط الجنوبــي. وقد يكون هذا الطريق غير مريــح ومكلف، ولو قمنا باستخدام الطريقة نفسها في حساب الخسائر بطريقة تناسبية فالأثر سيكون متواضعًا. ومن السهل الحديث عن خطوط الملاحة البحريــة وأهميتها أكثر مما هي في الحقيقــة. وفي كل الأحيان، عندما يغلق خــط ملاحي، يجري البحث عن خط آخر وتســير التجارة كالمعتاد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom