Al-Quds Al-Arabi

المغرب : حزب «العدالة والتنمية» في عزلة سياسية قبل أشهر من الانتخابات

- * *

■ الربــاط- أ ف ب : يواجــه حزب العدالــة والتنمية الذي يقــود حكومة ائتلافية في المغرب منذ عشــر سنوات، عزلة سياسية بعد تفرده برفض قانون انتخابي مثير للجــدل يعتقد مراقبون أنــه يســتهدف إزاحتــه من رئاســة الحكومة، ولو فاز بالانتخابا­ت المرتقبة الخريف المقبل.

وينــص القانــون الــذي تبنتــه ســبعة أحزاب، أربعة منها تشــارك في الحكومــة التي يترأســها الحزب، على احتســاب نتائج الانتخابــ­ات وتوزيع المقاعد اســتنادا الى عدد كل المسجلين فــي اللوائــح الانتخابية، حتــى لو لم يدلــوا بأصواتهــم. في حين لــم تكن تحتسب سوى أصوات الناخبين الذين يشــاركون في عملية الاقتراع، منذ بدء تنظيم الانتخابات في المغرب قبل ســتة عقود.

ورغــم أن كل الأحــزاب الكبرى في البرلمان ســوف تتضرر عمليا باعتماد هذا "القاســم الانتخابــ­ي" الجديد، إلا أن الحــزب الإســامي المعتــدل انفرد بمعارضتــه، معتبرا أن "لا تفســير له سوى اســتهداف حظوظه الانتخابية"، كما قال أمينه العــام ورئيس الحكومة ســعد الدين العثماني خــال اجتماع استثنائي لمجلسه الوطني مؤخرا.

وأدان أمــن عــام الحــزب "تراجعا ديمقراطيا يضعف المؤسسات المنتخبة ويُبلقنها بشــكل غير مسبوق في تاريخ المغرب".

ويرى المحلــل السياســي مصطفى السحيمي أن الرهان الأساسي للقانون الجديــد "يكمن فــي رئاســة الحكومة وتشــكيل أغلبية. وبما أن حزب العدالة والتنميــة هــو الأوفر حظــا للفوز في الانتخابات، فإنه الخاسر الأكبر".

وتشــير تقديــرات مختلفــة إلى أن الحــزب مهدّد بفقــدان 30 إلى 40 مقعدا باعتماد القاســم الجديــد، ولو حافظ على عــدد الأصوات ذاتــه الذي منحه 125 مقعــدا نيابيا )من أصــل 395( في انتخابات العام 2016. ومن شــأن ذلك تعقيد مهمته في تشــكيل حكومة للمرة الثالثة.

يناقض كل النظريات

وواجه الحزب قبل خمس ســنوات صعوبــات كبيــرة في تشــكيل أغلبية حكوميــة. وأعفي زعيمه الســابق عبد الإلــه بنكيــران الذي قاد الحــزب الى هذا الفوز الثاني، من رئاســة الحكومة بسبب خلاف دام أشــهرا مع تكتل قاده رئيس حزب التجمــع الوطني للأحرار عزيز أخنوش الــذي يُعرف بأنه مقرب

من القصر.

وعلــى الأثــر، كلّــف الملــك محمد الســادس الرجــل الثاني فــي الحزب سعد العثماني تشــكيل حكومة، فوافق على شروط التكتل التي رفضها سلفه، وشــكّل الحكومــة الحالية.وتأتي هذه التطورات قبل أشــهر مــن الانتخابات النيابية المغربية.

ويعتقد أســتاذ العلوم السياســية بجامعــة محمــد الخامس فــي الرباط أحمد بوز أن"الهدف الأساســي لاعتماد «القاســم الانتخابي» الجديــد، يكمن فــي الحيلولــة دون اســتمرار العدالة والتنمية على رأس الحكومة".

ويضيــف "المشــكلة أن هــذا الأمــر يناقــض كل النظريات التي ندرّســها للطلاب، وغيــر موجود في أي دولة في العالم ديمقراطية أو ديكتاتورية".

ووصــل حــزب العدالــة والتنمية

إلى رئاســة الحكومة بعد ســنوات في المعارضــة، بعــد تظاهــرات حركة 20 فبرايــر العام 2011، النســخة المغربية للربيع العربي التي دفعــت الى إجراء إصلاحات دســتورية. لكــن رغم تبني دســتور جديد يمنح ســلطات واسعة للحكومة، احتفظ الملك بدور مركزي.

وعــرف بنكيــران ســابقا بحضور إعلامي لافت أثناء رئاســته الحكومة، مدينــا باســتمرار مــا كان يســميه "التحكّــم"، فــي إشــارة الــى "الدولة العميقة"، وبتمســكّه بـ"دور حزبه في تهدئة الشارع".

ويقــول مصطفى الســحيمي "اليوم بات الحزب معزولا وفقد عمليا أغلبيته السياســية".ويراهن الحــزب علــى المحكمة الدســتوري­ة لإســقاط القانون المثير للجدل.

في المقابــل، تؤكد الأحــزاب المؤيدة

للقانــون الانتخابــ­ي الجديــد علــى أهميتــه، "لأن الديمقراطي­ــة هي إعطاء الكلمة للأحــزاب والأقليات الصغرى"، وفق ما قال النائب عــن حزب الأصالة والمعاصرة )معارضــة( محمد حجيرة خــال التصويت عليــه منتصف آذار/ مــارس إثــر جلســة صاخبــة لمجلس النواب.

تبرير كل شيء

وبــرزت أخيــرا خلافــات داخليــة تجلّــت خصوصا في إعــان عبد الإله بن كيــران، وهو أحد مؤسســي الحزب، قبل أسبوعين تجميد عضويته احتجاجا على تبنــي الحكومة مشــروع قانــون لتقنين زراعــة القنب الهندي لاســتعمال­ات طبية وصناعيــة، رأى فيــه "مجــرد شــرعنة للمخدرات".

قبل ذلك بأســابيع، اهتــز الحزب على وقع خــاف آخر حول اســتئناف المغرب علاقاتــه الدبلوماسـ­ـية مــع إســرائيل. واســتقال رئيس مجلسه الوطني إدريس الأزمي احتجاجا على "قبــول وتبرير كل شيء"، قبل أن يتراجع عن الاستقالة.

ويوضح الســحيمي أن الخلافات هي بين "خط حكومي لا يــرى مانعا في تقديم تنازلات وخط أكثر تشبثا بمبادئ الحزب" الذي حرص، رغــم ذلك، خــال اجتماع مجلســه الوطني الأخير علــى المجاهرة بوحدته، مراهنا على الفوز في الانتخابات المقبلة.

وتعاني كل الأحزاب السياسية عموما من صعوبات فــي تعبئــة الناخبين. فقد أظهــر اســتطلاعا­ن للرأي مؤخــرا أن 60 في المئة من المســتجوب­ين "لا يثقون فيها"، بينما لا ينــوي 64 بالمئة منهم التوجه إلى صناديق الاقتراع.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom